2006-09-29

روافد مع الكاتب أحمد بيضون

إعداد وتقديم

أحمد الزين: تراه أحياناً على طاولته نائياً بأفكاره عن صخب المكان وضجيج الكلام العابر والانفعالي، يعالج بعض الهموم والهواجس بتصريفها على شاكلة بحث أو مقالة، فيحفر في نصه عميقاً ويستخرج منه عينات يخضعها لمختبر عقله التحليلي، يستأنس لحسن ظنه بها بعد تخليصها من الشوائب والترسبات، قبل أن يدفعها إلى التداول لنقرأها مرة كتاباً في نقد التاريخ، ومرة بحثاً في اللغة أو قصيدة عن بنت جبيل أو فصلاً من سيرة عن الصبي اللي عند أبو أحمد، وفي الملمات تأتي على شاكلة بيان.

أحمد بيضون: الذين يريدون حصرنا بين أن نكون مع إيران وسوريا وأن نكون مع إسرائيل وأميركا ليس لهم نفوس تكفيهم ليكونوا مع أنفسهم، ليس لهم نفوس تكفيهم ليطالبونا بأن نكون مع أنفسنا، ولا نحن في عينهم من ذوي الأنفس بما نحن لبنانيون، هم ليسوا موجودين في عين أنفسهم، أو أن لهم أنفساً يكتبون عنا أسماءها فلا يستقيم طلب منهم مع هذا الكتمان، نحن مع أنفسنا بما نحن لبنانيون، بهذا وحده يستقيم لنا التمييز بين العدو والصديق، ونعلم إلى أين نذهب في العداوة وفي الصداقة، ونعلم على الأخص إلى أين نذهب ونعلم ما هي قضيتنا الآن.

أحمد الزين: تراه على هذا النحو أو تتذكره حين تبحث عن صاحب رأي حر صاغه وفق مرجعية العقل المخفف من أثقال الإيديلوجيا، لا يخفي خلف الكلام طموحات رجل يسعى إلى منصب أو زعامة، وإن كان لا بد من وصفه قد يصح ما قاله فيه عباس بيضون مؤرخ وباحث في التاريخ وشاعر ومفكر وسيناريست، هذا ما ظهر إلى الآن من صفات أحمد بيضون ولا يمتنع أن تظهر له صفات غيرها، إذا ضرب في كل شيء بسهم فقد ضرب بسهم واخز وليس في أي من هذه الحقول غريباً أو دخيلاً.

أحمد الزين: طيب دكتور أحمد نحنا على أوائل أيلول من عام 2006 مرة أخرى لبنان يلملم أشلاؤه بعد حرب مدمرة وقاسية، يعني هل هو قدر أن يكون هذا الوطن الصغير ساحة حروب مفتوحة يعني أو لتصفية حسابات دولية، شو قراءتك لهذه الحرب؟

أحمد بيضون: نحنا رهينة الوضع الذي أنشأه وجود إسرائيل في هذه المنطقة، الحرب اللي نشأت هي الأخيرة بسلسلة أزمات وحروب كانت إسرائيل باستمرار بشكل ما طرف فيها، لما حصل تحرير هذا الجنوب سنة الألفين كان مأمول إنه هالبلد اللي بين 67 وبين 2000 عاش فترة أكثر من 30 سنة من الأزمات ومن المذابح ومن موجات الدمار، يكون عنده مجال إنه يستقر، وإنه يعني يدخل ضمن سياق من البناء الذاتي يواكب عملية التسوية اللي كانت في طريقها للانطلاق بهالمرحلة هيدي بالذات مع مؤتمر مدريد، ولاحقاً مع اتفاق أسلو.

أحمد الزين: يعني شو اللي صار، بعد إنه البلد تحرر سنة 2000 مثل ما منعرف كلنا، ومثل ما تفضلت إنه كان مهيأ لبناء نفسه لصياغة نفسه من جديد يعني لبناء الدولة، وتعزز هذا المفهوم أكثر مع الخروج السوري من لبنان، يعني من حوالي سنة ونصف تقريباً، يعني شو اللي حدث على المستوى الدولي والداخلي حتى مرة أخرى لبنان بده يدفع ثمن غالي جداً؟

أحمد بيضون: صار فيه نوع من عجز لبناني عن ترتيب الوضع اللي نشأ بعد التحرير سنة الألفين، استمر الوضع لا يمكن توقع استقراره وثباته هو وجود يعني مقاومة مسلحة، يعني مزارع شبعا اعتُبرت هي الموضوع المستمر لهذه المقاومة، مزارع شبعا ما فيه اعتراف دولي بلبنانيتها، وبالتالي يعني كان أعمال المقاومة وكأنها عم تتم من لبنان لتحرير أراضي بلد آخر هو سوريا، هيدا رغم إنه يعني كل اللبنانيين بيعرفوا إنه مزارع شبعا هي أرض لبنانية، ولكن هالوضع هيدا ما كان مرتب، فكانت المقاومة نفسها مكشوفة تجاه المجتمع الدولي، وكان البلد مكشوف من وراها، بمعنى إنه أي رد من قبل إسرائيل على أعمالها..

أحمد الزين: يكون رد على البلد بشكل عام؟

أحمد بيضون: هو ممكن إنه يكون رد على البلد وما فيه يعني رادع مبدئي لهالشيء، الداعي اللي جعل الوضعية المسلحة مستمرة بالبلد خارج إطار شرعية الدولة هو داعي مركب، يعني هو داعي يتعلق بالصراعات الإقليمية تحديداً بالمواجهة المستمرة بين سوريا وإسرائيل، بالمواجهة بين إيران وأميركا اللي إسرائيل تشكل قوة متدخلة فيها أو قوة احتياطية ضمنها، يعني كان في هالعامل هيدا اللي هو عامل كبير، واللي لولاه لا يُفهم يعني ليش تُسلح وتُمول مقاومة لبنانية تستمر بالحجم هالعدد من السنوات، ويعني من جهة ثانية كان فيه الوضع الداخلي إنه فيه قوة حزبية طائفية فيه بيدها ورقة هي ورقة السلاح، تعلن كل يوم إنه هيدا سلاح ما إله دخل بالأوضاع الداخلية، ولكن يعني هذا الإعلان بالنسبة للأطراف الأخرى ما إله معنى، ما إله أي صدقية بالحقيقة، لأنه طول ما أنت قاعد على سلاح وفيه عندك أطراف ثانية أنت بحالة صراع سياسي معها، الكلام اللي بتقوله وبتكرره ممكن بالحقيقة بظرف محدد تسحبه خلال 24 ساعة، وتقول إنه فيه حدا غلط من الجهة الثانية، فيه حدا تجاوز حده من الجهة الثانية فنحنا بحلّ من الشيء اللي قلناه سابقاً، ويعني الداعي الظرفي لنشوب الحرب اللي نشبت أنا أعتقد هو أيضاً داعي مركب، من أهم عوامله الوضع اللي كانت عم تعيشه غزة، والضغط المعنوي اللي حزب الله يتعرض له من خارج لبنان مش من داخل لبنان، ومن قوى رأي عام مؤيدة له، وفي عنده مكانة على صعيدها إنه قوة مقاومة مسلحة موجودة على الحدود اللبنانية الإسرائيلية، ويعني قوة تسمي نفسها المقاومة الإسلامية كيف لا تتدخل حتى تفرّج عن الفلسطينيين شيء من اللي عم يحصل بغزة، كيف ما بتدّخل مثلاً على خط الأسرى الفلسطينيين اللي همّ بالآلاف، بعتقد هيدا كان دافع رئيسي جعل حزب الله يقوم بالعملية اللي قام فيها ب12 تموز، داعي آخر هو إنه النقاش اللي كان حصل لسلاح حزب الله بجولات الحوار اللي حصلت بمجلس النواب كان فشل بالحقيقة، وكان واضح إن موضوع سلاح راجع على الساحة العامة، بمعنى إنه القوى السياسية والشخصيات السياسية والصحف رح ترجع تتناول هالموضوع بصورة مفتوحة، فكانت العملية اللي صارت يعني مأمول منها أيضاً إنه بالإنجاز اللي بتحققه تطوي البحث في هذا الموضوع على الأقل لمدة طويلة..

أحمد الزين: وبرأيك البحث انطوى في هذا الموضوع؟

أحمد بيضون: بالعكس البحث انتعش، لأنه بحيث الأمر كل أغراض هذه.. كل الأغراض اللي ممكن افتراضها لهذه العملية ما تحققت.

أحمد الزين: صحيح..

أحمد بيضون: لا على صعيد غزة ولا على صعيد إيران ولا على الصعيد الداخلي، يعني اللي صار بالعكس فتح النقاش على مصراعيه.

أحمد الزين: وبتقديرك يعني هل تعقد أمل ما على بناء لهذه الدولة لهذا الوطن يعني المؤجل دائماً الدولة المؤجلة والوطن المؤجل؟

أحمد بيضون: أنا أعتقد نحن على منعطف، وأنا ما عندي ثقة كثيراً بالقوى السياسية اللبنانية، عادة لما بكون فيه مهمات تاريخية كبيرة معظم هالقوى ببين منطوي على أوضاعه ومصالحه المحدودة، وبيبين راغب إنه يحفظ رأسه ويحافظ على الأوراق اللي بييده أكثر ما بيطلع فعلاً بالمشكلة القائمة على صعيد البلد.

أحمد الزين: عرف أحمد بيضون الحياة السياسية والفكرية والثقافية مبكراً، فقد عاش الوسط السياسي التقليدي مباشرة لكونه ابن بيت تعاطى هذا الشأن، حيث كان والده عبد اللطيف بيضون وجيهاً من وجهاء جبل عامل ثم نائباً في البرلمان اللبناني لسنوات طوال، وعرف الحياة السياسية والفكرية بمعناها النضالي والثوري نتيجة تمرده على الصيغ التقليدية وفي البحث عن فرديته، وكان الخروج من العائلية والطائفية إلى فضاء آخر إلى الحزب مثلاً مؤشراً صحياً على نضوج الفرد وثقافته بمعيار ذلك الوقت، وكانت بيروت مختبراً لهذه التيارات المساجلة التي أنتجت كماً هائلاً من الكتابات النظرية ساهم أحمد بيضون بقسط يسير منها.ولكن أمام الحروب الطويلة لم تصمد تلك الأحلام ولم يصمد ناس الأحزاب اليسارية والعلمانية خارج جلودهم الطائفية كثيراً، عادوا إلى طوائفهم حتى المثقفين الذين زايدوا على ماركس أحياناً، وتخطوا لينين في برشفيته وعبد الناصر في عروبته كانوا في مقدمة الطابور العائد إلى خيمة الطائفة ما عدا قلة خرجت إلى أسئلة أخرى، أسئلة جديدة أخذت زاويتها في الحياة للتأمل ساخرة أحياناً من صروف الدهر.

أحمد بيضون: منطق الحرب هو اللي ورا هالشيء، منطق الحرب على إنها مواجهة بين طوائف، ووجود العامل الطائفي كعامل سهل الاستنفار وكعامل مناسب لخوض الحرب، بمعنى إنه تجييش طائفي بوجه طائفي هو أمر أنسب إذا بدك تعمل حرب، من وجود مجموعة عائلات مثلاً بكل طائفة متنازعة فيما بينها على السياسي ومغطاية بالوضع الطائفي نفسه، يعني صار فيه بفعل الحرب عملية توحيد أولية للتمثيل الطائفي أبادت التشكيلات اللي كانت موجودة قبل واللي كانت منقسمة فيما بينها، واللي كانت متنوعة، يعني صار فيه بالحقيقة اختزال للحياة السياسية، اختزال للمجتمع السياسي لأن الحرب هي بحد ذاتها كعمل عنيف تنحو إلى التبسيط وإلى التوحيد القسري، وإلى يعني رسم حلول واضحة بمعسكرات، فهذا الشيء استمر بعد الحرب مش بس استمر بنيت عليه مرحلة ما بعد الحرب، بمعنى إنه عوض ما يواجه هالشيء على إنه نتيجة للحرب غير طبيعية ولازم تتغير بزمن السلم بُني عليه وجرى تكريسه، بمعنى إنه القوى الطائفية حتى اللي كانت بأواخر الحرب فقدت شعبيتها يعني لحد كبير، وكان فيه انزعاج هائل من الناس منها، وحنين لدولة يعني تكون طبيعية بمعنى من المعاني جرى تنصيبها وتسليمها أوضاع البلد، وهالشيء كان مرعي وكان محمي وما حصل بطريقة تلقائية بالحقيقة.

أحمد الزين: يعني قبل الحوار كنا هيك عم ندردش في مسألة الصراع العربي الإسرائيلي، إنه هذا العدو التاريخي اللي هو إسرائيل يبدو هو دائماً بحاجة أيضاً لعدو، لأنه في بنيته وتركيبته وصياغته هو مبني كقوة عسكرية يعني دولة عسكرية، ألم يدرك الأطراف المتصارعة في المنطقة مثلاً على مستوى الدول والأحزاب أن هذا العدو هو بحاجة لصياغة عدو أحياناً؟

أحمد بيضون: يعني عادة على مدى الصراع العربي الإسرائيلي إسرائيل والأنظمة العربية المحيطة فيها كانوا محتاجين لبعضهم جداً جداً، وهالحاجة هيدي كانت قائمة على الأقل من الخمسينات وتركزت بالستينات وفيما تلاها، كان فيه حاجة عند إسرائيل لاستمرار الاستنفار، استنفار هذا الكيان الململم من أربع أقطار الأرض، واللي هو كيان من المهاجرين اللي رغم وحدة الدين ووحدة العقيدة يعني بالآخر جايين من آفاق كثير مختلفة، والعلاقات بينهم تنطوي على مشاكل من كل نوع، فإنه تعمل شعب وأمة من عملية التجميع هيدي اللي حصلت كان هالأمر يستدعي شعور دائم بالخطر والوجود بحالة استنفار، وخاصة وإنه الجيش هو رئيسية بالمجتمع إسرائيلي، من ناحية العرب المحيطين بإسرائيل كان في حاجة للصراع العربي الإسرائيلي لاستمرار أنظمة هي بصلبها أنظمة عسكرية، لاستمرار أجهزتها وتحكم أجهزتها بالناس، لاستمرار قوانين الطوارئ، لاستمرار كمّ الأفواه وتبرير كل أعمال القمع اللي يعني ما إلها علاقة بالصراع العربي الإسرائيلي، وإنما يعني تمارس تحت ذريعة الحفاظ على النظام اللي يقدم نفسه على أنه لا غنى عنه هو لمواجهة العدو، وما في غيره بيقدر يواجه العدو وكل مسّ فيه هو خدمة للعدو، فالحاجة هيدي كانت متبادلة ولا..

أحمد الزين: فيه تقاطع بالمصالح؟

أحمد بيضون: ولا تزال قائمة بشكل من الأشكال حشد الأعداء لبعضهن أمر ماله استثنائي بالتاريخ.هيدي مقاطع من قصيدة عامية طويلة جداً اسمها "بنت جبيل" كتبتها أو على الأصح رندحتها وأنا وسايق السيارة سنة 79 يعني بعد احتلال بنت جبيل بسنة تقريباً: مش مستحي من صحابك ..اللي مصابحين العيد بالقهوةيقولوا شو هيدا مش شعر.. مبين إله معنى شو قصته؟ مبهدل شبابه بو علي ومش.. طارقها غنجة مش عم ينكت بالفصيح ويضحك بالفرنجي شو قصتك قرب العيد وما نطرت توصل على بنت جبيل وتقول جينا على البلد يعني اليوم العيد عيد يا ولد يا ابن ثلاث سنين.. طلوا عليك الأربعين وشوت صرت باخخ مي بهالبيار العالية وراكض على عشرين فخد مكسرين شو عرفك مش كل ما تركض شوي بموت كمشة من الأهل وبضيع بيت من البلد وقف وقول خطّي لمين عم بتقول عيّد يا ولد؟

أحمد الزين: دكتور أحمد أنت بعد 2000 مثلك مثل كثير من الناس والأصدقاء يعني حبوا هيك يبنوا بيت للعمر في مسقط رأسهم بنت جبيل، طلعت عمرت هالبيت فوق ندمت؟

أحمد بيضون: بذروة الحرب الأخيرة ايوه كنت ندمان، كنت ندمان لأنه حسّيت إنه أنا فتت بمشروع هالمشروع استنزفني مالياً بشكل خاص، على كل حال هدا البيت أنا ما فتت عليه لحد هلأ، كان مفروض ادخل عليه وكمل الصيفية مع زوجتي بعد نشوب الحرب بأسبوع.

أحمد الزين: طيب نبقى ببيت جبيل طالما رحنا على الضيعة، طبعاً مثل ما قرأنا وعرفنا إنه انت حبيت تكتشف مهن مختلفة، بدءاً من زراعة التبغ إلى الاعتناء يمكن بحقولها ببساتين التفاح إلى صناعة الأحذية حيناً أو إلى مسألة الخياطة، وأنت قادم من عيلة ميسورة، شو هي الدوافع اللي خلتك تغرد شوي خارج السرب بالبداية وطبعاً وغردت لاحقاً كثير؟

أحمد بيضون: أولاً الوالد ما كان ميسور، الوالد كان رجل محدود الإمكانات جداً، ملاك متوسط وأرضه لا تُدر عليه كثيراً، وكان مزارع تبغ مثل الكثير من أبناء الجنوب، وأنا في بعض الأعمال اللي مارستها بحكم الضرورة يلي منها الشغل بالدخان.

أحمد الزين: للعيش يعني؟

أحمد بيضون: للضرورة لأنه بهيدي العيلة وبالبيت لازم شارك بالشغل، مسألة الصنائع الثانية كنا نحنا نعطي كثير اعتبار وإعجاب واحترام للناس اللي ينتجوا شيء، يعني ينتج قميص، ينتج حذاء، ينتج أي شيء نلاقيه أنه هيدا إنسان فيه عنده قيمة تطلع من أصابعه إذا بدك، كان لي أصدقاء أنا متفرقين بالبلد منهن أحد الخياطين مثلاً، منهن أكثر من واحد من الكندرجية يلي كنت مرّ عليهن، وبما أنه كنت أقعد ساعة وساعتين وثلاثة بلشت أتعلق شوي جرب ساعد أتلمس أصول الصنعة الخ.. بس ما رحت لبعيد بهالمشاهد.

أحمد الزين: لكأن أحمد بيضون منذ تفتحاته الأولى وضعه بداية خط بياني لمسار حياته، فأبو علي لم يرغب على ما يبدو أن يجسّد هذا اللقب كزعيم أو وجيه في بلدته، بل حمله ذكرى جميلة تعيده بين الحين والآخر إلى تلك الأيام في بنت جبيل، حيث تعلم حياة الشجر في بستان أبيه، وسر اللغة في كتاب المدرسة ثم مضى إلى شؤون الفكر والسياسية والتاريخ.

أحمد الزين: يرادف التقليد في أصل معناه إسلام الأمر أو النفس إلى قوةٍ خارج الذات. يفترض أنها ثابتة تتولى الأمر أو النفس باعتبارها أولى بهذا أو بذاك من صاحبها، وتبدأ الجماعة التقليدية زج الأفراد في تكرارٍ هو نقيض الفرادى منذ ولادتهم مستثمرة خضوع نظام التسمية نفسه لسنة التكرار، وكنت بكر الذكور بعد إناث ثلاث ولدن لأبي لم نطلق عليّ اسم جدي الذي كان يدعى محمداً، لم أمثل إذن حالة تكرار اسمي عند انضمامي إلى السلالة، ولكنني دعيت بالتسمية إلى ضرب آخر من التكرار وإدانة التقليد، فقد أُطلق علي اسم كبير الزعماء في جبل عامل آنذاك وهو أحمد بيك الأسعد الذي اقترح على والدي هذا الاسم، هذا الاسم كان مفصحاً إذن عن رسالة عالية النبرة إلى الوليد المسكين الذي كنته، وكان مفترضاً أن أصبح زعيماً شأن من أعارني اسمه، لا لأن من يحمل الزعيم يصير زعيماً بالضرورة وإلا لضاقت البلاد بالزعماء، بل لأن والدي كان زعيماً أيضاً أو وجيهاً بالأحرى، وحين رشح والدي نفسه للانتخابات النيابية كنت في الثامنة من عمري، كان أولاد الحي من أترابي قد وعووا بالسليقة ماهية المصير الذي يتربص بي، فكانوا يطوفون بي الحي محمولاً على أكتافهم وهم يحدون، فما الذي دفع بحياتي بعد ذلك إلى غير هذا المجرى، وجعلني لا أركب كبيراً على تلك الأكتاف التي اعتليتها صغيراً؟

أحمد الزين: طيب دكتور أحمد يعني أنت لم تستأنس كثيراً بإعدادك إذا صح التعبير كوريث للوالد، معروف إن عادةً ابن النائب بيطلع نائب، وابن الوجيه وجيه، ربما كنت تسخر أيضاً من هذه المناخات اللي فيها شيء من الجدية وذهبت إلى غير مكان، يعني شو سبب هالخروج؟

أحمد بيضون: طبعاً أنا ووالدي جيلين، هالجيلين هدول إذا أخذتهن على غير الصعيد الشخصي مختلفين، الأشياء اللي يولوها انتباه اللي هي موضع تركيز بالنسبة لهم، والدي طبعاً كان شخص يعني يجمع بين التركيز على المشكلات المحلية بأدق تفاصيلها، وبين الاهتمام بمشاكل عامة جداً، يعني ما كان بعيد لا عن جو الحرب الفلسطينية ولا عن جو الناصرية لاحقاً، ولكن نحن يعني نشأنا على الرغبة مش بس بمتابعة هالأمور على الرغبة على التدخل فيها..

أحمد الزين: كانت المرحلة مؤاتية آنذاك.

أحمد بيضون: جيلنا يعني شهد ولادة نوع جديد من التنظيمات اللي فاتت آبائنا يعني ما كانوا هن عاصروها، وهاي التنظيمات كانت تحكي كلام بدا جديداً بالمنطقة، بعدين نحن تعلمنا أكثر من آبائنا، المدرسة شكلت يعني وسط تنشئة مقابل للعيلة يعني، فوصلت لوضع الحقيقة إنه على الصعيد السياسي صلتي ضعيفة جداً باختيارات والدي، وبنقاط التركيز اللي كان هو يصبّ عليها جهوده، ويعني أيضاً بشكليات المقام، شكليات المكانة اللي نحن كجيل أيضاً مرة ثانية يعني كنا صرنا كثير ديمقراطيين أكثر، يعني كثير هالنوع من التصنيف يزعجنا، ولا نأنس له ولا نألفه.

أحمد الزين: الخروج الأول كما يسميه أحمد بيضون أدى به إلى خيارات سياسية وفكرية، وكانت موجة حركة القوميون العرب آنذاك تدغدغ مخيلة وطموح ذلك الجيل لكنها لم تحمله بعيداً إلى اللجة، ولعل الانفصال الذي حدث بين مصر وسوريا سنة 1961 عجّل في مغادرته إلى خيار آخر إلى الماركسية، ثم إلى تأليف حزب لبنان الاشتراكي مع بعض جيله، ثم غادره إلى منظمة العمل الشيوعي قيادياً، لكنه أيضاً لم يصمد نتيجة خلافات ورؤى متناقضة وهكذا طلّق ثانيةً العمل الحزبي والسياسي.

أحمد بيضون: خط العمل اللي نحنا كنا ماشيين فيه كان مبني على رغبات راديكالية، وكان يصطدم على طول بالعقبات اللي جاية من أوضاع البلد ومن ثقل الانتماءات التقليدية بالبلد، والتنظيمات اللي اشتغلنا فيها، ما كان يمضى ست شهور ما تمرّ بأزمة ما بانشقاق ما بخروج ناس إلى آخره، بوحدة من هذه الأزمات كنا نحنا اللي طلعنا وتركنا التنظيم بمعنى من المعاني ورانا، وحاولنا إنه يعني نستأنف نوع جديد من العمل الحقيقة بدا بسرعة إنها مرحلة مشرفة..

أحمد الزين: قبل الحرب يعني.

أحمد بيضون: وأنا كثير مسرور بهالشي..

أحمد الزين: وهيدا اللي بدي اسألك ياه.

أحمد بيضون: هيدا لأنو ما دخلت بالحرب وأنا موجود بإطار حزبي ما بعرف وين كان ممكن يأخذني أو آخذه، جيد إنه طلعنا من هالقصة وقدرنا نواجه بهيك يعني أفق غير مقيد، باعتبارات تنظيمية وما إليها واقعة الحرب نفسها، يعني قدرنا نشوفها بدون قيود وبدون تحفظات ومرجعيات تمليها أوضاع تنظيمية وتمليها مصالح لجماعات وما إلى ذلك.

أحمد الزين: طيب دكتور أحمد تقول هيك في حوار أجري معك في بعض الصحف، الماركسية تخفي وراء رؤوسها صرخة عدالة، في هذا المعنى فإنها تخاطبني كشيعي، لكني أقرب إلى الاعتقاد أن الماركسية كانت لي نوعاً من الخروج إلى المدينة، إنها أغميت شخص وحيد يحتاج إلى أصدقاء وإلى وسط متضامن معه وأليف، طيب أولاً ليش هذه الماركسية صرخة العدالة فيها تخاطب أحمد بيضون الشيعي، يعني لا تخاطب أحمد الزين السني؟ لأ هذا الإحساس والاضطهاد هو نتيجة وراثة..

أحمد الزين: شعور الجماعة الشيعية على طول بأنها مقصاة وبأنها مظلومة ومغبونة إلى آخره.. اللي هو أمر مش دائماً صحيح ومش صحيح بالنسبة لكل الناس، بس هو تاريخياً يعني غالب فيما يتعلق بهذه الجماعات..

أحمد الزين: هذا الشعور بالاضطهاد..

أحمد بيضون: اللي اسمها الجماعات الشيعية، فالماركسية أنا أقول إنه فيها صرخة عدالة رغم إنها هي في بعض صيغها على الأقل بعض صيغها المنتشرة والقوية بتنكر هالشي، يعني ماكسيل تقول إنها هي تعبير عن مسيرة التاريخ مش مسألة ظلم وعدالة، مش مسألة إن ناس بدهن يُنصفوا من ناس ثانيين، وإنما مسألة إنه في منطق تاريخ يجعل طبقة تنمو وتقوى وتصبح مالكة لوسائل طموحها، وطبقة أخرى تتراجع وتنهار تحت وطأة أزمة موضوعية بالنتيجة.

أحمد الزين: نعم، الشق الثاني من السؤال أنه هي عملية خروج من المدينة، يعني هي الماركسية بتقديرك اللي ذهبت في اللي أخذتك بهالرحلة نحو المعرفة نحو التنوع؟

أحمد بيضون: الماركسية كانت إطار تصوري كثير مناسب، حتى واحد منّه من هذا المدينة وجاية عليها من قريته وما بيعرف كثير ناس وما بيحس إنه مقبول، وما إله دخل بنسيج العلاقات اللي تتشكل منه المدينة، مدينة عربية مثل بيروت يعني علاقات العيل وعلاقات الأحياء ناس بيجو بيعملوا شبكة فيما بينهن شبابنا بسموها تنظيم ثوري تنظيم ماركسي، أولاً بحطو حالهن من موقع قوة فوق كل هالشبكة هاي اللي تتشكل منها المدينة وبيصيروا بصورة رمزية وكأنهن فايتين على المدينة فوتة فاتحين، إنو فايتين لليغيروا فايتين ليقلبوا الأوضاع وفايتين من موقع استعلاء على كل العائليات والطائفيات وما إلى ذلك، فبهذا المعنى المستضعف اللي جاية من ضيعته واللي الحقيقة ما في بيديه شي ليحمي نفسه من هذه المدينة المتماسكة على منطق قوة ما إله حل فيها.

أحمد الزين: لعل طموح المثقف الشامل ليس وقفاً على أحمد بيضون لكنه لم يصح بمثل ما صح معه، فقد أمكن له أن يشق خطه وسط متعارضات كثيرة وأن يتغير بدون قطع، ويستقل بدون نبذ ويعترض بدون أن يغدو ملعوناً، فعرف أن يكون حراً ومتوازناً ومعتدلاً ومنفصلاً ومتصلاً في آن، ثم أن أحمد بيضون من القلة الخلاقة حيث أن الفكر عنده أيضاً ابتكار وخيال ونفاذ، وإذا جمعنا ذلك كله تبين لنا كيف يكون أحمد بيضون مثلاً لمفكر لبناني ولمفكر عربي ولمفكر في العالم هكذا يصفه عباس بيضون.

أحمد الزين: طيب على مستوى اشتغالك بالهواجس اللبنانية إذا صح التعبير، اللي أنت على ما يبدو صرت معني فيها أكثر من السابق، يعني عندك الإحساس لبنانيتك أكثر من السابق، تحسّ فيه سقف معين فيك تحكي تحته أم فيك تخترق السقف، يعني عندك محظورات في تناول الموضوعات، بتخاف يعني تستخدم كل جرأتك في الكلام في الموضوعات؟

أحمد بيضون: لا أحب إذا دخلت بموضوع أقول أنصاف حقائق، ما بحب يعني ألجأ للمراوغة، ما بحب يعني ضلل الناس اللي عم يقرئوني وأعمل حالات سوء فهم طويلة عريضة، فوقت أشعر إنه فيه خطر حقيقي من التلفظ بكلام معين لا أقوله، خصوصاً إنه أنا ولا مرة فتشت على حمايات الحقيقة، يعني فيه ناس بقولوا كلام جريء فبدك تشوف من وين عم يحكوه هالكلام، طبعاً هيدا ما بيمنع الواحد يحترمهن ويحيهن، بس يعني بيكون عم يحكي شخص مش حاطط دمه على كفه مثل ما عم بيقولوا على الأقل مش بالضرورة، لأنو فيه مؤسسة ما بترعى وضعه تجعل لإيذائه يعني وقع يمكن ما يكون مرغوب فيه عند الناس اللي بدهن يؤذوه أو في شبكة صلات أو ما إلى ذلك، أنا من أضعف الناس بهالمجال لأنه ما عندي أي حماية، وقت اللي بدي احكي أي شي أنا على عاتق نفسي وعلى مسؤولية نفسي وبيدي العاريتين ما في حدا يحميني مطلقاً، يعني اللي يمكن يتكرم بكلمة تضامن دائماً أنا ممنونه بس أنا لا أشعر أني منتمي لوسط سلفاً مستعد أنو يدافع عني.

أحمد الزين: يعني بهالمعنى المثقف النقدي يوماً بعد آخر يشعر أكثر بتهميشه وبعزلة وبغربة، يعني الكثير من المثقفين عندهم شعور بالخوف، نتيجة هذا الخوف فيه صمت ونتيجة الصمت رح يعم الجهل وتفسد الأمور.

أحمد بيضون: المثقفين العرب مش كلهم موجودين بنفس الشبكة من المحظورات والمسموحات، يعني إذا أنت بتطلع مثلاً بلبنان بتطلع بمصر بتلاقي في البلدين قسط من الحريات ولكن مش هي نفسها، ولكن في مواضيع فيك تخوض فيها بلبنان بمصر بتعمل لك مشاكل كبيرة بتفوتك على السجن أو بتطلعك من البلد..

أحمد الزين: على طريقة ناصح أبو زايد يعني..

أحمد بيضون: مثلاً، فنحن مش كلنا بنفس الأوضاع إذا عم نأخذ الأمر على صعيد العالم العربي، يعني المغاربة بيحكوا بانطلاق أكثر من التوانسة، اللبنانيين طبعاً بيحكوا باطمئنان أكثر من السوريين، العراقيين هلأ بيحكوا بكل الاتجاهات مع إن خطر الذبح وارد دائماً بالعراق الحاضر إلخ.. يعني الأوضاع متنوعة، بالنسبة للبنان كسرت قيود كانت موضوعة على الكلام من سنة ونصف لهلأ، يعني من لما طلع البلد من كان يسمى..[فاصل إعلاني]

أحمد الزين: إلى جانب هذا وذاك في الفكر والتاريخ والسياسية لأحمد بيضون تجارب أخرى في حقول الإبداع في السينما مثلاً ككاتب سيناريو فيلم بيروت اللقاء الذي أخرجه برهان علوية، وأيضاً له تجربة في الشعر الذي يقوله.

أحمد بيضون: الشعر هو أكثر إحساس بعلاقات بين الكلمات بين الصور، وهو إطلاق للكلام العادي، هو نوع من زكزكة، نوع من تحرش بكلام المطمئن الواثق من نفسه، المتيقن من معانيه ومن قدرته على أداء هذه المعاني، فالشعر هو تحرش بهالنوع من الكلام ويعني إذا بدك بفرجيه قيمته لهالشي من الكلام.

أحمد الزين: بحطه عالمحك.

أحمد بيضون: هلأ فيما يتعلق بالكتابة يعني أنا أكتب بمجالات تُنسب للعلوم أحياناً العلوم الاجتماعية أو العلوم الإنسانية يعني أكتب، بس ما أقبل ولا مرة قبلت أنو استغني عن شي بسميه الموقف الأدبي الكتابي.

أحمد الزين: هذا نتلمسه دائماً في كتاباتك يعني دائماً في شاعر أو أديب يتخفى ويظهر خلف تلك النصوص.

أحمد بيضون: إي أنا أعتقد أنه شيء مضحك افتراض إنه لازم يكون مخشّب ويابس وجاف..

أحمد الزين: حتى توضح فكرة..

أحمد بيضون: حتى يقولوا أنو أنت عالم اجتماع الآباء المؤسسين للعلوم هيدي اللي عم نحكي عنها هم أدباء من الأفذاذ بأعمالهم العلمية نفسها، يعني واحد مثل فرويد هو أديب عظيم صاحب أسلوب فذ، ماركس نفسه هو شخص كتابته مشرقة وفيها فكاهة وفيها قدرة على السخرية كبيرة جداً.

أحمد الزين: طيب هذا التنوع في المدارك والمعارف هي الثقافة الشبه شمولية عند أحمد بيضون ألا تشتتك عن مشروع معين تنوي القيام به مثلاً؟

أحمد بيضون: يعني ما أعتبر حالي من الناس اللي بيعرفوا كثير أو من الناس اللي قروا أكثر ما بيقرأ غيرهن، ما بعتبر حالي يعني ملّم بمعارف بصورة استثنائية، بس أنا متعلم بمعنى إني أحب أتعلم، فلما يُعرض لي موضوع اسأل نفسي إنه إذا عملت الجهد اللازم بقدر طلّع شي هيك تعلمت تباعاً عدة صنائع إذا بدك، هيك تعلمت اكتب نصوص تاريخية وتعلمت اكتب نصوص سياسية، وتعلمت صناعة المعاجم ما يسمى وتعلمت اكتب بشؤون اللغة.

أحمد الزين: على سيرة اللغة تبدو اللغة دائماً هاجس عند الدكتور أحمد بيضون اللغتين إن صح التعبير الفرنسية والعربية، يعني هل تجد أن اللغة هي فضاء أخير للمثقف أو هي تعويض عن خسارة معينة ربما خسارة طفولة ربما خسارة أمكنة ربما خسارة وطن خسارة حب؟

أحمد بيضون: اللغة هي بالتأكيد عالم، وأنا حقيقة موجود بهذا العالم بالطاقة اللي عندي ياها وبكل المحبة المستطاعة لهذا العالم، بمعنى إني أتأمل دائماً بالعلاقات بين الكلمات لما بكتب أحياناً لما بحكي ما بترك الأمور هيك على سجيتها بحيث إنها تطلع العبارة نشاز أو تطلع العلاقة بين لفظين علاقة غير مستقيمة، فأولي الكثير من العناية للغة سواء باكتشاف إمكاناتها، وبتصحيح العيوب الاستعمالية اللي ممكن أنا أكون معرض لها بالمجال اللغوي، أو ابتداع صلات خلال ممارسة الكتابة، هيدا صحيح ممكن يشيلك من العالم الأصلي اللي أنت فيه، يعني عالم العلاقات الإنسانية والصداقة الحب، يعني ممكن فعلاً يشكل شرنقة ويعزلك، ما فيه شك إنه هي إمكانية الشرنقة هي شيء محتمل، بس مع هيدا الشغل على اللغة بحاجة لكل أنواع العلاقات بالعالم، لأن العلاقات هيدي هي المحل اللي أنت تمتحن فيه إمكانات اللغة على علاقات فعلية مع بشر.

أحمد الزين: خلال الدردشة من يومين قلت لي أنا خلال سنتين بطلع على التقاعد من الجامعة أنت طبعاً أستاذ بالجامعة..

أحمد بيضون: أقل بكثير..

أحمد الزين: خلال شهرين أو ثلاثة أشهر يا ريت سنتين، عندك هيك شعور إنه بوطأة العمر بوطأة الزمن.

أحمد بيضون: أعتقد إنه الشعور هيدا عم يجي شوي شوي بهدوء، منّه طاغي منّه مؤذي.

أحمد الزين: تشتاق لبنت جبيل؟

أحمد بيضون: آخر مرة طلعت بعد خرابها، يعني أول ما هدأت الحرب، وقررت ما عود اطلع بالوقت الحاضر، تجولت بالبلد وأخذت صور ما كنت حزين كنت غضبان جداً.

أحمد الزين: على مين كنت غضبان.. غضبك على مين؟

أحمد بيضون: غضبي على كل التصرفات يلي أدت لهذا الوضع، لأنه أنا بنظري جازم بهالشي هذه الحرب كان يمكن تجنبها وكان لازم تجنبها، ويعني ما باخذ النظرية اللي بتقول سواء كانت جاية من عند سيمون هرش أو من عند حزب الله إن إسرائيل كانت بدها تشن حرب بعد شهرين، ليش استبقي بلبنان الوضع يلي يسمح إسرائيل إنها تشن حرب على لبنان؟

أحمد الزين: ويطول الحوار مع الدكتور أحمد بيضون ويجيب بهدوئه المعهود وبانتقائه للكلمات على أسئلة طالت جوانب من سيرته، وجوانب من موقفه ورؤيته لمسار الأحداث صريحاً جريئاً وساخراً كعادته، نتركه خلف مكتبه يجوجل بعض الأفكار لصياغتها ربما نصاً في التاريخ أو في موضوع علوم الإنسان لعلها تسعف على رجاءٍ ما وعلى الأمل.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق