أحمد الزين: المعرفة كالدولة كلاهما سلطة، وإذا كانت الدولة سلطة دائماً فإنه ليس كل معرفة سلطة، بل أن المعرفة قابلة لكي تكون ذلك كلما ادعت أنها وحدها الحقيقة فيسعى معتنقوها إلى تجسيدها في سلطة تلغي تعدد المعارف، وتفرض على الجميع نظامها العقائدي، وعلى هذا النحو قامت النظم العقائدية الاستبدادية. أظن أن هذا الكلام خاصته يشكل مدخلاً جيداً للتعرف على هذا الرجل في ثوبه الآخر غير الدبلوماسي في ثوب المفكر الذي شغلته منذ بداياته مناضلاً من أجل حقوق الإنسان مسألة الاستبداد بكل تجلياتها، وبخاصة منها ما يدعي الحق المطلق. الدكتور علي أومليل السفير المغربي في لبنان عرفه الكثيرون منذ سبعينات القرن الماضي مناضلاً من أجل الديمقراطية، الدكتور علي أومليل جاء إلى الفكر من مرجعية السؤال ليس من مطلق عنده إلا شريعة السؤال والاختلاف وحرية التعبير، هاجسه البحث والنضال الدؤوب للخروج من أنفاق وكهوف فكرية إلى رحابة التعدد والاحتفال بالحياة بشرعية عيشها بشرط الحرية والاختلاف، إلى رحابة السؤال الذي يحرك سكونيات المطلق و الثابت وغير القابل للمس أو للجدل أو حتى للتفكير.
أحمد الزين: دكتور علي تبدو في كل يعني نشاطك في حقول المعرفة وحقوق الإنسان في كتاباتك العديدة، كأنك تخوض معركة من أجل الديمقراطية. وكما تعلم أن هذه الديمقراطية أعدائها كثر يعني وأسلحتهم أكثر وفرة وجهوزية، ما الذي تراهن عليه، هل هو الوقت؟
علي أومليل: الوقت وحده لا، لا يمكن أن نكتفي بإعطاء الوقت للوقت، يجب أن يكون هناك عمل مستمر أولاً التربية على الديمقراطية تأصيل قيمها، وهي عملية صعبة. لماذا الديمقراطية بالنسبة لنا؟ لأن مجتمتعاتنا فيها تعددية، أغلب المجتمعات العربية فيها تعددية، التعددية الدينية الواوية عرقية.. فداخل الكيان الوطني الواحد والدولة الوطنية الواحدة ينبغي أن يكون هناك آليات منظمة للتدبير التعدد الذي هو واقعي في مجتمعاتنا على أساس تعاقدات تتجدد، وعلى أساس أن يعي الفرد وتعي كل الفئات بأنها مشاركة مشاركة حقيقية بأنها مندمجة اندماجاً حقيقياً، بطبيعة الحال مفهوم التعاقد يعني أن المجتمع مفتوح دائماً على تغيرات على إصلاحات، لأن المجتمع هو مجتمع في الزمان، والتغير الداخلي هو تغير المحيط، ولذلك الديمقراطية هي أكثر من عملية انتخابية لأنها هي التربية على الديمقراطية وهي جعل المجتمع متعايش ومندمج وأيضاً معاصر لمحيطه العالمي.
أحمد الزين: نعم، يعني لو أردنا الآن هيك أن نعمل نوع من التوصيف لصورة عالمنا العربي يعني على الأقل، يعني كيف بشوفها الدكتور علي أومليل؟
علي أومليل: النظرة الأولى تدعو إلى التشاؤم، أدائنا الاقتصادي ليس بالشكل الذي يجعلنا الآن منتجين ومندمجين في القطاعات المتقدمة في الاقتصاد العالمي، نسبة الأمية مرتفعة في معظم البلاد العربية، مؤشرات التنمية البشرية جد ضعيفة، وبعض الدول العربية أصبحت الدولة نفسها مهددة بالتفكك.. مهددة بالتفكك، وأيضاً صعود قوى موغلة في القدم صعدت إلى السطح وأصبحت تصارع ما عداها وتتصارع فيما بينها، ولذلك النظرة الأولى كما قلت هي تدعو إلى التشاؤم، ولكن من جهة أخرى أول مرة دخلنا في الجد، باعتبار أنه أول مرة نطرح للنقاش والنقاش الجدي الكبير قضايا لم تكن مطروحة للنقاش. مثل علاقة الدين بالسياسة، كنا نقول إنه لما يكون البلد كله مسلمين يقول كلنا مسلمين.. لما يكون هنا متعدد نقول الدين لله والوطن للجميع، ولكن الفكر الديني لم يكن دخل معمعة إصلاح جذري لأنه حتى في التجارب الأخرى حصل هناك إصلاح ديني في الغرب وهو الذي مهد للفكر السياسي الجديد والفكر الاقتصادي الجديد، ولذلك أقول أول مرة بدأنا نطرح مثل هذه القضايا علاقة الدين بالسياسة، موضوع المرأة هل هي مواطنة كاملة المساواة في الحقوق والواجبات، كذلك القضية اللغوية أصبحنا نناقشها وكانت يعني مرجأة، الديمقراطية ليست كما قلت عملية انتخاب وإنما ينبغي رفع مستوى الوعي العام، مثلاً نأخذ الآن في استفتاء عام موضوع المرأة وهل هي مساوية للرجل في الحقوق والواجبات أم لا؟ سنجد على كل حال أن المدافعين عن الحقوق المتساوية للجنسين ديمقراطياً سيُهزمون في كثير من البلاد العربية.
أحمد الزين: في كتابه السلطة الثقافية والسلطة السياسية قام الدكتور علي أومليل بعرض وتحليل تاريخيين لنشوء سلطة الفقيه التي كما يقول أنها جاءت من القراء الأوائل للنص الديني، وأسهب في الوقائع ليخلص إلى القول إن للفقهاء سند ومرجع يعودون إليه لتثبيت دورهم وسلطتهم، على عكس المثقف المعاصر الذي يشكو من تغييب لدوره وتهميش لرؤيته ولفعله وتأثيره لكون مرجعيته هشة لا سند له بالمستوى المتحقق لدى الفقهاء، ويعود الدكتور علي أومليل إلى الظروف التي أسست لنشوء دور المثقف في أوروبا مثلاً، وإلى مسألة الالتزام التي نادى بها جون بول سارتر وأصبحت تقليداً لدى الكثير من الكتّاب والمثقفين العرب، الذين كما يقول عنهم إن بعضهم أضاع وقته في تبني الشعارات ونسي الشعار الأساسي الذي يسمح له بالتعبير وهو الديمقراطية.
علي أومليل: إذا كان مثلاً للمثقف في كثير من البلدان غير بلداننا له الحرية لكي يعبر و لا مشكلة في ذلك، وإذا كانت الرقابة اختفت لعدد من الدول فبفضل نضال طويل لمثقفين وقوى أخرى، يعني ورائهم أجيال من نضال..
أحمد الزين: أسست..
علي أومليل: نعم بطبيعة الحال، ولذلك فالمثقفين العرب الذين يدعون إلى الالتزام، قبل أن يلتزموا بهذه القضية أو تلك هذا قد يختلفون عليه، لكن الشيء الذي لا يمكن أو لا ينبغي أن يختلفوا عليه وهو التزام من أجل الدفاع عن حرية التعبير لكي تكون شيئاً مكتسباً ولا رجعة فيه.
أحمد الزين: أنت بهذا السياق في مكان ما من كتاباتك تحمّل المثقفين نوع من مسؤولية أنهم أضاعوا الكثير من الوقت لأنهم راحوا يدافعون عن شعارات، ما دافعوا عن قضيتهم حتى يكتبوا يعبروا عن آرائهم كما تذكر يعني.
علي أومليل: المثقفين العرب ولمدة طويلة وكأنه يخجل من أن يعبر عن نفسه ككاتب كمثقف، يبحث دائماً عن سند يسنده حزب، ودخل في رأسه نوع من الشعبوية السطحية أنه ينبغي أن ينزل إلى الشعب أن يكون قريباً من الشعب أن يعبر عن الشعب، التسطيح في التفكير التسطيح في طرح القضايا، الجري وراء الشعارات، عدم إثارة الجماهير بقضايا.. بطرح قضايا يعني ليست هي مستعدة بعد لقبولها، ولذلك هذه الشعبوية أهلكت طويلاً المثقفين العرب.
أحمد الزين: تتحدث دكتور علي عن دائماً عندما يعني في مسألة الحداثة أنه كيف تتحقق الحداثة، ينبغي أن يكون هناك حامل اجتماعي، وكما تعلم أنه في الغرب تحققت الحداثة بعد أن تمت عملية عقلنة للدين وللحياة الاجتماعية، بتقديرك هل من الممكن يعني عقلنة مجتمعاتنا اللي هي إلى حد بعيد تعيش في مسألة الخرافة حيناً وفي الغيب؟
علي أومليل: هو في كل مجتمع في حتى المجتمعات اللي هي مصنعة متطورة، يعني فيها دائماً جانب من الغيب جانب من الخرافة أيضاً، جانب من الأساطير يؤمن بها أناس كثيرون، ولكن السير العام للمجتمع عقلاني، تنظيم الاقتصاد تنظيم الأسرة البيت، تنظيم الوقت. بطبيعة في التجربة الغربية المؤسسة الاقتصادية كانت رائدة عقلنة الاقتصاد أن ينفصل تنفصل الورشة أو المعمل عن البيت، وأن تكون عقلانية في الإنتاج وفي التسويق وفي التخطيط هذه تعممت، حين نتحدث مثلاً عن ديكارت، الديكاترية هي التفكير العام الذي أصبح عقلية عامة تصبح يعني آلية تدرس في المدارس، يربى عليها تربوياً الطفل. حين يكتب مثلاً إنشاء مهو هذا طريقة تفكير. هي التي نقول إن العقلانية ينبغي أن تكون قاعدة أساسية للتفكير تسنده قاعدة اجتماعية موجودة، تنظيم المجتمع..
أحمد الزين: هذه القاعدة الاجتماعية اللي تسميها حامل اجتماعي متوفرة عنا في عالمنا العربي الآن لهذا الاختبار العقلاني؟
علي أومليل: أغلب مجتمعاتنا مشطورة شطرين، يعني تواجد القديم الحديث العقلي مع الخرافي وليس هناك حسم لمسيرة العقلانية. إضافة بطبيعة الحال إلى أنه حين تتحدث مثلاً عن قيم عقلانية ينبغي أن تكون هناك حاجة إليها لدى الغالبية من الناس، من قال لك إن حرية التفكير وكذا يعني حاجة عامة عند الناس، المثقف نعم ولكن عنده مشاغل أخرى، العدل له قاعدة أوسع من قيمة الحرية.. من قيمة الحرية..
أحمد الزين: لأنه أيضاً لها سند فقهي..
علي أومليل: إيه..
أحمد الزين: طيب، هناك بعض من المفكرين يعني يدعون إلى القطيعة مع التراث، أنت مع هذه الدعوى؟
علي أومليل: إذا سالت أي واحد هل تقبل أن تكون لك هويتك وأن تكون لك شخصيتك الفردية والجماعية أم أن تذوب في الآخرين؟ لا أحد يقبل أن يفرط في هويته عن سبق أصرار، لا أحد. لكن ما هي هذه الهوية؟ هو السؤال. الهوية التراثية يتخليها كالتحفة، ثار فوقها غبار الزمان وما عليه إلا ينفض الغبار أو أن يلمعها ليعود لها بريقها. وأن الهوية تمت واكتملت في وقتٍ ما من الماضي وما علينا إلا أن نخرجها بين الفنية والأخرى، في حين أن الهوية شيء يُصنع باستمرار، أن تكون أنت ولكن في عالم اليوم وليس كما كان أجدادك مستحيل. فهنا مسألة التراث الخطورة في هذه العقلية التراثية هي هذه، أنك تدرس التراث بعقلية تراثية.. بعقلية تراثية، ولا تتخذ منه نوع من المسافة التي هي ضرورية لكي ترى بوضوح.
أحمد الزين: وبتقدريك هؤلاء المفكرين اللي عم يشتغلوا دائماً بذهنية إعادة تجديد هذا التراث، يعني هل هو قابل للتجديد هذا التراث؟ يعني هل يعني العصر يحتمل حضور هذا التراث فيما لو تجدد أو حتى إذا تجدد يعني؟
علي أومليل: أي من مفكر من المفكرين القدامى سواءً وعى بذلك أو لم يعي تفكيره كان يدور في إشكالية معينة، لكن إشكالية اليوم تختلف تماماً، أن نستثمر التراث في عملٍ سياسي مثلاً، السياسي عنده مشروع ويريد أن يروجه فيستعمل..
أحمد الزين: يستدعي التراث..
علي أومليل: يستدعي التراث سوءاً آيات قرآنية كريمة أو تراث أو شي هذا شيء مشروع، لكن المثقف ينبغي عليه أن يأخذ نوع من المسافة لأنه ليس عمله الدعاية ولا الدعوة، الذي يقلق هو تضخيم التراث والتنافس على تضخيم التراث في برامج الدراسة في الكتب التي تُنشر، الآن أي معرض من معارض الكتب في أي بلد من البلاد العربية أكثر من نصف الكتب المعروضة كتب تراثية.
أحمد الزين: الغرق في التراث والتنافس على تضخيمه واستحضاره لحل معضلات العصر والشعور بأن كل شيءٍ تحقق في تلك النصوص من الهوية إلى المعرفة إلى الانتماء إلى العلوم المعاصرة حتى إلى المستقبل، تفكير يؤسس للمزيد من الغياب عن العصر والخروج من التاريخ هذا ما يستنتجه القارئ لأعمال الدكتور علي أومليل.
أحمد الزين: فكرة الدولة هي أيضاً واحدة من اشتغالات الدكتور علي أومليل ومجالات بحثه، وكما عُرف في طريقة تناوله ودراساته للموضوع دائماً يعود إلى تاريخية الأفكار بقراءاتٍ نقدية دقيقة، راصداً لنموها وتطورها قائماً بمقاربات ومقارنات بين المفاهيم والمصطلحات والمعايير، ومنطلقاً دائماً من أسئلته الفاحصة، وعلى هذا النحو مثلاً تراه يجيب على سؤاله كيف طرحت مسألة الدولة في الفكر العربي الحديث، أو ما هو السبب الذي فسر به المفكرون العرب الإسلاميون المحدثون تأخر بلدانهم؟ ويجيب في كتابه "الإصلاحية العربية والدولة الوطنية" على هذه الأسئلة وسواها.
علي أومليل: أغلب الدول العربية لم تكن دولة مؤسسات، ليس هناك انتخابات نزيهة ليس هناك تداول للسلطة ليس هناك محاسبية، الذي ساعد على هذا الأمر هو أن التعددية عندنا شيء ينفر منه الناس بفعل ثقافة تقليدية، جعلت الحاكم يختزل في ذاته الشعب، الشعب هو الحاكم والحاكم هو الشعب، ليس هناك تنظيمات المجتمع العصري لا حزبية لا أحزاب حقيقية ولا نقابات حقيقية ولا جمعيات حقيقية، ويسيطر هذا الحاكم على الإعلام ويحتل المجال العام كله بل يتدخل حتى في قولبة الناس، برامج التربية والتعليم أغلبها دعاية له ولنظامه، وكذلك باحتكاره للخطاب هو لوحده الذي يخطب والناس عليهم أن ينصتوا، وللأسف البديل لم يكن في الكثير من الأحيان عن هذه الدول الشمولية التي فشلت ليس هو نظام ديمقراطي في تداول السلطة ومؤسساتي، البديل كان هو صعود من أحشاء المجتمع للتنظيمات التقليدية من غياهب الزمن القديم، صعدت الطائفية، صعدت العرقية، صعدت.. يعني هذا هو البديل الموجود الآن.
أحمد الزين: هذا البديل المتوفر الآن يعني اللي عم يهيء نفسه ربما للحلول لاستلام السلطة، ما كانت تلك الأحزاب مثلاً السلطة أو حتى في بعض الأحيان البلدان الأخرى اللي ما حكمتها أحزاب ايدولوجية، بتقديرك أنت مع أنه يعني يخوض هذه التجربة مثلاً مع أنه الأصوليين يستلموا بعض السلطات.. يديروا دفة الحكم في بعض بلدان العالم العربي؟
علي أومليل: الجواب ليس سهلاً ولكن إما أن تكون ديمقراطياً أو لا تكون.
أحمد الزين: إذا كنت ديمقراطي يجب أن تسمح لهم يستلموا السلطة؟
علي أومليل: بطبيعة الحال.. بطبيعة الحال، ولكن هل هو بالفعل شرط أن يقبل العملية الديمقراطية بكاملها ليس أن يستعملها سلم يصعد به ويكسره، ففي هذه المسألة لا بد من تجارب مريرة لكي نصل إلى نوع من التوازنات التاريخية، وأعتقد أن الناس عليها أن تجرب ما دام بعض الأحزاب التي تحمل شعاراً دينياً تعد الناس بأحلامٍ وردية، فليجرب الناس فليجربوا.. كيف سيسيرون اقتصاداً كيف سيقيمون علاقات دولية، كيف سيتعاملون مع نظام تربوي المفروض أن ينتج ناس مندمجين في عالم اليوم.
أحمد الزين: طيب، دكتور علي تقول في مكان ما لا يوجد علم سياسي في تراثنا الحضاري ليسعفنا على عملية التراكم، غياب هذا التراكم السياسي في تاريخنا هو بتقديرك كنتيجة تغلب علم الفقه والعلوم الإسلامية والفلسفية على قيام أم هناك أسباب أخرى يعني؟
علي أومليل: إذا رجعنا إلى تراثنا نجد أن موضوع السياسة تطرق إليه الفقهاء والفلاسفة. تطرق إليه الفقهاء من وجهة نظر شرعية أو دينية مثلاً في مبحث الإمامة أو في كتب الأحكام السلطانية، حين بدأ هناك نوع من فسح المجال لمنطق السياسة وليس فقط لكتاب منطق الشريعة ليكون هو وحده الشامل، فكتب الأحكام السلطانية اتجهت هذا الاتجاه وكذلك ما يسمى بالسياسة الشرعية التي حاولت أيضاً أن تدخل جانباً من السياسة الدنيوية في السياسة الشرعية، هذا هو.. هذه السياسة من وجهة نظر الفقهاء، من وجهة نظر فلاسفتنا لم يكن يعنيهم أصلاً الواقع السياسي كما هو موجود، وإنما هي كيف يدبر الفيلسوف حياته وسلوكه وتفكيره لكي يعيش عيشة الفلاسفة، في مجتمعنا هو غريب عنه ولا مجال له لكي يوجد صلةً بين فكره الفلسفي وبين واقعه المجتمعي وهو يائس من هذا ولا يبحث عنه.. لا يبحث عنه، ابن باجه في الأندلس الكتاب الذي تحدث فيه عن سياسة المتوحد.. هو كيف المتوحد يدبر تفكيره وسلوكه، الفارابي نفس الشيء. ينبغي أن نبحث في السياسة مثلاً ابن رشد شوي يختلف، ابن رشد السياسة عنده كانت معركة ضد النظام الموحدي لأن ما يمكن أن يسميه ايدلوجية الدولة الموحدية كان هو خصماً لها، وكذلك في هجومه على من يسميهم أنصاف العلماء المتكلمين الذين يحاولون أن يمزجوا.. أن يحركوا العامة بخطب دينية تؤول إلى تحريض سياسي.. إلى تحريض سياسي، ولكن في الواقع إن الفكر السياسي العربي الحديث لا يجد كبير غنى في التراث السياسي في الفكر العربي، هذا باعتقادي..
أحمد الزين: نعم، بتقديرك نتيجة عدم توفر هذا الإرث من التجربة هو كمان يمكن ساهم شوي بتشتت التجربة المعاصرة إذا صح القول، في بناء الدولة في بناء مجتمع عنده هذا الإرث يعني حجر أساس..
علي أومليل: يعني يأخذ مثل مفردات الفكر السياسي الحديث أين ستجدها مثلاً؟ الحريات العامة، الحريات الشخصية، تداول السلطة، الأغلبية والأقلية، مفهوم الأغلبية والأقلية مفهوم حديث. ما قبله هو الوحدة الإجماع، الإجماع ليس فقط يعني أصلاً من أصول التشريع الفقهي، وإنما أيضاً كان الاعتقاد دائماً أنه ينبغي أن نتفق نحن على كل شيء والأقلية خارجة عن الإجماع ليست أقلية لها حقوق الأقلية ويمكن أن تصبح أغلبية، لأنه ليس هناك لا أغلبية قارة ولا أقلية دائمة لأ هذه كلها مفاهيم جديدة ولا ضير أن نعتبر أنها مفاهيم جديد.
أحمد الزين: ونتابع جولتنا في هذه الحلقة مع الدكتور علي أومليل نتابع في تلك القضايا التي تناولها في أعماله الفكرية لنحاول تبيان ما أمكن من رؤيته في معالجة قضايانا المرتبطة بمعظمها بمسألة الديمقراطية وغيابها، وبحق الاختلاف وبمسألة الدولة والتراث والتجاوز، ولعل هذا العنوان كما يقول محمود أمين العالم يعبر عن جوهر مضمون الكتاب فهو دعوة واضحة وموثقة إلى ضرورة تجاوز التراث إدراكاً لحدوده التاريخية التراثية ووعياً كذلك لحقائق واقعنا التاريخي الموضوعي كي لا نصاب بالنسيان الكامل على حد تعبير محمد أركون، فماذا عن دور النُخب في هذا السياق؟
أحمد الزين:بتقول دكتور إنه الطبيعة النخباوية المتعالية لدى الليبرالية في عالمنا العربي حرمتها التحول إلى قاعدة يعني إلها هيك قاعدة شعبية اجتماعية، وطبعاً مهادنتها للوجود الاستعماري ساهم في تعميق تلك الفجوة بينها وبين الناس على عكس ما حدث في الغرب لأنه الليبرالية الغربية حاولت أن تعلي من شأن الناس وتعطي أهمية للفرد تخلص إلى القول إنه الرهان على الليبرالية كالرهان على سراب؟
علي أومليل: يعني من سموه بالليبراليين يعني المفكرين السياسيين العرب معروف إنه لم يكونوا يعني مناضلين كبار للاستعمار يعني كانوا يطلبون بعض إصلاحات، ولكن الاتجاه هو اتجاه نحو الغرب واقتباس أسباب القوة التي مكنت الغرب من أن يكون متفوقاً وهذا هو الهدف، ولكن أقول أن هناك مرحلتين لليبرالية العربية إذا سميناها ليبرالية، مرحلة أولى كانت فكرية سياسية مثلاً تطالب بالانتخابات، تطالب تكتب تطالب بالديمقراطية وفكرية أو ثقافية تطالب مثلاً بحرية تعبير وإبطال الرقابة، تطالب بتعليم البنات، تطالب بتعليم التعليم ككل هكذا يعني، ولكنها اتجاه القوة الأجنبية أو الاستعمارية لأنه أغلب البلدان العربية آنذاك إن لم تكن كلها كانت مستعمرة شبه مستعمرة لم يكن هؤلاء الليبراليون من عتاد المناضليين الوطنيين، المرحلة الثانية لليبرالية إذا سميناها مرة أخرى ليبرالية هي بدأت تظهر منذ الثمانينات من القرن العشرين هذه اقتصادية أو اقتصادوية بالذات وتعتمد على السند من المؤسسات المالية الدولية تطالب بتخفيف تدخل الدولة في الاقتصاد أو بدولة أقل، تطالب بخصخصة القطاع العام لا يهمها من الدولة إلا الجانب الأمني أن يكون هناك استقرار لكي يمشي الاستثمار فقط، وهذه الليبرالية تطلب السلام سياسياً لا تدخل في معارك، لكن الليبرالية هي شيء متكامل لا ينبغي أن تكتفي أن تطلب فقط بحرية أن تعطاك حرية مبادرة اقتصادية، الحرية شيء متكامل فيها الحريات الشخصية الحريات العامة إلى آخره، ولذلك لا نجد هؤلاء الليبراليين المناضلين الكبار لا في مجال الديمقراطية ولا في مجال حقوق الإنسان وهذه هي الدولة، بالعكس يعني أغلب علاقاتهم علاقاتهم بها علاقات زمولية، أي لم يصلوا بعد إلى اكتساب نوع من الشرعية الاقتصادية التي يترجمونها إلى شرعية سياسية.
أحمد الزين: إن الاختلاف في المفهوم الديمقراطي ليس تفتيتاً وتجزئة بل هو بديلٌ عن كل استبدادٍ مغلف بغلاف الوحدة، حين تكون هذه الأخيرة مجرد تغطية للانفراد بالسلطة، نعم هناك سلبيات ومزالق للتعددية حتى في مستوى التعبير المؤسسي للديمقراطية إلا أن عيوب الديمقراطية تُصحح بالديمقراطية وليس بإلغائها.
علي أومليل: وهذا الاعتراف بالآخر مسألة أحياناً لازم لها وقت ونضال طويل مثلاً في أوروبا حين وصلوا إلى قيمة التسامح أو الحق في الاختلاف أو حق كل واحد أن يمارس شعائره الدينية كما يعتقدها هو، هذا يا سيدي بعد تقريباً قرن من الحروب الدينية، تقريباً كل قرن السادس عشر..
أحمد الزين: في أوروبا.
علي أومليل: وبعدين وصولوا إلى ذلك، نتمنى ألا ندخل في حروبٍ دينية وطائفية تستمر قرن من الزمان، ولكن لا بد وأن يدرك الجميع أنه لا يمكن أن يفرض وحدانية معتقده وتفكيره وبالتالي سلطته، ومن هنا في هذا الكتاب الذي أشرت إليه حاولت أن أبحث في تراثنا مرة أخرى..
أحمد الزين: شو وجدت؟
علي أومليل: هل هناك.. شو وجدت لأنه إحنا نقول الحق في الاختلاف معناه الحق في التعددية معناها الحق في الديمقراطية، لأن الديمقراطية هي إدارة التعددية، إدارة التعددية يعني الديمقراطية، فوجدت مثلاً الكتب التي تتحدث عن الطوائف والملل والعقائد في المجتمع الإسلامي فيما قبل، الكاتب من الأول يعلن مذهبه فيأتي هذا الشهرستاني أو ابن حزم في الملل أو البغدادي في الفراق وكلٌ من هدول يقولوا لك فرقتي أنا الناجية الحق مع واحد، من هنا مفهوم الأغلبية والأقلية يعني لا يعتبر نفسه أقليةً إذا اعتقد أنما هو حق ولو كانوا عشرة هذول وهذه موجود الآن هؤلاء اللي نسميهم الأصوليين أو المتشددين لا يعتبر الأغلبية تقولوا لا أنتم أقلية غالبية المسلمين ليسوا هكذا، يقولوا لا نحن على حق..
أحمد الزين: الحق هو الغالب، من وجهة نظره الحق..
علي أومليل: إي ليس التعددية، فهنا الديمقراطية هي الأغلبية والأقلية هي حكم الأغلبية مع ضمان حقوق الأقلية.
أحمد الزين: في هذا الاعتراف بالآخر يعني، أنت مع فصل الدين عن السياسة؟
علي أومليل: ينبغي أن لا نخلط وينبغي أن لا يُستعمل الدين مطيةً للسياسة، الخطر يكون حين يتحول الخطاب السياسي إلى خطابٍ ديني لأنه آنذاك لا يتحدث عن الرأي والرأي الآخر لأ يتحدث عن الحق والباطل، ويتحدث عن الحرام والحلال، ثم أيضاً لا يضمن للمختلف أن تكون له شرعية الوجود ولذلك فصل أو عدم فصل هو أن السياسة هي أمرٌ بشري، لا ينبغي أن يقول أحدهم إني أحكم لأني عندي تكليفٌ رباني لا يمكن، لا يمكن..
أحمد الزين: بس معظمهم بيحكموا بدون ما يقولوا.. بيحكموا بهالطريقة من دون ما يقولوا.
علي أومليل: الله تعالى لم يكلف أحداً، هناك بطبيعة الحال اجتهادات بشرية لأن حين تتخذ السياسة طابع القداسة فتُمحى السياسة فلذلك السياسة هي الشيء العمومي، ولذلك تجد كثير من الناس الذين يتألهون في السياسة يجعلون السياسة سر من الأسرار، وأنه ورث سراً ولا يعرفه السر إلا هو، لأ السياسة هي المكاشفة، هي الشفافية، هي المحاسبية، هي الانتخابات المفتوحة، هذه السياسة ليست هناك سياسةٌ ينبغي أن تؤول إلى أن تصبح فرع للشريعة، السياسة ليست فرع للشريعة السياسية سياسة.
أحمد الزين: نعم بتقول هيك فيما تقول لا بد من تحرير العقل من قابلية الاستبداد يعني عقلنا.. هذا الكلام يوحي أن عقلنا العربي دائماً عنده شهوة ليكون مستبد عنده القابلية لأن يكون مستبد.
علي أومليل: كثير تربيتنا في الأسرة استبدادية، في المدرسة استبدادية، التلميذ لا يُناقِش الأستاذ من علٍ يلقي له بالمعرفة اللدنية، ولا يناقِش إلا في القليل ولا يربّى على التفكير الذاتي، السلطة هي تبدأ من البنيات الأساسية للمجتمع أضف إلى ذلك هو أن قرون من الحكم الاستبدادي ليس من السهولة يعني أن ليس فقط موجودة في مؤسسة موجودة وإنما هي أيضاً مركبة في العقلية.
أحمد الزين: صحيح.
علي أومليل: مركبة في العقلية، ولذلك نجد مثلاً إنه من أول المعارك في تكوين الفكر السياسي الحديث هي التي قام بها جون لوك مثلاً في بريطانيا، وتبعها آخرون فيما بعد ضد الفهم الأبوي للسلطة، الحاكم يعتبر أنه هو الأب والراشد ومن عاداه قاصرين هو الذي يعرف مصلحتهم وميقاتها يعني يعطيهم ما يشاء بالتنقيط وقت ما يشاء، وهو الراعي وهم رعية مثل الراعي بمعنى الراعي الذي يرعى الماشية حين يكون في الخلاء وحده هو الماشية يمل ماذا يفعل؟ يتحدث إلى ماشيته وهي لا تحدثه، هكذا الحاكم المتسلط هو وحده الناطق ورعيته خرساء.
أحمد الزين: ولد الدكتور علي أومليل كما يقول عنه عبد الإله بلقزيز في بلاد العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر على قول جده العلاّمة عبد الرحمن بن خلدون، ولعل بلقزيز في هذا الوصف المسجع والمحبب أصاب تعددية مصادر ثقافة علي أومليل ما بين مغربه الأمزاديي والعربي وبين الفرنسية كلغة وحضارة ومعرفة ومناهج تفكير وتحديث، هذا التعدد انعكس في كتاباته وأعماله وفي تأملاته وأسئلته على التراث والمعاصر والمستقبل وكلها تهجس بالتعدد والحوار والاختلاف وحقوق الإنسان وحرية الفرد والتعبير، لقد عرفه المغاربة في البدايات صوتاً فكرياً جديداً منذ إطلالته في الستينات في الصحافة وعرفه طلابه منذ عام 66 أستاذاً يقترح ويبتكر ثم منذ كتابه عن ابن خلدون عرفه الفكر المعاصر واحداً من أبرز المشتغلين بالفكر زعزع الكثير من اليقينيات عبر أبحاثه وكتاباته العديدة.
أحمد الزين:طيب خلينا نرجع هيك متل العادة للبدايات يعني نعرف شيء عن الأهل شو البيئة اللي ربيت فيها؟
علي أومليل: عادية هي عائلة متواضعة الوالد كان عنده شاحنةٍ للنقل في مدينة اسمها القنيطرة شمال الرباط بأربعين كيلو متر، ومدينة حديثة جداً بحيث كانت قرية صغيرة وأصبحت مدينة لأنه أُنشئ فيها ميناء أنشأه أول حاكم فرنسي أول غازي فرنسي.
أحمد الزين: فيها نهر هي القنيطرة.
علي أومليل: فيها نهر إيه، هذا النهر هو الميناء على النهر، فالميناء خلق المدينة وأضيف إليها فيما بعد قاعدة أميركية ربما كانت أكبر قاعدة أميركية بحرية وجوية في أفريقيا فيما قبل الاستعمار واستمرت أيضاً أعتقد حتى لبداية السبعينات هذه القاعدة الأميركية، ولذلك ونحن صغار صورة الأميركي عندي هو الجندي، عرفت الأميركي كجندي ولكن كانت هناك مدرسة داخل قاعدة أميركية جيدة تعلم فيها مغاربة.
أحمد الزين: بداية حياتك يعني بدأت حياتك هيك بس كنت فتى مناضل سياسي بحزب حزب الاتحاد الوطني قوات الشعبية مع المهدي بن بركة والفقيه محمد المصري وآخرين، شو اللي فطنك يعني شو اللي خلاك تروح ليش ما اخترت حزب آخر مثلاً مثل ما بيصير عادةً بجيل إنه كان يروح مثلاً للشيوعية أو على الماركسية أو على الناصرية أو..؟
علي أومليل: لا أدري، ولكن أغلب أصدقائي في ذلك الوقت كان انخرطوا ربما بحكم معارفي صداقات دخلنا كلنا في هذا الحزب واستمر عملي فيه طويلاً، خف فيما بعد لما بدأنا نشتغل أسسنا أول جمعية في..
أحمد الزين: هذه محطة أساسية في حياتك.
علي أومليل: إيه المغربية لحقوق الإنسان.
أحمد الزين: يسميك عبد الإله بلقزيز فدائي آنذاك لأنه أسست أول جمعية لحقوق الإنسان في العالم العربي..
علي أومليل: إيه كان في 79، كان زملاؤنا يضحوا كثيراً لأنه كان العمل في حقوق الإنسان آنذاك لم يكن سهلاً طبعاً قطعنا أشواط كثيرة في المغرب منذ ذلك الحين، لكن في ذلك الوقت كان علينا أولاً نحن أن نتعلم العمل في حقوق الإنسان أولاً استقلالية جمعية حقوق الإنسان لأنه هذه مسألة لم تكن بديهية فكيف تضمن استقلالية جمعية حقوق الإنسان؟ يعني حين نتحدث عن استقلاليته فقط استقلالية تجاه السلطة، لأ أيضاً تجاه الأحزاب السياسية.
أحمد الزين: كتب دكتور علي أومليل الكثير وتوزع على أكثر من مكانٍ ومنبرٍ وندوة وحوار مفكراً ومساجلاً له خطابه وأسئلته وشكوكه واقتراحاته، عرفته المغرب في بداياته مناضلاً في السياسة وفي حقوق الإنسان ثم عرفته النخب الفكرية والسياسية العربية من خلال الندوات والمؤتمرات العلمية أو من خلال المسؤوليات التي تقلدها كأمين عام مثلاً لمنتدى الفكر العربي في عمان أو كعضو في المؤتمر القومي العربي أو كرئيس للمنظمة العربية لحقوق الإنسان وعضويته في المعهد العربي لحقوق الإنسان والمجمع الثقافي العربي.
أحمد الزين:لو أردنا التحدث عن التوازن بين عمل مفكر وعمل دبلوماسي ماذا تقول في هذا الشيء؟ هل جاء همٌ على حساب هم آخر أم كلاهما أفاد الآخر؟
علي أومليل: في الأول نعم جاء همٌ على حساب هم، يبقى المشكل الآخر الذي مطروح في ذهنك ولم تقله هل عملك الدبلوماسي يقيد عملك الثقافي؟ أنت أردت أن تقول هذا.
أحمد الزين: نعم.
علي أومليل: لا يا سيدي لا يقيد، قبل أن أعيّن في هذا يعرفون اهتماماتي ويعرفون كتاباتي ولذلك لا أعتقد أن في المغرب الآن مشكل يجعل الإنسان كما في أنظمة أخرى يتحفظ إلى درجة أن يصبح أخرساً.
أحمد الزين: طبعاً حضرتك سفير ببيروت منذ وقت طبعاً عشت تجربة بيروت بالحلو والمر فيها يعني إذا صح الوصف، ماذا تقول في بيروت يعني هذه المدينة شو قالت للدكتور علي أومليل المفكر؟
علي أومليل: في الواقع منذ زمان وأنا أحب هذه المدينة لأني كنت أزورها بين الفينة والأخرى قبل أن أستقر فيها لعملي، يصعب أن تحكم على بيروت، بيروت مدينة صعبة ومعقدة لماذا؟ فيها أعتقد أحسن الجامعات العربية فيها مثقفين من طبقة ممتازة، ولكن بيروت تلخص لبنان باعتبار أن لبنان لا بد وأن يتوازن وتوازنه ليس بالسهل، يتوازن ولكن دائماً تشعر بنوع من الهشاشة، لأنه المجتمع إذا نجح في الواقع في فتراتٍ طويلة نجح يكون بالفعل قد أنجح تجربة فذة في محيطه، ولذلك حين لا ينبغي اللبنانيين أن يستغربوا للصعوبات التي تعترض هذا النموذج لأنه نموذج مش سهل ويبقى بطبيعة الحال الجانب الآخر من الحياة فعلاً جذّاب يعني أنت في مجتمع عربي، ولكنه متطور خصوصاً من الناحية الإنسانية، أحياناً يبدو لك أن لبنان لبنانان هناك لبنان القرن العشرين أو ربما القرن الواحد والعشرين، لبنان الجامعات، لبنان النشط، اللبنان النظام المصرفي الطب والأطباء الجيدين، الصحافة والإعلام، هناك لبنان اليوم وهناك لبنان ما قبل اليوم وأعتقد اللبنانيين هم أكثر وعياً بحل هذا المشكل وهم لا شك ساعون في ذلك وهي مسألة توازن وتدبير التعدد الطائفي ديمقراطياً، وأعتقد أن هذا النموذج اللبناني هو نموذجٌ ممتاز في منطقتنا، ولكنه هش أو على الأقل ما يزال هشاً، فينبغي ترسيخه واحتضانه عربياً لأن مجتمعاتنا العربية في أغلبه مجتمعات متعددة ولا بد من أن نتعلم كيف نتعايش كيف يقرب بعضنا بعضاً، كيف ندبر اختلافاتنا بشكلٍ سلمي وديمقراطي، وكيف نصنع من هذه التعددية ليس مطيةً للتناحر والنزاع وإنما إغناءً لتجربتنا الاجتماعية.
أحمد الزين: تحولها مش لنقمة مثل ما بيقولوا، طيب فيما لو كلفت ثانيةً أن تكون سفيراً ستقبل هذه المهمة أم ستنصرف للكتابة؟
علي أومليل: أكون سفيراً في المغرب.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق