2005-10-28

روافد مع الفنان التشكيلي ضياء العزاوي

إعداد وتقديم

أحمد الزين : دائماً على الضفة الأخرى تعثر على ما لا تعرفه من نفسك وعلى ما لا تشاهده في مراياك عبر اكتشافاتك لمطارح جديدة، وتزهو حين تلتقي بصديق ممسوس بقلق السؤال، متمرد يحلم بعالم أقل بشاعة وأكثر رحمة وعدلاً، مُحمّل بإرث بلاد الرافدين يصرف وقته في إعادة تشكيله على هواه، هو من طينة الطيور المهاجرة خارج السرب، يغويك فضاؤه فتسعى إلى حيث يحلق ويقيم طقس هجراته وحيداً وبعيداً إلى حيث يؤلف حياته الموازية للحياة المتبددة دون انتباه والمعبرة عنها غالباً، تسعى إلى حيث يترجم أشواقه ورؤاه وتخيلاته ويصيبه بيانات لمعنى إقامته أو عبوره أو انتمائه، بيان الحنين على شاكلة طائر أو بيان الاحتجاج وآخر لتفسير الرؤى وبياناً للشك وإيضاحاً لغموض المسار وكأنه يخط على مهل رسائله الخاصة بلغته الخاصة لمن لا يعرف ويودعها بريد الزمان فتصل لأيامهم دون انتظار أو توقع تخرج من حجابها أو يزيح حجابها سطر الضوء فيبان الغامض وتقرأ الحرف الأول من التوقيع ضياء العزاوي.

أحمد الزين : هذا هو فضاءك الأرحب هذا المحترف؟

ضياء العزاوي: هذا العالم اللي أنا عايش فيه أكيد.

أحمد الزين : هذا عالمك؟

ضياء العزاوي: عالمي الخاص.

أحمد الزين : طيب ضياء أمر طبيعي يعني بس يلتقي المرء بمبدع عراقي في سؤال لنفسه لازم يطرح حاله هو أن يسأله عن عراقه عن بغداد، يعني كيف يرى ضياء العزاوي الآن إلى ما يجري في العراق إلى تلك المأساة المتوالدة من مآسي أخرى؟

ضياء العزاوي: بالنسبة لي لا أشاهد العراق الآن إلا كبلد محتل، والبلد المحتل لا يمتلك أدوات وطنية لإقرار ما هو في صالح شعبه وبالتالي لا أجد نفسي قريباً من هذا البلد الذي كنت أعرفه، بلد آخر، يحاول المحتل تقسيم العراق شعباً وأرضاً، يحاول تأكيد الجانب الطائفي المقيت كما أعتقد والذي سيكون له أبعاد في المستقبل القريب وآمل ألا يكون كذلك لأن العراق كما أعرفه أنا لا يمتلك هذا النوع من الخبث أو من الحقد الذي نراه الآن يظهر في حالات مختلفة، آمل طبعاً أن أشاهد العراق كما كنت أعرفه سابقاً وهو أمل غير واقعي كما أعتقد.

أحمد الزين : يعني متشائم أنت تجاه مستقبل العراق والمنطقة؟

ضياء العزاوي: متشائم بالتأكيد لأنه يعني شخصياً أنا أطلع على الصحافة الأميركية والصحافة البريطانية وما يكتبه هؤلاء لا يُكتب من الغيب يُكتب من حقائق موجودة على الأرض، ما حصل في العراق من فساد مالي من سرقات مالية هذه أشياء كتبت عنها الصحافة الأميركية وليس العربية وبالتالي عملية الاستغلال وكأنه أو حسب لقاءاتي مع أصدقاء لي موجودين في بغداد التقيت فيهم بالأردن ولديهم انطباع وكأن الأشخاص اللي جايين للعراق اللي أجوا على الدبابات الأميركية ويتحدثون عن الديمقراطية هم كأنهم أشخاص لا يمتلكون حسّ الاستمرار وكأنهم مغادرون اليوم أو بكرة، يعني بشكل ما فيه شيء من استغلال فرصة ما لتحقيق غرض ما ثم المغادرة.

أحمد الزين : طيب ضياء أنت من مواليد 1939 في القرن الماضي، وغادرت بغداد سنة 1976 ولم تعد حتى الآن، بتقديرك هذه المسافة في العمر وفي الزمان وفي الجغرافيا عملت على تخفيف موجة الحنين أو الشوق إلى بغداد؟ أم أنك عالجت هذا الحنين أو الشوق بالألوان وبالخطوط وباللوحة؟

ضياء العزاوي: لا أنا عملياً أنا لما غادرت العراق كنت مقرر من البداية عدم العودة، يعني كانت عندي تصور ما أعرف لأي سبب من الأسباب أنه عدم العودة، وبالتالي هذا النوع من الحنين والعودة وتصور البلد بشكل ما أو زيارته ما كان موجود في قائمة السفر مثل ما يقولون، لكن كنت دائماً أسافر حول العراق، يعني كنت أروح على مناطق مثلاً.. أكثر من معرض عملت في الكويت اللي هي مسافة قصيرة عن بغداد والبصرة مثلاً..

أحمد الزين : تشم ريحة البلاد؟

ضياء العزاوي: تشتم ريحة البلاد من بعيد أو بالأردن أو بسوريا يعني هذا موضوع أنا بالنسبة لي العراق موجود معاي.

أحمد الزين : حملته معاك؟

ضياء العزاوي: حملته معاي أنا، مثلما يقول أنا في سهرة مع الأخ والصديق مظفر النواب عندما غادر البلد في ليلة مغادرته اللي قال فيها قصيدة جميلة يقول: "غرّب نجمتك ما يلوق لها فلك.. غرّب ولاّ قاسي في مثل ليل في الشهر غُرُب.. خاويها يا ابن الناس ضيّعوك وضيعوها هلك" فأنا موجود يعني إن ضيعني أهلي أو بلادي ضيعتني أنا معاها.

أحمد الزين : الحي القديم في بغداد حيث وُلدت قبل 65 عاماً أي سنة 1939 وحبوت حبوت منه إلى هذا العالم لم أره منذ أكثر من 30 سنة ولا أدري إن كان بمقدوري أن أراه ثانية أو أعود إليه، يروي ضياء العزاوي ويضحك، يضحك ضحكته التي تبث أملاً وحباً ويروي عن أيامه الأولى في حيّه القديم وعن دراسته في جامعة بغداد في كلية الآداب حيث درس الآثار والحضارة وعن معهد الفنون الجميلة حيث درس الرسم واستدل على تقنياته من أساتذةٍ كبار، وأنهى دراسته سنة 1963، ولكأن ضياء العزاوي انتبه مبكراً إلى مصدره الحضاري وإلى الإرث.. الإرث الغني الذي تخصب خياله منه، فعقد العزم على تفقد أحوال سومر وآشور وبابل من رُقَمها الفخارية والمسمارية من خلال الدراسة ومن خلال عمله في المتحف الوطني سنة 1968 مع جواد سليم العملاق الآخر، حيث يسكن العالم القديم بكل حكاياته وأساطيره، في هذا المتحف فتح نوافذه على ثنائيات العالم القديم المتصارعة على الأسود والأبيض، على الخير والشر في ملحمة جلجامش وأنكيدو، أقام العزاوي في ذلك الماضي لاكتشاف ملامحه قبل أن يتخذ قراراته اللاحقة وخياراته في ترحالاته التشكيلية والجغرافية.

ضياء العزاوي: كنت افتراضاً أفترض أن الآثار.. دراسة الآثار هو دراسة حقيقية للفن عملياً، يعني علم الآثار هو جزء أساسي منه وهو دراسة لتاريخ الفن في المنطقة، يعني أنا درست مثلاً تاريخ الفن بالإضافة إلى تاريخ الأدب، يعني أنا هو علاقتي بالشعر القديم مثلاً هو عبر دراستي، يعني مثلاً معرفتي بأسطورة جلجامش أو الأساطير أو النصوص السومرية الهائلة كلها كان عبر دراسة، وبالتالي هي بشكل ما مرجعية ثقافية للفنان، وبالنسبة لي الرسم يعني دراستي للرسم هي الدراسة التقنية، يعني هي ما كانت شي أكثر مما هو أن تستدل على بعض الأدوات، يعني نحن نعرف بتاريخ الرسم موجودين فنانين ما كانوا يدرسوا الفن أصلاً، يعني أنا درست الرسم يمكن بأسباب أيضاً جزء منها كان الأستاذ اللي عنده محترف في كلية الآداب المرحوم حافظ الدروبي يمكن هو اللي بشكل ما قرّبني إلى فكرة المعهد وبالتالي لما التحقت بالمعهد أدرس مسائي.

أحمد الزين : طيب دراسة الآثار بدون شك هو هذا التاريخ تاريخ الأدب والكشف عن تلك الحضارة الغنية، بتقديرك عزّزت عندك كثير موضوعك أو مشروعك في الرسم؟

ضياء العزاوي: بالتأكيد هي اللي جعلتني كما أعتقد قرّبتني إلى ما حاولت إعلانه جماعة بغداد مثلاً أي بمعنى ما إيجاد هوية وطنية للتجربة الفنية بالعراق، لأنك عندما تدرس هذا النظم من التاريخ وتجد الغنى الهائل للمنطقة ليس للعراق فقط يعني علاقة العراق بسوريا بلبنان، تجد أنه من غير المعقول أن تهمل كل المراجع وتبدأ من المعرفة الحديثة اللي هي الغرب بالتالي، وهذا ما هو طبعاً كان سيد الموقف في هذا الموضوع هو جواد سليم، محاولة تحدي معرفته التاريخية بالمنطقة بالعراق بشكل أساسي عبر أدوات أوروبية وثقافة أوروبية بالتالي، أنا عملياً كنت بهذا.. على الرغم من أني أنا أنتمي كنت لجماعة أخرى، لكن أملي كان أقرب لمجموعة أو لما ينادي به مثلاً جواد سليم وجماعة بغداد بتأكيد الهوية الوطنية بالعودة إلى موروثه التاريخي لإيجاد أسلوب ما يتميز بهذا المعنى.

أحمد الزين : يعني إضافة لهذه التكوينات الإبداعية إذا صح التعبير والمعرفية كنت مدفوع بوعي سياسي آخر يعني وأيديولوجي وثوري..؟

ضياء العزاوي: أنا بالنسبة لي يعني موضوع فلسطين نموذج للظلم والقهر والسرقة بشكل لا يصدق، هذا النوع من الإحباط بتشريد شعب بسرقة أرض تبريراً على منطق أسطوري ديني مغلق، بالنسبة لي جعلني على قرب من مأساة هؤلاء الناس، بالتالي أنا أجد أنه مقياس العدالة الحقيقية الإنسانية هو موضوع فلسطين، بدونها كل ما موجود هي مجموعة أكاذيب، مجموعة أكاذيب يبررها تصور أسطوري غير موجود على الأرض.

أحمد الزين : هنا في لندن يعالج ضياء العزاوي مسائله مجتمعةً، فهو كمثل الكيمائي الذي يستهويه أن يمزج في مختبره ما يولّد نتائج غير آمنة فيخرج بمعادلة تولّد بدورها سؤالاً عن مصدر نشوئها وسره، أو هو كما الوزان الذي يعرف ثقل الأحمال فيضعها على منصة الإنصات والترقب، أو هو كما البناء الذي يدرك انحدار شاكول جداره السوي فيقصفه لخلق الريب والالتباس في احتمال الانهيار، فتصرخ الألوان حيناً وتتهامس حيناً آخر، وهو الملون الذي يصغي لحفيف وهمس فرشاته فوق القماش، وما الذي تشتهيه من اختلاف فيسرف في الدفق وفي دفعها نحو جموحات الخيال، وهو الرسام الذي يصوّر ما يرى على غير ما نتوقع أن نراه لكأنه يصور أو يعيد تشكيل منامات الأسلاف، وبالنهاية هو القادم من العراق مثقلاً بأحمال سومرية وبابلية وآشورية نصاتاً إلى رنين اللغة على رخام المتاحف، مهدهداً نعاسها في المخطوطات القديمة التي تغويه وصحوتها في مناماته المتعاقبة.

أحمد الزين : ضياء يعني منذ بدايتك هيك تميزت أو تميزت تجربة ضياء العزاوي بالانحياز إلى التراث العربي مثلاً وإلى الموروث بشكل عام الحضاري، هل كان هذا نتيجة لعلاقاتك بهذا التراث، علاقتك العملية من خلال عملك بالمتحف العراقي أو يعني هو نوع من الإعلان الصريح عن الهوية عن الانتماء أو الدفاع عن قيمة حضارية ما؟

ضياء العزاوي: لا أنا لا أعتقد أن.. يعني اتخاذ هذا الموقف هو بالتالي هو موقف تحدي في الواقع أو موقف صعب بشكل ما لأنه ما ميّز التجربة العراقية بشكل أساسي هو هذه محاولات الهوية، يعني على عكس تجارب المنطقة العربية، يعني فيه بحث دائم للهوية والبحث الدائم للهوية وهذا كان موجود أيضاً بالشعر، يعني مثلاً إحنا نعرف أن تجربة السيّاب، والسياب بنفس فترة تجربة جواد سليم وغيرها، يعني فيه محاولة لتعزيز المكانة التاريخية الثقافية للبلد كجزء من مرجعيتك الحضارية الجديدة الآن موجودة وبالتالي الانتماء اللي لها ليس سهلاً يعني لا يمكن أنك أنت تجي أن تضع مفردات وخاصة بالرسم يعني تضع مفردات تعود لآلاف السنوات وتفترضها أن هذه مفردات حضارية يومية، وأنا شخصياً يمكن كثير تبدلت تجربتي بحكم العلاقة اليومية بالحياة، يعني بالأخير أنا أسعى إلى - إن كنت ناجح فيها أو لا – أن أقدم صورة لها جذور بشكل ما بالمنطقة العربية بحضارة المنطقة، وبالنسبة لحضارة المنطقة بالنسبة لي ليس العراق فقط، يعني أنا بالنسبة لي ما أنتجه الفن المصري ضمن فترة تاريخية من أجمل ما أنتجه العالم لأنه بالأخير الإبداع هو شيء إنساني، الانحياز انحياز إنساني، هناك عوائق تُقام بشكل ما ضمن ظروف معينة، هذا يعود إلى مجتمعات لا علاقة له بهذا الجانب يعني الجانب الإبداعي هو جانب إنساني.

أحمد الزين : بالسياق ذاته أنت يعني عملت على أكثر من مستوى بالتجربة يعني بدءاً من الجرافيك والحفر إلى الشغل على الحروفية إلى معالجات الكتل اللونية اللي عم نشاهدها الآن، يعني هذا التنوع في التجربة هو نتيجة بحث عن أسلوب، يعني نتيجة بحث عن ماذا؟ عمّ تبحث في كل هذا التنوع والانشغال؟

ضياء العزاوي: أنا يعني أنا شخصياً فنان يعني متفرغ يعني ما عندي، لا أدرس ولا أشتغل مع أحد.

أحمد الزين : تعتبرها نعمة هي أنت؟

ضياء العزاوي: إي وبالتالي لديّ الوقت الكافي لعمل أشياء عديدة، أنا أجد أن منطق كلمة الفنان لا تعني بمعنى ما إنتاج لوحة، كلمة الفنان هي..

أحمد الزين : عيش.

ضياء العزاوي: واسعة بشكل هائل يعني جزء من الحياة وجزء من المادة اليومية اللي تشتغل عليها، ولهذا أجد نفسي أنا بعض الأحيان أشتغل بالطباعة، أشتغل بالنحت، أشتغل بالرسم، هذه أشياء لا تحددني، هذه المفاهيم غير مقبولة بالمنطقة العربية، لأننا إحنا بالنسبة لنا بالمنطقة أنك أنت رسام فبالتالي إذن ترسم معناها.. يعني ما تعملها كده اعمل نحت ما أنت رسام أنت، يعني كلام محدود جداً وفيه فقر ذهني لا يُصدق، أنا شخصياً لا تعني لي كل الأشياء.

أحمد الزين : لم يقف ضياء العزاوي عند حدود حاسمة لتجربته، فمخزونه المعرفي واطلاعاته على نواحي تراثه جعلته يفيض في اجتهاداته، أما انحيازه الأخلاقي لقضايا الإنسان لم توقعه في مطبات اليوميات العابرة والتسطيح، كذلك لم يتعاطَ مع الموروث الحضاري كمادة جامدة بل حرّكها في فضاء لوحته التي أصبحت مرآة تتقاطع فيها ملامح الأمس بظلال الحاضر وبرؤى الفنان. طيب ضياء يعني أنت كما ذكرت بالبداية حملت معك عراقك إلى لندن، يعني وعاش معك في داخلك في وجدانك، يعني بهالمعنى شو أضافت إليك لندن على مستوى التجربة الفنية؟ يعني هذا الفضاء الشاسع في المدينة، هذه المدينة المنوعة المتعددة الأعراق والأجناس، شو أضافت لك؟

ضياء العزاوي: أضافت لي الكثير، يعني الشيء الأساسي أنا أمتلك حرية التنقل بشكل هائل، ليس التنقل بالمعنى الجغرافي فقط، لحرية الاتصال بكل منطقة عربية، لو كنت أنا بالعراق هذا كان أصعب.. أنا أتذكر أني أقمت معرض في المغرب وكنت في بغداد أنا يعني عملية وصول الرسالة، عملية ترجمتها للغة فرنسية وما أعرف فرنسي، فيه أشياء.. وبعدين كان دائرة الجمارك تتعاون مع العمل الفني على أساس بضاعة، بالتالي إذا طلعت 30 لوحة لازم ترجع فلوس مع 30 لوحة وتأخذ موافقة البنك المركزي وتأخذ.. يعني كلها مضيعة وقت كاملة.

أحمد الزين : شحنات سكر هيدي..

ضياء العزاوي: بالنسبة لي هنانا توجد شركات شحن، توجد شركات توضيب، كل شيء يتوفر وبالتالي..

أحمد الزين : حرية.

ضياء العزاوي: حرية هائلة للإنسان، حرية أني أنا شخصياً تجيني دعوة من مكان ما خلال يومين أقدر أعمل كل شيء أرسلها، هذا لا يوجد بالمنطقة العربية، ليس بالماضي حتى الآن يعني تجد عوائق لا تُصدق حتى تقيم لك معرضاً في مكان ما.

أحمد الزين : يعني بالنسبة للذائقة في لندن تعذبت حتى قدرت تخرق يعني هذا المجتمع إلى حد ما يعني ثقافته على الأقل المثقفين لنقل والعاملين في ميدان الرسم؟

ضياء العزاوي: لا.. يعني هذا ليس هو.. هو الخلاف الموجود هو في الجمهور أو مقتنين اللوحات.

أحمد الزين : مقتنين اللوحات نعم.

ضياء العزاوي: اللي يقتنون اللوحات يعني الغرب الأساس أن اللوحة هي جزء من توظيف مالي ليس فقط لأنه هو هذا العمل عجبة، في بعض الأحيان أصلاً ما له علاقة بالعمل الفني الموجود، أنه هو موضوع بعد عشر سنين خمس سنين ماذا يحدث لهذا العمل؟ يعني الفنان شو قيمته يصير بالأخير؟ ولهذا بالنسبة لهم أنه لم تعد اللوحة هي أساس الحكم، اللوحة بعدين هو التاريخ اللي يقول عليه شو معناها أو الجانب المالي مالتها، أنا مثلاً شخصياً أعرض كثير بفرنسا أو عندي جاليري صالة عرض هي تمثلني في فرنسا على صعيد أوروبي، أجد هناك أكثر قبولاً يعني المجتمع الفرنسي أكثر قبولاً للفنان غير الفرنسي لأن فرنسا مملوءة بفنانين من اليابان من بولتوريكو من كل مكان، على عكس إنجلترا يعني مثلاً.

أحمد الزين : شو سر انغلاق إنجلترا بريطانيا على الآخر؟

ضياء العزاوي: ما أعرف قد يكونوا هم عندهم انفتاح على أميركا أكثر، يعني لأن السوق الفنية أصلاً هي سوق أميركية، يعني رأس المال يدخل طرف.. يعني إحنا في لندن مثلاً لا تشاهد فناً ألمانياً كثير، لا تشاهد فناً فرنسياً كثير أو أسباني.

أحمد الزين : لأسباب سياسية فيها برأيك؟

ضياء العزاوي: ما أعرف، هل هي أسباب سياسية أو هي أسباب ترتبط بشكل ما برأس المال؟

أحمد الزين : أو بالتاريخ.

ضياء العزاوي: أو بالتاريخ، بيجوز بالتاريخ أيضاً..

أحمد الزين : طيب ضياء أنت أول خروج أظن لك من بغداد كان بأواخر الستينات سنة 1967 ربما أو 1965، 1967 إلى بيروت أقمت معرض واحتفلوا فيك أهل بيروت آنذاك، يعني شو ترك عندك هذا الخروج الأول من بغداد بعمل فني إلى الخارج؟

ضياء العزاوي: بيروت ست الدنيا مثل ما يقولوا، يعني بيروت كانت هي نافذة العراق أو نافذة مثقفي العراق سواء كانوا بالشعر وبالثقافة بشكل عام، الرسم كانت هي النافذة الحقيقية بالنسبة لي، وفي هديك الفترة كانت مثلاً بشكل أساسي جاليري وان أنه يجيب فنانين من السودان، فنانين من الكويت، يعني أول بلد عربي كان يحتفل بالفنانين غير..

أحمد الزين : غير اللبنانيين.

ضياء العزاوي: غير اللبنانيين وبشكل هائل، هذا لا يعني.. ليس فقط على صعيد الصحافة وإنما على صعيد الاقتناع، يعني أنه في ناس تمتلك مجموعات أعمال فنية عربية ليست لبنانية فقط، هذه السعة الحضارية لا توجد بالمنطقة بشكل ما، وُجدت فيما بعد بشكل صناعي يمكن، اصطناع بلاستيك، مادة بلاستيكية ما لها علاقة بشيء، هذا النوع.. هذا القبول وقبول بعض الأحيان مبالغ فيه بشكل ما يجعلك على ثقة بنفسك عملياً أو يجعل لك نافذة.. لم يعد العراق كافي، هناك نافذة أخرى تأخذك أبعد من المنطقة.

أحمد الزين : في الحلقة السابقة أخذنا ضياء العزاوي إلى منابعه الأولى في بلاد الرافدين حيث تخصّب وعيه وخياله من ذلك الإرث الحضاري، استلهمه لإيجاد معادلته المعاصرة، بوعي المبدع الذي شغلته مسألة الهوية، وتعرفنا عليه فناناً أدرك مبكراً كيف يمكن أن يوازي بين الموروث والمعاصر، بين الفكرة وكيفية التعبير عنها، بين السياسي والإبداعي، وبين الحداثة والتراث، وهو القائل في بيانه بيان الرؤيا الجديدة التي ضمت مجموعة من فناني العراق على أثر هزيمة 67 بضرورة تحدي التراث لتجاوزه وإعادة إيجاده من جديد باعتبار الإبداع هو كل جديد يتناقض مع الجمود، وقد نجد في تجربة العزاوي تلك الإشارات والعلامات الواضحة التي تشي بذلك والقائلة بالإفادة من التراث دون تقديسه، وبمحاكاة الواقع دون الوقوع في فخاخ الشعارات والتعبيرات المسطحة، وإذا كانت قناعة ضياء العزاوي بأن دور الفنان يتجاوز حدوده الإبداعية النخبوية منحازاً لرؤية جواد سليم آنذاك، فلقد بقي على الدوام يزاوج بين زمانه وأزمنة أسلافه، أسلافه القدماء مستعيناً بحسه وبتقنياته الباهرة وبوعيه وثقافته الواسعة لينتج معادلته الإبداعية الخاصة عربياً وعالمياً.نتابع مع ضياء العزاوي كلام عن محطات التجربة بعد محطة بيروت عام 67 وعن أمور أخرى لنستكمل معه تشكيل ملامح لسيرته الإنسانية والإبداعية. و أردنا التحدث عن محطات غيّرت في مسار التجربة أو أسست لتجربة أخرى، يعني هل من محطات بارزة تذكرها أو تتوقف عندها يعني كونت شي مختلف عند ضياء العزاوي؟

ضياء العزاوي: أعتقد يعني مثلاً المغرب أعطتني يعني لأنه المغرب بلد لما تقارن المغرب بالبلدان العربية الأخرى بلد الوحيد الذي تجد فيه هوية هائلة فيه أينما ذهبت، طريقة الحياة، طريقة المنظر الخارجي، فيه شيء على الرغم من وجود الثقافة الفرنسية أو الثقافة العالمية.

أحمد الزين : لأنها فيها شيء من الأندلس..

ضياء العزاوي: يعني فيها كل الأشياء اللي هي تغنيك وترجعك، أنا شخصياً عملت كثير أشياء استخدمت مراكش كفضاء اللي هو لخطاب لبغداد عملياً وهذا ما انتبه له في مرة من المرات أحد النقاد اللبنانيين، إنه في هذا الموضوع الكلام عن مراكش هو في الواقع أيضاً على بغداد، وهذا صح في جانب منه إنه لم أجد ما يقف مع بغداد غير هذا العالم، عالم آخر يعني مثلاً مراكش مثل البصرة بدون ماء إذا صحت الكلام، يعني فيها كل شيء يدلك على عمق تاريخي، على وعيي بجانب إنساني هائل وغني حتى على صعيد المثقفين، يعني كل الكلام الموجود من ثقافة أوروبية فيه تحدي هائل للهوية، يعني مثلاً عندما اقترحت على الصديق محمد بن نيس أن نعمل مشروع كتاب ابن حزم الأندلسي في الألفة والإيلاف، يعني هذا مشروع كان في الواقع هو إعادة كتابة نص أندلسي هذا ما نحتاجه، هذا التحدث الهائل إنه أنت تجي على مادة تاريخية موجودة أن تقلبها وتحولها إلى جزء من حياتك اليومية يعني هذا ما حصل معاي مثلاً عند ما عملت المعلقات، المعلقات لم أعملها في بغداد، ما كانت المعلقات معي في بغداد بشكل ما حصلت معاي هنا لأنه أنا استدليت عليها..

أحمد الزين : بتقديرك يعني هيدي الغربة هي اللي خلتك تفطن أو هذا البعد ما بدي سميه غربة هذا اللي خلتك تفطن لأمور كثير في التراث وفي الذاكرة؟

ضياء العزاوي: هذا 100% 100% جعلتني أنتبه لأشياء لم ما كنت أنا أهتم بها، يعني أنا مثلاً رحت كم مرة إلى القاهرة أول مرة أروح أروح للمتحف المصري لقاعات أخناتون هائلة هائلة أنا بالنسبة إلي لا تصدق.

أحمد الزين : أنت منذ وقت طويل تشتغل على أعمال شعرية تراثية شي قديم وشي حديث، يعني بأي هاجس جئت إلى هذا الموضوع؟ هل هو كان نتيجة هيك استلهامات من المنمنمات في المخطوطات وأنت هاوي المخطوطات يعني؟

ضياء العزاوي: انتباهة جميلة هذه أيضاً المخطوطات هذه جزء مما حصلت عليه في الغرب، يعني بالعراق ما كان موجود هذا النوع من الأشياء، عملياً انتباهي للشعر يمكن هو جزء من مادة فيها غنى روحي، يعني أنا كنت عملت على الحلاجة وعملت على أسطورة جلجامش كل هذه جعلتني بشكل ما أنتبه لجملة أشياء هي إنسانية، يعني بجانب ما عندنا إحنا مادة تاريخية هائلة تكون أن تكون جزءً من إنساني، أنا شخصياً مثلاً بـ 68 عندي كتاب مخطوط ولحد الآن معاي هو عن مقتل الحسين، يعني الآن إذا أتحدث عن مقتل الحسين أتحول إلى مشروع طائفي عملياً، أنا بالنسبة إلى مقتل الحسين هو هذا النوع هو هذا الإثارة، هذا اللي هو الدفاع أو هذه الحرية، هذا المنطق أنا بالدفاع عن حقه، إحنا حولناها إلى شعارات لطم وشعارات بكاء هذا لا.. هذه مغايرة كلياً من روح التجربة.

أحمد الزين : ضياء العزاوي حداثي تراوده معلقات جاهلية ونصوص غارقة في سكينتها التاريخية، فيعيد تحريكها وحياكتها وفق منظوره الخاص، إنما بلغة اللون والضوء ويسميها دفاتر، وكأن فضاء لندن جعله أكثر تعلقاً بإرثه وحضارته، وأكثر حماسه لتلك المخطوطات خلف زجاج المتاحف، وقد قادته تلك الحماسة إلى إنتاج عدد كبير من المجلدات التي ابتدأها بتحية لجواد سليم، وتبعها بعد ذلك بسلسلة تناول فيها نصوصاً تراثية بدءاً من جلجامش إلى المعلقات السبع، فالحلاج وصولاً إلى الجواهري والسياب وكبار شعراء العرب المعاصرين، وكأنه في ذلك يقوم بقراءة لتلك الأعمال مثلما يفعل المؤلف الموسيقي في قراءاته لأعمال خالدة.

ضياء العزاوي: يعني بالتأكيد النص الشعري هو نص موروث يعود للمنطقة بشكل كامل، شخصياً أنا ما عندي هذا الانحياز بشكل ما بمنطق عراقي أنا عربي بالأخير ولدي ثقافة تمتد من تطوان إلى عُمان عملياً، وبالتالي نجد في مثلاً الجزولي مثلاً متصوف مغربي ما أجده في الحلاج، هذا النوع من المزاوجة الموجودة على خلافاتها هي مزاوجة غنى، ولهذا أجد هذا مثلاً عندما عملت بداية بالمعلقات اللي هي إحنا نصوص نحفظها تاريخياً من نحنا أطفال ليست جزءً من حياتنا اليومية مع الأسف، ولم ينتبه لها لا العمارة ولا انتبه المصممين الداخليين مثلاً، يعني أنت أنا شخصياً أجد مثلاً شي من المعلقات هذه موروث يُفترض بالعمارة الرسمية يعني..

أحمد الزين : تستلهم أن تستلهم منه شيء..

ضياء العزاوي: لا يوجد شيء من هذا النوع، بالعكس نجد إحنا أدوات أوروبية يعني أتحدث أنا أتذكر هذا شو اسمه الجزراوي مثلاً يتحدث عن الأمة العربية، ويتحدث عن كل الكلام الفاضي مالته وهو جالس على مجموعة أثاث أوروبياً لا علاقة له بتراثه قطعاً، يعني فيه شي تناقض خرافي بهذا المعنى، أنا شخصياً أحاول بقدر الإمكان أن يكون هذا الموضوع جزء من حياتي اليومية، أنا عملت على وأجمل ما قاله في حينها محمود أنا.. عملوا معرض استعادي في باريس لأعمالي كان جزء من الأعمال المعروضة أحد الدفاتر أنا أسميها الشعرية اللي هي نسخة واحدة لأدونيس، كتب لي ورقة في حينها قال لي بشكل ما إنه بشهادتي للمعرض عملتني أكثر قدرة في المقاومة يعني بمعنى ما إنه هذه المزاوجة في الغنى..

أحمد الزين : قصدك محمود..

ضياء العزاوي: محمود درويش إي.. لا لا محمود درويش..

أحمد الزين : هذا خلال تكريمه..

ضياء العزاوي: بالمعرض المقام في باريس، اللي أعنيه هو بشكل ما هو وضع إصبع على هذا النوع، إنه الحوار هو اللي يغني، الحوار هو اللي يجعلني أنا أقوى وأنت قوي يعني بشكل ما، ولهذا أنا أجد تقديم هذا النوع من النص سواء كان لأدونيس أو محمود درويش أو للمعلقات هذا هو بشكل ما انحياز لإبداعهم أيضاً يعني أنا شخصياً يعني أسهل لي أعمل شيء لنوركا مثلاً أسهل لي أوروبياً، أنا من أعرض لأعمال أفترض أدونيس وبجمهور معين لا يعرف من أندونيس ما لي علاقة بشعر اسمه بشعر عربي مثلاً، بصرياً أنا مثلاً عرضت في كندا فيها نصوص لحليم بركات "طائر الحوم" في حينها دُهشت في النص اللي عملها لأنه مستخدم الطائر كأداة للحنين اللي تصوره على سورية لعلاقته بوطنه، أنا نفس الشيء استخدمته العملية، ففي سيدة وجدت بعض الكتابة عربية، فسألتني شو الكلام هذا الموجود؟ قلت لها ياها بالإنجليزي أخذت كل الأعمال لأنه فيه جانب إنساني في يعني أنت لا يمكن أن تفصل نفسك عن ما هو موجود حولك، يعني مهما تكون بالأخير هناك آلاف المنفيين آلاف المهاجرين اللي تجدهم في كل مكان بالعالم يكونون معك.بالنسبة إلي هو الطير سفر، والسفر هو اكتشاف..

أحمد الزين : على طريقة النواب سبحانك ربي حتى الطيور لها أوطان..

ضياء العزاوي: لا يعني السفر يخليك تكتشف نفسك، تكتشف علاقتك بالآخرين، وبعدين يجعلك أكثر تواضعاً، أكثر تواضعاً لأنه يعني أنا مرة التقيت بفنان جداً معروف في مكان ما مطعم اللي هو فراسس بيكر فنان إنجليزي معروف جداً وبدينا نتكلم عن.. أنا بالنسبة اللي هذا كنت أشوفه بالكتب يعني فالشي مثل أيقونة، وإذا به رجل متواضع لا علاقة له بهذا الإبداع الهائل اللي موجود إله، بينما نجد ببعض الأحيان بعض الفنانين عندنا أنهم أهم من كل شيء..

أحمد الزين : وهذه تنطبق أيضاً بالسياسة يعني الناس أحياناً يساهمون في دفع حكامهم نحو الألوهية وهمّ ما يكونون منتبهين.. والفنان غالباً ما يكون منتبه إنه هو عظيم كثير فيعظموه بيبطل يعرف يرسم.

ضياء العزاوي: وهذا بالضبط عالحاكم لأنه يكون أسوأ لأنه يجد نفسه منزه يعتقد إنه نفسه هو يعني شخص أهم من كل شيء، وبالتالي يغلط وغلطه يصير مثل كارثة.[فاصل إعلاني]

أحمد الزين : طيب ضياء في هالمحترف أيضاً الواحد يشاهد طبعاً اللي يلفت أول شيء التنوع بالأشياء، ولكن هناك بعض المجسمات بأحجام مختلفة، هل هذه هي من إيحاءات قديمة يعني لها علاقة بالذاكرة العراقية القديمة السومرية مثلاً البابلية؟

ضياء العزاوي: جزء منها مسلات، أنا بسميها مسلة والعراق كان مملوء بالمسلات، مسّلة يعني مشهور بها يعني مسلة حمورابي القانونية، لكن فيه أشياء كانت توضع على أساس كأنه مثل أحجار الحدود بشكل ما، أنا بالنسبة إلي هذه يعني تطورت بشكل ما لأن تكون أداة حديثة، الآن مثلاً أنا مكلف بشيء أعمل مسلة كبيرة بحدود ست أمتار لمعرض رح يقام بالمتحف البريطاني، فسوف معرض عربي لفن عربي فكُلفت أنا لعمل أساسي بالمدخل إنه أعمل شيء معين، فأنا عملته مسلة، أتصور هسة الآن رح اعملها بمادة الرزن وأشياء أخرى، يعني هي مادة كتصور أولي إنه أنا هذه اللي أريد أعملها، واستخدمت فيها نص لأبو فرات "يا دجلة الخير" يعني فيه شيء من لأنه فيها يعني نص أنا أردت هذا بالواقع إنه النص من عند ما يُقرأ بالإنجليزية بشكل ما جزء منه مترجم بالإنجليزية، أيضاً يترجم إنه هو فيه شيء إنه هذا حديث منفي حديث واحد ما موجود على شيء مكان بعيد..

أحمد الزين : جميل كثير هالاستذكار هالاستحضار على سيرة الجواهري أنت تربطك بالجواهري علاقة ود على ما أعتقد يعني..

ضياء العزاوي: وعلاقة احترام وإعجاب..

أحمد الزين : إعجاب شديد من الطرفين، طبعاً أنت ربما يعني وفاء له كرمته أيضاً بدفتر ولكن دفتر ضخم.

ضياء العزاوي: لأ احتراماً له مش وفاءً أنا كنت أتمنى أعمل أشياء كثيرة، لكن المعوقات جانب منها فيها جانب شخصي.

أحمد الزين : ضياء يعني اللي يشاهد لوحاتك فيه نوع هيك من الصراع بين اللونية والخطوط، يعني بتقديرك هو هذا انعكاس لما يدور في نفسك؟ أم هو نتيجة رؤيا معينة فنية أم ماذا؟

ضياء العزاوي: لا هي جزء حتماً من ضغوط نفسية وروحية على.. يعني بالأخير الفنان مثل شاعر مثل لأنه لا يمكن أن يُنتج عملاً بخارج مناخه الروحي لا يمكن، يعني لا يمكن لواحد أن يشاهد كل المأساة التي تحصل في المنطقة ويجد نفسه خارج هذه المأساة لابد أن يكون جزء منها بشكل ما، لكن بنفس الوقت طبعاً هناك محاولة لتطوير عملي باللوحة بشكل ما بالمعرفة..

أحمد الزين : يعني اللوحة أحياناً تكون مرآة لتلك الصراعات..

ضياء العزاوي: أكيد يعني كنت أتمنى كنت لما سجل اللوحة من تبدأ إلى ما تنتهي حتى يشوف كيف تتغير عشرات المرات.

أحمد الزين : يقول زياد دلول في تجربة ضياء العزاوي على خشبة مزج ألوان العزاوي ترى عجائن الإكريليك وزيت الكتان ممزوجة بأحبار الشعراء نعرفهم، كما ترى ملفات لبابل وأشور والواسطي، وكتابات عن العرب وعن الاضطراب، تسمع حداء عراقياً، وقامات حزن تعرفه وتلحظ حواراً مع ماتيس بلغة عربية، يرغب العزاوي في أن تكون لوحته شيئاً لا صورة، والشيء في فلسفته التشكيلية مادة قابلة للمس كما هي قابلة للرؤيا.كثار اللي كتموا عن تجربة ضياء العزاوي، هل استطاع النقد العربي يعني متابعة شغلك كما ينبغي؟ يعني هل واكبها مظبوط؟ هل أفادت التجربة النقد أم هي يعني فقط في..؟.

ضياء العزاوي: لا أعتقد لأنه شخصية مثلاً أفترض من 76 لحد الآن الحديث عن تجربتي من قبل النقاد هي تجربة حديث ناقص، لأنه في الغالب يكون الكلام على معرض معين لسنة معينة، يعني أنا أتذكر مرة المرحوم شاكر حسن كتب على معرض كنت أنا قائمة هو كتب عليه بعد 16 سنة اطلع على الكتالوج وصله الكتالوج بشكل ما فيه كتب عليه، يعني هذا بالنسبة إلي بالتأكيد وهذه جزء من انعدام التوثيق الموجود بالمنطقة إنه أي واحد الآن اللي يقول أنه يعرف عن شغلي هو ما بيعرف لأني أنا عندي أشياء كثيرة غير معروفة..

أحمد الزين : وأنت تلعب دور الناقد لتجربتك؟

ضياء العزاوي: أحاول أحاول..

أحمد الزين : تاخذ مسافة يعني مثلاً..

ضياء العزاوي: يعني أحاول يعني أنا شخصياً عندما ألغيت استخدام الحرف العربي من لوحتي هو تحدي بالواقع، يعني لحد الآن أنا أسخاص يطلبون مني عدة لوحات فيها حروف عربي ما عندي، يعني هذا جزء منه بالغواية، غواية السوق يعني أنت تشتغل للسوق أنا بالنسبة إلي..

أحمد الزين : خفت من هذه أن تقع في هذه الغواية..

ضياء العزاوي: وبالتالي أنا..

أحمد الزين : تتحول يعني إلى رسام إلى رسام على الطلب يعني..

ضياء العزاوي: سهلة إلى مادة سهلة، وبالتالي هذا ما يقدم قناعة لي يعني أنا شخصياً أحب أن أوجد نوعاً من التحدي مع شغلي.

أحمد الزين : وطيب هذا يعني هذا الإغراء المالي إن صح التعبير يعني فيه عندك تعويض عنه يعني أنت عايش مرتاح يعني بترتاح من وراء شغلك..

ضياء العزاوي: أنا عايش مرتاح أنا عايش بشكل هائل.. لا أنا أمتلك أدوات وإمكانيات اللي أقدر أعيش فيها بشكل خارج..

أحمد الزين : لذلك لا تخضع لرغبات السوق..

ضياء العزاوي: لا تعني لي رغبات السوق ولا تعني لي ضغوط العمل، وهذا شي أنا يمكن محظوظ قياساً للآخرين.

أحمد الزين : طيب ضياء أنت تحس نفسك هنا في لندن إنه أنت مضطر حيناً أو أحياناً تكون يعني تدافع عن هويتك بطريقة أو بأخرى يعني خاصة يعني بعد.. أو عن صورتك كعربي خاصة بعد ما حدث في هذا العالم يعني..؟

ضياء العزاوي: أكيدة يعني هذا هو كان ما حدث في أميركا 11 سبتمبر أو ما يحدث الآن موجود إنه بالأخير أنت شكلي أنا عربي بالأخير وموقف معين بالتالي وما كان الموقف هيك..

أحمد الزين : نعم طيب ضياء العزاوي يعيش في لندن منذ أكثر من 30 سنة يعني طبعاً هيدي تجربة السنوات المطحنة الهائلة بتخلي الواحد يمكن يرجع يفكر بالهوية شوي، بالانتماء إلى حد ما بمعنى الانتماء معنى الأوطان معنى الهوية ومفهوم المكان يعني من أنت اليوم؟

ضياء العزاوي: أنا لا زلت فنان عربي يعني هذا موجود ضمن الساحة العالمية لكن أنا بالأخير كل مراجعي الأساسية وانتساباتي كما قلت من السهل لي أن أعمل عن لوركر وأحب أعيش أشعار لوركر لكني أجده أصعب لي إنه بدل ما أتحدث عن واحد آخر أدافع عنه بشكل ما ثقافياً إنه أعمل مع شاعر عربي يعني هي تجربتي جزء من التجربة العربية، ولا تعنيني إن كنت جزء من التجربة العالمية وهذا كله كلام صحافة لا تعني شيء كثير، لأنه الواقع الإنساني أنا يهمني إنه لما أعرف في أي مكان في أوروبا وعامل كفنان مهني وبمستوى أي فنان أوروبي موجود هذا اللي أنا وإحنا عندنا فنانين عرب من يمتلكون هذه الإمكانيات الهائلة بالتأكيد، بالتأكيد لكن هو الساحة العالمية وعملية المعارض ليست بالسهولة اللي يفترضوها الآن آخرين كثير فيه مصالح عديدة، يعني الآن أسهل أني أقيم معرض في أميركا أنا كنت صعب علي أحصّل فيزا عندما كان عندي جواز سفر عراقي من الصعوبة أحصّل على الفيزا، الآن يعني عندي جواز سفر إنجليزي محترم محترم.. حتى المنطقة العربية وهو عمل مخجل، مخجل إنه هو حتى كنت أتحدث مع أصدقاء إنجليز إنه تتغير هويتي بمجرد يتغير لون الجواز إنه أصير أنا حضاري لأنه أنا جوازي إنجليزي كان قبل هيك.. شيء مؤسف..

أحمد الزين : كما ذكرت تصبح محترم أكثر في بلادك..

ضياء العزاوي: في بلادي..

أحمد الزين : وليس في..

ضياء العزاوي: كثير يعني في المنطقة العربية ما حدش يقدر يسألني كلمة.

أحمد الزين : عندما يعني يراودك الحنين أو الشوق إلى أين يراودك؟

ضياء العزاوي: كنت أتمنى يعني إذا صح التقاعد مثل ما يقولون وهذا لا يمكن يعني أن أرجع لبيروت أيوا بيروت..

أحمد الزين : حلو كثير هالخيار، بس لصالحي هذا منيح..

ضياء العزاوي: يمكن هو انحياز لبلدك لكن بيروت شي آخر..

أحمد الزين : طيب بعد كل هالتجربة الغنية اللي بلشتها مبكراً يعني جداً تحس إنه حققت أنجزت مشروعك أنت؟

ضياء العزاوي: لأ..

أحمد الزين : دائماً بتحس إنه هناك شيء..

ضياء العزاوي: لا زلت أنا أتمنى أن يكون عندي سنوات أكثر حتى أنجز أشياء..

أحمد الزين : تحس حالك إنك ضيعت وقت؟

ضياء العزاوي: إي ضيعت كثير جزء منها عند مغادرة العراق..

أحمد الزين : وما عندك رغبة تعمل معرضك الكبير في بغداد ذات يوم؟

أحمد الزين : ليس الآن، العراق الطوائف دويلات الطوائف لست منها لست منها قطعاً أنا أتمنى إنه أعمل معرض كبير في بغداد وتحية لمدينتي، لكن يعني بنفسي ما قدرت، في الوقت الحاضر لا يمكن بالعكس الآن يبدو لي عندي موقف أكثر حدة، أو مثل ما يقولون: "هذا العراق أحبه صحواً وإن غامت لياليه" أحبه كذلك.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق