2005-09-02

روافد مع رسام الكاريكاتور بيار صادق

إعداد وتقديم

أحمد الزين: كل الكتب حين نبدأ بقراءتها عادة نبدؤها من صفحتها الأولى حتى على عجل نتصفحها من البدايات، أما كتاب هذا الرجل فنبدأه من نهايته وكأن خواتيم الكلام هي أول الكلام، أو كأن الدخول إلى عالمه يبدأ بالخروج عن المألوف أو منه وهو هكذا تماماً، ويبدو للوهلة الأولى سهلاً هيناً خطوطه قليلة توجز المعنى المرتجى أو تختزل فيض الأخبار والحدث الرئيسي الذي نبدؤه بالمانشيت في الجريدة اليومية ثم بالتحليل الذي تتناوب عليه أقلام كثيرة، وآراء متباينة ليصبح في اليوم التالي حديث الناس، يساهمون أيضاً في تحليله وتحليل تداعياته ونتائجه، أما هو فيشارك في كل ذلك، إنما وفق معادلته الخاصة، القائمة على التكثيف والاختزال، ومقادير من المبالغة، ومقادير أخرى للمداعبة، ومرجعه في ذلك مراياه فلكل وجه عنده مرآة، مرآة في مخيلته ولكل حدث تصور في تجسيده على الورقة أو الشاشة وفق ما تستدعيه الحاجة من خطوط وألوان وهكذا يومياً يجلس إلى عزلته بعد مخاض، ألوان قليلة وكلام أقل خط خطين ثلاثة للدلالة على الملمح لإعلان الموقف أو لاحتجاج ولا حياة في ذلك، هكذا أرى وهذا رأيي ولكنني أصوغه على طريقتي طريقة بيار صادق، تبدو الأمور سهلة لكن قول القليل لإيصال المعنى هو أصعب القول، فمن هو بيار صادق؟ الناس يعرفون هذا الرجل وينتظرونه يومياً في صفحته الأخيرة في جريدة النهار وعلى شاشات التلفزة، يعرفون رجلاً يقول لسان حالهم متهكماً عبر رسوماته الكاريكاتير، وللذين لم يرونه قد يرسمون صورة له في مخيلتهم قد تكون على شيء من شاهده اليومي في الجريدة، فمن أين نبدأ مع بيار صادق هذه الطريق؟ وكيف نبدأ معه لرسم ملامح لسيرته؟ قبل شوي كنا عم ندردش عن.. قبل التصوير وعم نتحدث عن الوالد فذكرت لي أن الوالد كان..

بيار صادق: كان ساخراً وكان متهكماً وكان مثقفاً وصاحب نكتة، ويرسم وينحت بالإزميروالكلمة يعني كان مجموعة من المواهب، ويكتب..

أحمد الزين: جميل، وأنت يبدو بالجينات ورثت هذه..

بيار صادق: بعتقد ورثني ياها.

أحمد الزين: وانتبه لك في بدايات طفولتك إنه عندك هالميل للرسم؟

بيار صادق: لأ مش أنو انتبه لي، بعدين انتبه لي لما دخلت الأكاديمية لأتعلم أصول الرسم يعني وأتخرج بعد ثلاث سنين، وبتعرف بهديك الظروف أنو بيرعوا.. العائلة لما بترعى الأولاد وكذا بيصيروا خايفين عليهم وعلى مستقبلهم، إنه بقولوا لهيدا لهالصبي أو لهالبنت لأ تعلموا تعلموا يا تعلموا حكيم يا تعلموا مهندس يا تعلموا محامي، بس الفن غريب عنهم بيعتبروه مهنة الفقر، فكانوا خايفين علي إني أطلع فقير، أنا تمردت شوي يعني تمردت مضبوط يعني دخلت الأكاديمية بدون علمهم، يعني صرت أرسم ببعض المجلات أو أكتب خط وبلّشت بمجلة الخواطر، ودبور ودار الصياد وإلخ.. حتى أدفع قصتي بالأكاديمية اللبنانية.

أحمد الزين: بدون علمهن.

بيار صادق: بدون علمهن بعدين عرفوا، مع الأيام صارت تنمو معي الموهبة والرسم والخ.. يعين مثل ستي مرة شافت لي صور راسمهم بالأكاديمية لامرأة عارية، فقعدت تخبط على وجهها.. ايش هيدا التعتير.. النتيجة الوالد قال لي: ليه ما بترسم كاريكاتير هو لفت لي نظري وكان يلي كان..

أحمد الزين: طيب كان فيه عندك مثال يعني أحد يعني حبيت تتمثل فيه، يعني أو حفزك يعني غير الوالد يعني كان عندك مثال أعلى بالرسم؟

بيار صادق: لأ أنا بمطالعاتي صرت أطلع كثيراً على كاريكاتير كان محلي، المحلي كان قليلاً، العربي والأجنبي أكثر شي الـ"كنار أونشنيه" بباريس هيدي أسبوعية بتطلع، كلها كاريكاتير وعدة ألوان للكاريكاتير وريش مختلفة، من مصر كنت تابع مجلتين: روز اليوسف وصباح الخير بعزّهم كانوا، كان فيهم جيش من رسامي الكاريكاتير إلخ.. كانوا هودي مثل مدارس ابتدائية لإلي.

أحمد الزين: كما يروي بدأ حياته متمرداً أو على قدر من الاختلاف، والهواية التي أصبحت شغله على مدار خمسين سنة تقريباً كانت تعبيراً عن التمرد وعن ذلك الاختلاف، وربما والده.. والده الكاتب والنحات والرسام أسهم في توريثه جينياً على الأقل هذه الموهبة، لكنه كما يقول كنت أرغب في قراءة اسمي على صفحات الصحف، وهذه نزعة الألم ببساطة يروي عن نفسه دون تحميل التجربة تفسيرات وأبعاد، وأجوبته على أي سؤال تأتي تماماً كرسوماته سكتشات أجوبة، إنما لدلالاتها عمق آخر عمق إنساني وسياسي، فجوابه يشبه الصفحة الأخيرة في الجريدة أو في نهاية نشرة الأخبار على شاشة التلفزة، ويقول: عم نكبر بس ما عم ننتبه أو ما بدنا ننتبه، ولأنه كذلك انتبه كثيراً إلى الطفل المشاغب دائماً في سنوات عمره ورسم الكثير.طيب شي مرة طرحت سؤال على نفسك أستاذ بيار إنه شو هي الدوافع اللي حفزتك لتذهب للتعبير بالكاريكاتير عن نفسك وعن الآخرين؟ شو هي الدوافع؟ يعني ليش شفت الناس ليش حبيت ترسم الناس بهالطريقة؟ ليش ما حبيت تكتب عنهم بطريقة أخرى؟

بيار صادق: الحافز الأول اللي تملكني إلي شخصياً إنه الناس تشوف رسمي، أو أنا شوف رسمي بالإعلان، تصويراتي مفروض أنا شوفهم حب الظهور عند كل إنسان، حب الظهور أنو شفتوا هالصورة لمين؟ مين هيدا؟ ومين راسمها؟ ومين كذا..؟ هذا الإنسان هذا الأنا.

أحمد الزين: وبالطبع هيدي خفّت مع تراكم التجربة بتخفّ.

بيار صادق: الخجل بيضربك بالآخر.

أحمد الزين: يعني منلاحظ بعالم الكاريكاتير هو إنه هذا النوع من الفن أقرب إلى عالم الطفولة مع فارق الإدراك والوعي، يعني هل أنت تشعر أنه ما زال الطفل في بيار صادق يعني حاضراً بكثافة وبزخم؟

بيار صادق: حلو هلأ فوقتني على الطفل اللي فيني، أنا دايماً حسب مهنته الواحد أنا ما بعدّها مهنة أساساً هوايتي، هوايته الكاريكاتير أنا بحس دايماً إنه عم نكبر بالعمر بس مش ما بدي انتبه برجع..

أحمد الزين: بترجع للطفل اللي كان..

بيار صادق: برجع لطفولتي برجع لطفولتي وبرجع للخجل هيك - عرفت كيف - أنا منيّ - شو بيقولوا - جريء مش جريء هيك مقدام بهالقصص بالمجتمع أو كذا وأنا وأنا لا لا..

أحمد الزين: ما بتحب المواجهة..

بيار صادق: لأ أنا بتطلع كل يوم بحالي بالمراية، وبعمل حركات ضدي أنا ضد نفسي..

أحمد الزين: تتهكم من نفسك..

بيار صادق: إي طبعاً..

أحمد الزين: هاي الأولاد بيعملوها عادة.. يعني بعض الطفل فيك..

بيار صادق: مد لسانك لحالك بالمراية وبتسب حالك أوقات.

أحمد الزين: بس نحنا عم نحكي عن الجرأة طبعاً أنت عم تقول مش مقدام للمواجهة لمواجهة الآخرين بقضايا، ولكن أنت عندك جرأة أظن إنها استثنائية بتناول الموضوعات، بتناول موضوعاتك باختيارها عبر الكاريكاتير، يعني هيدي الجرأة بتتجسد هون.

بيار صادق: بتتجسد لأنه أنا بيني وبين ذاتي وما في حدا عم بتهجم عليه شخصياً واقف قدامي كشخص، مع أنه ما بتهجم نوع من الانتقاد، الانتقاد وما فيه سخرية أنا ما بسخر من الشخصية اللي عم برسمها أنا عم أنتقد الحدث..

أحمد الزين: نعم الحدث.

بيار صادق: اللي مارسه هو الشخصية السياسية.

أحمد الزين: موقفه يعني.

بيار صادق: موقفه ما وقف أو حدث بدون أشخاص.

أحمد الزين: يعني إذا كان فيه شخصية شوي أنت ما بتستأنس بحضورها، إذا ما بدنا نقول ما بتحبها يعني ما بتستأنس بحضورها يعني هي سمجة شوي خلينا نقول بينعكس هذا بريشتك أنت وعم..

بيار صادق: لأ أول شيء بينعكس على وجهي، أوام بيبين التعبير.

أحمد الزين: وشو بتعمل.. بترسمه؟

بيار صادق: أوقات ما برسمه، أوقات بكسر بالريشة وبالقلم بكسر، يعني كأنها الريشة عم تحكي هي عم تعبّر عن شو أنا حسيت.

أحمد الزين: وبتبالغ بأكثر من اللزوم في إبراز ملامحه أو بتدفع أكثر نحو البشاعة؟

بيار صادق: لأ مش ضروري إذا بشع بصوّره مثل ما هو.

أحمد الزين: مين اللي كان مثلاً بشع وصورته مثل ما هو، بشع بالمعنى بمقاييس الجمال أنا عم قول مش.. إنه شخص مش جميل.

بيار صادق: وليد جنبلاط ووالده كمان كمال جنبلاط..

أحمد الزين: ياسر عرفات؟

بيار صادق: فيه كثير شارل المالك.. ياسر عرفات فيه كتير فيه، ومحليين كان فيه كتير شخصيات فيها خط وجهها حتى هنّه بيتضايقوا من خط وجهن بيعرفوا حالهن وين الكاريكاتير أو الشي النافر بوجوهن.

أحمد الزين: كان أحد يتصل فيك أحد يحتج على أنو..

بيار صادق: لا الأغلبية إذا احتجوا بس داخلياً بكونوا مبسوطين المهم إنه يطلعوا بالكاريكاتير.. وإذا طوّلت عليهم أوقات..

أحمد الزين: بيتصلوا فيك.

بيار صادق: إي بيتصلوا إنه وينّا مش وينك وينّا. [يضحكان]

أحمد الزين: مثل مين مثلاً؟

بيار صادق: صائب بيك صائب سلام.

أحمد الزين: آه كان يحب، بس أحياناً بيلاحظ المشاهد أو القارئ لتعليقك اليومي في الكاريكاتير إنه نفسيتك أو علاقتك بالشخص مقدار حبك لإلها أو عدم حبك بينعكس، مثلاً فيه كتير شخصيات منلاحظها إنه أنت بتحط شي من حبك لإلها من ريشتك.

بيار صادق: مثلاً؟

أحمد الزين: مثلاً؟

بيار صادق: صرت أنا بدي أسألك.

أحمد الزين: مثلاً أنا بتذكر شي قديم عن بشير الجميّل صح؟ كان فيه أشخاص عن حديثاً عن الشهيد رفيق الحريري.

بيار صادق: إيه فيه أشخاص بدون انتباه بتتقرب لهم، بتاخدهم وبياخدوك كصديق وأنت بتتعامل معهن كصديق، هيدا بيربطك، هيدا بحجمك شوي بالرسم، ليه؟ لأنو إذا كان في شوية خبز وملح بيني وبين شخص سياسي وهيدا أنا اللي كنت أبعد عنه.

أحمد الزين: كنت تتحاشاه.

بيار صادق: إي أتحاشاه لأنه بقيدك.

أحمد الزين: بيار صادق هو سياسي وإعلامي من طراز آخر، إعلامي يداعب الحدث ويلعب عليه، ويداعب صانعي الحدث من شخصيات ووجوه بمرارة حيناً وبتهكم حيناً آخر، يتناول المادة من زاوية أخرى، ويراها بمرايا مجوفة أو مكسرة أو مشظاة، ويبقي على ما يدل على صاحبها ويشطح في تحويلها وتحميلها، ينفرها من واقعيتها وينفّر النافر فيها ويحمّلها وزر آرائها وأدوارها ومواقفها دون تردد، وعلى مقدار فعلها ودورها في الحدث، وهو في كل ذلك شاهد شاهدٌ عليه أن يدلي بشهادته يومياً، وهو صاحب رأي عليه إعلان رأيه يومياً، والشهادة في زمن ليست هينة والموقف جريء في زمن الأقنعة والعبث السياسي والطوائفي أيضاً له ثمن، وتناول هذا أو ذاك بريشة صارخة يستدعي جرأة صارخة، أديش كنت عادل بتناول موضوعاتك وشخصياتك؟

بيار صادق: مش على طول.

أحمد الزين: كنت تحس أنو أحياناً مش عادل مع الشخص أو هذا الحدث.

بيار صادق: إي صارت عدة مرات، مرة صورة كاريكاتير عملتها على الـ إل بي سي عالشاشة على أيام عهد الرئيس الهراوي طلعت معي حبكت خلص، قصة الجنوب وما بعرف شو ورؤسا الجنوب ورئيس جمهورية الجيوب إلخ.. في هالشي اللي أنا حسيته بالآخر كتير قوي لمن عملت صورة وشافوها يعني الأهل أنو لأ قوية..

أحمد الزين: طلعت..

بيار صادق: أنا بيني وبين.. صرت حاكي حالي أنا إنه وطلعت خلص عرفت بعد يومين أن النيابة العامة تحركت وسألت الرئيس الهراوي تا يسمح لها النيابة العامة تحقق معي بخصوص هاي الصورة، فبتعرف وأنا بعرف أنو.. وكل الناس بتعرف أن الرئيس الهراوي من الأشخاص المميزين في السياسة وفي المعاطاة مع الناس، وكونه زحلاوي كمان وأنا خلقان بزحلة فمنع النيابة العامة إنها تحقق معي رفض، ما حدا بيقرب لواحد اسمه بيار صادق.. عرفتها بعدين، يعني قلال اللي مثله فيه غيره العكس تمام.

أحمد الزين: يعني هذا السؤال إنه شي مرة موضوع تناولته أدى إلى مثلاً تلفون معين أو تهديد؟

بيار صادق: تهديد أووو كثار..

أحمد الزين: أو إلى دعوة..

بيار صادق: لأ أنا حوكمت وأنا حُقق معي عدة مرات ياخدوني يجروني من بيتي على ثكنة يحققوا معي أنو المكتب التاني القديم والجديد صار فيه تهديدات، وصار فيه نوع.. نوعين مارسوه معي هو الترغيب والترهيب، الترغيب والترهيب، الترغيب أنو يعرضوا علي شغلات أنو أترك جريدة النهار وصفّي نحسب.. مثلاً كاريكاتوريست وزارة الدفاع تصوروا في كاريكاتير - عرفت كيف - ونجوم وإلخ.. هاي رفضتها مع أنها عروض طويلة عريضة اللي بدك ياه، النتيجة بعد 48 ساعة محوّليني محكمة عسكرية..

أحمد الزين: لأنك رفضت..

بيار صادق: مش لأني رفضت إيه لأني رفضت..

أحمد الزين: بالمعنى بالمضمون هيك..

بيار صادق: نوع من هيدا الترهيب أنو محكمة عسكرية على صورة بدون تعليق ما فيها شي ولا خبر، كان يوميتها 68 للانتخابات النيابية المشهورة بلبنان بين الحلف والنهج 68، يوميتها صورت كان الرئيس حلو بعده بقصر سن الفيل والرئيس كان حلو كان بوقتها بعده صحته منيحة، رسمت أنا الفيل وخرطومه مقابيله دبابة وخرطومها معقودين ببعض، يوميتها كان رئيس المحكمة العسكرية توفيق جلبوط بعده طيب اليوم، صار يناقشني بالصورة إنه شو هيدي الخرطوم والدبابة وكذا وتدخل عسكري، وقلت له: أولاً هاي الصورة منّة محلية، هيدي الصورة عالمية، هيدا الفيل رمز الحزب الجمهوري بأميركا، والدبابة هيدي حرب فيتنام على شو عم تضحك علينا كذا إلى آخره، فأنا حاكم شهرين حبس مع وقف التنفيذ، سنة السبعين كنا بمؤتمر كاريكاتير عالمي بلندن كان السفير نديم دمشقية سفير لبنان هنيك فقام أنا وزملائي كنا.. عزمنا عالغدا بالسفارة، فتنا عالسفارة سمعت صوت عم يقول لي لاحقني لهون، طلّعت لقيت توفيق جلبوط قلت له: سيدنا شو جابك لهون؟ قال لي: أنت جبتني لهون، ما عجبن الحكم حطوني ملحق عسكري بلندن هاي أيام المكتب الثاني.

أحمد الزين: هذا النوع من التعبير مثل أي إبداع آخر يعني المفروض يكون فيه حرية، منقول عادة احنا هامش الحرية، والمفروض ما يكون فيه هامش فيه حرية، خلينا نقول أديش سقف الحرية عندك يعني عالي لحتى تقدر تقول الذي ينبغي أن تقوله؟

بيار صادق: فيه حريتين عندي، لأنه أنا بعطي مطرحين، بعطي جريدة وبعطي تلفزيون، حريتي بالجريدة على.. بتعاطى حريتي الكاملة أنا، بس أوقات بهالأيام هيدي يعني صار لها مدة يعني إذا ما عجبتن مش ما عجبن مش إنه ما أعجبن كاريكاتير، ككاريكاتير أو موضوع إذا كان قوي، الموضوع قوي والكاريكاتير أقوى صار فيه نوع من الهيك التريث أنو ياخدوا موقف إنه تنزل الكاريكاتير يعني من الأستاذ غسان تويني لجبران تويني النايب الجديد فبيتلفنولي بيقولوا إنه قوية إنه يشيلوها بس ما فيه مطرحها..

أحمد الزين: بيشيلوها كلها؟

بيار صادق: إي..

أحمد الزين: وما بتعمل بديل؟

بيار صادق: لا ما في بديل.

أحمد الزين: بتنزل الصفحة بدون كاريكاتير؟

بيار صادق: إي صايرة عدة مرات.

أحمد الزين: يعني مستحيل تنفذ فكرة آخر إذا قال لك عدل أو شي..

بيار صادق: يعني هذا موقف يعني ما قلت لك بالأساس إنه أنا كاريكاتوريست بس بشتغل سياسي عندي موقفي، يعني الواحد حلو ياخد موقفه بسياسية معينة، الحرية الكاملة..

أحمد الزين: يعني هذا التمرد بتمارسه من طفولتك يعني كمان..

بيار صادق: إنسان متمرد.. بأي شي بيتمرد يعني هو بيختار التمرد بأي موضوع بده ياه، التلفزيون لا تعودوا من الـ 86..

أحمد الزين: من أيام الـ إل بي سي يعني..

بيار صادق: من الـ 86 من 12 أيار 86 نهار أول صورة نزلت متحركة نوعاً ما على تلفزيون إل بي سي من بعد اتفاق، خمسة دقائق أخذ بيني وبين دكتور سمير جعجع، حريتي الكاملة خلص ما حدا بدق الباب هو عطى الأمر هيك - عرفت كيف - وبتصير يعني سأل سؤال إنه هالشغلة بتصير عالتلفزيون؟ قلت له إي بتصير نفس التعاطي مع الشهيد رفيق الحريري خمس دقائق عرف شو بدي أقول يعني مطلبي عرفه.

أحمد الزين: إذن الشرط الأساسي هو أن أحداً لا يملي عليه فكرة للتنفيذ هو شرط حريته المقرون برؤيته وموقفه السياسي، هذا هو بيار صادق المعلق اليومي على الحدث وصانعيه، أو هذا شيء منه وسوف نتابع في الجزء الثاني أسباب تنقلاته بين منبر وآخر، وبعض الجوانب الأخرى من حياته وسيرته.

أحمد الزين: بيار صادق بمستوى ما أرّخ لحقبة من تاريخ لبنان الحديث عبر رسوماته التي تختزل مراحل ومحطات ومواقف وأحداث، بدءاً من خمسينات القرن العشرين وحتى بدايات القرن الواحد والعشرين حيث يتابع شهاداته اليومية وتعليقاته، وكما أشرنا سابقاً هو يرى إلى الأشياء والأحداث ويقرأها انطلاقاً من موقفه الخاص منها، وقد يتفق البعض مع تعبيراته عن هذا الحدث أو ذاك أو قد يختلف، هو بلدي بامتياز دون أن يغيب عنه الحدث العربي والعالمي، وقد عرفته المنابر الإعلامية واحداً من بين أهم رسامي الكاريكاتير، وبعض أعماله كثيراً ما اختزلت محطة أو مرحلة بفرادة وامتياز، وقد تكون الصفحة الأخيرة في جريدة النهار، والمحطة الأخيرة في نشرة الأخبار على شاشتي الـ LBC سابقاً والمستقبل لاحقاً من أكثر المحطات متابعة من قبل الناس قراءً ومشاهدين على المستوى اللبناني والعربي.

أحمد الزين: شو السبب تركت الـ LBC ورحت عالـFuture ؟

بيار صادق: صار في ضغوط.

أحمد الزين: ضغوط من الـ LBC؟

بيار صادق: ضغوط مش من الـ LBC على الـ LBC وعليّ وبعدين..

أحمد الزين: ضغوط سياسية طبعاً.

بيار صادق: يعني ضغوط أمنية وضغوط مادية، يعني بدن يزركوك بالزاوية حتى تفل، أنا ما كنت فلّ، وقّفت الكاريكاتير شهرين بس ظليت بمكتبي لأني كنت أعتبر أنا الـ LBC هذا بيتي الثاني، أنه جاية ضغوط من برّة ومن جوّة وإلى آخره.. بيار صادق، وأول واحد عمل بهذا العالم بين لبنان والعالم هذه الشغلة اليومية السياسية الكاريكاتيرية المتحركة.

أحمد الزين: أنت عندك وفاء للأمكنة والمطارح اللي تشتغل فيها؟ تحس بانتماء لها؟ أن هذه تصير جزءاً من حياتك؟

بيار صادق: طبعاً، يعني..

أحمد الزين: من أجل ذلك كنت تبقى أكثر قدر ممكن..

بيار صادق: نصف عمرك تقضيه بينك وبين عيلتك وبينك وبين شغلك، وعطاءاتك، طبعاً والمطرح ذاته يصفّي.

أحمد الزين: كنا عم نحكي قبل شوي قبل ما نقعد قدام الكاميرا أنه يمكن هيدي المهنة مهنة شاقة إذا بدنا نسميها مهنة أنت بتسميها هواية، لأنها تستدعي هذا الحضور اليومي والمتابعة اليومية أنك تفيق الصبح تشرب قهوة يمكن أنت ومدامتك، بس أول شغلة يمكن تدوّر التلفزيون أو الراديو حتى تشوف شو عم يصير بالعالم؟

بيار صادق: لما أستيقظ؟

أحمد الزين: يعني.. ما بعرف كيف بتبلش وقتك أنك بس تستدعي المتابعة هي لتقدر تختار موضوعك.

بيار صادق: الكاريكاتير بفكري..

أحمد الزين: ليلاً نهاراً..

بيار صادق: 24 ساعة، 24 ساعة، أوقات بتمتم لوحدي، عرفت كيف؟ حتى لو كنت بمطرح أو بعشاء أو بسهرة يظل هاجس موجود بفكرك، الكاريكاتير هاجس أنه شو جد؟ ليش ما عملت هيك؟ ليش ما غيّرت هالكلمة أو هاللقطة أو..؟ بيظل 24 ساعة.

أحمد الزين: وتستوحي من الناس اللي تعيش معهن اللي تشوفهن يومياً بعض المواقف؟

بيار صادق: قليل.

أحمد الزين: قليل، طيب مرتك..

بيار صادق: ليش؟ بتعرف ليش؟ خفوا المهضومين.

أحمد الزين: خفوا المهضومين؟ شو السبب قولك؟

بيار صادق: هالحرب الطويلة اللي مرّت علينا..

أحمد الزين: بس بالحرب كان في سخرية عالية.

بيار صادق: سخرية إي، بس سخرية قاسية كانت..

أحمد الزين: سخرية قاسية، كان في تهكم وموجع طبعاً.

بيار صادق: يعني ما في شي بيضحك كان على كل حال..

أحمد الزين: يعني كنا نضحك من شدة الألم.

بيار صادق: بيقولوا لك: المضحك المبكي، كل شي مبكي صار.

أحمد الزين: صحيح، طيب مدامتك أكيد بتصور بس تشوفك هيك عايش هالهاجس 24 ساعة لا بد وأنها تعلق، يكون عندها تعليقها الخاص، شو بتقول لك؟

بيار صادق: محكمة، أنا بخاف من تعليقها، يعني مش مدامتي بس، اجمع لي هالعيلة كلها أولادي ومدامتي..

أحمد الزين: والأحفاد.

بيار صادق: الأحفاد إي بلشوا..

أحمد الزين: بلشوا..

بيار صادق: بلشوا ينمروا.

أحمد الزين: لأنهم بينبسطوا، بتشبهن هي الإشيا اللي بترسمها لأنها بتشبه خيالن إذا بدنا نقول.

بيار صادق: أحفادي تقريباً تلاتتن بيرسموا..

أحمد الزين: حلو.

بيار صادق: صغار يعني بيرسموا، في تعليقات معهن حق فيها، في تعليقات أو أنت أداة مبالغ فيها نوعاً ما، مش عارفين أنا بأي جو كنت عم بعمل هالصورة.

أحمد الزين: وبتخاف عليك من بعض المواضيع الحادة اللي بتتطرف فيها طبيعي؟

بيار صادق: عايشين بهاجس الخوف ليل نهار.

أحمد الزين: وكنت تقول لها عن التهديدات اللي كانت تجيك؟

بيار صادق: إي.

أحمد الزين: بتقول لها.

بيار صادق: ما في شي..

أحمد الزين: ما بتخبي عنها.

بيار صادق: ما في شي مخبى.

أحمد الزين: كانت تجيك تهديدات من أنظمة خارج لبنان؟

بيار صادق: لأ، لأنه كانوا بلبنان.. مش ضروري يجوا من خارج لبنان، من داخل لبنان لأنه كلن كانوا بلبنان.

أحمد الزين: كمان أبعد شوي ما تعرضت مثلاً من الجوار الأبعد.

بيار صادق: لأ، لأن الجوار الأبعد أغلبن فيّ قول لك حتى الأقربين والأبعدين في حضارات، بس صار بهالـ 30 سنة 35 سنة بالآخر فوضى، والكاريكاتير بالفوضى مخيف على المستوى الشخصي وعلى المستوى العائلي وعلى مستوى كل شي.زوجة

بيار صادق: في ضغط يومي مضبوط لأنه ببقى عايشين ناطرة الكاريكاتير إذا كان كاريكاتير قوية وحق قوية أكيد.. الحق قوية بتكون كاريكاتير قوية بخاف عليه كتير، يعني وخاصة من هالمدة من بعد هالأحداث اللي مرّت عايشين بخوف، إذا بدك تحكي بالنسبة لأخلاقه وتصرفاته بالبيت بيار كتير هني وكتير أخلاقه حلوة بس مزاجي، يعني لما بيكون عم يفكر أو عم ينتج ما حدا منا لازم يحكي، يا ما أوقات بسأله السؤال أكتر من مرة ما بيسمعني بيكون هو بغير دنيا، بس كتصرفات وكمحبة لعيلته كتير مهم فيها، خاصة بعمله لأصدقائه بيار مميز بأخلاقه بمعاملته.

أحمد الزين: الصحافة مهنة المتاعب وقد تكون من أكثرها مشقة، وبالطبع لا تحتمل الغياب ولا تحتمل التأجيل أو الاستراحات الطويلة والاسترخاء، هي مطحنة يومية يتبدد العمر فيها دون انتباه، وللذي اختار التعبير والتعليق اليومي في هذا المنبر أو ذاك على طريقة بيار صادق لا بد أن متاعبه ومسؤولياته ستتضاعف من حيث حسن اختياره للموضوع وكيفية تنفيذه والحفاظ بالضرورة على الحد الأدنى من العملية الفنية أو لنقل الإبداعية فعمله مزيج ما بين السياسي والإعلامي والإبداعي محملاً بموقف ينبغي أن يكون جريئاً وصريحاً وهذا بالتالي سيحمله هماً آخر.كنا عم نحكي أنه إذا رئيس التحرير أو مطبخ التحرير بشكل عام تعارضت فكرته مع الشيء اللي أنت قدمته مع قراءتك اليومية لهذا الحدث أو لتلك الشخصية ما بينزل الكاريكاتير يعني ما بينزل على الصفحة؟ تكررت كتير هيدي؟

بيار صادق: لا، لا مش كتير، يعني بينعدوا، بعدين في نوع من الاحترام المتبادل يعني بعد هالعمر يعني بيار صادق كاريكاتوري مش هيك؟ بس بيار صادق كمان بيكتب، بيار صادق بيقدر يستلم جريدة، بتعرف ليش؟ لأنه أنا بعتبر حالي أنا متخرج من جامعة كبيرة اسمها جريدة النهار بس، نقطة.

أحمد الزين: طيب أستاذ بيار بين النهار والشاشة يعني، بين الصحيفة اليومية والشاشة في نقلة مختلفة، يعني شو أضافت لك هيدي النقلة حتى لو سؤال متأخر يعني هيك صار لك هلأ أكتر من عشرين سنة حاضر على الشاشة يومياً، يعني حطتك أمام مسؤولية أكبر لأنه مروحة المشاهدة أوسع في العالم وقراء الجريدة يعني معدودين معروفين..

بيار صادق: العمل..

أحمد الزين: كبّرت الهم عندك؟

بيار صادق: إي كبّرت، مش كبّرته فقّسته يعني صار همين..

أحمد الزين: متضاعف يعني.

بيار صادق: متضاعف فقّست، صار عندي هم تاني هو الهم التلفزيوني الشاشة، والشاشة خطرة كتير، بس أضافت لي الشاشة عنصر جديد عندي هو التطور، التطور بشو؟ أنك بظرف دقيقة بدك تختصر موضوع بظرف دقيقة، تقدمه للمشاهد يلقطها المشاهد، يشوفها ويقرأ ويعرف هالرسالة وصلت ولاّ لأ..

أحمد الزين: حلو كتير.

بيار صادق: الجريدة بالعكس الجريدة بين إيديك 24 ساعة، بتقعد بتصير تفسّر على ذوقك..

أحمد الزين: وكل شوي تتطلّع فيها وتجيبها بيكون في شغلة مش منتبه..

بيار صادق: بيجيك تلفون شو رأيك أستاذ؟ شو قولك هيك نغيرها نحملها كذا؟

أحمد الزين: هون هوا راحت.

بيار صادق: هيك أنت قاصد هالشي ولاّ غير شي؟ التلفزيون لأ أخطر.

أحمد الزين: لحظة وبتمرّ.

بيار صادق: بدك تلقط، أنت بدك تلقط الحدث وتخلي المشاهد يلقط الحدث ويفهمه بظرف دقيقة.

أحمد الزين: طيب أستاذ بيار يعني أكتر من خمسين سنة أنت بهالمهنة بهالهواية..

بيار صادق: إي هواية.

أحمد الزين: خمسين سنة يعني أنت خمسين سنة..

بيار صادق: ما صاروا.

أحمد الزين: تقريباً، شبه شاهد يومي على ما يحدث في لبنان وفي المحيط وفي العالم تقريباً يعني توصلت هيك لنوع من.. نسميها الحكمة، الحكمة بهذه التجربة، عطيتك حكمة عطيتك هيك..

بيار صادق: لأ.

أحمد الزين: أبداً، طيب شو هيّ المحطات هيك اللي..

بيار صادق: شو الحكمة يعني؟

أحمد الزين: يعني الإنسان أولاً العمر بحد ذاته.

بيار صادق: لأ، الكاريكاتير ما فيهوش حكمة..

أحمد الزين: على المستوى الشخصي عم نحكي.

بيار صادق: المستوى الشخصي إي بتصير تحترم حالك أكتر، مقابل شو؟ مقابل هيدا الفن اللي عم تستعمله، لأن الكاريكاتير.. فن الكاريكاتير من أصعب الفنون وما له علاقة ببقية الفنون، فن قائم بحد ذاته، يختصر أصول الرسم كلها ويعبر بخطين ثلاثة، مش عم تعمل لوحة.. أنت طالع ونازل وإلى آخره، بعدين أنا أول مرة بعرض كاريكاتير لما كنت بالأكاديمية اللبنانية..

أحمد الزين: عملت أول معرض.

بيار صادق: معرض التصوير والنحت كان ينعمل مرتين بالربيع والخريف بقصر اليونيسكو، اشتركت بمعرض كأنه معي شي مرض بيعدي حطوني بالزاوية لوحدي، عرضوا لي صوري بالزاوية لوحدي..كانت على أيام الرئيس كميل شمعون..

أحمد الزين: بالخمسينيات يعني.

بيار صادق: إي بالـ 1957 - 1958، فحضر المعرض كميل شمعون الرئيس ولفت له نظره الكاريكاتير، أنا كنت عامل شخصيات كاريكاتير.. من شعراء، من مثقفين، من رؤساء، سياسيين إلى آخره، أنا مصور كميل شمعون بيحب الصيد، مليان كلاب صيد، ويوميتها عطاني موعد بالقصر الجمهوري على القنطاري اللي اليوم أستوديو للفيوتشر واستقبلني بكل احترام، كان عملاق، كميل شمعون عملاق متل تماثيل اليونان، واقف قدام صبي عمره 17 سنة واقف ناطرني وسلم عليّ وقعد أنا وإياه على ذات الطاولة شربنا قهوة أنا وإياه، يعني أديش يوميتها أنا شفت حالي، تقدير.

أحمد الزين: بتقديرك البلاد تفتقد هيك نوع من الرجال يعني حتى لو كانوا خصومك أحياناً؟ نادراً يعني صاروا نادرين شوي.

بيار صادق: إي يعني صاروا قلة..

أحمد الزين: صاروا قلة.

بيار صادق: والقلة بتولد النار متل ما بيقولوا.

أحمد الزين: والقلة اللي بقيت كمان قتلوها إذا بدك.

بيار صادق: نعم، بس البلد يظل..

أحمد الزين: يظل يفرخ.

بيار صادق: يظل ينجب.

أحمد الزين: ينجب رجال نعم.

أحمد الزين: يبدو بيار صادق هو أسير عالمه ورسوماته، هاجسٌ يسكنه على مدار الساعة ويقلقه على مدار الأيام، أما فضاؤه فيتراوح ما بين بيته ومكتبه حيث يزاول هوايته كما يحب أن يسميها، وهي هواية ليست للترفيه بعد شقاء يوم طويل من العمل بل هي الشقاء الطويل والممتع في آن، وفي هذا الفضاء الذي يعيش مسكون أيضاً بالصور والرسومات وقد جعل بعضها على الجدار وبعضها الآخر ربما يحتفظ بها في قلبه ووجدانه، أما الملفت في مكتب بيار صادق تلك الشمعة الدائمة الاشتعال أمام صور للرئيس الراحل رفيق الحريري.

بيار صادق: رفيق الحريري الله يرحمه كنت في صفة بيني وبينه هي الصداقة، كان يحترمني جداً ويقدرني جداً لا طلب مني شغلة ولا طلبت منه شغلة، كان فيه عنده نوع من التقدير غريب الشكل لمحسوبك، يعني الرئيس الحريري شو بدك تذكره كل لحظة وتذكره كل يوم، فهيدا نوع من.. هي الشمعة بتذوب، هيدا وفاء يومي مش وفاء لرفيق الحريري شو عمل معي أو أنا عملت معه لأ، وفاء لشيء معنوي، وفاء هيك حبيت ضوي له شمعة، مع أنه بلّشت هيدي على ضريحه القصة، الشموع، نحن الشموع عنا من زمان وجدت، بحب ضوي له هالشمعة.

أحمد الزين: كنا عم نحكي عن بعض الشخصيات هيك اللي تركت أثر لطيف أو جميل أو حميم بحياتك طبعاً ذكرت كميل شمعون والشيخ رفيق الحريري، يعني هل من شخصيات أخرى تناولتها وهيك وشكّلت أخذت هيك مطرحها بحياتك؟

بيار صادق: الرئيس شارل الحلو.

أحمد الزين: شارل الحلو؟

بيار صادق: يعني أنا ست السنين الرئيس شارل الحلو كان هو الشخصية المتفردة المتميزة بكاريكاتيري، لدرجة كان من نوع أني إذا حطيت أو فكرت فيه لشارل الحلو أو حطيت صورته قدامك تجيك الفكرة، كان يوحي، أولاً: مهضوم صاحب نكتة ومثقف وإعلامي، وما عنده ظهر، ما حدا بيقول لك: وينك؟ عرفت كيف؟ إنه حدا يعاتبك أو كذا؟ لأ، شارل الحلو ما عنده من الأزلام وكذا وإلى آخره، هيدا اللي بيريح، ست سنين تناولته مضبوط وكان على قلبه متل العسل.

أحمد الزين: طيب على مستوى الأحداث محطات هيك بالتجربة يعني تحس أنك أنت تنتمي؟ أو في محطة معينة كانت هيك أكثر تأثيراً بتجربتك أو أكثر إلهاماً للتجربة؟ ربما الحرب؟

بيار صادق: من الـ 1964 يعني لما إجا رئيس الجمهورية شارل الحلو قبله كان فيه اللواء فؤاد شهاب، فؤاد شهاب عمل نموذج لدولة بس تحارب بالنتيجة، هو الوحيد اللي باشر بتأسيس المؤسسات بالدولة الرئيس شهاب، إجا شارل الحلو من ورائه، شارل الحلو كانت ميزته أنه قطّع عهده وقطّع حرب على لبنان، ما دخل بحرب الـ 1967 ظل متميز، ما دخّل لبنان بالحرب، هي ميزته شارل الحلو، بس صار على وقته اتفاق القاهرة مع الفلسطينيين، هيدي كتير ضايقت البلد للـ 1972 لمن رجع إجا الرئيس فرنجية، للـ 1972 إن كتّرت 1973 صارت البلد ترجع للوراء سياسياً وأمنياً، حتى مرّت هالفترة كلها.

أحمد الزين: هذا المناخ شريط الحرب الطويل سنوات الحرب أثّر على إنتاجك سلباً أم إيجاباً؟

بيار صادق: أثّر لا سلباً ولا إيجاباً، أثّر توقيفاً، ما عدت قدرت أنتج لأني أنا كنت بالنهار، صرت آخر الـ 1975 خلص بلشت الحرب ما عاد فيّ داوم انقطعت شرقية غربية وإلى آخره، بهالفترة من ترك النهار لسنة 1978 راسلت عدة جرائد بلندن، متل اللي كانت عند الريّس، كان يطلّع جريدة المنار، كنت راسله بالكاريكاتير، بعدين عملت معرض بالسعودية طلبوه مني، 1978 أعطيت جريدة العمل ظليت للـ 1985، بعد الـ 1985 بلشت أعطي الـ LBC وأعطيت جريدة الجمهورية، تركت العمل أعطيت جريدة الجمهورية ميشال المر، وقفت بعد شي سنة تقريباً، رجعت للنهار أنا بالـ 1992.

أحمد الزين: في بيته في برمانة يضيّفك بيار صادق من على شرفته غابة من الصنوبر لوحة أخرى تذكرك بتراب يديك وعلى جدرانه لوحات للانتظارات الطويلة ربما وللأمل، مجموعة من الألبومات نستعرضها، وجوه الأهل ووجهه متعدد في المرايا، هي مرايا الزمن، يضيّفك في منزله أيضاً الكثير من الأناقة والأكثر من كل ذلك يضيّفك حبه وصداقته والكثير الآخر من الضحك، الضحك على حد ظني يشفي من هذا العالم، وهذه صورة تذكارية أخرى، وتروي لنا سيدة البيت عن هذه المنحوتة التي وجدتها بالصدفة في بيت عتيق وحملتها هدية نادرة لكونها تحمل تاريخ مولده.طيب شي مرة هيك فكّرت أن هيدي المهنة عبء ثقيل عليك؟

بيار صادق: عبء يومي.

أحمد الزين: عبء يومي، فكرت شي مرة أني بدي أرتاح أستقيل أعمل شي آخر؟

بيار صادق: لأ.

أحمد الزين: أبداً.

بيار صادق: أنت عم تفوّقني.

أحمد الزين: ما في شي مرة قالت لك مرتك: خلّصنا بقا خلينا نعمل شي تاني؟

بيار صادق: لأ بالعكس كانت..

أحمد الزين: محفّز..

بيار صادق: محفزة جداً.زوجة

بيار صادق: ليك للحقيقة أنا بتفلسف أوقات، بقول له: هيدي الفكرة حلوة وهي الفكرة.. بيسمع بنكون أوقات قاعدين بمجتمعات، يا أستاذ بيار شو رأيك تعمل هيك؟ أوقات بيجيه تلفونات وتأكد كل هالعمر ما أخذ من حدن فكرة غير اللي براسه ما بيعمله، مش معقول لو شو ما عملنا مثلاً خفّف لأ لا تخفف، لأ اعمل.. اللي براسه بده يعمله، مجرد ما يفوت على أوضته يعني على مكتبه ويسكر بابه يصفّي مستقل عن الكل واللي براسه فكرته هيّ بدها تنزل، يعني نحن مثلاً بالبيت منحبه كتير، منحبه على تصرفاته على أخلاقه يعني مش هيك يعني. محبتنا بيجوز تساعده له.

بيار صادق: إنه لأ حدا بيقعد بالبيت لا، أنا بكره التقاعد.

أحمد الزين: طيب أستاذ بيار شي مرة يعني حقّقت عمل معين وندمت؟

بيار صادق: لأ.

أحمد الزين: أبداً.

بيار صادق: لأ، ما ندمت على شي، ما ندمت أبداً.

أحمد الزين: وأنت من الناس..

بيار صادق: ما بتطلع لورا..

أحمد الزين: ما بتطلع لورا؟

بيار صادق: أبداً.

أحمد الزين: أنت من الناس اللي بيخافوا؟

بيار صادق: لأ، مش كتير، لا، عندي جرأة، شجاع مني خوّيف، لا.

أحمد الزين: ومن الأشياء..

بيار صادق: خوّيف على غيري.

أحمد الزين: بتخاف على الآخرين.

بيار صادق: بخاف على عيلتي.

أحمد الزين: حتى من الأشياء المجهولة ما بتخاف؟

بيار صادق: لأ بيخوفوني أوقات، بس ما بخاف يعني لما انزل لأنتج بنسى، وبتحبك معك بدي اعملها شو ما صار يصير.

أحمد الزين: وأنت من الناس اللي بتحس إنه راضي عن هالتجربة اللي قمت فيها يعني متصالح مع نفسك؟

بيار صادق: إي مالي متزاعل بيني وبين نفسي، وبعدني طموح لشي أكتر، بظل طامح لشي أكتر وأحسن وتطور وأعطي شي جديد بالكاريكاتير.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق