2010-12-31

روافد مع الناقد السينمائي علي أبو شادي

إعداد وتقديم

أحمد الزين: يبدو إن مصر ليست هي تماماً التي رأيناها في أفلام قديمة بالأسود والأبيض أو حتى في أفلامها الجديدة، ليست هي تماماً أو فقط تلك التي قرأناها في أولاد حارتنا لنجيب محفوظ أو التي سمعناها في أغاني أم كلثوم وعبد الحليم، وليست تماماً في قصائد أحمد فؤاد نجم أو نجيب السرور أو الابنودي أو في مقامات زكريا أحمد وصالة عبد الحي وهمسات نجاة الصغيرة، هي كل هذا تقريباً ولكن في الكتاب أو في الأغنية. أما في الواقع هي عالم لا يختصر بأي فيلم أو قصيدة أو كتاب. صورة حنين في فيلم قديم يشبهنا قديماً أو كل أغنية خاطبت وجدان الثوري أحياناً أما صورتها في الواقع تحتاج لمعايشة طويلة مقلقة في صخبها وفي صبرها وفي تصالحها وفي جمرها الدفين، وفي تعاظم شأن ما يسمى بالصحوات تبدو الأسهل عاطفياً بالنسبة لأجيال لم تجنِ سوى الانتظار.

طبعاً أنت هيك من وجهة نظرك ناقداً للسينما للصورة أكثر شعبية، وقت اللي بترجع بالذكراة متل ما شفنا مصر والقاهرة بالأسود والأبيض بفيلم الأسود والأبيض، وبين صورة الآن الصورة الملونة هي الفضاحة أكثر تفضح التفاصيل أكثر، كيف تقرأ الصورة؟ تخاف على مصر إذا بدك تقوم بهذه المقارنة؟

علي أبو شادي: مع الأسود والأبيض إلى حد كبير كان هناك خوف على مصر لما حصلت ثورة يوليو حصلت..

أحمد الزين: نحنا الأسود والأبيض بالمعنى المجازي..

علي أبو شادي: أيوه حصلت مع الأسود والأبيض كصورة، الأسود والأبيض ربما ربما لو استمعلنا التعبير المجازي الألوان كانت في فترة أخرى نحن الآن في فترة الأبيض الأسود وربما الأسود كثيراً يعني.

أحمد الزين: يعني كانت الفترة التي تبشر بشيء من الأمل، الفترة اللي أنت تمدحها قليلاً هي بفترة خلينا نقول الفترة الواقعة بين أواخر الخمسينات بداية السبعينات..

علي أبو شادي: بالتأكيد فترة النهوض فترة المشروع القومي، فترة الشعب عندما يصعد ويجد مكانه، لحظة الكرامة الوطنية يعني لحظات كثيرة جداً في هذه الفترة، اللي هي الفترة الناصرية من غير.. يعني نتكلم بدون مواربات يعني الفترة الناصرية كان فيها شيء من كل.. محاولة للعدالة محاولة..

أحمد الزين: محاولة للعدالة..

علي أبو شادي: محاولات كلها كانت محاولات ومشروع الثورة كلها كانت مشروع، مشروع في الصناعة في الزراعة في التعليم في الصحة مشروع لم يستكمل.

أحمد الزين: طبعاً نحن هلأ مش بصدد محاكمة هذه التجربة، ولكن الواحد بس يقعد مع صديق وضيف متلك لا بد أن يستذكرها بصفتك كنت يعني من الأشخاص المتعاطفين والمنتمين لهذا التيار لهذه الحالة.. الحالة الناصرية، بتقديرك لو كان السؤال شوي هيك هلأ بيجي على عجل أن الشخص الناقد هو مثقف بشكل عام يعني وقت اللي بيكون هو شوي متعاطف أو ينتمي إلى تيار فكري أو أيديولوجي، هذا الانتماء ما بيلعب دور سلبي في قراءته للتحولات للعلاقات للنتاج الإبداعي، تكون قراءته مستندة إلى فكره واللي هي مرتبط بهذا الفكر؟

علي أبو شادي: يعني أسأل سؤال عكسي يعني إذا كان هناك عمل إبداعي لا يستند إلى موقف كيف يكون؟ أنا أعتقد أن العمل إبداعي أصلاً لا يستند إلى موقف، ومن ثم نحن لا نحاكم العملية الإبداعية ولا نحاكم الحالة الجمالية، نحن نتعامل من وجهة نظري نتعامل مع الموقف الفكري الموقف الأيديولوجي، هل هو متسق مع أفكاري أو لأ؟ ممكن أحترم عمل فني كبير جداً مختلف معي وأنا مؤمن تماماً بحق الاختلاف، يعني هذه أول مبادئ الديمقراطية أنت تؤمن بالصوت الآخر تؤمن بالآخر وبحقه أن يعبر عن موقفه، لكن هل أنا مع هذا الموقف أم لا؟ هذا حقي أيضاً، من ثم أنا ممكن أبقى مختلف مع أعمال كبيرة فكرية لكن ليس اختلافي معها فنياً أو جمالياً.

أحمد الزين: قد يصح أن نختصر جملة من المهام والوظائف التي يقوم بها علي أبو شادي بصفة المؤرخ، المؤرخ للسينما المصرية، مؤرخ من موقع الناقد الذي أسس والذي واكب نتاج السينما المصرية لسنوات، ولكن المفارقة أنه أيضاً رئيس الإدارة المركزية للرقابة على المصنفات الفنية، وهذا في مطرح ما لا يتفق مع كونه ناقداً، وليس في مصلحة العقل النقدي الحر إنما هناك حلول تجترح للتكييف، وأحياناً لا بد من دفع ثمن ما. وبالطبع هناك العديد من المسؤوليات الأخرى التي لا تقول حساسية أو أهمية يقوم به علي أبو شادي، أحدثها مثلاً الأمانة العامة للمجلس الأعلى للثقافة، ويزوال رئاسة المهرجان القومي للسينما ومهرجات أخرى إضافة إلى العديد الآخر من المهام والعضويات، هذا عدا كونه حكماً في لجان التحكيم العربية والدولية، أما السؤال كيف يوفق بين هذه المهام مجتمعة أو بالأصح كيف يكون عادلاً أو كيف يعدل من يكون في أكثر من موقع يبدو بعضها على طرفي نقيض؟

علي أبو شادي: أنا يعني وفق قناعاتي أحاول بقدر المستطاع أن أوفق بين هذه الأشياء من وجهة نظري اللي ممكن تكون شوية شايف الأشياء من وجهة نظر ناقد ومثقف يبحث عن وسيلة لتطبيق ما يراه يعني..

أحمد الزين: ما ينسجم مع أفكارك..

علي أبو شادي: ما ينسجم مع أفكاري..

أحمد الزين: يعني عم تستغل المناصب..

علي أبو شادي: أستغلها فعلاً ولا أنكر هذا، لكن أنا مؤمن بأن العمل العام والعمل الحكومي فيه بالنسبة لي نوع من الموائمة الشديدة جداً وعشان كده أنا ماليش بالتناقضات، لكن أحاول أن أطوع هذه الأشياء بقدر ما أستطيع طبعاً لأن تكون منسجمة، فلما تقول لي رقيباً وناقداً فيه نوع من المفارقة وبالتأكيد، لكن كيف وأنت تعلم ظروف العالم الثالث، ظروف هذا الوطن كيف تستطيع أن تطوع قانون الرقابة لمصلحة المبدع بقدر ما تستطيع؟

أحمد الزين: على سيرة الرقابة أنت مثلما ذكرنا تحاول أن توفق بين كونك رقيب بين هلالين يعني وبين كونك ناقداً، أنت كيف فيك يعني تعالج هذا المواضيع؟ وأديش تتعرض لمشاكل أحياناً وأديش هيدي على ود مع بعض الفنانين أو على خصام؟

علي أبو شادي: أنا أحاول بقدر المستطاع برضه أني أنا من خلال علاقاتي الطويلة قبل ذلك مع عالم الإبداع ومع عالم الثقافة، وثقة الأصدقاء المبدعين والفنانين فيّ وأيضاً يعني فهمهم لطبيعة المهمة بالنسبة لي وبالنسبة للآخرين الذين تولوها قبلي فده ييسر حاجات كتير بالنسبة لي، بالنسبة للأجهزة بالتأكيد يبقى فيه نوع من الخلاف، لكن أنا بشتغل من هذه الأشياء من موقع السياسي وليس من الموقع الحكومي أو الرقيب.

أحمد الزين: الموقع السياسي بأي معنى يعني؟

علي أبو شادي: بمعنى أنني أحاول أن أبحث عن مصلحة الوطن بنظرة علوية مش بنظرة ضيقة لعمل فني أو لعمل ثقافي، يعني في تصوري أن الحرية التي تتاح للمبدع هي في مصلحة هذا الوطن، أن تخفيف القيود عليه في مصلحة هذا الوطن، أن نوائم بين متطلبات الواقع نفسه ربما أحياناً متطلبات الأجهزة التي تراقبنا أنا يعني من راقب الناس مات هماً، فأنا أراقِب وأراقَب ولما رُوقبت عوقبت وفصلت..

أحمد الزين: مين فصلك وعاقبك؟

علي أبو شادي: يعني لا بد أن أذكرك طبعاً بحاجتين، المشكلة الكبيرة أو القضية الكبيرة أثيرت حول الرواية الشهيرة "ولمَ لأعشاب البحر؟"، وأنا كنت مسؤول عن هذا الجهاز اللي هو دور الثقافة التي أصدرت هذا الكتاب هذه الرواية، وقامت القيامة ومظاهرات وأشياء أخرى كثيرة حدت حتى بعد كده من قدرة هذا الجهاز على أنها.. بعد أنا ما مشيت يعني على أن يتابع رحلته مع الحرية يعني مع حرية الإبداع، بعدها بستة شهور صدرت روايات ثلاثة والبعض رأى فيها من جماعة الإخوان المسلمين عدم استجواب في مجلس الشعب، هم ثلاث روايات يعني أثاروا ضجة ضخمة جداً لورود بعض العبارات الرومانسية فيهم، ورأى البعض أن هذا يعني نوع من الإساءة لكل الأخلاقيات، والإساءة لكذا وكذا وكذا، وطبعاً أشياء مجتزأة من عمل فني كان شكلها الحقيقة مضحك جداً، لكن كانت نوع من التكئة عشان مرة أخرى لقهر الإبداع ولإبراز سيطرة وقوة الجماعات الأصولية في توجيه الرأي العام، ومن ثم كان على الحكومة أنها ترى..

أحمد الزين: حدا يطلع كبش محرقة يدفع ثمن.

علي أبو شادي: يعني يطلع خليها كبش محرقة كبش فداء كبش كذا، ولكن أنا من وجهة نظري كانت فرصة لمناقشة هذه مناقشة حرية الرأي، حرية الإبداع وكانت مثيرة جداً وما في مشكلة أنا ما دخلت السجن يعني، المشكلة ما كانت إنه علي أبو شادي خرج من موقعه.. لم يخرج، أنا عدت مرة ثانية وأنا الأمين العام للمجلس الأعلى الثقافي.

أحمد الزين: اللي فصلك أعادك؟

علي أبو شادي: بالتأكيد.

أحمد الزين: هو معالي الوزير..

علي أبو شادي: فاروق حسني.

أحمد الزين: كنت عم تتحدث إنه الأصوليات استغلت هذه الأعمال الإبداعية أو الرويات، كيف نشأت هذه الأصوليات؟ مَن ساهم في نشوئها وفي جعلها قوة يعني مؤثرة في المجتمع وقد تكون هي الأقوى حالياً والآخرين صاروا في موقع الدفاع عن النفس هي التيارات العلمانية والأحزاب الأخرى وحتى الحكومات يعني؟

علي أبو شادي: ما أصبحت النهار ده الحكومات زي ما بتقول حضرتك كلها رد فعل لهذه الهجمات المتتالية من هذه القوى الظلامية.

أحمد الزين: مين أسهم؟

علي أبو شادي: بالتأكيد فترة السبعينات مع الرئيس السادات عندما..

أحمد الزين: والناصرية ما أسست لها؟

علي أبو شادي: الناصرية؟ نرجع للفترة الناصرية كيف سمعت هذا الصوت في هذه الفترة؟ أين كان يعني؟

أحمد الزين: أسست لها بمعنى قمعها.

علي أبو شادي: القمع إذا اعتبرنا أن هذا نوع من القمع تعال نحسبها الذين لم يُقمعوا ماذا فعلوا بنا؟ فيه حاجات كتير طبعاً رغم إني أنا منتمي إلى هذا التيار أنا مش موافق على حاجات كتير جداً فيه، وده شيء طبيعي لأنه بعد ثلاثين سنة أو أربعين سنة لما تعيد تقييم التجربة تختلف المسائل، لكن أنا بقول لك أن هذا الوحش تم إخراجه من هذا القفص إذا حتى اعتبرنا أن عبد الناصر انحط في قفص خرج من هذا القفص ليكون أكثر شراسة حتى اغتال من أخرجه.

أحمد الزين: "ورثت هرماً أحاول أن أبني فوقه" هكذا يقول علي أبو شادي والهرم الذي قصده هو المجلس الأعلى للثقافة في مصر الذي راقب تجربة متنوعة وغنية، وأصبح واحداً من بين أهم المنارات الثقافية في العالم العربي، وكان لجابر عصفور الدور الأساسي في جعل هذا الصرح الثقافي مركز استقطاب للكتاب والمبدعين والمثقفين العرب والمصريين على السواء، وفي تحويله إلى خلية إنتاج إبداعي على مدار 15 سنة، منذ بدايات عام 2007 أصبح علي أبو شادي أميناً عاماً للمجلس الأعلى للثقافة، إرث يضع المسؤول أمام تحد جديد وأمام أفق محفزٍ على الإضافة والبناء.

علي أبو شادي: جابر عصفور بإمكانياته كناقد كبير وكمفكر كبير وكمثقف كبير استطاع أن يحوّل هذا المكان إلى شعلة قلعة للاستنارة، وأن يجمع حول كثير من المثقفين، لما يكون عندك إرث بهذا الحجم ترتكز عليه فأنت محظوظ بالتأكيد، فأنا محظوظ لما أنا أخلف قامة كبيرة جابر عصفور، هذا الإرث يجعلني أولاً لا بد أن أحافظ عليه تماماً تماماً، لأنه إرث يجب أن لا يفرط فيه على الإطلاق، اثنين أن أنميه بنفس الدرجة لأني أنا الدكتور جابر خلق مؤسسة يعني مؤسسة تستطيع أن تديرها، أنا واقف فوق هرم ببني فوقيه وبنفس الحماس..

أحمد الزين: وبنفس الرؤية طالما الهم مشترك.

علي أبو شادي: الهم مشترك..

أحمد الزين: هم التنوير ومحاربة الجهلة.

علي أبو شادي: الهم مشترك بالتأكيد وإلا ما كان بقى صاحبي أصلاً، لكن نحن أصحاب على المستوى الفكري، وعلى المستوى الثقافي، وعلى المستوى الإنساني.

أحمد الزين: تابع علي أبو شادي السينما مشاهداً منذ بداياتها في ثلاثينات القرن العشرين كان ذلك في البداية ثم واكبها بعد تخصصه ناقداً ومديراً لمهرجانات ومسؤولاً في مراكزها، وقد كتب الكثير في هذه الصناعة متوقفاً عند محطاتها وتحولاتها والأسماء التي تركت علامات فارقة، راصداً بخطها البياني أحياناً في صعوده وهبوطه، وقد يستنتج القارئ لأبحاثه أن السينما المصرية لم تكن دائماً مواكبة للواقع بل تقع غالباً في المجانية والمتاجرة، فهو يقول إن نسبة الأفلام الجيدة من بين 426 فيلماً بين عامي 63 و74 لا تشكل سوى 5% تقريباً، بتذكر أنت بفترة السبعينات إنه صار فيه نوع من المحاسبة عبر شاشة السينما للفترة الناصرية، صار فيه تهشيم بهالتجربة، مين فتح المجال؟

علي أبو شادي: الكرنك طبعاً.

أحمد الزين: فيلم كرنك للأستاذ نجيب محفوظ.

علي أبو شادي: الكرنك رواية نجيب محفوظ..

أحمد الزين: بس يبدو تقدمت بطريقة مشوهة ولا يعني ولا أكثر يعني هيك تمادياً؟

أحمد الزين: لأ يعني فيه نوع من التركيز على الاتهام، يمكن الرواية بتدين هذه الفترة وتدين الانتهاكات اللي تمت في فترة في الفترة الناصرية تجاه الإنسان المصري، وتدين مسألة الاعتقالات والتعذيب للمواطن المصري كل ده وارد في الرواية، لكن الصورة أكثر تأثيراًً وكان في رغبة لدى النظام إنه يدين هذه الفترة ويستخدم أضعف ما فيها..

أحمد الزين: النظام؟

علي أبو شادي: النظام الناصري زمن السادات كان يرغب في إدانة العهد الناصري، وكان يستخدم أضعف ما في هذه الفترة اللي هو فترة حقوق الإنسان أو فترة..

أحمد الزين: لتثبيت شو؟

علي أبو شادي: لتثبيت ما سمي بالديمقراطية في زمان، وأنه في تيار ديمقراطي قادم وهناك تيار ديكتاتوري..

أحمد الزين: ويستطيع أن يحاسب التاريخ.

علي أبو شادي: وبدأت ما يسمى بهوجة مراكز القوة وأفلام مراكز القوة، كان في فترة إدانة كاملة لهذه الفترة فترة عبد الناصر من هذه الزاوية.

أحمد الزين: عبر كتاباته الكثيرة علي أبو شادي لمحطات في السينما المصرية في بداياتها الكلاسيكية إلى أفلام الخمسينات ومرحلة الثورة مرحلة الواقعية كما يسميها، إلى السبعينات عبر بعض الأفلام التي تناولت التجربة الناصرية كفيلم الكرنك عن رواية نجيب محفوظ، وصولاً إلى الثمانينات عبر جيل جديد من المخرجين وواقعية جديدة، ولما كان للسينما من دور باعتبارها هي الأكثر شعبية وتأثيراً، وباعتبارها بدأت تواكب الحياة اليومية والاجتماعية والسياسية وتسهم في تحسين أو تشويش صورة زعيم أو قائد أو مرحلة أو تيار كان لا بد للرقابة أن تلعب دوراً أساسياً، كذلك على مستوى الرئاسة كانت الرئاسة تتدخل أحياناً رأياً ورقابة، وفي كتابه "سياسة وسينما" يروي علي أبو شادي عن الرئيس السادات رقيباً في فيلم الكرنك، كذلك عن عبد الناصر في فيلم ميرمار والفيلمان كلاهما عن روايات نجيب محفوظ، وكلاهما يحاكم التجربة النصرية. السينما المصرية بشكل عام يعني وخاصةً بالفترة اللي بدأ ت في مرحلة الخمسينات وصولاً حتى هذا التاريخ يعني حاولت تقارب مباشرةً الموضوعات الواقعية اليومية في حياة مصر يعني السياسية والاجتماعية إلى ما هنالك، ما بتظن إنه يعني هذه المقاربة وقعت غالباً في الثرثرة أو في الشعبوية في المتاجرة بهذه القضايا لغايات غير رسولية إذا صح الكلمة كلمة رسولية أو هيك تهدف إلى نوع من التوعية؟

علي أبو شادي: هناك الكثير من الأعمال حاولت إنها تلعب اللعبة دي، معظمها أيضاً يتعامل مع الواقع والوقائع بشكل فيه استخفاف وفيه استسهال وفيه عدم وضوح الرؤيا ده موجود، يعني مثلاً أكبر شيء ممكن نتكلم عنه في هذه المسألة هو حرب أكتوبر، كيف قُدمت حرب أكتوبر في السينما؟

أحمد الزين: كثير تعالجت نعم.

علي أبو شادي: بشكل ضعيف جداً وهش جداً، وفيه ابتزاز لعواطف المتفرج وفيه ابتزاز للموقف الوطني وفيه هشاشة في التناول، لكن طبعاً في أعمال زي أبناء الصمت مثلاً ولو إنه قبل 73 حاول أن يقدم نوع من التحليل، والنموذج الأمثل بتاعها سواق الأتوبيس اللي هو ما بعد أكتوبر، مَن الذي سرق هذه الحرب؟ مَن الذي سرق الانتصار؟ مَن الذي استفاد من هذه الحرب؟

أحمد الزين: بس بشكل عام يعني هذا بيودينا على سؤال آخر يعني الإرث المصري التاريخي اللي عمره سبع ثمان آلاف سنة، والحضور الفاعل أسماءً كان أم جماعات، يعني شخصيات كبيرة مرت بتاريخها، قدرت السينما توازيها مثلما فعلت الرواية أحياناً يعني مثلما الرواية قدرت السينما تكون على هذا المستوى من الحضور من التجلي التاريخي لبعض الشخصيات والأحداث؟

علي أبو شادي: إلى حدٍ ما، بمعنى أن السينما المصرية في فترة من الفترات كانت هي الرسول الوحيد لكل الأمة العربية من أقصاها إلى أقصاها.

أحمد الزين: طيب أستاذ علي لو بدنا نتحدث هيك عن بعض الطرائف في تجربتك لا بد أن يكون في كثير طرائف، أنا عثرت على بعضها في كتاباتك مثلاً..

علي أبو شادي: هي ضمن مفارقات المجتمع المصري في التعامل مع الفن، ونعاني منه إنه كل الفئات بعض الفئات تتصور عندما يكون هناك عندنا شخصية سينمائية أنها تبقى تعبير عن هذه الفئة، لو أنت عندك طبيب تبقى نقابة الأطباء..

أحمد الزين: الفرانين مرة عملوا مظاهرة لأنه في فران كان بيبيع حشيش بقلب الفيلم.

علي أبو شادي: الفرانين في الفرن خربتها ده اسم قرية وجاءت بالصدفة.

أحمد الزين: زعل العمدة تبعها.

علي أبو شادي: زعل العمدة تبعها ورفع قضية، دي الوقت إحنا كل يوم الصبح وهذه مفارقات جديدة الآن كان من الأول تبقى طرفة لما تقول..

أحمد الزين: هلأ صارت بشكل جدي.

علي أبو شادي: بقت جدية جداً، وممكن الناس تتحبس فيها، أنا أقول لك مفارقة بقى لطيفة بمناسبة الطرائف، لما جيت الرقابة سنة 96 أخذت الرقابة وكان في قضية مرفوعة من الرقابة على الفنانين، كان في محضر اتعمل للفنانين أنهم كان في مشاهد تم حذفها ووضعت..

أحمد الزين: مين اللي رفع دعوة؟

علي أبو شادي: الرقابة.

أحمد الزين: رفعت دعوى على الفنانين؟

علي أبو شادي: أيوا اعتبروا إنه في جريمة تمت بإضافة مشاهد تم حذفها إلى العمل الفني، وده جريمة فعلاً، أنا جيت لقيت المسألة تحولت إلى اتهام لأحمد زكي الله يرحمه الفنان الكبير أحمد زكي، وللفنانة معالي زايد ولممدوح وافي اللي هم أبطال الفيلم وبالتحديد المرحوم ممدوح وافي والأستاذة معالي زايد أصبحوا بيعملوا فعل فاضح، وهذه هي الكارثة، لك أن تتخيل أن الأطياف الحاجات اللي عالشاشة دي التمثيل ده تحول إلى واقع، المرة الثانية أنا رحت دافعت عن.. وأنا الرقيب بقى، وأنا الرقيب المسؤول عن الجهة التي أقامت الدعوى، رحت دافعت في المحكمة عن الفنانين، لأنه من المعيب مش رح أقول من غير اللائق إنك تعامل ما هو على الشاشة التمثيل على إنه حقيقة، فطلعت المظاهرات بدل ما تطلع مظاهرات ضد الرقيب لأنه يصادر، طلعت المظاهرات ضد الرقيب لأنه يسمح.

أحمد الزين: طيب بدي باختصار إنه أنت كناقد أفدت التجربة بشكل عملي، صوّبت بعض الأمور؟

علي أبو شادي: أنا وجيل، نقول إنه مثلاً إنه الواقعية الجديدة في مصر خرجت من معطف النقاد، السينما التسجيلية الحقيقية خرجت يعني الواقعية دي خرجت منها السينما التسجيلية التي وقف بجوارها النقاد، أي نقاد بقى اللي إحنا نتكلم عليهم؟ بعد كده نحن أنشأنا جمعية نقاد السينما المصريين، هذه الجمعية أيضاً اتهمت في فترات كثيرة وفترة حتى السبعينيات بإنه نحن جمعية مخربة وجمعية شيوعية وكل الأوصاف اللي ممكن تطلقها لأنه إحنا كنا فاعلين في السياسة وفي الفن بنفس الدرجة.

أحمد الزين: إذا بتستعرض شريط السينما المصرية بيرسخ بذهنك راسخ بذهنك هيك ممثل أو مخرج أو ممثلة بتحسها دائماً أول صورة بتطلع هذه الممثلة أو هذا الممثل؟ ما بدنا نوقعك بمشاكل.

علي أبو شادي: لا.. لا من حسن الحظ..

أحمد الزين: فيه ممثل بمستوى عالمي مصري؟

علي أبو شادي: الاثنين توفوا اللي أنا ليه عشق خاص..

أحمد الزين: خاص؟ ليه؟

علي أبو شادي: لأحمد زكي وسعاد حسني.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق