2016-09-20

روافد مع المخرجة المسرحية نضال الأشقر

إعداد وتقديم

كانت ملكة ثم جارية من نيسابور، وكانت شقية ومتمردة وعاشقة، لها أسماء كثيرة وشخصيات متعددة تطل بها عليك. شجرة الدر، تمارا، زنوبيا، وسيدة فرنسية، هي بكل أحوالها امرأة من هذا الزمان.

نضال الأشقر لا بد أن اسمها من اختيار الوالد أسد الأشقر زعيم ومناضل قديم في الحزب القومي، من الواضح أن نضال لم تخرج من معنى ودلالة الاسم ولا من عباءة الوالد، إذ أنها ورثت منه فكره وأحلامه، واستمرت مناضلة على طريقتها الخاصة تشاغب وتصنع مشهدها.

نضال الأشقر هي ابنة عائلة فكرية وسياسية، والدها أسد الأشقر كان ركناً أساساً من أركان الحزب السوري القومي، يبدو أنه طبع نضال بفكره وبحياته وبحكاياته حراً وسجيناً، كذلك إخوتها سلكوا الدرب نفسه. وإذا كان الولد سر أبيه كما يقال فالبنت أيضاً سر أبيها، فلقد اكتسبت منه خصال الحرية والاختلاف والجرأة والتمرد كما تقول، كذلك العناد والمثابرة. وكان من أوائل المشجعين لها على دراسة التمثيل والمسرح، فكيف بدأت تلك الرحلة؟

وربحت عمتها الرهان وطلع كتير أشياء من نضال ابنة ديك المحدي التي تعني بالسرياني التلة الجميلة، ولكن هناك حكاية أخرى عن اسم القرية. تقول: إن امرأة كانت تقتني ديكاً مشاكساً كان يقضي في كل صيف على موسم العنب في العريشة اليتيمة، فقررت المرأة حدي الديك وحدته كي لا يستطيع التسلق ثانية فربحت رهانها، وصارت تسمى القرية باسم ديكها المحدي، من هذه الحكايات جاءت نضال، جاءت من حياة عائلة تشتت في المهاجر، ومن حكاية الأب والعائلة التي كان لها أيضاً رهانات وأحلام.

على مدار ما يقارب النصف قرن راكمت نضال الأشقر تجربة غنية في المسرح والسينما والتلفزيون، وأيضاً في المهرجانات محلياً وعربياً، ارتبط اسمها في الستينات في محترف بيروت، حيث قدمت مع روجيه عساف العديد من الأعمال نذكر منها: المفتش العام، مجدلون، كارت بلوج، وإضراب الحرمية. وقد شكلت تلك المرحلة نقطة انطلاق أساسية لمسيرة تنوّعت وتشعبت على عشرات الأعمال تمثيلاً وإخراجاً وإعداداً. وإذا جاز اختصار تلك التجربة بمحطات أساسية يمكن البدء بمحترف بيروت، ثم بالإطلالة العربية عبر فرقة "الممثلون العرب" مع الطيب الصديقي وذلك بافتتاح مسرح المدينة بصيغتيه القديمة عام 1995 في كلمنصو والجديدة في السرولا عبر نصوص لسعد الله ونوس وأمين معلوف، وكان مسرح المدينة نقطة ضوء ساطعة على مدار خمسة عشر سنة صاخبة بالعمل والإنتاج. بالطبع إضافة إلى أعمال أخرى هامة منها تحت إدارة فؤاد نعيم مخرجاً في البكرة والمتمردة والحلبة، ومع ريمون جبارة وشكيب خوري وعشرات الأعمال التلفزيونية نذكر منها: نساء عاشقات، وتمارا، وزنوبيا، وشجرة الدر، والمعتمد بن عباد، وحرب البسوس وأعمال أخرى عديدة. نضال الأشقر في كل أحوالها وإنتاجها هي ابنة جيل أثرى الحياة المسرحية والثقافية في لبنان، مناخ الستينات، زمن الصعود، والأحلام، والأمل.

نضال الأشقر صنعت صورتها بمهارة ومثابرة وعناد. يبدو أنها كانت تعرف ماذا تريد وساهم المناخ والعائلة والحزب والأصدقاء في شحذ همتها ودفعها نحو الهدف، عندما يذكر اسمها تحضر صورتها صبية مشاكسة على أواسط ستينات القرن العشرين على خشبة مسرح بيروت في المحترف الذي أسسته روجيه عساف وشلة من أصدقاء ذلك الزمان، ثم ويكر شريط طويل من حضورها في شخصيات عديدة لعبتها. قد يختلف الرأي حول شخصيتها وأعمالها، ولكن لهذه السيدة تاريخ طويل وتجربة غنية مرفودة دائماً بالأمل وبالحيوية هي نضال الأشقر.