أحمد علي الزين: المغرب دائماً هناك ما يناديك ويدعوك للتأمل، هو سر المدن العتيقة وسحرها.. عبق من ماضٍ طيف رحالة أو عاشق وحضور باذخ للتاريخ. هو المغرب في كل مرة تكتشف نفسك في المكان أو تختبرها في هذا الحضور الغاوي، وفي كل مرة يقوم عقد من الود بينك وبين مدينة وبين إنسان أيضاً، ويعلو منسوب الحنين ببعد غامض نحو شيء غامض يبدأ بالوضوح حين تزين الأشياء بميزان الزمان تلك هي لعبته. في المرة هذه تطوان طائر بين جبلين يسموها الحمامة البيضاء، يبدو أنها حطت هناك يوم غادروا غرناطة أيضاً هذه لعبة التاريخ والأمم. أما لعبتي هي أن ألتقي بواحد من أهل هذا المكان. هذا الرجل النحيل واحد من أهلها عبد الكريم الوزاني، وعبد الكريم يعتقد أنه ما زال طفلاً ربما بعض الناس في المدن العتيقة ينتابهم هذا الإحساس لشدة الفرق بين أعمارهم وعمر الأمكنة، ولكن أن يبقى المرء طفلاً تلك نعمة لأن المكان يبقى ساحة ممكنة للعب، فكيف بالنسبة لفنان يصنع ألعاباً واقفة ما بين السهل والممتنع؟ من أين أتى ذلك الكم من الطفولة في أعمالك؟
أحمد علي الزين: أول شيء يلفت الانتباه في أعمالك وحياتك وبيتك اللي هو بيتك في معهد الفنون الجميلة في تطوان ذلك الكمّ من اللعب والطفولة والعفوية والحب أيضاً، من أين جاء إذا بدنا نسميه؟ كل ذلك من أين أتى؟
عبد الكريم الوزاني: أتى بشيء طبيعي جداً، أنا عندما كنت طفلاً كنت ألعب في حدائق مدرسة الفنون الجميلة، بحيث العلاقة اللي عندي مع الفضاء هي علاقة طفولة أنا أسير معهد الفنون الجميلة لكن بطريقة طفولية كذلك، بحيث الصدق والحب يجعل الناس اللي ينظروا لي في المعهد يشتغلوا يعني كذلك يردوا لك الحب ولك الصدق، وهناك أجمل شيء في الإنسان هي الطفولة عندما ينسرق عن الطفولة تتحول الأمور إلى تقنيات وإلى أهداف أخرى أهداف..
أحمد علي الزين: تفقد مصداقيتها، بتفقد الحب يمكن.
عبد الكريم الوزاني: تماماً، أجمل شيء في الدنيا هو الحب وهو الإخلاص هو الصدق.
أحمد علي الزين: تفتعل جهد أحيان يعني كي تبقى طفلاً أم هي لحالها تبقى؟
عبد الكريم الوزاني: أنا أحياناً أتقمص دور الكبير دور الرجل الكبير..
أحمد علي الزين: يعني أنت طفل تتخفى بجسد..
عبد الكريم الوزاني: بالضبط، أتقمص هذه الشخصية وأجد صعوبة كبيرة، بحيث الطفولة هي شيء عفوي شيء يومي، حتى علاقتي مع أولادي هي علاقة طفل مع طفل، يعني أحياناً نتشاجر كالأطفال.
أحمد علي الزين: وكنت ترسم وأنت صغير نفس الأشياء؟
عبد الكريم الوزاني: لا بالعكس..
أحمد علي الزين: كنت ترسم أشياء جدية أكتر..
عبد الكريم الوزاني: لأ مش جدية، كنت طفل.. جميع أطفال العالم يرسمون نفس الشيء إذاً هناك تقارب.. يعني كالإنسان الإنسان دائماً طفل في العالم ما عندوش مشاكل، أما عندما نكبر أشياء تفرض علينا النظام والتقاليد والعادات والأشياء اللي هي موروثة يجب أن نكون موديل كجميع الناس، أي إنسان ولو كان جاهلاً ولو كان أمياً إلا وله طاقة كبيرة مخزون كبير يتدفق إذا كان متحرراً.
أحمد علي الزين: يقول وزير الثقافة السابق الشاعر محمد الأشعري في أعمال عبد الكريم الوزاني لقد تساءلت دائماً بخصوص عبد الكريم الوزاني عن تلك السهولة التي يقبل بها إدراج أعماله تحت عناوين تبدو بديهية تماماً الطفولة، اللعب، الهشاشة، الزهد، الحميمية والتقشف، معتذراً تقريباً عن كون الأمر هكذا وليس بشكل آخر، بينما يمضي عمله دائماً إلى أبعد من هذه المسارات الجاهزة. طيب أستاذ عبد الكريم البعض يسميك بيكاسو المغرب هل يروق لك هذا يعني تروق لك هذه التسمية تستأنس بها يعني؟
عبد الكريم الوزاني: هناك من يسمي بيكاسو هناك من يسمي كالدير، هناك من يسمي نيرو وهناك عدة تسميات، هناك أظن بأن الأسماء الكبيرة اللي أنا كفنان يعني صغير جداً بالنسبة لهذه الأسماء اللي هي كبيرة جداً، هدول ناس كانوا متحررين وكل واحد اشتغل بطريقته الخاصة، والإنسان جميع الأطفال في العالم يتشابهون وكذلك الإبداع يمكن أن نجد كذلك فضاء من التشابه، يعني مش التشابه بالتقنية بل تشابه الإحساس.
أحمد علي الزين: بتقديرك كيف الفنان يعثر على أسلوب بيصير يتميز به مثلما تتميز أنت بأسلوبك هذا اللي شاهدناه، كيف يعثروا عليه؟ هو نتيجة صدفة أم نتيجة ميراث لقى نفسه موجود أكثر بهذا الشكل من سواه في هذا الأسلوب من سواه؟
عبد الكريم الوزاني: أنا متيقن ومتأكد بأن الطريقة اللي كنا نشتغل بها الآن هي طريقة موروثة، لأني عندما كنت صغيراً جداً كانت جدتي فاطمة علوية كانت تحكي لي حكايات شعبية يعني شحنتني بالخيال، وعندما درست في تطوان وذهبت إلى باريس كي أدرس، يعني عندما كنت في باريس كنت أرسم لوحات قاتمة ألوان رمادي وأسود، تشبه المناخ الباريسي تماماً، وعندما رجعت إلى تطوان المدينة التي غادرتها إلا ثلاثة سنوات في حياتي عملت معرض في الهواء الطلق أنا ومجموعة أصدقاء لي كنا مضطرين نعلق لوحات داخل الفضاء اللي هو عمومي، في السنة الأولى كلنا طلبنا وعلقنا فيهم اللوحات، طبيعة اللوحة كعمل في مكان فضاء خارجي ما عندها حتى معنى.. إذاً هذا معرض الرابع لمدة خمس سنوات، المعرض اللي إجا بعد الرابع اتفقنا إنه نعمل أشياء مجسمات ونعملها في الحديقة عملنا وحدة بقرة ترعى، وأشياء..
أحمد علي الزين: تتآخى مع الفضاء.
عبد الكريم الوزاني: تماماً، والزوار اللي كانوا يجون لهذا المعرض الرابع هم أطفال، أما الكبار كانوا يظنوا بأننا خارجين عن التقاليد وعن المألوف، كانوا يأخذون الأشياء بدون جدية، والأطفال كانوا يجوا لعنا ونلعب معهم، أنا بالضوء وبالألوان اللي كانت هديك الساحة ثم الأشياء اللي انطلقت.
أحمد علي الزين: طيب إذا بدنا نسأل كيف بدأت رحلتك مع هذا العالم مع التشكيل بشكل عام؟ يعني كيف برمت دارت العجلة اللي أنت دائماً بشوف فيه عجلات بشغلك ودوائر كيف بلشت هذه الحكاية؟ مثلما عرفت إنه أنت طفولتك تقريباً كانت في هذا المحيط، مدرستك الابتدائية كانت هنا، وأهلك كانوا يمكن الموجودين في هذا المكان، كيف بلشت اللعبة؟
عبد الكريم الوزاني: أنا متيقن ومتأكد بأنني فنان صدفة، بحيث لو ولدت في فاس ولا في مراكش ولا في أغادير ربما احترفت شيء آخر ما عنده علاقة، أنا ما دمت أنا عايش الدار اللي تربيت فيها هي مئة متر عن المعهد، المدرسة الابتدائية إلى خمسين متر، أنا هنا الآن ساكن في المعهد، إذاً بالنسبة لي الصدفة هي اللي جعلتني أتواجد في فضاء معين كي أمارس هذا الفن، وبالنسبة لي الفن لم يكن يعني وراؤه هدف يعني احترافي بل شيء كان يهويني بأني ما كنت فالح إلا في الفن إلا في الرسم، يعني في المواد الأخرى وقت كنت أدرس المواد الأخرى كنت ضعيف فيها، أما القوة لي في الرسم كنت أرسم في الجدران، يعني هذه الأشياء هي في الحقيقة صدفة..
أحمد علي الزين: بدأت معك بالطفولة..
عبد الكريم الوزاني: أما الرموز اللي اشتغلت عليها مثلاً الطير، العجلة التليفون، السمكة، هذه رموز.
أحمد علي الزين: شو حكاية هذه العجلة؟ إذا بدنا ناخد مثلاً العجلة عجلة الدراجة.
عبد الكريم الوزاني: عجلة الدراجة هي شيء جميل بالنسبة لي الدراجة كانت دائماً تهويني..
أحمد علي الزين: تدور.
عبد الكريم الوزاني: تدور يعني تدور يعني الروتين تلك الدائرة المغلقة يعني تدور على نفسها وكانت دائماً تدور في نفس المكان، ولكن بعد..
أحمد علي الزين: وربما تحملك إلى مكان آخر..
عبد الكريم الوزاني: بطبيعة الحال السفر كان القطار عملت قطار يعني مدة طويلة القطار، هذه أشياء رحلة من مكان إلى مكان آخر، الرحلة اللي هي الرحلة لا واعية ربما أريد أن..
أحمد علي الزين: للأمكنة والأزمنة.
عبد الكريم الوزاني: وأغلب لوحات لي اللي كنت عاملها تقريباً من 15 سنة هي علاقة الرحلة الآن إلى آلاف السنين في المستقبل، يعني كيف ستتحول الأرض؟ كيف سيتحول الإنسان؟ الأشياء التي ستمطر، السمكة غالباً أن نجدها في وضعية ميؤوس منها يجب أن نحافظ عليها بأن هذا الشيء التاني سوف يندثر إذا لم نحافظ عليه، وفي عدة لوحات السمكة موجودة في إناء وفيها الماء وكانت تسبح ولكن ماشي من مكان إلى آخر كي نحافظ عليها.
أحمد علي الزين: طيب هذا القلق اللي له علاقة يبدو بالوجود من خلال شغلك هذا، تهجس دائماً بمستقبل الإنسان بمستقبل الأشياء، من أين أتى هذا القلق يعني؟ يعني أنت مسكون بهذه الأسئلة الكبرى؟
عبد الكريم الوزاني: ربما يرجع ذلك إلى حكاية الجدة، دائماً هناك قلق، دائماً هناك مغامرات، هناك خوف من شيء وفي الأخير تكون مفاجأة جميلة. مشكلة الكرة الأرضية بصفة عامة ويش المشكلة.. نتكلم عن الحروف وعلى البيئة وهذه الأشياء كاملة، أنا خلقت نوع من الخوف..
أحمد علي الزين: على هذا المستقبل على هذه الأرض.
عبد الكريم الوزاني: على هذه الأرض الجميلة اللي..
أحمد علي الزين: اللي نفسدها أحياناً.
عبد الكريم الوزاني: نفسدها، وعندما سيندم الإنسان غداً تكون أشياء ربما نفذت.
أحمد علي الزين: عبد الكريم الوزاني لا يبذل أي جهد في تبديد الإيهام الذي يلفه حول أعناقنا، إننا نرى منذ سنوات أسماكه المعدنية والحشرات الزاهية والمركبات الجامدة والأحذية الضخمة التي تقف عليها الكائنات الدقيقة حالمة، نرى المظلات والكؤوس المليئة التي تترسب في قعرها كلاب ضالة، نرى العجلات التي تفتح أذرعها للريح
أحمد علي الزين:وأسلاكه التائهة لا تربط أحداً بأحد، نرى الأزرق البحري وأزرق السماء المتوسطية أحمر شقائق النعمان والبرتقالي والبني والأبيض الجيري، والزرقة النيلية، نرى كل ذلك نقول أي قدرة على الاحتفاظ بروح طفولة عارمة، أي قدرة على اللعب؟ فيرد عبد الكريم وهو مرتبكاً وبابتسامة مقتصدة أيوا، محمد الأشعري.
أحمد علي الزين: يشتغل الوزاني بمواد غير نبيلة، قضبان معدنية، أسلاك، أخشاب منتقاة أو ملتقطة من سديم الصدفة، وينغمر في تنبيلها بإيقاظ الأرواح الكامنة في انطفائها الأبدي، فيختلق لها أجنحة غير مرئية أو يشحنها بملامح أو بخطوات أو بمجرد التماعة مازحة، وكأنه يريد أن يجعل من ديناميكية الأشكال الإمكانية الوحيدة للقيمة الفنية ليس فقط بما هي دلالة بل أيضاً بما هي قيمة جمالية. ويدرك الوزاني أيضاً أن التأرجح بين الأكثر صغراً أو الأكثر ضخامة هو نوع من السفر الداخلي، تأرجح بين الخواء والامتلاء بين الامتداد والانحسار، مثلما يدرك أن التمديد والتقليص وجهان لصورة واحدة صورة الكثافة المثلى التي تجعل الشكل نفسه مادة مكتوبة، محمد الأشعري.
عبد الكريم الوزاني: هذا عمل كذلك يعني يتحرك هذا، هذه بقرة ترعى، يتحرك، بقرة، بقرة حلوبة آه الحليب أخضر، هذا الحليب أخضر عندنا.
أحمد علي الزين: يعني أدوات بسيطة.
عبد الكريم الوزاني: أدوات بسيطة تماماً تماماً، ما أصعب الأشياء البسيطة جداً.
أحمد علي الزين: الملاحظة أيضاً بشغلك هي تلك الأشياء اللي بيسميها محمد الأشعري تلك الأشياء غير النبيلة اللي سماها بين هلالين المعادن اللي ممكن الإنسان يعثر عليها في أي مكان، أنت تصنع منها أشكال وألوان تصنع منها أحياناً بقرة، أحياناً دراجة، أحياناً مثلما شاهدنا في مدخل المعهد تلك التحية.. الحبل إلى آخره، يعني أنت ماذا تريد أن تقول إنه تلك الأشياء يمكن أيضاً أن نجعل منها تلك الأشياء المهملة ممكن الإنسان أن يجعل منها أشياء جميلة؟
عبد الكريم الوزاني: لأن الأشياء النبيلة المواد النبيلة هي فكرة إغريقية، هناك الرخام، هناك البرونز، هناك الذهب، يعني الحضارات هي اللي حددت الأشياء النبيلة، عندما مثلاً أنظر إلى الأشياء الموجودة حوليك كل شيء نبيل، ما معنى الأشياء النبيلة؟ هل القطعة من الحديد هل القطعة من القماش المرمية ليست بنبيلة؟ أنا لا أعترف بالمواد النبيلة، كانت في أولمبياد ما نعطيش الجائزة اللولية الميدالية الذهب، وميدالية البرونز يعني تحديد درجات بالمواد النبيلة هذا شيء الإنسان اللي يحدده، والإنسان كان إنسان آخر حر إنه ما يبقاش محدد بهديك الفكرة لأنه الجماعة قالت ليست بنبيلة، يعني كل إنسان يمكن يشوف النبل في الأشياء المنسية الأشياء..
أحمد علي الزين: تنحاز للأشياء التي قد يتلفها الزمان.
عبد الكريم الوزاني: تماماً، لأن الأشياء اللي يتلفها الزمان قد تكون عندها حياة، عندها ولادة وعندها حياة ومن بعد مرحلة الموت.
أحمد علي الزين: فتأتي أنت تجمعها وتولدها.
عبد الكريم الوزاني: تماماً.. أحبها لأنها من الأشياء اللي عاشت، أما مثلاً الرخام اللي هو مادة في النحت نبيلة تبقى دائماً الزمن ما يؤثر فيها، إذاً ما تلقى فيها الحياة والوقت كل شيء فيها ماذا فعل الوقت بها، إذاً تبقى أشياء مبهمة نوعاً ما تكون سابقة أكتر متل الأشياء اللي الطبيعة تؤثر فيها.
أحمد علي الزين: يعني أنت مثلما كنا نتحدث هذه الأشياء المنسية المهملة التي لا ينتبه إليها الإنسان، تتأمل بها يعني تشغلك هذه الأشياء، يعني أنت وماشي في الشارع وقت تجد شيئاً هيك تتأمل به يعني تفتكر؟
عبد الكريم الوزاني: أنا أحياناً كثير من المرات إذا كنت أمر في الأزقة في الشوارع أرى خشب أو صباغة في الأرض أعتبرها وأحس بأن الصدفة أعتبرها عمل فني..
أحمد علي الزين: صنعته الصدفة.
عبد الكريم الوزاني: صنعته الصدفة، ولا أجد فرقاً بين العمل هذاك من ناحية القيمة ولوحات بيكاسو ولوحات عمل لأي فنان كبير، كان تحس بأن لك شيء جميل، هديك القطعة ونعملت في متحف نفعت كانت بإمكانياتي هذه المسألة هذه، بحيث ما هو الفن؟
أحمد علي الزين: هو وليد الصدفة والمخيلة.
عبد الكريم الوزاني: تماماً، هذا السؤال ما هو الفن، طرح عليّ عدة مرات وكل مرة كان الجواب بطريقة أخرى عن الجواب الآخر، بحيث كل مرة عندما الإنسان يكبر في السن عندما يعيش في ممارسة الأشياء تتغير برؤيته بنظرته، الآن الفن أصبح شيء بسيط جداً وأصبح.. يعني كنت أظن أن العمل الفني 100% من الصدق و50% من الممارسة والتقنية فقط، تماماً 50% كافية أظن كافية، بحيث هناك عدة فنانين كبار لا يعرفون الرسم لا يتقنون الرسم وهم فنانين كبار، أما قبل بس تكون فنان قد تكون راسم بطريقة أكاديمية عادي تقول أنا فنان، قبل الفن كان المجتمع كامل يقول هذه لوحة جميلة أما الآن يعني..
أحمد علي الزين: يعني الآن ليس بالضرورة يكون فيه إجماع على هذا العمل.
عبد الكريم الوزاني: عندما يكون إجماع يكون فناً رديئاً، يتحول إلى فن رديء لأن الفن اللي يقنع الجميع..
أحمد علي الزين: يعني هذا فن شعبي.
عبد الكريم الوزاني: فن شعبي وفن رديء، بحيث الجميع قال هذا الفن، الفن أي واحد ممكن يعمله، إذاً التطور والإبداع..
أحمد علي الزين: يراوغ الوزاني عمله المبني على نوع من البراءة البديئة فيستدرجه إلى مدارك الارتباك والسخرية والوحدة واليأس، أي إلى تلك المناطق التي يصبح فيها كل ذلك الإخراج الزاهي مجرد ماء فرح لإذابة سواد السريرة، بهذه المراوغة الدائمة يخطو الوزاني بين كائناته رفيعاً مرتبكاً، كأنه واحد من هذه الأسماك المعدنية يتنفس هو الآخر خارج الماء. يعني أيضاً الواحد يلاحظ وهو يتأمل تلك الأشياء خلينا نسميها أشياء لوحاتك وأعمالك اللي تنجزها كأنك متخفي بثوب من الفرح ولكن داخل هذا الفرح هناك خيط من الحزن.
عبد الكريم الوزاني: تماماً وكالحياة، الحياة إن حضروا الجنازة وبعدين العرس وبعدين عيد الميلاد الحياة..
أحمد علي الزين: يعني كأنك تتحايل على تمويه الحزن اللي في داخلك أنت، تتحايل يعني تغطيه يعني..
عبد الكريم الوزاني: لا أسميه تحايل.. لا أسميه لأنني لا أستطيع أن أتحايل لأن..
أحمد علي الزين: تتحايل بالمعنى الإيجابي، يعني تعطي هذا الثوب من البهجة لون الطفولة على ذلك الشجن اللي في داخلك.
عبد الكريم الوزاني: أنا كنت أظن الألوان ما عنديش مشكلة في الألوان، أنا كان عندي مثلاً غير اللون الأصفر نعمل غير باللون الأصفر، كانت اللون الأحمر.. ما عنديش المشكلة، الألوان دي اللي تكون عندي كذا، أنا يمكن الرسم في المرسم اللي عندي ويمكن اللي رسم في الجبل واللي في.. ما عنديش المشكلة في الفضاء واللون.
أحمد علي الزين: يعني أعمالك ورسوماتك ومنحوتاتك يمكن تبدو كأنها يعني لا تشبه الفضاء اللي أنت عايش فيه بالمعنى المباشر يعني، إنه تطوان لا أستطيع أن أرى تطوان في هذه.. يمكن أن تكون في أي مكان في الزمان وفي العالم وترسم هذه الأشياء.
عبد الكريم الوزاني: لأن تطوان هي مدينة موجودة في البحر الأبيض المتوسط، القاسم المشترك البحر الأبيض المتوسط هو اللون الأزرق البحر، واللون الأبيض الجير، واللون الأزرق، كذلك الألوان الموجودة في الطبيعة الورود الألوان موجودة.
أحمد علي الزين: أنت أخذت اللون وتركت الشكل.
عبد الكريم الوزاني: تماماً، لأن الشكل موجود..
أحمد علي الزين: ماذا تستطيع أن تضيف عليها؟
عبد الكريم الوزاني: أنا المشكلة اللي عندي اللي كنت أحس به يعني في تطوان أنا غريب في مدينتي تطوان..
أحمد علي الزين: بمعنى؟
عبد الكريم الوزاني: بمعنى أن العمل قد ما تكون المنازل تطوانية قليل جداً نادر، إحنا في تطوان عنا تاريخ.. تاريخ الأندلس، إذاً أنا كنت يمكن أعمل فن اللي عنده علاقة مع التاريخ، أنا كنت أظن التاريخ يجب أن يستثمر للحاضر والمستقبل، وأن يستثمر كذلك سياحياً وثقافياً، أما يعني يصبح التاريخ كحاجز من أجل الإبداع من أجل الخروج من التاريخ هذا شيء خطير، لأن التاريخ أنا بالنسبة لي يمثل حكاية لعودة جدتي، أنا ما أعيش في عهد الأندلس أنا عايش في الوقت اللي يشوف تلفزات وعايشين الآن ثقافة أخرى مغايرة، ثقافة عالمية أكتر..
أحمد علي الزين: يعني العيش في التاريخ وفي الماضي هو ضرب من ضروب الموت.
عبد الكريم الوزاني: ضروب الموت، وإحنا كي توقفنا نذهب إلى الأمام يقف التطور عندما العرب كانوا متحررين عندما هاجروا من مكان إلى مكان آخر، والحكاك مع ثقافة أخرى مغايرة يقدر يخلق الحضارة الأندلسية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق