2009-02-06

روافد مع الموسيقي طارق عبد الحكيم

إعداد وتقديم

أحمد علي الزين: جدة. هنا نسائم من ماضٍ بعيد، وفي هذه المدينة العتيقة يعثر المنقبون على نقوش تجسّد حياة كانت قبل آلاف السنين، ويعثر العابر على صروح ألّفت مشهدها التاريخي وبقيت تعاند التصدع الذي يحدثه النسيان. في جدة يعثر المرء على ذاكرة ويلتقي بوجوه تعددت في المصدر وفتحت المكان على آفاق ومرايا. مدينة البحر رحابتها تفسح أن تتسكع في أحيائها وتزور معالمها، ومن معالم هذه المدينة إضافة إلى أحيائها العتيقة رجل يبحر في التسعين من عمره محاطاً بأيامه وبأشيائه المتحفية وبصوره وأصدقائه وأغنياته. هو طارق عبد الحكيم. يقول عنه الكاتب والباحث محمد صادق دياب: كان طارق عبد الحكيم يوم كانت مدينة الطائف تتوسد أحلامنا، كان معلَماً من معالم تلك المدينة. وفي يوم من أيام صيف عام 1961 في ذلك الصيف البعيد رحنا صغاراً نسجل أسماءنا في دفاتر عشق تلك المدينة، ونجمع قروشنا القليلة لنستأجر سيارة تقلنا من برحة القزاز إلى مقهى شهار لنشاهد الفنان طارق عبد الحكيم كمعلَم من معالم الطائف. كان يجلس في صدر ذلك المقهى وسط كوكبة من أصدقائه الفنانين ولم نكن نمتلك الجرأة أطفالاً لدخول ذلك المقهى، فاكتفينا بالنظر من خارج أسواره، ثم رحنا عبر عودتنا إلى جدة نتحدث لأصدقائنا عن رؤية طارق عبد الحكيم، بعد أن أضفنا إلى الحكاية الكثير من الرتوش لزوم القصّ والتشويق فجعلنا من تلك الرؤية البعيدة جلسة فنية غنّى خلالها طارق عبد الحكيم أغنيته الشهيرة: "يا ريم وادي ثقيف لطيف شكلك لطيف". هكذا يروي محمد صادق دياب عن ذلك الرجل العتيق، ذلك الفنان الذي كان وحيداً بلا منافس يشغل المكان وأهله بأغنياته وحضوره، وحين تلتقي طارق عبد الحكيم يصطحبك للتوّ إلى صومعته حيث جمع أيامه في متحفه الصغير، صور ومقتنيات وتحف لكل منها حكاية، وحين تلتقيه يصطحبك أيضاً إلى أيامه، ويروي عن محطاتها بحلوها ومرّها بآلامها وآمالها ورغم وطأة التسعين وثقلها على الجسد لم تفلح في إطفاء شعلة روحه. فهذا التسعيني يحتفظ بشغب الطفل الذي كان وبشغف الشباب وآماله وأحلامه.

طارق عبد الحكيم: ولدت بين أحضان الطبيعة في الطائف، بين البساتين، وبين الحدائق، وكنت زراعاً، فلأجل كده من يوم وأنا صغير وأنا في الابتدائية وأدرس وكل شيء كل حياتي طرب وغناء، وأغني في البساتين وأغني مع أخوالي ومع عيال عمي، فلأجل كده كل حياتي كل شي، لأجل كده أنا عايش كده عايش تسعين وإن شاء الله ألف سنة إلا خمسين عاماً.

أحمد علي الزين: إن شاء الله [يضحك] إن شاء الله. شو آخر أغنية لحنّتها تذكر؟ ولاّ راحت عن البال؟

طارق عبد الحكيم: لا والله. فيه أغنية مشهورة وحلوة لي أنا ما أعطيتها أحد ولا سجلتها له.

أحمد علي الزين: وهي؟ شو بتقول الأغنية؟

طارق عبد الحكيم: حلو. تقول: جايز؟ دا غلط مني أسيبك بعدما تأكدت أني حبيبك. أنت عارف قلبي يحبك، يشهد علي الله ما ودّي أسيبك، لكن يا غالي زي ما بتشوف عينك مافي تفاهم يقرب بيني وبينك، مافي تفاهم. صعبة أني أشرح ووضح لك حقيقة، ووجد حكايات محبتنا بدقيقة؟ إن كنت تسمح أستعيد عمري اللي راح واللي مليان كل أيامي جراح، عنده أقدر أورّي لك حاجات كانت بتحصل وتبعدنا ساعات، وأنت عارف قدّيه قلبي يحبك، يشهد علي الله ما ودّي أسيبك. لكن يا غالي زي ما بتشوف عينك، مافي تفاهم يقرّب بيني وبينك مافي تفاهم.

أحمد علي الزين: مافي تفاهم. [يضحك]

طارق عبد الحكيم: عجبتني الكلمات لحنتها وجعلتها خصيصاً لي، عندما أجلس في مجلس يسمعوها الناس يستغربوا كيف الكلمات الحلوة الجميلة إجاها اللحن من لحن البنجكاه في السلم الشرقي، عملتها من لحن البنجكاه.

أحمد علي الزين: نعم. حلو كتير، فينا نسمع شوي منها في البداية. هيك شوي شوي.

طارق عبد الحكيم::أنا أول ما بدأت فيها عملتها كده

[يغني: جايز؟ دا غلط مني أسيبك بعدما تأكدت أني حبيبك. أنت عارف قلبي يحبك، يشهد علي الله ما ودّي أسيبك، لكن يا غالي زي ما بتشوف عينك مافي تفاهم يقرب بيني وبينك، مافي..]

أحمد علي الزين: تفاهم.

أحمد علي الزين: بتقول: سأعيش رغم الداء والأعداء كالنسر فوق القمة الشماء. قلته على التلفون لصديق وقت اللي سكروا لك هذا المتحف؟

طارق عبد الحكيم: قلت له الموال. وقلته موال ولكن فعلاً زي ما أنت عارف يقولك: بلادي وإن جارت علي عزيزة. ومهما شفت من أعداء وشفت على سبيل أنهم يبعدوني عن حاجة أني أقدمها للبلد ما قبلت. ليش؟ لأنه روحي وحياتي كلها في بلدي. فقلت هنا: بلادي عزيزة وأحبابي ولو جاروا علي كرام.

أحمد علي الزين: طيب أستاذ طارق. حضرة العميد. طبعاً أنت عميد جنرال في الجيش وعميد في الموسيقى طبعاً. بين ضابط الإيقاع والضابط في الجيش، ضابط الإيقاع وضابط أحوال النغم أيهما أحب إلى قلبك؟

طارق عبد الحكيم: شوف. أنا باعتبار والدي كان في الجيش، وكان معلق صورته في الصالون، فدائماً الوالدة تقول لي: أنا إيمتى أشوفك زي أبوك، لأنه كان معلق ثلاث نجمات الذي هو نقيب. أنا عشّقتني في الشغلة هذه. فيوم خلصت من الابتدائي لأنه كان هذيك الأيام أعلى صف الابتدائي السنة السادسة ما عاد فيه غيرها. لكن أنا أبي أتكلم لك عن أيام الملك عبد العزيز يعني حوالي 1300..

أحمد علي الزين: يعني في عشرينات القرن السابق الميلادي..

طارق عبد الحكيم: أيوه في أيام الملك عبد العزيز. فهنا أنا عشّقتني في كل شيء فاضطريت أني أدخل العسكرية، وياما أكلت سبّ من الناس، هذا ما يقدر يعيّش نفسه، هذا كتب عسكري وكنت أسمع الكلمات في أذني باعتباري قلت لهم إن شاء الله رح تشوفوا هذا اللي ما يقدر يعيّش نفسه ولا يقدر يؤكّل أهله وكتب عسكري. يعني كانوا عندهم العسكري ده اللي يكتب عسكري يعني ما يقدر يعيّش نفسه، هذا اللي كان من زمان أيام الملك عبد العزيز..

أحمد علي الزين: شخص فاشل يعني؟

طارق عبد الحكيم: إي. فالحمد لله دخلت العسكرية، في الكلية الحربية الدفعة الثانية في أيام الأمير منصور بن عبد العزيز وزير الدفاع. وتخرجت من بعد ثلاث سنوات أنا وزملائي كنا 32 طالب. أنا صرت مدفعي..

أحمد علي الزين: ضابط في المدفعية..

طارق عبد الحكيم: ضابط في المدفعية أنا ولي زميلين واحد..

أحمد علي الزين: قصفت في المدفعية شي ذات يوم؟

طارق عبد الحكيم: في المدفعية..

أحمد علي الزين: قصفت مدفعية شي؟

طارق عبد الحكيم: كثير. كنت أرمي مدافع رمضان أنا..[يضحكان] مدافع رمضان..

أحمد علي الزين: يعني ما حاربت على الجبهة؟ ما حاربت العدو؟

طارق عبد الحكيم: لا لا ما كان بأيامنا. سوى أنك ترمي مدفع رمضان حق الفطور، حق الإمساك، حق الـ.. ما ذكر كل شي لنا. فكان عندي طبعاً جنود أنا ضابط، فالجنود عندي حوالي 22 جندي أخليهم يدكّوا المدفع ده بالخيش وبالبارود، ونيجي وقت هذا نشوف من المسجد يرفع لنا العلم كده، يرفع لنا علامة إنه ارموا خلاص. ونقول: بو بو بف. ونجري عشان المدفع يجري دددووو.. بعد ما يندفع كده.. نجري ونبعد عن المدفع، يعني كانت أيام حلوة وجميلة من أجمل ما يكون.

أحمد علي الزين: يروي عنه محمد صادق دياب أيضاً: كانت مدينة الطائف حتى عهد قريب عاصمة للفن السعودي، في بساتينها صيفاً يتجمع نخبة الفنانين الرواد، وعنهم تسلم طارق عبد الحكيم زمام الأغنية السعودية ليحدث أكبر نقلة في تاريخها حتى يمكن القول: إنه الأب الروحي للأغنية السعودية الحديثة، فهو الذي أخرجها من دوائرها التقليدية والمحلية إلى آفاق عربية أكثر رحابة واتساعاً قبل أن يتسلمها منه بعد ذلك طلال مداح ومحمد عبده ليحققا بها أكبر مساحات الانتشار. ويمكن القول: إن مساحة الريادة في تاريخ الموسيقار طارق عبد الحكيم لا تضاهيها أي مساحة أخرى لدى أي فنان آخر هنا، فهو ليس عميد الأغنية السعودية فحسب، بل هو عمدتها وعمادها وعامود خيمتها.

أحمد علي الزين: أمك أرادت أن تكون شبيه الوالد في الجيش ضابط في الجيش، ورثت هذه لنسميها المهنة أو الوظيفة عن الوالد وفتت للجيش، ولكن الموسيقى كيف.. من أين أتت الموسيقى؟ يعني كيف صرت موسيقي؟ بمين تأثرت آنذاك؟ يعني شو كنت تسمع؟

طارق عبد الحكيم: حبيبي.

أحمد علي الزين: تفضل.

طارق عبد الحكيم: أنا كنت زي ما أنت عارف في الطائف في المثناة يسموه الطايف هذا في المثناة البساتين وكانوا عيال عمي وخيلاني كلهم معاي، كانوا يلعبوا المجرور ويلعبوا الأشياء الشعبية. وأنا صغير كانوا يمسكوني على سبيل أني ألعب المجرور معاهم، وأطلع بالصوت العالي، فتمرنت على المجرور، وعلى الحدري، وعلى الفرعي وعلى الأشياء أغني، صرت مشهوراً في الطائف خاصة، معروف على سبيل طارق هذا يعني زي ما كانوا يسموني، يسموني الريس، إن ما أكون أحضر أنا في المجرور، المجرور ماله شيء.. أكون أنا..

أحمد علي الزين: المجرور نوع من الألعاب يعني..

طارق عبد الحكيم: الألعاب الشعبية. عبارة عن خمسين ستين نفر يلعبون صف كده وصف كده زي ما نشوف في التلفزيونات يوقفوا كده ومع الطيران والطبلة، وواحد يفرفر في الوسط شفته أبو الثياب الأحمر..

أحمد علي الزين: والأغاني اللي كنت تغنيها هي من الميراث الشعبي؟

طارق عبد الحكيم: قديمة. ما كنا نلحن لها. كنا نحفظها غيب.

أحمد علي الزين: بس الأغاني الأخرى غير الأغاني الفولكلورية في المملكة أو في الجزيرة آنذاك، كيف كانت توصل لك؟ من أين كانت تأتي الأغاني آنذاك يعني شو كيف كنت تسمعها؟

طارق عبد الحكيم: عندما دخلت العسكرية تعرفت أنا بجماعة طبعاً من أهل مكة ومن أهل جدة ومن كل شي.. ويدقّوا العود ويغنوا وشيء جديد علي أنا، ويحطوا الإسطوانات كانت الإسطوانات تجيني إسطوانات من مصر وإسطوانات من اليمن وإسطوانات يحطوها ونقعد نسمعها..

أحمد علي الزين: هذا الفونوغراف..

طارق عبد الحكيم: إيه الإسطوانات. فكنا نسمعها وكنا ننطرب منها وكنا نحفظها. فلأجل كده هنا بدأت عشقتي أنا في العود وكل شي. فتعرفت لواحد لي صديق من كبار أهل مكة يسموه الشيخ حسن ولد الشيخ محمد سرور وزير المالية، كان صديقي. فكان ياخذني للبيت عنده عود وعنده فونوغراف كده فصرت أسمعه ومبسوط يعني ما أتركه أبداً من الحاجات اللي يحفظها، فصرت أدق معه بالطبلة، لأنه أنا كنت أغني مجرور بالطار والطبلة، فصرت أدق الطبلة لقيت حاجة غريبة جداً غير الأشياء الموجودة، هذا كله في أيام العسكرية لمدة ثلاث سنوات، ثلاث سنوات فلازم تسويلك شيء.

أحمد علي الزين: تشكلت ذائقته الفنية من الميراث الشعبي، ومن تلك الأغنيات والقصائد التي كانت تأتيه عبر أسطوانات الفنوغراف من مصر وبيروت والشام، وحين دخل السلك العسكري تلبية لرغبة الوالدة كما يروي كان آنذاك لم يزل هاوياً للغناء يشارك في الأفراح والمناسبات بعوده وبما تيسر من حفظ أغنيات ذلك الزمان. وكما يروي استدعاه ذات يوم وزير الدفاع الأمير منصور بن عبد العزيز، وطلب منه أن يسمعه بعض المقطوعات والمعزوفات، وعلى أثر ذلك أوفده إلى مصر لدراسة الموسيقى وكان ذلك على نهايات عهد الملك فاروق.

طارق عبد الحكيم: مصر. كنا دائماً آذاننا عندها. لأنها هي مصر كانت إذاعة وصحافة..

أحمد علي الزين: سافرت لمصر ودرست في مصر الموسيقى؟

طارق عبد الحكيم: نعم. بعدين أرسلني الأمير منصور. هنا كيف أرسلني الأمير منصور؟ مافي موسيقات جيش، لا سلام ملكي، ولا سلام جمهوري، ولا شي. كان عبارة عن طبلة وترونغيت، وفي البوق البورزان هذا عشان الغروانا علشان الطوابير، علشان هذا ما فيه إلا كده. هنا الأمير منصور وزير الدفاع سمع عني أني أنا أغني وأدق عود، فحب لازم يسمع لي فكلم واحد وناداني. فلقيته جالس سلمت عليه. وزير دفاع منين؟ وزير دفاع يعني غريب جداً. قال لي: إيش أنت سمّعني. سمّعته حاجات. قال: إحنا في أشد الحاجة إلى موسيقات جيش. فلأجل كده رح أبعتك أنا إلى مصر لدراسة الموسيقى في معهد القوات المسلحة، لأني أنا عسكري ضابط. قلت له: يا طويل العمر يضحكوا علي الناس بعد ما أكون أنا قائد مدفعية فوج الثاني متحرك..

أحمد علي الزين: أصير قائد موسيقى؟

طارق عبد الحكيم: لا. قلت له: أروح أغني؟ وش يقولوا عني جماعتي وجميع أهل البلد وكل شي؟ طلّع كده وقال لي: أنا وزير الدفاع أقدر آمر بالأمر، قلت له: أنا على راسي ما أقدر أقول شيء..

أحمد علي الزين: هذا أمر جميل..

طارق عبد الحكيم: ولكن أعتبرك صديق. بعدما سمعتك أعتبرك صديق. يعني كانت أخلاقه راقية ولأجل كده شجعني على الشغلة هذه. قال لي: أنت روح واغتنم الفرصة وادرس في موسيقات مصر، وتعال أسس لنا موسيقات الجيش، والله - كده أحلف بالله - والله يوم من الأيام حتنحال للتقاعد مش رح تبيع مدافع. شوف الكلام..

أحمد علي الزين: شو هالكلام اللي فيه حكمة..

طارق عبد الحكيم: مش رح تبيع مدافع، رح تبيع موسيقى، رح يكون لك شأن في البلد وشأن إن شاء الله تستمر في الحاجات دي. صدّر أمر وسلم الفوج لواحد زميل لي اسمه جميل شيناوي. سلمته الفوج والناس كلهم: ليش سلم الفوج؟ تعرف الجنود والضباط والدنيا ليش سلمه.. قالوا: راح يدرس الموسيقى..

أحمد علي الزين: يا حرام..

طارق عبد الحكيم: هنا ابتدأنا باللعبة. راح إيه؟ راح يغني؟

أحمد علي الزين: يا عيب الشوم..

طارق عبد الحكيم: شو هالعقلية دي راح يغني؟ فرحت درست في أيام الملك فاروق، وحضرت حرق القاهرة وممنوع التجول وطرد فاروق وتعيين محمد نجيب وجمال عبد الناصر وهالدنيا كلها..

أحمد علي الزين: لتكون أنت اللي ساهمت بالثورة بالانقلاب على فاروق يبدو؟

طارق عبد الحكيم: والله أنا إجيت قبل الثورة.. لأني أنا شاهدت الملك فاروق وهم يطردونه بالإسكندرية يركبوه بالباخرة وهو يسوي لهم كده [إشارة الوداع] وهم طاردينه. يعني حضرت حاجات غريبة.

أحمد علي الزين: والمفارقة العجيبة أثناء دراسته في مصر أنه لحن نشيداً للثورة، لثورة عبد الناصر، وأظن هذا يتعارض مع كونه ضابطاً في الجيش في الملكة السعودية، يلحن نشيداً لثورة انقلاب على نظام ملكي. ولكن على ما يبدو مشت الأمور دون وقوع خسائر تذكر.

أحمد علي الزين: وأنا أدرس وكان لي أصدقاء، مدير صوت العرب أحمد سعيد كان صديقي، أحمد عطية شرارة كان عامل أوركستر الإذاعة المصرية كان صديقي، ليش؟ لأني كنت أنا ماني متزوج ولا شي، عندي شقة وعندي كل شيء. كانوا يجتمعوا عندي وكنا دائماً نروح القهاوي مع بعضنا، يعني كأصدقاء فحبوني وحبيتهم. وأحمد الحفناوي وعبد الفتاح منسي كلهم كبار الموسيقيين الموجودين. هنا همّ دفعوني على سبيل قالوا لي: الحين في ثورة والثورة خلاص طردوا فاروق وعيّنوا محمد نجيب ومعاه مجموعة 14 الضابط الذين هم حق مصر وكده وكل شي. فيبغى لك أيش؟ تعمل نشيد. لأنه كده.. أنا أعمل نشيد؟ وأنا دوبني أدرس، ولسّا ما خلّصت السنة ما خلصت معاهم وأنا بدرس قال إحنا نساعدك. وبالأخص عطية شرارة كان له الفضل الأول، وأحمد سعيد صوت العرب. قالأحمد سعيد صوت العرب: أنت تعمل نشيد، تدوّر أي شاعر تدوّر أي شيء تعمله، وأنا باعتباري مدير صوت العرب ماني مدير صوت القاهرة، مدير صوت العرب، وأنت عربي رح أعمل لك النشيد هذا.. والحمد لله توفقت أني عملت موسيقى فجر مصر. فجر..

أحمد علي الزين: شو الكلام؟ تذكر الكلام؟

طارق عبد الحكيم: كل البلاد العربية تقول: شبه الجزيرة فلسطين مصر والسودان، وتونس مراكش والأردن سوريا ولبنان، هيا اجمعوا أمركم بعد ذي الثورة في أمان .. بعدين أقول بالكومليه الثالث: صوت العرب، هو هذا اللي خلى أحمد سعيد يحطّ النشيد باستمرار، صوت العرب..

أحمد علي الزين: أحمد سعيد عملنا شي 100 انتصار على إسرائيل..

طارق عبد الحكيم: صوت العرب كلمته تعلو على العدوان، هيا اجمعوا أمركم نحمي حمى الأوطان، شبه الجزيرة فلسطين..

أحمد علي الزين: حلو كتير..

طارق عبد الحكيم: وسجلوه همّ بفرقة الإذاعة وآمر أركسترا الإذاعة عطية شرارة. فالحمد لله يعني ضرب النشيد مما أدى إلى كثير من الفنانين المصريين يعملوا من بعدي هذا..

أحمد علي الزين: أنت دائماً فاتحة للأشياء يعني..

طارق عبد الحكيم: الحمد لله. هذا فضل من الله سبحانه وتعالى عشان كده عملت: يا ريم وادي ثقيف لنجاح سلام، وأنا في الدراسة..

أحمد علي الزين: انشغلت.. طبلت الدنيا آنذاك..

طارق عبد الحكيم: الحمد لله. وبعدها شجعوني على سبيل أنب أعمل لكارم محمود: يا لابس الإحرام. بعدين شجعوني على سبيل أعمل امحمد قنديل: يا حمام الحرم. بعدين وصلت المسألة إلى نجاة الصغيرة.. نجاة الصغيرة ما يلحن لها ولا تغني إلا لمحمد عبد الوهاب.

أحمد علي الزين: شو لحنت لها؟

طارق عبد الحكيم: عملت لها أغنيتين: فين يا محبوبي فين؟ فين العهد يا نور العين؟ فيييين .. فيييين .. فيييين.. فيييين..

أحمد علي الزين: أيوة.

أحمد علي الزين: يفاجئك طارق عبد الحكيم بطاقته وبروحه المرحة وبذاكرته الخصبة التي احتفظت على ما يبدو بأدق تفاصيل أيامه. بالطبع لم ينتهي حوارنا معه، ولم تكن أغنية نجاة الصغيرة خاتمة، بل فاتحة لمشوار طويل قطعه طارق عبد الحكيم كعمود لخيمة الغناء السعودي كما وصفه محمد صادق دياب. في حلقة قادمة سنتعرف أكثر على هذا التسعيني المسكون بالحياة والرغبة والأمل.

أحمد علي الزين: ثانية مع هذا الرجل الصاخب طارق عبد الحكيم، الذي روى لنا في الحلقة الماضية كيف أوفده الأمير منصور بن عبد العزيز إلى مصر لدراسة الموسيقى على أوائل الخمسينات، حيث أمضى هناك في القاهرة سنوات ثلاث كانت مليئة بالتحصيل والمعرفة، وشكّلت منعطفاً في حياته، خلالها أقام جسراً من العلاقات مع كبار فناني ذلك الزمان. وفي عودته من مصر اصطحب معه مجموعة من أساتذة الموسيقى بناء على نصيحة الفنان محمد عبد الوهاب كي يساهموا في تدريس الآلات، وهكذا عاد مع تلك المجموعة ليؤسس معهد موسيقى الجيش، وأُدخلت الموسيقى إلى السلك العسكري للمرة الأولى، ثم وبطلب من الأمير نايف بن عبد العزيز أسس أيضاً معهد موسيقى الأمن العام ومعهد التربية ونادي الضباط، واستمر طارق عبد الحكيم في السلك العسكري عميداً وقائداً لموسيقى الجيش حتى عام 1968 أُحيل بعدها على التقاعد ليتفرغ نهائياً للتلحين والغناء. سنوات طوال كانت حافلة بإنتاجه مئات الأغنيات والأناشيد والألحان، وعشرات الجولات في العالم للمشاركة في مهرجانات دولية، قدم خلالها أشكال الفولكلور السعودي على أكثر من مسرح في أرجاء المعمورة.

طارق عبد الحكيم: هنا نبغي نسوي عشان الملك عبد العزيز رح يسمع السلام، ويسمع موسيقى الجيش وهي ممنوعة من الموسيقات.. هنا ما شاء الله تبارك الله الأمير منصور أحب يدّخل الموسيقى هذه كيف أدام أبوه اللي هو الملك عبد العزيز والملك عبد العزيز منع حتى الموسيقات اللي كانت تجي مع المحمل الشامي والمحمل المصري منعها، وسوينا الحفلة هذه..

أحمد علي الزين: كنت أنت لحنت نشيد للمملكة وكذا؟

طارق عبد الحكيم: سويت السلام الملكي، الأمير منصور عشان الناس الموجودين لا واحد يدخل على الملك وقف وراء الملك، ومرتب بوليس حقين البوريهات الحمر دي وراه قالهم أي واحد يطالع كده فيه شيلوه..

أحمد علي الزين: خلاص، أخذ قرار بده يدخل الموسيقى على الجيش طبعاً..

طارق عبد الحكيم: يدخل الموسيقى فوقف إجا رئيس أركان حرم الجيش كان الشيخ محسن الحارثي، يوم جته الإشارة قال له تفضل مشي، أنا مشيت من هناك ما دقيت موسيقى سوى الطبلة والتورمبيه لازم إحنا نسوي حركات عشان لا يقولون يوقفونا.. مشينا ترم تررام تررام تم تررام تررام حتى جينا عند الملك عبد العزيز وقلت يمين انظر، ولفينا طبعاً رح نوقف كده قدامه قدام الملك عشان تمر الطوابير العسكرية، عندما جينا وقفنا فإحنا كلنا كنا ترم تررام جينا هنا قلت لهم..

أحمد علي الزين: يلا ادخلوا الموسيقى..

طارق عبد الحكيم: الملك والله كده قاعد فوق الكنبة والأمير منصور وراه والبوليس وراهم والسفراء وجميع الناس المعزومين من جدة كلهم جالسين، هنا اطمنت أنا ارفع الآلات فيه مرش صغير، سووا كده الناس إيش هذا.. ودنيا وانشغلوا والطوابير تمشي، وأنا أطالع في الأمير منصور.. والأمير منصور زي ما أنت عارف عينه زي السبع كده طالع يبغى يشوف واحد فيهم يتحرك ولا واحد فيهم عشان.. لكن الحمد لله صار هدوء بكل شيء، خلصوا طبعاً أنا لازم أمر آخر الطابور، مشي الطابور كله ومشيت الأسلحة ومشيت كل شيء مريت من عنده ووقفت كده وضربت السلام للملك، يعني ضربنا السلام كده وأدينا التحية ومشينا، قامت الأوادم كلهم مبسوطين وهو الأمير منصور مبسوط والملك ركب السيارة وراح وكل شيء..

أحمد علي الزين: وبرم الدولاب..

طارق عبد الحكيم: وبرم الدولاب..

أحمد علي الزين: حينما يؤرخ للغناء السعودي فإن طارق عبد الحكيم سيمثل العمود الفقري لهذا التاريخ، فهو رئيس المجمع الموسيقي العربي، وصاحب الإسهامات الرائدة في تأسيس الفرق الموسيقية، وأول مبتعث سعودي إلى معهد للموسيقى العربية بمصر في وقت مبكر من عقد الخمسينات من القرن الماضي، وأول من أخرج الأغنية السعودية إلى النطاق العربي، فغنى من ألحانه كوكبة من المطربين والمطربات العرب، منهم نجاح سلام فايزة أحمد محمد قنديل كارم محمود سميرة توفيق ووديع الصافي وآخرون كثر. من 68 ميلادي حتى الآن طبعاً آلاف الأغنيات يمكن من المستحيل الواحد يقدر يحصيها يعني تجربة غنية جداً، ولكن لابد مثل أي ملحن إنه فيه أصوات تستوقفك يعني بتفوت على قلبك أكتر من سواها، متل مين مثلاً حسيت إنه هذا المغني أو تلك المغنية كانت أقرب لك أقرب أو أقرب لوجدانك للنغم اللي بتشتغل عليه؟

طارق عبد الحكيم: فيه أصوات حلوة، طالع منها عبد الله مرشدي صوته حلو اطلع غني إيش أغني..

أحمد علي الزين: عبد الله مرشدي..

طارق عبد الحكيم: عبد الله مرشدي، طلال مداح هدول الجماعة لين في الآخر طلع محمد عبده..

أحمد علي الزين: أنا عم بحكي عن الأصوات اللي أنت لحنت لها سابقاً، يعني متل نجاة الصغيرة ونجاح سلام..

طارق عبد الحكيم: هذه في مصر..

أحمد علي الزين: في مصر، وتكررت التجربة لاحقاً؟

طارق عبد الحكيم: فين يعني ألحن لهم؟

أحمد علي الزين: معهم ما عملت لهن أحلان أخرى؟

طارق عبد الحكيم: لا ما عملت لهم.. بقيت في هذيك الألحان الموجودة في لبنان واللي أنا حبيت أنشر الأغنية السعودية في فكري، لأنه لو أنا يعني ما نشرت الأغنية مين داري عن الأغنية السعودية في أهيم بوادي ثقيف ولا في يا لابس الإحرام ولا وديع الصافي في لبنان يغني للسعودية، فلأجل كده أنا عملت المستحيل إني أعمل كل.. نشرت الأغنية السعودية، وبعدين يوم صرت عند الأمير فيصل عملت الأغنية الشعبية، الرقصات الشعبية هذا بعدين. أنا غنيت قبل كده في نفس الأمير بندر بن سلطان كان هو سفيرنا في واشنطن، قالي أنت رح تغني في محل ما حد غني فيه، فين؟ في قاعة هومرشولد، في هيئة الأمم المتحدة أنا غنيت، والرقصات الشعبية مو بس غنيت كده الرقصات الشعبية..

أحمد علي الزين: يعني أدخلت الأغنية السعودية والفلكلور السعودي إلى العالم؟

طارق عبد الحكيم: الحمد لله، رحت الدنمارك وقدمت، رحت النمسا وقدمت رحت ألمانيا رحت إسبانيا ورحت تركيا.

أحمد علي الزين: ويقول عنه أيضاً محمد صادق دياب، ظل طارق عبد الحكيم على مدى عقود يتفرد بقمة الهرم الفني في السعودية، حتى استيقظ ذات صباح على صوت ندي نقي وعذب يأتي من خارج عبائته الفنية ليحصد بأغنية واحدة هي وردك يا زارع الورد، شهرة سريعة لم تتحقق لأحد على هذا النحو من قبل، وكان صاحب ذلك الصوت الذي فاجأ طارق عبد الحكيم هو الفنان طلال مداح. ولذا يمكن القول إن أولى المنافسات الفنية الرئيسية في تاريخ الغناء السعودي حدثت بين طلال مداح وطارق عبد الحكيم، ويصف طلال تلك الفترة فيقول: لم يكن يشغلني في تلك البدايات سوى طارق عبد الحكيم، ففي كل مكان أذهب إليه أجد الناس يتحدثون عن عبد الحكيم، حتى في البيت الذي أسكنه كانت أغنيته يا ريم وادي ثقيف تحمل صوته إلى غرفتي من مجلس الضيوف، ولكن طارق عبد الحكيم لم يشغل نفسه كثيراً بتلك المنافسة لعوامل عديدة، منها ارتباطاته الوظيفية حتى تلك اللحظة كضابط في الجيش السعودي يحتل رتبة رفيعة، وتشبعه بالشهرة التي انفرد بها على مدى عقود، ثم ريادته الفنية التي تفرض عليه تشجيع المواهب الجديدة بدلاًَ من الدخول في منافستها.

كيف قدرت وفقت يعني بين كونك عسكري يعني عسكري وموسيقي، ما بيتعارضوا مع بعضهن هودي حتى لو اشتغلت موسيقى للجيش وكذا، بس ما أثرت شوي على موهبتك على إبداعك على شغفك؟

طارق عبد الحكيم: الحلاوة في العسكرية أنك تكون يعني تعرف تدير.. تعرف تدير أنا كنت آخذ بيد نفر كنت معاي أوديهم واشنطن وأوديهم تركيا وأوديهم من الخمس مناطق من كل منطقة كنت آخذ عشرين.

أحمد علي الزين: ما بين المملكة ومصر وبيروت محطات عديدة إلك كانت هيك جولات في العالم يعني في أي هيك مكان أو مدينة وجدت حالك قريب منها حبيتها أكتر، حسيت إنه تنتمي إلها أكثر من سواها؟

طارق عبد الحكيم: أنا أقولك هو لا زال إلى الآن وقلتها لوزير الثقافة المصرية قلت له اللي عملتني مصر..

أحمد علي الزين: حلو اعتراف..

طارق عبد الحكيم: أحب أرجع الجميل.. كده وانبسط هو مني.. أرجع الجميل لمصر.

أحمد علي الزين: رجعت الجميل لمصر؟

طارق عبد الحكيم: أعطيتهم الأغاني دي والدنيا وكل شيء.. اللي خلتني كده وخلتني موسيقار وخلتني آخذ جائزة اليونيسكو بالمجلس الدولي للمنظمة العالمية خلتني آخذ مصر، مصر اللي خلتني آخذ ولا مين يدري عني أنا.

أحمد علي الزين: حلو.

أحمد علي الزين: قد يكون من النادر أن يهتم فنان بجمع ما جمعه طارق عبد الحكيم، وأن يكون له نشاط موازٍ لنشاطه الفني، فعلى مدار سنوات عمره اهتم بجمع إرث بلاده منذ عصور قديمة وحتى هذا اليوم، من مقتنيات وآلات وأدوات وأكب قسطاً من حقبات تطورها وصناعتها وجعل لها ركناً في حياته، تحول مع الوقت إلى متحف يمكن من خلاله التعرف على حقبات تطور المجتمع في الجزيرة العربية وفي السعودية، وعلى محطات أساسية في مسار هذا المجتمع. ولكن على ما يبدو أصبح المتحف يحتاج إلى عناية من نوع التخصص، وهو كما صاحبه يحمل ثقل الأيام والسنين، تُرى من سيحمل هذا العبء؟ أم أن هذه المقتنيات سيتلفها النسيان ذات يوم؟ نوادر فنان يصير يجسّد حياته ويجمعها، جمعت حياتك كلها بهادا المتحف وبهادا البيت المجاور لهادا المتحف اللي صورناه، بس تطلع فيه وتتمشى شو بتشعر شو بتفكر؟

طارق عبد الحكيم: كله في حياتي على سبيل أعمل شي للبلد، زي ما قال الشاعر: تلك آثارنا تدل علينا.. فانظروا بعدنا إلى الآثار. هذا شيء الشاعر قالها كده، أنا حبيت على سبيل أمشي بموجب هذا، وعندي برضه آية قرآنية موجودة دائماً قدامي "قل سيروا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون" شوف المؤمنون كلهم اللي في العالم، أنت تعمل لا تقول ما أعمل، اعمل والله سبحانه وتعالى هو المطلع بقلب نظيف طيب، وخلاص وتعمل كل شيء فلأجل كده الله سبحانه وتعالى أعطاني..

أحمد علي الزين: وحدث اعتراف بهذا المتحف أن هذا متحف يستحق العناية؟

طارق عبد الحكيم: ساعدوني فيه ولله الحمد وأكثرهم كل شيء، أول ما يكون ما افتتحه إلا سمو الأمير سلطان ولي العهد هذا في الرياض وساعدني..

أحمد علي الزين: في البداية، بداية ثم..

طارق عبد الحكيم: في البداية، أنا قلت له يا طويل العمر أبغى أعمل متحف قال مستعدين نساعدكم، كيف أقولك، بعدين الأمير سلمان أمير الرياض قال أنا برضه مستعد أساعدكم، الأمير فيصل قال الله أنا أتمنى شغلة متل ذي.. وعينّي عنده مدير إدارة الفنون الشعبية عشان أؤسس إدارة فنون شعبية، هنا ابتدأت بمساعدتهم ودعمهم أني اعمل كل شيء قديم حتى الفنون الشعبية وتسافر معاي، كده الرئيس حقهم يقولي ها يا أبو سلطان كده بهذه اللهجة.. ها يا أبو سلطان لا تنساني ترى في المرة الثانية، أقوله إذا ما تجيب لي شي قديم ما أنت رايح معايا، تجيب لي حاجات قديمة صاروا يجيبوها في الكيس، هذا يجيب لي زنابيل وهذا يجيب لي مغاريب وهذا يجيب لي ملاعق وشوك ويجيبوا لي كل شي آخذ منك، ما تجيب لي شيء مافيه روحة زي ما قلت لأنه يبغى يروح يشوف أميركا ويروح يشوف تركيا ويروح يشوف..

أحمد علي الزين: نعم وجمعت هذا المتحف؟

طارق عبد الحكيم: نعم جمعت هذا المتحف.

أحمد علي الزين: يعني وكان فيه مباركة من الدولة من الأمير متلما ذكرت، ولكن الآن مستمر يعني بجهدك أم بجهود مؤسسة قائمة؟ بجهد من يستمر هذا المتحف الآن؟

طارق عبد الحكيم: والله أنا أتمنى وقلت كتيراً للمسؤولين قلت لهم ترى أنا تعبت من هذا المتحف، قلت للمسؤولين لاسيما خالد الفيصل كده بصراحة والجماعة تعالوا أنتم هذا متحف دولي عالمي في جدة، بس مو.. أنا مال وجهد وتعب وتفكير وإلى الآن أنا شايل الحمل فوق ظهري، تعبت. فأنا أبغى بس على سبيل.. اسمي موجود وأنتم تختارون تجيبوا مدير متاحف من بره..

أحمد علي الزين: يصنفوا يرتبوا..

طارق عبد الحكيم: يعملوا أكبر من كده لأنه أنا في عندي دكاكين ماني قادر أتصرف فيها يعني ما عندي محل ما عندي محل..

أحمد علي الزين: عندك تقدير أولي لقيمة المقتنيات الموجودة فيه يعني القيمة المالية؟

طارق عبد الحكيم: يعني فيه كثير لكن ما أقدر أبيعه أبداً..

أحمد علي الزين: لا مش تبيعه يعني تقريباً عندك فكرة كم أثمان هذه الأشياء الموجودة؟

طارق عبد الحكيم: هذا إجاني بس في الأرض هذه خمسة مليون.

أحمد علي الزين: ما عدا المقتنيات؟

طارق عبد الحكيم: غير المقتنيات، قالوا أنت تاخذ خمسة مليون وإحنا نبغى نبني هنا في الأرض كده، فتجي لأجل كده أنت تدور محل وتنقل هذا المتحف فيه، قلت لهم لا والله أنا أحط المتحف في أحسن محل، في أحسن محل موجود.. وأقول لأولادي ترى هذا وقف لا يباع ولا يشرى ولا يؤخذ منه شيء، وباقي الشيء كله لكم، لكن هذا تشرفوا عليه أنتم أولادكم أولاد أولادكم كل شيء وأنا مو حقي قلت لهم حق البلد وحق الحكومة وحق الناس.

أحمد علي الزين: ويقول فيه محمد صادق دياب: إن طارق عبد الحكيم الإنسان لا يقل جمالاً عن طارق عبد الحكيم الفنان، فهذا المولود في عام 1920 والذي بدأ حياته بائعاً للخضروات في حلقة الطائف، ظل يحتفظ ببساطته طوال رحلة حياته التي حقق خلالها أعظم الأمجاد الفنية، وهو منذ انتقاله إلى مدينة جدة قبل سنوات تجده يحمل في كل ليلة سنوات عمره للتواصل مع الأصدقاء، فيأتي فتياً كشاب في العشرين من العمر، منفتحاً للحياة كوردة من ورود بساتين صباه في الطائف، تمر السنين عليه فيزداد عبقاً كمسك معتق.

أحمد علي الزين: وقت هيك بتستعرض هذا الشريط شريط حياتك اللي هو تسعين عام، شو بتفكر؟ يعني شو بتستخلص؟ يعني توصلت لحكمة ما أو لمجموعة من الحكم إنسان يترك هذا الأثر الكبير وراه أو يجسّد متلما ذكرنا حياته يجمعها في مكان واحد شو الحكمة؟

طارق عبد الحكيم: اللي كسبته رضا الناس ورضا الحكومة.

أحمد علي الزين: وأنت رضيان على حالك؟

طارق عبد الحكيم: جداً، أنا بس عندي طموح عندي آمال ولكن فيه آلام، فيه آمال لي وفيه آلام، آمالي على سبيل أنه هذا المتحف ما دمت أنا حي إنه يصير عالمي وهو لا زال مقتنياته عالمية مهي موجودة، أتحدى إذا كان فيه أي متحف موجودة الأشياء اللي عندي، فهذه آمالي. ولكن آلامي من كثر ما أطالب أطالب أقول لهم يعني اعملوا ترتيب للصيانة، اعملوا ترتيب.. أنا عندي بنادق وسيوف الآن صدت وخربت وكل شيء..

أحمد علي الزين: شفتها شفنا كل شي كله بده صيانة..

طارق عبد الحكيم: أعمل له صيانة، يا بلدية يا أمانة يا إمارة يا مدري إيش تعالوا انتو أشرفوا عليه وصينوه واضربوا بوية..

أحمد علي الزين: طيب عادة اللي بيعمل متحف أو بيحب يترك أثر ما يمكن بفكر بمسألة الموت والحياة أو بيفكر بمسألة الخلود، أنت بتشغلك بالك هذه المسألة؟

طارق عبد الحكيم: أستغفر الله العظيم هذا الخلود بأمر الله هذا..

أحمد علي الزين: المتنبي خالد بقصائده نحن نذكر الخلود بمعنى ذكرى للناس يعني تذكرك بالخير دائماً.

طارق عبد الحكيم: اللي عامله ذكرى للناس وذكرى للبلد وذكرى لكل شيء اللي قدرت أستطيعه، لكن إذا مت بس المهم.. أنا أحب إني أعيش ألف سنة أعمل ترتيب أكثر من كده عندي آمال..

أحمد علي الزين: وإرادة أيضاً..

طارق عبد الحكيم: نعم الحمد لله..

أحمد علي الزين: مثلما ذكرنا بالبداية أنه سفر ومهرجانات وجوائز يعني هذا النشاط الآخر اللي توج تجربتك وألحانك وشغلك، شو رتب عليك من مسؤوليات أنك تاخذ جائزة أو تقدم بلدك في مهرجان في بلدان العالم، شو رتب عليك مسؤوليات؟

طارق عبد الحكيم: أنا أقول ما كان يعرف العالم على أن الفن منبعه من مكة والمدينة، انتشار مساعدة المسؤولين الكبار الحكومة الرشيدة ساعدتني على سبيل أسافر بهذه الفرق الموسيقية الشعبية، فكان يعني العالم كله ما كان يفكر على سبيل أنه في السعودية فيه شغلة متل ذي، يعني أنا لما أقدم من الفنون فرقة الفنون تقدمه ويا الجنابي ونافشين روسهم وحاطين ريحان وشجاري كده ورسم وحاطين كده ويرقصوا، كانوا يعيدوا الرقصة يقعدوا يصفقوا عشان أعيد الرقصة مرة ثانية ثلاثة أربعة فوق المسرح، غلّق دي يجوا حق أهل مكة معهم العصي ومعهم المزمار كده ولابسين البوكشة كده والعمامة مسويينها كده ويدوروا اثنين يعملوا في العصي كده ويتضاربوا، هذا مهو موجود في العالم كله. يندروا حقين المنطقة الشرقية وحقين الرياض بالسيوف والثياب زي ما أنت شايف المزخرفة، ويغنوا أغانيهم والعالم كده والإيقاعات، اللي هو عندهم فالس هم يدقوا فالس ويدقوا كده ويطلعوا فوق المسرح، شي ملفت للنظر مهو موجود في العالم، مهو موجود في العالم إلا في المملكة العربية السعودية فلأجل كده..

أحمد علي الزين: حلو كتير، طيب يبدو هيك شخص دائماً متلما ذكرنا بالبداية حي ومشتعل ومحب، وأديش الحب شغل من حياتك؟

طارق عبد الحكيم: الحب؟ يقدر الواحد يعيش من غير حب؟ الحب الحياة والحياة الحب، هيك قالوها الحياة هي الحب.

أحمد علي الزين: ووقعت أسير الحب كثيراً؟

طارق عبد الحكيم: نعم.

أحمد علي الزين: كم مرة؟

طارق عبد الحكيم: كثيراً.

أحمد علي الزين: يعني عشرات المرات مئات المرات؟

طارق عبد الحكيم: لسه الواحد زي ما أنت عارف باعتباره الحب..

أحمد علي الزين: خلص هلأ فش حدا يحاسب فيك تعترف..

طارق عبد الحكيم: كل شيء في اللسان ما عدا الحب في القلب، فإذا خرج..

أحمد علي الزين: حفظتهن كلهن في القلب؟

طارق عبد الحكيم: كله القلب.

أحمد علي الزين: بتتذكرهن؟

طارق عبد الحكيم: لأجل كده أصابني مرض القلب.

أحمد علي الزين: سلامته قلبك.

أحمد علي الزين: تشتاق لطارق الصغير؟

طارق عبد الحكيم: طارق الصغير يعني؟

أحمد علي الزين: اللي كنته أنت؟

طارق عبد الحكيم: إيه وشو؟

أحمد علي الزين: تشتاق للطفل اللي كنته؟

طارق عبد الحكيم: الله أكيد أيام الطفولة الواحد ينساها؟

أحمد علي الزين: كنت تبيع خضروات وكذا؟

طارق عبد الحكيم: إيه والله ما أنساه أبداً لأجل كده انا عامل غرفتي حقة الاستراحة عامل فيها بستان، عامل فيها بستان وأنوار عشان أعيش في وسط البستان هذا.

أحمد علي الزين: الله، طلع على بالك تختم هيك بدندنة صغيرة هيك؟

طارق عبد الحكيم: كيف يعني؟

أحمد علي الزين: يعني بأغنية أنت تحب تقولها، مقطع من أغنية هيك؟

طارق عبد الحكيم: شوف فيه أغاني كثير لكن أنا بس أعطيك، اللي الآن شوف عايشة وماشية في كل شيء.

أحمد علي الزين: مين يغنيها؟

طارق عبد الحكيم: مجموعة كلهم الشعب يغنيها.

أحمد علي الزين: وهي؟

طارق عبد الحكيم: هذي أنا سويتها عشان زي ما أنت عارف فيه يسموه المزمار، المزمار هذا رقصة يعني تعمل شجاعة وقوة.

أحمد علي الزين: نشوة وشجاعة ونشوة وعز..

طارق عبد الحكيم: الكلمات عليها، أعجبت بالكلمات حتى الموسيقى.. شوف كيف السرعة والمجموعة تغني.. هذه موسيقات الجيش يمشوا عليها ويقولوا الكلام هذا، والشعبيين كلهم الشعبيين اللي هم يغنوا شعبي يجوا قد ما يبغوا يسووا حركة شعبية كده.

أحمد علي الزين: هذا طارق عبد الحكيم أو هذا بعض من حياته ومن حضوره فناناً وإنساناً، عاش وعايش ما يقارب قرناً من الزمن، فنان أحدث نقلة نوعية في الأغنية السعودية وشكّل العمود الأساس في حركتها وفي تاريخها.

هناك تعليق واحد:

  1. السلام عليكم عندي مجمعه مخطوطات ونوتات موسيقيه موزعه زمنظمه وبصور ه جيده وحالين نقوم بعمل متحف مصغر بالرياض باسمالزعيم طارق ارجو التعاون واتوصل لاى احد

    ردحذف