2004-11-26

روافد مع الفنان التشكيلي محمد المليحي

إعداد وتقديم

أحمد علي الزين: مع هذا الرجل لا تتعرف فقط على سيرة خاصة، بل يأخذك برحلةٍ داخل مدينته التي هي الفضاء الأساسي لتجربةٍ فريدة، وكما ذكرنا في الحلقة الأولى إذا كان الكاتب يؤلف كتابه والتشكيلي ينجز لوحته، والموسيقي يؤلف موسيقاه، والمسرحي مشهده، فمحمد المليحي أعاد تأليف مدينة بكاملها، وبالطبع مع صديقه محمد بن عيسى، وهذا ضربٌ مضنٍ من ضروب الإبداع، فالذي يأخذ على عاتقه هذا الهمّ لا بد له أن يكون شديد الوفاء والحب للمكان الذي ينتمي إليه، فيجهد لجعله منارة للباحثين عن مرسى، وإذا كانت أصيلة ساحرة إلى هذا الحدّ وأصبحت ملتقى لكل المبدعين والمثقفين والعشاق ولقاءً موسمياً يحج إليه الناس في طوافٍ يختلطُ نهاره بليله، ولا ينتهي إلا مع النعاس فهذا عائد لمحمد المليحي ومحمد بن عيسى اللذَين عرفا كيف يجعلان من هذه المدينة الناعسة على أسوارها البيض والساهمة من نوافذها نحو المحيط والتاريخ لقاءً فريداً، تختلط فيه اللغات والحضارات والثقافات والتجارب، وتتفاعل وتتحاور في ساحة مفتوحة على تجليات التعبير، وجعلا من قصورها القديمة قصور الحكام قصوراً للثقافة ومقصداً للفرجة، فمنذ عام 1978تحوّلت أصيلة من مدينة منسية على تاريخها وخلف أسوارها إلى مدينة صاخبة بالإبداعِ وبالجمال تفتّق الخيال والرغبات في سبر أسرارها نحو أزمنتها الغابرة.

أحمد علي الزين: طبعاً أستاذ محمد موسم أصيلة 26 سنة شهد العديد من النشاطات والمعارض فيه حقبة معينة أو موسم يعني هيك ترك علامة بارزه في.. في هذه التجربة في أصيلة؟

محمد المليحي: في..؟

أحمد علي الزين: خلال ستة وعشرين عام

محمد المليحي: خلال ستة وعشرين، 26 يمتاز بنفس جديد، لأنه احتفلنا السنة الماضية بخمسة وعشرين سنة.

أحمد علي الزين: باليوبيل الفضي.

محمد المليحي: اليوبيل الفضي، فهنا لازم أن نكون حاضرين ليس بالنهاية، إنما تحضير لانطلاقة جديدة.

أحمد علي الزين: 25 سنة أخرى.

محمد المليحي: يعني ، أعطونا عقداً واحداً يكفي [يضحك]، فستة وعشرون نشوف فيه كل القوى اللي حصلت في خمسة وعشرين موسماً، بإضافة الفقرة الجديدة اللي أضفناها، وهي سينما جنوب جنوب.

أحمد علي الزين: وهذا هو.

محمد المليحي: وهذا هو الشعار، يعني الجائزة شعار الجائزة اللي أعطيناها للفائزين في هذ. وهي عبارة عن نحت عن مجسم.. شوف مستدير..

أحمد علي الزين: وأيضاً ...

محمد المليحي: يمكن نشاهده من كل الزوايا، ويعطي.. يعني كأنها راقصة إذا حطّيناها على آلة تستدير.

أحمد علي الزين: وراقصة بحرية.

محمد المليحي: إيه راقصة بحرية ونارية كذلك.

أحمد علي الزين: ونارية كذلك.

محمد المليحي: يعني الموجة..[يضحك] فيعني، وكذلك يعكس ها؟ فأصيلة عندها هذا البروفيه.. يعني شعار الجائزة لملتقى سينما جنوب جنوب.

أحمد علي الزين: نعم.

محمد المليحي: وحامل شعار اللي بدأنا به.

أحمد علي الزين: المهرجان.

محمد المليحي: مهرجان موسم أصيلة الثقافي مقتبس من بوابة الأضرحة، لأن حضور الأضرحة في أصيلة قوي.

أحمد علي الزين: نعم.

محمد المليحي: كل حارة فيها ضريح.

أحمد علي الزين: ربما في المغرب عامةً.

محمد المليحي: إيه بالمغرب مدن الشاطئ.

أحمد علي الزين: مدن الشاطئ.

محمد المليحي: لأن هذه حركة ازدهرت بين الدولة المرينية والسعدية، وازدهرت كذلك في الفترة اللي كان المغرب يعيش فترة من الاستعمار البرتغالي الإسباني الهولنديين الإنجليز، بعد سقوط غرناطة واكتشاف أميركا صار المغرب عرضة للاحتلالات الغربية شمال أوروب

أحمد علي الزين: نعم.

محمد المليحي: ولهذا كل هالأضرحة اللي موجودة في الشاطئ الأطلسي عبارة عن يعني ناس مجاهدين صوفيين كانوا يحاربون الاستعمار ويوعّون المجتمع المغربي أن لا يفقد الثقة في عقيدتهم الإسلامية، ويحاربون الاستعمار.

أحمد علي الزين: ويقول محمد المليحي عندما قررتُ عام 1976 مع محمد بن عيسى خوض الانتخابات البلدية، لم يكن لأصيلة ذكرٌ أو حضورٌ في معظم الخرائط والمنشورات السياحية لتلك المرحلة، فعلى الرغم من موقعها الطبيعي الاستثنائي، وجمال سورها البرتغالي الذي يعود إلى القرن الخامس عشر، فإن هذه البلدة الصغيرة بلدةُ الصيادين والحرفيين والعلماء لم تثر اهتمام أحد، وكانت تتدهور غارقةً في سبات عام أمام لا مبالاة الجميع، وبعد انتخابنا تواصل الجدل أكثر فأكثر في المجلس البلدي قبل أن يتبنى هذا الأخير شعارنا: الفن والثقافة من أجل التنمية.

أحمد علي الزين: أستاذ محمد مثل ما ذكرنا: ست وعشرون سنة على أصيلة هل تخاف على هذه التجربة؟

محمد المليحي: لأ لأ، هي التجارب.. التجارب عندها طور الحضور والحياة، لازم أن نحتفل كذلك أو من يأتون بعدنا نحتفل بنهاية موسم أصيلة، لأنه كل شيء عنده بداية.

أحمد علي الزين: ونهاية.

محمد المليحي: يستحيل أن الأشياء تستمر إلى غير نهاية، يعني تفقد ديناميكيته

أحمد علي الزين: صحيح.

محمد المليحي: فالآن.

أحمد علي الزين: ربما نستبدل بتجارب الأخرى أو تُطوّر.

محمد المليحي: إحنا ننتظر أن الشباب - فتيات وفتياناً – يمسكون.. ها؟ رويداً رويد. ها؟ هذه الحركة اللي هي إحداث تصرف أو معاملة جديدة مع الثقافة، وانعكاسها على الحياة اليومية.

أحمد علي الزين: الاجتماعية.

محمد المليحي: الاجتماعية.

أحمد علي الزين: الحياتية.

محمد المليحي: إذا ما صار هذا العمل إحنا خاسرون.

أحمد علي الزين: صحيح.

محمد المليحي: ولكن أعتقد.

أحمد علي الزين: الناس بشكل عام مستفيدين من هذه التجربة..

محمد المليحي: نجحت.

أحمد علي الزين: حتى على المستوى المالي.

محمد المليحي: إيه، حتى على المستوى المالي، مدن أخرى في المملكة صارت يعني تقوم..

أحمد علي الزين: بتجارب مباشرة.

محمد المليحي: بتجارب مباشرة.. موسم أصيلة الثقافي سافر إلى البحرين.

أحمد علي الزين: نعم.

محمد المليحي: ونتمنى أن يروح إلى مدن أخرى في منطقة الخليج، يعني في قطر، في الإمارات، يعني حتى يحدث تواصل. تواصلاً وعملاً ثقافياً هو الطريقة الوحيدة لتوحيد العالم العربي.

أحمد علي الزين: نعم.

محمد المليحي: أنا لا أعتقد في التوحيد السياسي، بل كل طرف من الوطن العربي لازم أن يحتفظ بخصوصيته، ببرنامجه التكويني، الحضاري، لكن الثقافة العربية هي العامل الوحدوي.

أحمد علي الزين: يعني أنت من الذين يراهنون على الثقافة في إحداث تغيير بعالمنا العربي؟

محمد المليحي: نعم أكيد.

أحمد علي الزين: صحيح.

محمد المليحي: والمستقبل حيعطي هذا الـ .. لما المجتمع العربي يصير مثقفاً وواعياً، وحداثياً، يشيل الحدود من دماغه، يشيل عامل اللغة من دماغه، ها؟

أحمد علي الزين: نعم.

محمد المليحي: يشيل كل من هذا (التوكسين) يعني المخدرات.. سلبية في الجسم، الجسم العربي لا بد أن يصير صحياً عن أقراص ثقافية.[يضحك]

أحمد علي الزين: أقراص.

محمد المليحي: أقراص.

أحمد علي الزين: قبل النوم.

محمد المليحي: قبل النوم وبعد النوم .[يضحكان]

أحمد علي الزين: وبعد الأكل. طيب أستاذ محمد أنت شتاؤك في مراكش.

محمد المليحي: إيه.

أحمد علي الزين: وصيفك في أصيلة.

محمد المليحي: في أصيلة.

أحمد علي الزين: فيما لو خُيِّرت بين المدينتين؟

محمد المليحي: صعب.

أحمد علي الزين: صعب.

محمد المليحي: لأن الطقس يختلف.[يضحك]

أحمد علي الزين: طيب، أيمتى ترسم أنت؟

محمد المليحي: في أي وقت، اليوم في الصباح ساعة قبل.. الصباح.. مبكّر ها؟ مختبئ أرسم.. ها؟ لكن لما يكون عندي معرض أو شي من هالنوع في مراكش أرسم بدون انقطاع، أسبوع أسبوعان، شهر، حسب برنامج، أو حسب كيف ما أحس به.

أحمد علي الزين: طيب فينا نقول إنّو أنت راضٍ، متصالح مع نفسك، مع سنوات العمر، مع التجربة؟

محمد المليحي: أن. أنا مرتاح.

أحمد علي الزين: مرتاح.

محمد المليحي: إيه.

أحمد علي الزين: يعني لم تندم؟

محمد المليحي: يعني أنام بدون قراءة.. [يضحكان] إيه أنام دغري.

أحمد علي الزين: تقرأ طول النهار على جدران أصيلة.

محمد المليحي: والله أنا أعترف، أنا مش مستهلك الكتب.

أحمد علي الزين: نعم، مستهلك الحياة.

محمد المليحي: الحياة وقرأت ما يكفيني، حتى آخذ مفاتيح بعض المشاكل، لكن القراءة هي حاضرة كل الوقت.

أحمد علي الزين: كما بدا لنا محمد المليحي فهو ليس فناناً تشكيلياً وحسب، بل هو أكثر من ذلك: مبدعٌ وظّف فنّه وأفكاره في خدمة مجتمعه وفي تطويره، وفي جعله مشاركاً في عملية الإبداع، فالمصوّر والنحات والرسام والمصمم والمخرج الوثائقي هو أيضاً مؤسس للمجلات الفنية والأدبية، كمجلة "انتي جرال" ومجلة "أنفاس" منبرين جمعا أهم الكتاب والمثقفين في المغرب ما بين بدايات الستينات في القرن العشرين وأوائل السبعينات، وهو أيضاً مدير للفنون في وزارة الثقافة لسنوات سبع، بين عامي 1985 و1992، وبدون شك ترك محمد المليحي الكثير من بصماته في الحياة الثقافية المغربية، ووقّع على مدار سنيّ عمره صفحات متتالية من التجربة، بحيث لا يمكن أن يمرّ عابر أو باحث في أصيلة دون أن يشاهد ما أنجزه محمد المليحي. مين من التشكيليين هيك في العالم العربي، وفي العالم يعني اللي تتقاطع تجربتك معهم؟

أحمد علي الزين: مين من التشكيليين هيك في العالم العربي، وفي العالم يعني اللي تتقاطع تجربتك معهم؟

محمد المليحي: هذا صعب الجواب ولا أريد أن أنص وأجرح أي واحد، ولكن فيه بعض الأفراد، فنانين.. فقدنا الأخ إسماعيل فتاح نحات ورسام عراقي قوي، من أصدقائي الفنانين في العالم العربي: ضياء العزاوي عندي علاقة معاه فيها جدال وصراع و..

أحمد علي الزين: هيّ الحركة التشكيلية في العراق حركة..

محمد المليحي: حركة مهمة، هوّ الطرفان في العالم العربي..

أحمد علي الزين: مغربه ومشرقه..

محمد المليحي: مغربه ومشرقه.. لعبنا دوراً ولسّه فيه مجال أن نلعب دوراً، وفيه فنانين في البحرين في الخليج في مصر، لكن فيه بعض تموجّات.. يعني تموجّات، يعني فيه مناطق شوية فيها جفاف، وفيه مناطق فيها خصبة فيه مناطق تعيد النظر في حركتها الفنية الثقافية.. الحركة الفنية التشكيلية.. ها؟ ولكن هذا يعتمد على النظام الاجتماعي السياسي في البلد.

أحمد علي الزين: في بيت محمد المليحي ينعس الضحى على الأبيض المغربي لقد تدخّل في حركة المدّ والجزر، وحمله من الشاطئ إلى داخل البيت، وألّف بهدوء مطرحاً يليق بزائريه، بيتاً مغربياً لشغف مشرقي، يضيّفه لصديق صيفي شغوف بالنوافذ، كان في غمرة التحضير لمهرجان أصيلة، يتابع دون ملل متطلبات هذا الموسم على أواسط آب من عام 2004 حرّ الصيف يلطّفه هواء المحيط، ويجعله محتملاً فلا بأس من استراحة من عبء الورشة، لاستكمال التعرف على هذا الرجل على أصيلة.[فاصل إعلاني]

أحمد علي الزين: وُلدت في هذا البيت قبل اكتمالي في رحم أمي في ليلة من ليالي الحروب، وسموني "فيس ديغير" أي: "ولد الجيرة": أي الحرب، في هذه الأزقّة نَمَوْت، وكبرت في هذا البيت الذي هو الآن بيت أهلي، بيت أحمد المليحي، كبرت على حلم السفر لاكتشاف ما خلف المحيط، وكما رويت ربما للهروب إلى مطارحَ أعثر فيها على خلاصي، فجُلت طالباً في إشبيلية وفي روما وفرنسا وفي أميركا، وعدت كما الذي ذهب برحلة تسوّق محمّلاً بالأفكار والتجارب والرغبة في فعل شيء أبعد من تشكيل اللوحة، تشكّل وعيي السياسي من أفكار مختلفة، ما بين الماركسية والقومية والناصرية والتحرّر، وربما وجدت خلاصي في جعل أصيلة لوحة، وفي التوظيف ما اكتسبت من معرفة من أجلها، أما عن علاقتي بالمرأة فقد تزوّجت لمرات ثلاث، وهذه الموجة الصغيرة هي آخر بناتي، قد يكون من الجميل أن أروي لها سرّ الضوء، وسرّ قوس قزح، لتكبر على مهل ما بين بيروت والمغرب.

أحمد على الزين: طبعاً أنت عاشق أبدي لمدينة أصيلة كما لاحظنا، يعني..، ولكن ماذا على المستوى الشخصي، عن العشق الآخر عن المرأة التي نشاهد بعض ملامحها في خطوطك وألوانك.

محمد المليحي: نعم، للتصليح أنا مش عاشق أصيلة بطريقة يعني "فَنَتِك"..

أحمد علي الزين: نعم.. نعم.

محمد المليحي: نحب بلادي، وهي كوّنت بالنسبة إلي إطاراً للعمل، لكن أنا أعمل خارج أصيلة، مش لأصيلة فقط..

أحمد علي الزين: في مراكش.

محمد المليحي: في مراكش، مع رفاقي في الرباط على مستوى الجمعية المغربية للفنون التشكيلية، أهتم بالفنانين الشباب اللي ممكن أن يعطوا ملامح مضمونة للتكوين، طبعاً التموّج دائماً كان عنده علاقة بالماء، بالحياة، بالمرأة، الآن المرأة صارت تبرز أكثر في عملي، كما قلت لك ربما حدث وعي حدثي.. ها؟ إما الأول أو الثاني حسب الظروف، لأنّو فيه حركة في العالم الإسلامي الآن أن المرأة لازم أن نشيلها من المتخيّل الإنساني، ونغطّيها ونحجّبها، ونفرض عليها نوعاً من التصرف يعني "سينس والتي"..

أحمد علي الزين: نعم.

محمد المليحي: أفقد هذه العبارة بالعربي الـ "سين سوالتي" موجودة في الأكل، مع الطبيعة في النباتات..ها؟ كل ما هو فيه إغراء هذا صرنا نقتله، نقتله بمواقف غير معقولة برأيي، ولهذا لأن الفنان مبشّر بدون أن يشعر فيعني تلقائياً وجدت نفسي أميل أكثر لأبرز حضور المرأة... يعني جسم الإنسان الرجل والمرأة هو نفسه، لكن المرأة عندها خصوصيات يعني تروق وتمشي مع نوع من الـ.. مثلاً أنت إذا شفت نصف القمر تراه طرفاً من جسم المرأة، إذا كان عندك قدرة ومهارة في الخيال، فالفن حيث كان نحتاً أو رسماً يعني نوع من توعية المجتمع، كيف يمكن أن يضيف بنية لمتخيَّل لأن المتخيَّل تجريدي لكن يصير أحسن لما تعطي له إشارات وعلامات..

أحمد علي الزين: إنسانية.

محمد المليحي: تعطيه تجسّمه..

أحمد علي الزين: صحيح.

محمد المليحي: يصير متخيَّلاً غني

أحمد علي الزين: أما الموجة عنده كما تقول الناقدة والمؤرخة فاتن صفي الدين: هذه الموجة التي أصبحت توقيعه الفني المميز ليست إلا شكلاً تجريدياً ذا دلالات رمزية أو إيمائية لمعادلة واحدة.. معادلة تتلخص في خلاصة رؤى الفنان للعالم فالموجة عند محمد المليحي هي البحر، هي الطفولة على شاطئ المحيط، هي السفر والعودة، هي شهوة الحياة، وهي حكمة الدهر، هي الإيقاع في النغم، وهي السكينة والصخب، هي الشيء وضده. ولم يسجن المليحي موجته في لوحات مصيرها الوحيد الانتقال من جدار المحترف إلى جدار البيوت، بل خرج بها إلى الشوارع والساحات مقتنعاً أن للفن دوراً في تثقيف وترفيه الناس على اختلاف الأعمار والمستويات الاجتماعية.

أحمد علي الزين: نسبة الوعي لدى الناس أعتقد.. أو لاحظنا أنها تغيّرت كثيراً بحيث نشاهد الأطفال لا يخرّبون اللوحات أو الجداريات أو يخربشون على الجدران البيض.

محمد المليحي: أبد. ل. هذا التقائياً ما فيه هذا الـ.. يعني كل واحد يحترم الغير في ميدانه، وأنا أتمنى أن تبقى هذه الحالة بهذه.. حتى المعارضة في أصيلة كانت هذه معارضة إيجابية، لأنه لا يمكن أن تصنع شيئاً أو تنجح في برنامج بدون معارضة، يستحيل.. فحتى المعارضة في أصيلة كانت بنّاءة مش تخريبية لا سياسياً ولا مادياً، والدليل كما قلت موجود [يضحك] يعني في الليل في الأوقات الفارغة لا أحد يتجرّأ أن يخربش أو يلخبط شيئ

أحمد علي الزين: طيب أستاذ محمد نلاحظ في لوحاتك بشكل عام - يعني خاصة في المرحلة الأخيرة اللي أكثر كثافة وحضوراً يعني عربياً وعالمياً - نوعاً من التكرار أو التأليف على فكرة واحدة يعني هل هذا نوع من التوقيع الأسلوبي؟

محمد المليحي: إيه طبع. فيه توقيع وكذلك فيه.. لأن الفنان كما قلت في الأول ربما (نرسيسي) يبحث عن هوية.. فيه الهوية بالصورة بالمحترَفة والحرفة ولكن فيه هوية في التعبير.. أنا أفكر هكذا حتى أموت مثلاً، والحقيقة كل الفنانين عنهم نوع من.. تلاحظ فناني القرن 19 لما الفنان تخلّص من تكرار أو نسخ ما يراه لأنه حصل ثورة في الفن أن الفنان صار تخلّى على الـ.. ينسخ يعني يرسم ما يرى وبدأ يرسم ما يفكّر فيه، بيكاسو، كل أعمال بيكاسو يعني جيب مثال بيكاسو كل..حتى لما ينسخ بورتريه أو شيئاً يغيّر فيه..

أحمد علي الزين: نعم.

محمد المليحي: نساء.. إذا واحد حكم على نساء بكاسو كلهم بشعات..

أحمد علي الزين: خربط لهن كل المقاييس..[يضحكان]

محمد المليحي: على فكرة كل رسوماته فيها تيران..ها؟ لما يشوف الواحد بيكاسو بدون ما تقرأ اسمه بيكاسو..

أحمد علي الزين: وأنت كل لوحاتك.. كلها فيها أمواج..

محمد المليحي: فيها أمواج.. أمواج ماء لأنه عنصر..

أحمد علي الزين: فيها العنصر الأنثوي الغير يعني..

محمد المليحي: أفريقي وأنثوي، لأن الأنثى هي مصدر الحياة، بدون أنثى لا يمكن حتى في النبات في أي شيء العامل الأنثوي ضروري.

أحمد علي الزين: (موجات المليحي تشمخ جسداً أنثوياً أو تنحني قوساً قزحياً أو تشتعل كنار موقد شتوي، أو تمتد كالنهايات على الأفق وتتكرر في ترددات على شيء من النزعة الصوفية، وإذا أردنا تشبيهها بالصوت فهي تقاسيم ارتجالات تنوِّع على المقامات والدرجات وقرارها دائماً هو هذا الأزرق. [مشهد البحر عند الشروق أو الغروب]

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق