سمير الصايغ: متى اتصلت انشطرت.. أنشطر في أول الجنة وفي منتصف النجاة.. لكني وعندما أبلغ نهاية الأمواج أتوحد.. هكذا وهذا ما يحدث لأختّي الخاء والحاء في أول الخمر ومنتهى الصباح.. يطربني موج الحاء في آخر الرماح تلوي الخصر والعنق حياء.. أهو الوصل أهو العشق موتٌ في البدء ووحدة عند الانتهاء..
أحمد الزين: سمير الصايغ وتدرك دون عناء حين تدخل بيته أو عالمه وترى إلى عينيه أنه صائغٌ ليس بالمعنى الحِرفي بل بما هو أبعد وأعمق وأدق، تدرك أنه صائغٌ منهمكٌ بالغزل غزل الحرف على نول من صنعه، وبحكاية المعنى الواقع أو المختفي خلف ما هو ظاهر، يبدو أنه يعرف كيف يرى ما لا يُرى أو أنه يعرف الطريق نحو النبع، وكيف يشد على الحبر برحمةٍ ليصل بالحرف إلى نهايات غير متوقعة، لكأنه يصغي إلى هسيس الريشة على النقاء كما يصغي إلى ذلك العتيق من الموسيقى ويحزن على مرارةٍ ويضحك.
تُرى هل آخذٌ هذا العاشق على عاتقه مهمة تخليص جمال الحرف من النسيان ودفعه مجدداً إلى الحضور ليتقدم الأمم بوصفه أمةٌ أعلى وأشف وأرقى وأرحم تحمل عبء المعنى والتاريح كله، لا أدري. إنما أعلم أن سمير الصايغ مفتونٌ بالفن الإسلامي زخرفةً وخطاً وحرفاً وموسيقى وعمارةً، مفتون بهذا الواحد المتعدد في كل شيء، حتى صار على شيءٍ من هذا التعدد في حياته وسلوكه في الذي يسمعه من موسيقى والذي يراه من مشهد، والذي يتوالد ما بين البداية والنهايات في مقتنياته وأشيائه وخطواته نحو بستانه المعلق في خياله.
تقول منذ الفجر الأول وأنا اشتاق إليه وأسأل الأشجار وأجنحة الطير عن مخبأه السحري، تخبرني عنه جراح العيون ولمعانٌ يضيء طرف الانتظار، وشهقةٌ ولدت مع أول حلمٍ وردي، أخاف أن أجد الماء رماداً هل أنتِ النبع؟
سمير الصايغ: يا سلام..
أحمد الزين: "أخاف أن أصل" هذه كاتبها سنة 81 يمكن، أولاً وصلت؟
سمير الصايغ: بعدني لحد هلأ كل ما قربت أو الحقيقة كل ما قرب العمر أنه يخلص..
أحمد الزين: تبعد المسافة..
سمير الصايغ: تبعد المسافة وأخاف أكثر، أخاف أن أصل.
أحمد الزين: يعني بتقديرك الطريق إلى الهدف مهما كان هذا الهدف أكان الحرية أو التوحد بالكون أو هدف دنيوي آخر يعني الطريق له هي أجمل من تحققه؟
سمير الصايغ: في بعض الآراء عند الصوفيين الطريق هي الهدف لأنه بالآخر هي كيفية الكيف، أنا في فترة من الفترات أول ما كتبت عن الفن الإسلامي قلت أنه هالفن هذا يدعيك لتقول كيف ترى لا ماذا ترى، فنفس الشيء الطريق يعني هي بنفس الوقت يمكن تكون الهدف وهي بنفس الوقت ممكن تكون الخطوات، لأنه في الطريق إلى البستان ينضج الثمر ويتفتح الورد والأعشاب ترتوي، وتتعدد الفصول وبيجي الليل وبطلع القمر في الطريق، لأن البستان عم ينمو في هالمخيلة وهالخطوات كل ما قدمت لهالبستان كلما صورة البستان عم تنضج وعم تكمل، لذلك بيخاف الواحد من الوصول لأن الوصول ممكن يكون نهاية، وممكن يكون أكثر من قدرة الإنسان أن يستوعب. "اقرأ بربك الأكرم الذي علم بالقلم" هودي أرقام الآيات.
أحمد الزين: شو سر الافتنان بالفن الإسلامي؟ يعني وأنت طبعاً سنوات طويلة شغلك هذا الموضوع ولم يزل يعني حتى الآن بتجليات أخرى، شو سر هالاهتمام؟
سمير الصايغ: سر هالاهتمام كان أنه أنا شخص أول ما فتت على الفن فتت عن طريق الحداثة اللي طلعت بأواخر القرن التاسع العشر في أوروبا، واللي بعد الحرب العالمية الثانية صار فيه نوع من تلاقي ما عند نخبة من النخب الفنية بالغرب أنها شافت الشرق أنه هو عنده فن كبير، وبدأت العودة إلى المنابع عن طريق الغرب مش عن طريق الشرقيين، الشرقيين كانوا خالصين بالفن عندهم كان خالص ومسكر..
أحمد الزين: كان عندهم شغل ثاني.. مشغولين..
سمير الصايغ: ما كان فيه ولا أي فكرة، ما كان اعتبار أنه الخطاط يمكن يكون فنان.. يعني لو كنا عملنا إحصاء ولليوم إذا عملنا إحصاء لكل العالم الشرقي ما هو الفنان بنظرك؟ ممكن يطلع ليوناردو دافنشي أو ممكن يطلع بيكاسو بس مستحيل يطلع واحد اسمه ابن مقلة أو ابن البواب أو خطاطين، هلأ مش معروف أسمائهم على كل حال، ولكن بنفس الوقت نحنا كنا عم نبحث عن الفن الغربي على أساس الغرب هو صورة الحضارة، نشأ شي أسمه البحث عن الخصوصية أو الهوية الحضارية وأنا بدأت هالبحث بالهوية الحضارية، وبدأت أتأكد تدريجياً أنه فيه هناك فنان، فيه رؤيتين للفن، فيه رؤية للفن شرقية وفيه رؤية للفن غربية، وأنا تبنيت الرؤية الشرقية وأُعجبت فيها ولقيت حالي فيها.
أحمد الزين: وافتتنت فيها.. أنا عادةً بس فوت على بيوت فنانين بلاقي بعض لوحاتهم على الأقل يعني على الجدار، أنت جدرانك عارية إلا من بعض الأشياء هيك اللي لها علاقة أيضاً بالفن الإسلامي سجاد قديم، شو السر أنت ما بتعلق لوحاتك أو لوحات أصدقاء يعني هدوك ياها على جدارك؟
سمير الصايغ: هو هذا سؤال حتى لو يبدو أنه ظاهري لكنه يضرب بالصميم مزبوط، أولاً يعني اللوحة هي من مشكلاتي الأساسية أنا لما رجعت أعمل يعني أستعمل الخط كفن كان عندي مشكلة كبيرة كثير أن اللوحة اللي تعلق على الحيط، لأنه اللوحة اللي تعلق على الحيط هي لوحة اجت بالمفهوم الغربي، اللوحة الشرقية يا هي الحيط..
أحمد الزين: صحيح الزخرفة والزليج في المغرب..
سمير الصايغ: الزخرفة موجودة على الحيط.. الزليج في المغرب، الحفر التخطيط على الخشب على النحاس مثل ما شايف، ولكن مش لوحة ذات إطار معلقة على الحيط، لكن في نفس الوقت دايماً كانت ترتبط اللوحة المعلقة على الحيط بالمنظر باللوحة اللي بتنشاف، لكن بالعمق الكبير الكبير الفن الشرقي حتى هذه المنمنات حتى الرسوم اللي فيهم أحصنة وفيهم غابات وفيهم عصافير وفيهم كذا، المبدأ الأساسي تبعهم هن مش وصف الطبيعة مش رسم ما يُرى هن رسم ما لا يرى، هذا تجسيد التجريد، هيدي الشجرة مش الشجرة اللي موجودة بالجنينة ولا هي قبل الظهر ولا هي بعد الظهر ولا هي بالخريف أو هي بالربيع هذه شجرة في المطلق، هيدي كل الصفصاف اللي ممكن أن يولد أو يزهر أو يروح، وهذا العصفور هو ذلك هو الطير في المطلق، ولذلك كان الفنان الكبير الكبير اللي الله منعم عليه كان لازم بالأخير يعمى حتى بس يشوف الصورة المعلقة في العقل والروح في الوجدان مش على الحيط.
أحمد الزين: كان يحلم في ذلك الدير حيث حبا نحو الحرف لفك لغزه أن يكون قديساً ويأتيه الطير بالطعام، انتشى لمعلمه الأول حيث بارك جمال خطه، وحين كبر انصرف إلى شيءٍ آخر انصرف إلى الصحافة إلى الشعر لحوالي 25 سنة، ثم انتبه إلى كنزه العتيق فذهب إليه مجدداً وخلصه من النسيان، هو الخط الحرف العربي المعلق في فضاء المعنى والرؤية، انصرف إلى باءه وياءه والنون إلى تلك الذاكرة من أمة الحروف كما سماها ابن عربي، سوّى ريشةً على قياس جموحه ودربها على عدم الخضوع للحرفية بل للتمرد والهروب نحو الجمال، فصارت هائه فضاءً وميمه انثى تنام في حضن القمر وفي عين الشمس. أنت وصغير كان طالع على بالك تعمل قديس، طبعاً أنت فيك شيء من القديس بس على طريقتك، ليش كنت بدك تعمل قديس؟
سمير الصايغ: مزبوط صورة القديس أثارتني، أنا رحت على وقت اللي كنت بدار المخلص دير فوق صيدا حد مدينة جون، دير قديم شرقي عمره أكثر من 300 سنة 400 سنة عنده تراث روحي جميل جداً، كان فيه مطبعة وكان يطلّع كتب ويهتم باللغة العربية واهتمامي باللغة العربية أجى منه أورثني هذه النعمة الكبرى، كنا نقرأ بمائدة على العشاء أو عند الظهيرة شي اسمه سير القديسين، كل يوم بيطلع واحد يقرأ سيرة قديس، أنا كان عمري صغير طبعاً بالعاشر بالحادي عشر أو هيك شي بهالسن ما كانت اسمع شي على الإطلاق، شو اللي عم يقولوه ما كنت اسمع، كنت ملتهي أولاً متشوق أني أرجع على البيت خايف من هالكبر من هالنظام من هالألوان، قاعد على طاولة مش عارف كيف بدي آكل كيف بدي أشرب ملبك بحالي.
أحمد الزين: هو داخلي كان الدير؟
سمير الصايغ: أيه طبعاً داخلي ومنقطع عن العالم يعني، يوم من الأيام فجأة كان سمعت بقديس اسمه سمعان العامودي قعد على العامود أربعين سنة، وكان الطير يجي يجيب له أكله لهذا الطير، قلت أنا خلاص بدي أعمل قديس، بعدني لليوم بدي أعمل قديس..
أحمد الزين: طيب خلينا نبلش هيك بالرحلة مع الحرف، مع الخط العربي الحرف العربي كيف انتبهت أنت لسحر هذا الحرف؟ ومتى؟
سمير الصايغ: كان في كاهن يعلمنا على أساس ساعة خط، بيجي بيكسر الطبشورة ويكتب على اللوح، ونحن بالمحبرة والريشة مع الورقة بدنا نقلد الموجود على.. أنا اللي بتذكره أنه بشوف هالكاهن الجليل اللذيذ اللي عنده رهبة بالنسبة لنا، يوقف فوق مني هيك وبيطلع على الورقة ويقولي شو خطك حلو، بفتكر أنا هاي هي كانت القصة، أنا بالذاكرة بوقف هون ما بعود بتذكر كم ساعة أخذت معه خط هل استمرينا كل سنة؟ هل جينا بعد سنة سنتين؟ أنا هون ما عدت أعرف لأنه بفتكر بهديك اللحظة صرت خطاط مارستها شوي كهواية وتوقفت عن الخط والتخطيط لأنه انشغلت بالشعر وبالكتابة الصحافة وكذا، عدت للخط بسن متأخرة عندما كنت عم أبحث بالسبعينات عن هذه الخصوصية الحضارية، وفي بحثي عن الفن الإسلامي بالعالم العربي لقيت أن الخط هذا فن قائم بذاته لازم نرجع له، مش نرجع نستخدمه كعنصر فني في اللوحة اللي وحيها غربي.
أحمد الزين: يعني قصدك اللي يشتغلوه الحروفيين يعني؟
سمير الصايغ: الحروفيين.
أحمد الزين: يعني أنت مش كثير بتستأنس بشغلهم هول الحروفيين؟
سمير الصايغ: لأ الحروفيين اللي عم يستخدموا الخط كعنصر أنه بيعطي الهوية بكل مفهوم اللوحة الغربية، من مفهوم اللون أو مفهوم القيم الفنية لأ لا أعتبرها لوحة، لازم يروح يرجع لروح فن الخط لمبدئية فن الخط لأنه هو فن قائم بذاته منو عنصر فني.
أحمد الزين: سمير الصايغ شاعراً يشبه نبعاً في جردٍ بعيد ماءه قليل لكنه كافٍ لسرب من الطير أو لعابر أو لعاشقين، ماؤه قليل لكنه لا يجف، تارةً يجري على شاكلة وفدٍ من الحروف ذاهباً للتقصي عن أحوال المصب، وتارةً يجري كصحبةٍ من حرفين أو أكثر يتذكرون أحوالهم في المنعطفات والتحولات وما حدث لهما أو لهم في مسارات التكوين، وتارةً يتدحرج الماء كحلقة السكون في الليل ويؤلف الصمت أو يتحول إلى ذهبٍ أو فضة ويرن في البال، ومرةً يتثائب كالنعس ويصعد بطوله نحو السماء.
"ما لا يكتب وما لا يقال" هذا كان أول معرض لك في شارع بليس بالمكحول جورج زعنة ساهم معك أو ساعدك بذلك، شو هو اللي لا يكتب ولا يقال، سهلها شوي؟
سمير الصايغ: المعرض هذا كان أول معرض حقيقي بعد هذه التجربة اللي حاولت أنا أؤكدها، حاولت روح أؤكد للخطاطين أنه هالخط هذا فن مش وسيلة لإظهار لغة، أو مش بس هذا لنكتب مونشيت جريدة أو لنكتب فيه اسم كتاب أو عنوان أو إلى آخره، هو أكثر من ذلك هو بيحمل أكثر، جماليته مش بس لأنه هو ثلث جاية الجمالية من الفترة العثمانية أو هذا هو بيحمل جماليات أكثر بكثير لأنه هذا شكل والشكل بيحمل حوار بين الطويل والقصير، الرفيع والسميك، الرقيق والصلب المستقيم والمنحني، هيدا من عناصر هالخط فلازم نشتغل عليه، لقيت فيه مشكلة كبيرة كثير عند الخطاطين هم حرفيين والحرفي ليتعلم الخط لازم يقتل الخيال حتى تصير يده تتوقف عند لحظة جفاف الحبر، يغط بيكتب الألف طول الألف هي..
أحمد الزين: على قد الحبرات..
سمير الصايغ: على قد الحبرات لا فيه يمد أيده ولا فيه يقصر ولا بيجمع، وأنا كنت بعرف أن المعلم ليصير الخطاط معلم لازم يقتل الحرفي اللي فيه، فعملية صعبة وأنا ما بحب الجرايد لا بدي أطوي الحرفي ولا بدي أطوي الخيال، ففضلت أنه روح للخيال وابتعد عن الخطاطين، لكن من وين إجا اسم ما لا يكتب وما لا يقال؟ إجا الأسم من أزمة أنا عم أعيشها ويمكن لا أزال بعدني عم عيشها، أول شي بدي أقول إن هذا الخط الجمالية تبعه مش باللغة مش اللي عم يكتبه مش بالنص المكتوب، لأنه وقت اللي بدنا نقرأ نص ما منعود بنشوف الخط، لأنه منصير نقرأ النص منروح بالمعنى، ولما بدنا نقرأ الخط ما بنقرأ النص، أنا كنت متطرف بهذه القصة، قلت ما بدي أكتب فرحت أستعمل الخط نص حروف ربع حروف الكلمة مش متواصلة ما اعطي معنى وأنه..
أحمد الزين: معنى مباشر يعني..
سمير الصايغ: معنى مباشر، وكانت هذا هو المعرض الأول بهذه الهيئة، ثانياً أنا كنت بهديك الفترة عم أكتب شعر حتى بلشت الأزمة هون أنه طيب ليش عم بعمل خط ليه ما بكتب شعر، ليش شو القصة بين اثنين؟ حتى ميز الخط نهائياً عن الشعر سميت أنه أنا ما عم بكتب وما عم بحكي.
أحمد الزين: طيب على سيرة الشعر سمير الصايغ شاعر بدايةً بلشت بالشعر أنت وطبعاً عندك أعمال ودوواين وتجربة غنية، أين أصبح هذا الشعر؟ وهل العزوف عن كتابة الشعر هو ناتج عن موقف من القصيدة نفسها من القراء من شكل القصيدة من الحداثة من فقدان المعنى من اللغو من..
سمير الصايغ: يا سلام.. يا سلام.. يا سلام، جميع هالعناوين اللي ذكرتها طول الوقت من أول ما أنا عم وقفت.. مش وقفت يعني عم بعاني كتاب الشعر وبعدني لليوم بحاول أن يكتمل الجواب، لم يكتمل الجواب بعد. لكن اللي بعرفه تماماً أني ما عدت كتبت شعر لأنه أولاً صرت أحس أنه كلما بدي أجي أكتب الشعر بحزن شديد بغم بشيء مكموش في العنق في الحنجرة لأني عم بحكي مش عم بكتب هاي واحد، اثنين كنت عم أحس تدريجياً أنه نحن قلطنا زمن الشعر هذا الزمن منّه زمن الشعر..
أحمد الزين: ليه؟
سمير الصايغ: هيك، بعدين حسيت أن الكلمة الشعرية فقدت معناها وصرت سميها بكلمة دارجة تسعمل باللغة اللبنانية..
أحمد الزين: ملّصت..
سمير الصايغ: ملّصت يعني بتبرم على الفاضي مثل البرغي والعزقة ما بتعلق ما بتكمش، الكلمة ما بتكمش..
أحمد الزين: بالعراقي بترهن..
سمير الصايغ: أيوه يعني وخلاص ترغي، بعدين صرت شوف أن شخصية الشاعر نموذج الشاعر ما عاد يرويني، يعني الشخص هذا اللي كان عم يدعي أنه بعد شوي هو مستشرف للمستقبل وأنه هو يعني بعد شوي نبي بعد شوي الآله، وأنه هو بده يبني وهو يدمر وهو كذا.. وأمام مسألة بسيطة سواء كانت في الحياة أو في السياسة أو المجتمع بتلاقيه هامشي بده يعمل انقلاب على السلطة، بده يعمل كذا إلى آخره ثورة وثوري وتغيير العالم، وإذ هو بيصير يعني خادم للسلطة بتفاهة ما لها مثيل لا لا ما بصير.
أحمد الزين: فيه حدا براسك وأنت عم تحكي هيك؟
سمير الصايغ: كلهم للأسف الشديد يعني.
من مذكرات الهمزة: لست من أمة الحروف.. أجيء قبل الألف وبعد الياء.. لكني ومنذ الزمان الأول أهاجر.. أقف على رأس الألف كتنهيدةٍ الصباح.. وأمرّ فوق الواو كالرنين.. وحين يشتد الشوق أجلس على كرسي الياء كالامتلاء..
سمير الصايغ: سررت لإشارتك عن بلاغة الحوار بين الخطوط المنبسطة.. منبسطان متراكبان.. وسررت أكثر عندما تقول فهي كافٍ أرض ثبات ومكان انبساط.. وهي مركبة سفر..
أحمد الزين: عندما يعجز الشعر عن التعبير يبدأ الخط، هكذا يرى سمير الصايغ أو هكذا فعل، لعله وجد في الحروف وعاء روحيا وسياقات تخاطب وجدانه، أو هي بحد ذاتها قامات وأشكال لها أبعادها وسرها ودلالاتها وسحرها، تستدرج من به شغفٌ لقيام حوارٍ معها أو لمداعبتها والذهاب بها إلى أبعادٍ غير متوقعة، فهي مطواعةٌ لكنها لا تحتمل الزغل أو المجانية.
لذا يتابع سمير رحلته مع الحرف، ويبدو أن الشاعر الذي فيه يعود بعد عزوف بين حينٍ وآخر يعود إلى الحضور متخفيا في عباءات الحروف وأحوالها، مهربا القصيدة أو هاربا بالقصيدة في ظلال الحرف أو مهربا الشاعر في مذكرات الحروف.
سمير الصايغ: أنا بعدني قاعد أولا على نفس الطاولة حامل القلم نفسه والحبر ذاته والصفحة ذاتها صحفة بيضة، ويا للعجب الحروف العربية ذاتها هي ذاتها بتكتبها بتطلع شعر بتكتبها بتطلع خط، لكن كان بهذا القرب بعد كبير هو البعد القرب بين الاثنين، هالشي حرب ذاته والأيد ذاتها والعين ذاتها والحروف العربية ذاتها لأ، أنا اليوم فيني أقول الخط هو مضمون الشعر.. هو مضمون الشعر في المطلق، وقت اللي يعجز الشعر عن التعبير يبدأ الخط، وعندما يعجز الخط عن الاستقامة أنه يوقف يبدأ الشعر.
أحمد الزين: ساهم بإطلاق حريتك أكثر الخط والحرف العربي؟ ساهم بحرية تفكيرك وعقلك؟
سمير الصايغ: عقلي وانتمائي لهذا العالم المتعدد، ويمكن انفتاحي على القيم الروحية المتعددة اللي نشأت معي من.. ما انفتحت على القداسة انفتحت على التصوف وعلى التصوف الإسلامي بالذات، ومثل كانوا هالقدسيين مثل سمعان العمودي ومثل فرانسوا دسيس مثل ميتر ايكارد مثل سانتريز هم ذاتهم أجوا كمان، شفت الحلاج وشفت النفري وشفت جلال الدين الرومي وشفت العرب.. ما هودي بيحكوا كلياتهم نفس الشي.
أحمد الزين: علاقتك فينا نسميها علاقة ود وحب ولا هي علاقة عضوية في هذا العالم؟
سمير الصايغ: أنا بشوف اليوم صورة...
أحمد الزين: يعني أنت الاتصال بالتصوف هو اتصال عضوي روحي قائم محقق؟
سمير الصايغ: طبعا.. طبعا.. طبعا رح أقول الشي هيدا، أنه هذا الاتصال لأنه فيه فهم كثير خاطئ عن هذا الموضوع، مفكرين أن المتصوفين هم اللي بيعملوا حلقات ذكر، أنا بشوف اليوم هو الفنان لمن يكتب اللي يكتب رواية هو صوفي، هيدي مثلك كأنك قاعد عم بتعمل أكبر حلقة ذكر في الكون، بتعمل حلقة ذكر مع الحروف مع المعاني مع الخيال أجمل صلاة.. أجمل صلاة، الصوفي اليوم هو اللي بيحب الآخر، ما كله زائل ما العالم كله زائل وكلنا ميتين يعني شو.. يا لطيف ليش بدي أقتلك قبل عشر سنين من موتك أو قبل ساعتين، ما اتركك رايح مثل مثلك رايحيين شو هالتمسك، شو هالوهم شو هالسخافة بقصة الصراع صراع الشعوب.. صراع الحضارات أي حضارات؟ أنا أحس أن كل التراث الإنساني هو إرثي وهو ملكي لي حق فيه "لله المشرق والمغرب".
أحمد الزين: كما معظم أبناء جيله كتّابا ومثقفين وشعراء، انخرط سمير الصايغ في ورشة الحداثيين ما بين الستينات وثمانينات القرن العشرين، بداية عرفناه شاعرا وناقدا مفتونا بالفنون الإسلامية، وسجاليا أدار مجلة فن وكتب فيها دراسات غنية وسخية، ثم عمل مع أدونيس في مجلة مواقف لسنوات، حيث فتح على غير الشعر من فنونٍ وفكر عبر الحوارات والدراسات التي تهتف إلى مراكمة تجربةٍ متصلة بتجربة الرواد، ومؤسسة لما قد يأتي. لكنه كما يقول شعر بالخيبة كما خيبته بالهزيمة سنة 67 يوم ذهب لمصر، وكما خيبته مع المقاومة يوم انخرط في صفوفها، لكأنه وجد في السياسة خواء يوازي الخواء واللغو الثقافي أحيانا، فعزف عن الشعر والسياسة والصحافة وهرب إلى نفسه إلى حروف اللغة، ربما ليشكو لها أو ليخبرها عن الهزائم أو ليجالسها نديما في الصفوات، وأسأله هل أنت نادم على تلك التجربة؟
سمير الصايغ: بالنسبة للتجربة الشخصية خسرت وقت، أنا اليوم عمري ستين سنة أنا الحقيقي عمري أربعين سنة، فيه عشرين سنة من شغل الفن كنت لازم أعملهم ما عملتهم هلأ عم بعملهم.
أحمد الزين: بتحس ما عاد فيه وقت كثير يعني؟
سمير الصايغ: طبعا ما عاد في وقت أكيد ما عاش في وقت، فيه شي بده.. جلال الدين الرومي يقول أن الحليب بده وقت ليصير دم، هذا الحليب اللي هو غذاء كامل..
أحمد الزين: ليصير دم بأي معنى؟
سمير الصايغ: ليصير دم ليصير إنسان بشر.. ونفس الشي هذا الحبر الأسود اللي عم نكتب فيه بدو زمن ليصير دم ليصير أحمر لينبت، فهاي هي الخسارة.
أحمد الزين: طيب بالنسبة لتجربتك أنت الخط والحرف لها جمهور يعني؟ لها من يقرئها.. يقرئها بعينه يعني؟
سمير الصايغ: أوكي هذا هو الامتحان الفظيع، لذلك عم أقول..
أحمد الزين:أنت عزفت عن الشعر لأنه ما في إله قراء أنت رحت على الجوهر، له قراء هذا الجوهر؟ وإلا يعزيك لك فقط يعني؟
سمير الصايغ: هذا الجوهر.. لا هو مش بيعزيني بيعزي الآخرين، هذا هون فيه سحر يعني هذا يصيبك بعينك، هو يتسلل إلى العين.
أحمد الزين: طيب سمير في كل ما تفعل وتقتني يعني وتهتم من الموسيقى إلى كل هذه المنمنمات الصغيرة بالسجاد وبالحرف والكلام والاستماع، فيه هالبعد طبعا التأملي التصوفي هذا بجعلك أكثر تسامحا ولا أكثر تطلبا أو أكثر حزنا؟
سمير الصايغ: لك هو شوف هو طبعا أكثر تسامحا ما في شك في ذلك أبدا أبدا بس كمان بنفس الوقت..
أحمد الزين: يعني في سلبيات وفي إيجابيات..
سمير الصايغ: أيه في ايجابيات في شي كان عن بحكيه عن لسان الألف، عم أقول للألف في حوار معه بنص القصيدة، أقول له: لكنك دخلت الأندلس منتصرا..
أحمد الزين: للألف..
سمير الصايغ: للألف، لم أكن في غرناطة لأشهد الانتصار ولا للغلبة.. كنت لأشهد لي يحلو لي أن أخدع الحمام وباقي الطير.. كنت أختبئ فيّ.. أحزن حتى يذوب القلب وأنحني حتى أجف.
أحمد الزين: أديش بتحمّل الحرف أشياء منك؟ يعني أديش بتقوّله تا تشعر به أو ما يشعر به الآخرين يمكن كمان؟
سمير الصايغ: أنا آخذه بالمسار الواقع التاريخي ودغري بصير هو يحمل التجربة الإنسانية، أنا وعم بكتب هالشي وأنا عم طالع هالشي لم يكن هذا الشي أمل هذا الشي اختراعي بالنهاية، هلأ فيه صبغة خاصة فيّ ما في شك فيها هذا جزء من دخولي العالم الحديث، لكن الحروفيين مش الفنانين، فيه فئة اسمها الحروفية هي فئة بالقرن الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر تقريبا لحد الرابع عشر حركة فلسفية كبيرة كثير وتصوفية كبيرة كثير، أخذت المعاني من الحروف. وأعطت الحروف معانيها وأرقامها، وهن بشوفوا فيها فلسفة كاملة لتماسك العالم، والفكر هذا في البعض منهم مثل كل فكر فلسفي كبير، أو كل فكر تصوفي كبير أو كل فن كبير بصير في شطحات، وبصير يوقف على حد ضيق انقلاب إلى اليمين أو انقلاب لليسار، إما يوقع في الجنون أو يوقع في الألوهة أو يوقع في الشيطنة أو يوقع في.. فهيدا التطرف أعطت من حركة الحروفية مثلما أعطت لحركة التصوف المتطرفة حاربوها..
أحمد الزين: النوع التكفيري صارت..
سمير الصايغ: وقتلوهم كلياتهم معظمهم..
أحمد الزين: سمير عندك يعني شغلك عم تشتغل على قطعة صغيرة هيك فينا نسميها أيقونات يعني من نوع آخر؟
سمير الصايغ: من زمان حابب قول تجربة مش قادر حققها كدارس أكاديمي، كباحث أكاديمي أو باحث تاريخي مش قادر حققها، رح أقولك ياها ونتداولها وإذا كان أي باحث بيشوفها ويكملها يعني نكون له كلياتنا من الشاكرين، تأسست الحضارة المدينة الإسلامية في دمشق بهديك الفترة كان فيه شي اسمه حرب الايقونات عند المسيحيين، وحرب الأيقونات هي أنه ما لازم تصوروا المسيح، إنما كان فيه شخص اسمه يوحنا الدمشقي، يوحنا الدمشقي كان موجود في السلطة الأموية، كان من المدافعين الكبار عن فن الايقونات. وكان هو بنفس الوقت من المحاورين الكبار مع المسلمين في مسألة التثليث، المسلمون يسمون يوحنا الدمشقي مؤسس علم الكلام. ويوحنا الدمشقي من المدافعين الكبار عن الايقونات، طيب فيما بعد بيطلع بيان أساسي بأنه يُسمح وينظّر لرسم الايقونات، أنا بشوف إن المسلمين أو الفن الإسلامي هو اللي طبّق نظرية رسم الايقونات، لأنه برسم الايقونات يقولوا أنه اللي عم نرسمه مش هو اللي شايفينه نحن نرسم الروحي مش وجه المسيح الحقيقي، والفن الإسلامي لم يرسم الواقع على الإطلاق، رسم رمز الواقع أو ما يشبه.. رسم النظم الخفية، إذا هوديك ما رسموا الواقع هو رسم التجريد، هو جسّد التجريد عمل له صورة للتجريد لنظام الكون، يا ريتني أقدر أعمل أيقونة جديدة وأنا رح أعمل المعرض وأسميه قديسيين وأولياء..
أحمد الزين: عن الحروف..
سمير الصايغ: لكن عن الحروف عم حاول أعطي هذا البعد وأجمع بينها.. ونعمل من حروف اللغة العظيمة تبعنا قديسين وأولياء بركي بيترضوا علينا.
أحمد الزين: الله يرضى عليك أنا عم برضى.
سمير الصايغ: هيدا رح نسمع شي فعلا نادر هي قطع موسيقية من القرن السادس عشر والسابع عشر بتركيا..
أحمد الزين: القرن السابع عشر..
سمير الصايغ: إيه بين السادس عشر والسابع عشر كان فيه عالم موسيقي اسمه فلاديمير كونتمير من مولدافيا، هو كان سجين بمعركته مع مولدافيا ولكنه كان عالم، عالم موسيقى بيعرف لغات بيعرف عربي بيعرف يهودي عبري بيعرف فارسي بيعرف كل اللغات.. تركي طبعا ما في شك ينوط..
أحمد الزين: ما يسمع من موسيقى..
سمير الصايغ: ما يسمع من موسيقى، وطريقة التنويط هي بالحروف العربية، هاي بالحروف العربية شايف..
أحمد الزين: إذا بدنا نسأل أنه أي موسيقى بتسحرك أكثر هيك قريبة من روحك ووجدانك؟
سمير الصايغ: بالشي الطبيعي بالأول أنا مريت بمراحل متعددة بقصة الموسيقى، لكن كمان نفس الشي كان في صح لي شانص يمكن هيدا اللي أقوله دائما النعمة، وقت اللي كنا.. وقت اللي كنت بالدير كان في الدير يعلموا نوعين من الموسيقى، فيه الموسيقى اللي فيها البيانو وفي موسيقى..
أحمد الزين: التراتيل الشرقية..
سمير الصايغ: التراتيل الشرقية كان يسموها سلتيكا، هلأ النوتة الموسيقية تبعها مثل النوتة الموسيقية..
أحمد الزين: دو ريه مي فا صول..
سمير الصايغ: إيه هي بافو غازي.. بدل دو ري مي فا صول، طيب أشكال النقطة تبع سلتيكا كثير بتشبه الخط، كنت مقسوم بين هالاثنين، هونيك شوف آلات فيه بيانو، هون ما فيه آلات موسيقية فيه الصوت فقط، فمرات أهرب أقعد هونيك مرات أهرب أقعد هون. بعدين كمشوني لقطوني باللعبة هيدي أنه بدك تختار بين الاثنين ما بيصير، أنت وين كانوا حاطينك بالأول؟ قلت لهم حاطيني بالسلتيكا رجعت على السلتيكا، فظلت الصورة هيدي. فيما بعد حبيت باخ كثير، حبيت كل الموسيقيين تبع الغرب، وفجأة بدأت ترجع السلتيكا وأرجع على الموسيقى الشرقية، وأنا معجب اليوم كثير بكل الموسيقى اللي طلعت من..
أحمد الزين: من المزيج الهندي الفارسي..
سمير الصايغ: من الهندي الفارسي التركي العراقي العربي وصولا للأندلس..
أحمد الزين: بتحب الوجع أنت؟
سمير الصايغ: وعم حاول ليلا نهارا قد ما فيّ أستطيع أن أحصل على تسجيلات جديدة بهالعالم، بالإضافة إلى ذلك بحب كل التجارب الحديثة اللي مثل تجاربي.. مثل تجاربي على الفن..
أحمد الزين: بس مرتبطة بالذاكرة وبالفن اللي مرتبطة بالنبع..
سمير الصايغ: اللي مرتبطة بهذا النبع..
أحمد الزين: إذا بدي اسألك عن علاقتك بالوقت بالزمن، شو عن علاقتك بالزمن؟
سمير الصايغ: يا لطيف شو هالسؤال.. أنا شخصيا ما فيني أحكي كثير عن حالي بهذا الموضوع، ولكن رح احكي كيف شفت الزمن بالفنون، شفت الزمن.. شفت فيه زمنين في الفن الشرقي في فن الخط بفن المنمنات بفن السجاد بفن الحفريات يعني بالفن الإسلامي، ما في زمن. أو وللحقيقة ما في أوقات فيه زمن بلا أوقات لأنه فيه مطلق. بالنسبة كمان الزمن مرتبط بالمكان، هالمكان صحيح عم نشوف نحنا أرض عم نشوف حدود عم نشوف بيت بعدين جنينة بعدين غابة بعدين نهر، بس منطلع بالقصة هيدي منلاقي أنه هالبيت أو هالنهر الحدود بيناتهم متماهية ما فيه ظل، كمان هذا المكان بلا حدود. يعني بالمفهوم أي بالمفهوم الصوفي الكبير بمفهوم وحدة الكون أن الجزء بيحمل صورة الكل والكل بيحمل صورة الجزء، أو الكل هو نظام الجزء. فعندما يعني إذا أخذت الورقة ورقة الغصن ورقة الشجرة، وأخذت الإنسان بشوف أنه هالورقة فيها هيدا النظام لأزيح بالنص يمين شمال يمين شمال بتكرر يمين شمال يمين شمال بتعمل غصن، بتكرر بتعمل شجرة، الشجرة بتكرر بتعمل غابة الغابة بتكرر بتعمل كون، هذا الإنسان نفس الشي بتمر فيها الشرايين بتعمل له يمين شمال يمين شمال دقة صمت دقة صمت دقة قلب، ويتكرر بيصير فيه عيلة تتكرر العيلة بيصير فيه قبيلة، تتكرر بيصير فيه وطن، تتكرر بيصير فيه كون وبعدنا ماشيين على هذا النظام يمين شمال ودقة وراء دقة.
أحمد الزين: بتخاف أنت على المستوى الشخصي؟
سمير الصايغ: بخاف وأحيانا برتعب كمان وبعزي حالي أنه ما لازم خاف، بس الحقيقة بخاف..
أحمد الزين: من شو بتخاف يعني؟
سمير الصايغ: أخاف من الألم..
أحمد الزين: بتخاف من حالك؟
سمير الصايغ: آه طبعا بخاف من حالي.. بخاف من حالي إذا بدك خوف فيه زعبرة يعني كأني متواطئ مع حالي، يعني بحس أن قد ما..
أحمد الزين: يعني بتخاف ترتكب..
سمير الصايغ: قد ما تسلط فيّ شي مش رح يقضي على القسم الثاني.
أحمد الزين: طيب سمير الصايغ أنت جمعت حياتك حروفك أشيائك وسجاداتك وأشرطة الموسيقى تبعك صارت سيديات اليوم، وهيك اخترت حي ببيروت بالجميزة قاعد على الروف بتشرف على صنين وعلى البحر، بس تتلفت لوراء شو بتشوف ولمين بتشتاق؟
أحمد الزين: يعني أنا بشتاق أرجع على الطبيعة للبستان على مشغرة.. برجع على هذا.. أنا اللي علمني كمان كل شي هو البستان، أنا تعلمت كل شي من البستان من الماي كيف بتروح كيف بتسقي.. كنت ألحقها للميّ بهذا التلم الصغير ألحق الماي بشوفها أنه بتشوف قشه بتوقف، قشه بتوقفها للماي، بتروح حواليها هيك بعدين بتحملها، فطول الوقت بدي أنه..
أحمد الزين: مشغول بالطبيعة..
سمير الصايغ: أني أحب أن أسقي، أنه أسقي هذا ما كان يخليني بيّ.. بالزمان في يوم من الأيام الظاهر كان بده يكون موجود بمحلين إجا أعطاني المجرفة وقال لي ليك بس تعوم هونيك بتنقلها على الثانية..
أحمد الزين: بتنقلها على محل ثاني..
سمير الصايغ: بتعرف قلت له أيه أكيد أكيد.. فتح لي الماي وركضت أنا.. أنا لحقتها للماي لحقتها للماي ركضت أنا وياها لشوفها لحتى اطمئن مزبوط أنها عومت هونيك، لقيتها عومت رجعت حملت المجرفة هذه الماي جاي صوبي وقفت ضدها للماي، وصرت أضرب بالأرض جيب الترابات على الماي..
أحمد الزين: بتاخدهم..
سمير الصايغ: بتاخدهم الماي بتسحبهم من هاي الجهة ومن هاي الجهة وأغرق أنا، صرت أصرخ بيركض بيّ بيفكر شي.. بيقول لي بتوقف ضد الماي أوقف معها وبرمني هيك وقالي اضرب، ضربت أجت الماي حملت الترابات، قال لي وقف، وقفت سكرت مرقت، يا سلام عاد هيك أقول شد على الطراوة..
أحمد الزين: شد على الطراوة..
سمير الصايغ: يستقيم أفق وتتوازن كواكب..
أحمد الزين: كانت رحلةٌ على بعض ضفاف المجرى مع سمير الصايغ، أشرفنا قليلا على النبع، رأينا بعض ما يراه، ثم تركته متدثرا بعباءته يحاور حروف اللغة ويذهب بالحبر إلى النهايات.