2009-03-18

روافد مع المخرج المسرحي روجيه عساف

إعداد وتقديم

أحمد الزين: هي بيروت، دائماً تعثر في مرآتها على وجه صديق أو مبدع انتمى إليها كحالة لقاء للتعدد لا تعرف السكونية أو الطمأنينة لأحادية الصوت أو لجوابٍ مطلق، شكاكة مشاكسة متسائلة ومتمردة على محيطها وعلى نفسها، تعكس طبعها على طبائع أهلها بتواطؤ مشروط بالإسهام في خلق مراياها وصياغة معنى لحضورهم في أزمنتها هي هكذا كانت وما كان يأتيها لغاية السؤال والبحث عن بعض ذاته في فضاءاتها وعن مفرداته في قواميسها الإبداعية، لا بد له من المرور الحتمي في اختباراتها وطقوسها وفي التعرّض والعيش في تناقض مناخاتها الفكرية ولا بد له من بعض التيه والظن والري قبل العثور على مطرح له في صخب مشهدها يضيق ويتسع على مقدار حصانته المعرفية، هذا ما كانت عليه بيروت ما بين ستينات القرن العشرين والسبعينات، في تلك الفترة لمعت أسماء وبقي لها بريق، أسماءٌ أسست أو ساهمت بتأليف فصل أو مشهد أو بوضع حجر في عمارة الثقافة، وعليه راكمت خطوات في مسار التجربة، روجيه عساف من ذلك الرعيل الطليعي رائد من رواد الحركة المسرحية في لبنان والعالم العربي، بدأ ممثلاً في أربعينات القرن العشرين وباللغة الفرنسية، اللغة الوحيدة التي كان يجيدها آنذاك ويعبر من خلالها، وهذا على ما أعتقد وضعه لاحقاً أمام سؤال عن معنى الهوية والانتماء وجعله في مخاض بحثٍ عن لغة انتمائه الإبداعية الثقافية والفكرية، هذا المخاض ساهم في صياغة أو تكوين شخصية أدى قلقها في مرآتها اليومية إلى التنويع ضمن المشهد، كما الذي يبحث عن طمأنينة تتجلى في خط بياني يعكس بالضرورة تجربة روجيه عساف وهذا الخط تفرّع إلى أكثر من مستوى في اللغة، في السياسة، في الثقافة، وفي المهنة، روجيه عساف القادم من أربعينات القرن العشرين إلى مرآته اليوم ماذا يفعل.

البداية ماذا يفعل الآن روجيه عساف؟

روجيه عساف: يعني عدة إشياء مثل دايماً على كل حال ولا مرة كان عندي نشاط واحد، إضافة إلى التعليم بالجامعة اللبنانية وبالجامعة اليسوعية فيه الهم الرئيسي هو جمعية شمس.. شباب مسرح السينما وهالمرحلة كتير مهمة للمرحلة الانتقالية عم نجهّز مكان..

أحمد الزين: مسرح؟

روجيه عساف: مش مسرح مكان يكون هيك مثل دار ثقافي يكون مثل صالة عرض وصالة وقاعة اجتماعات ومكتبة وقاعة للمعارض للتمارين للمحترفات يعني هيك مثل مجمّع صغير متواضع يفتح مجال للجمعية إنو يكون عندها نشاطات متعددة مختلفة مثل ما كان بالبرنامج الأساسي، هذا حلمنا من سنين..

أحمد الزين: يعني يلاحظ هيك اللي براقب المشهد المسرحي بلبنان الحركة المسرحية إنّو إنت من القلائل ربما اللي عم يزاولوا هذا النشاط المسرحي ويعني من أين يعني هذا الزخم؟ وكيف تعثر على مصادر مالية يعني تسعف إلى حد إنو يكون.. تزاول هذا النشاط؟

روجيه عساف: أنا على يقين إنّو فيه جوانب من المسرح عم.. بدها تروح بدها تزول يعني المسرح كأداة للتسلية أداة يعني للاستهلاك للتسلية، ليش؟ لأنو في منافسة..

أحمد الزين: بدائل أخرى..

روجيه عساف: آه طبعاً.. طبعاً بين التلفزيون والدش والكومبيوتر وإلخ، ولكن بيظل المسرح يعني مكان مميز للالتقاء للتعبير الجماعي حتى الناس يلتقون ويعبرون وهالتعبير هوّ شامل ليستعملوا فكرهن ومعارفهن وصوتهن وجسمهن ولقاء مباشر واحتكاك مباشر، كتير كتير مهم، لهالسبب يعني الناس بتتحمس تجي على نشاط مسرحي أكثر ما بتتحمّس لما تجي تحضر مسرحية..

أحمد الزين: طيب يعني هذا من الناحية المعنوية إنّو فيه ضرورة للقاء، ولكن هذا اللقاء أيضاً يستدعي دعماً مالياً.. تفضل..

روجيه عساف: دعم مالي صعب صعب، نحنا عنا رصيد، رصيد بعلاقتنا مع الجمهور بعلاقتنا مع الناس مع الإمكانيات اللي تراكمت، بعدين دائماً برامجنا بتعتمد على ميزانية متواضعة يعني أسهل يعني سهل كتير نعتمد على ميزانية متواضعة من إنو نطالب ميزانيات كبيرة، بعدين فيه منهجية بعلاقتنا مع المال إنو أولاً منباشر بالعمل قبل ما يكون عنا إمكانيات، يعني ما مننتظر إنو كل شي يكون جاهز لحتى نشتغل يعني بلّشنا يعني وقت الـ 1999 ابتدأنا وأخذنا مسرح بيروت كان رصيدنا كان رأس المال الجمعية مليون ليرة لبنانية يعني شي 500 دولار 700 دولار وقدرنا نمشي لأنو الشغل النشاط..

أحمد الزين: بيخلّي بعض المصادر أو المؤسسات تدعمكن يمكن؟

روجيه عساف: وثانياً كمان بمنهجيتنا ولا مرة منفوت بمشروع بيتطلب ميزانية كبيرة..

أحمد الزين: بدّه تكلفة عالية؟

روجيه عساف: إي يعني كل المشاريع هي لازم تكون تكتفي بذاتها وهي تؤمن متطلبات المشروع، نحنا علينا إنو نؤمن شروط العمل لأنو بسبب غياب الجهاز الرسمي بالثقافة وبالمسرح نحنا اللي ناقص أكثر شي هو آلية العمل أكثر من الأموال.[مقطع من مسرحية]

أحمد الزين: روجيه عساف من القلائل من أبناء جيله ومن ذلك الرعيل الذين يزاولون لعبتهم المسرحية دون انقطاع، ويبحثون عن أطر ومناخات تسمح لها بالعيش والاستمرار رغم تعثّر المشهد المسرحي وخفوته، ويبحثون أيضاً عن أشكال ووسائل متجددة تسعفه على مغالبة سقوطه لإيمان ربما أو لرهان على جوانب خلاّقة في المسرح، ينبغي درايتها، وبالنهاية هي جزء عضوي من مسار الحياة، ومن أجل ذلك ينشط روجيه عساف ويجتهد على أكثر من صعيد ليكمل خطه البياني بحيوية وبحضور متعدد الوظائف هكذا كان ويبدو هكذا يستمر وإن خسّره الزمان سنين لا بد من وضعها على الطاولة في اللعبة الحتمية الموازية للعبة الأقنعة والوجوه والأدوار والمرايا.

طيب أستاذ روجيه من نفس السياق يعني طبعاً إنت يمكن مثل ما قلنا من القلائل اللي عم يزاولوا هالنشاط، ولكن بشكل عام المسرح اللبناني إلى خفوت وتراجع، يعني مش كتير متألق وسكّرت مسارح ومسارح عريقة كان إلك تجربة فيها مثل ما ذكرت مسرح بيروت، طيب إنو إذا كان شرط العمل الإبداعي والمسرحي منه هوّ أحد شروطه الأساسية اللي هيّ الحرية حرية إنو الواحد يقدر يعبر بتصور هيدي متوفرة بلبنان بالحدّ المعقول، يعني ما في غياب للحريات، يعني والشرط المالي يبدو ممكن الواحد يقدر يعثر عليه بعلاقات أو بـ.. ما بعرف بشو فإذن شو السبب اللي عم يخلّي هالنوع من التعبير هالشكل من أشكال التعبير اللي هو المسرح إلى خفوت وإلى اضمحلال؟ يعني بتقديرك شو هي الضرورة الملحة في المجتمع؟

روجيه عساف: بدّك تعرف تشوف يعني في مثل ما قلت لك في طبعاً مفهوم للمسرح التقليدي الاعتيادي بدّه يروح بدّه يزول، بدنا نعترف إنو المسرح في محل.. موقع من المسرح عم بيروح، يعني بدنا.. ما فينا نظل نفكر ونعمل مسرحيات ويجي جمهور يشتري تذاكر وكذا و.. يعني هيدا الشي منّه (ليس) ملح مَنّه ضروري، وهيدا مرتبط بماضي بيروت بالستينات إنّو عاصمة برجوازية عربية منفتحة وفيها نوع من الترف ومن.. هالشي راح.. الترف على كل حال غيّر شكل.. صيغة الترف تغيّرت..

أحمد الزين: فيه ترف إنما تغيّر إلخ..

روجيه عساف: تغيّرت سماته إلخ.. ولكن على كل الأصعدة فيه جيل جديد عنده اهتمامات وعنده قدرة على التعبير ورغبات في التعبير مختلفة تماماً، ففي نشاطات تستخدم المسرح كتير كتير فعالة، ما كان لازم ننسى موضوع إنّو يكون فيه جمهور واسع وأعمال مسرحية ناجحة على شباك التذاكر، في نوعية النشاط صارت أهم، صارت غير.. مختلفة، بتشوف إذا بتعمل محترف مثلاً أو إذا بتفتح مجال تعمل مهرجان متواضع يعني مش مهرجان دولي، مهرجان لأعمال الشباب بتشوف أي زخم يعني.. أي.. كيف بيتحمّسوا الحوافز اللي بتدفعهن للعمل للمشاركة وللنقاش وللحوار، هيدا كتير كتير مهم، وهذا برأيي ممكن تفتح باب بالمستقبل لنوع من النشاط الثقافي بدّه يعتمد على المسرح وعلى فيلم فيديو، فيلم الفيديو عم ياخذ كمان هامش كبير هامش كبير من إمكانيات وقدرات الشباب رح يكون فيه حضارة مختلفة..

أحمد الزين: صحيح يعني بتلاقي هودي الشباب بشكل عام متقدمين إلى حد ما عن جيلكن؟

روجيه عساف: إي.. إي.. أكيد..

أحمد الزين: بوعيهن الثقافي وربما السياسي أو طموحاتهن أو..

روجيه عساف: أولاً نحنا كنا بالفعل حتى وقت اللي أخذنا المسرح كمهنة كنا هواة، كنا هواة بمعنى إنو ما كنا متمكنين من تقنيات المسرح، ما كنا كتير كتير منفتحين على الإمكانيات الحديثة للمسرح اللي هي مرتبطة بالموسيقى باستعمال الصوت بلغة الجسد بالـ (ملتميديا) يعني تعدد وسائل التواصل إلخ.. اليوم كتير كتير متقدمين عنا، يعني مثلاً هلأ أنا وقت اللي بعمل إخراج لمسرحية، بالزمانات كنت أهتم بكل شي أنا بصمم الإضاءة وأعمل التسجيلات والموسيقى وإلخ..، إذا بشتغل اليوم مثل ما كنت أشتغل قبل بيضحكوا عليّي إنو كتير كتير بدائي، اليوم هن قدرتهن على استخدام أدوات العمل كتير متطورة..

أحمد الزين: إي أعلى.. أعلى.. متطورة أكثر.

روجيه عساف: ولغة الجسد عندهن كتير متطوّرة عن.. نحنا إرباكنا وخجلنا بالزمانات..

أحمد الزين: طيب هذه المواهب وهذا الوعي التقني اللي في امتلاك لتلك وسائل عم تحسّه هوّ مدعوم بوعي فكري بوعي سياسي بوعي ثقافي؟

روجيه عساف: لأ لأ هون في ثغرات كبيرة، في ثغرة كبيرة لـ.. أولاً لسبب كلنا منعرفه إنّو الأطر الفكرية سقطت، ما عاد في.. ما عم بيلاقوا مكان يقدروا يتفاعلوا..

أحمد الزين: يستندوا..

روجيه عساف: يستندوا انطلاقاً من قناعات إنّو يفتشوا عالحقيقة إنو يبحثوا عن معلومات عن معارف، فيه استهتار، كل شي اسمه فكر وإطار فكري ما بيعني لهن كتير لأنو عندن هيك نوع من الإدراك، عندن كل هالأطر الفكرية غير مجدية..

أحمد الزين: لم تصل إلى شي يعني؟

روجيه عساف: ما معن حق فيها هالشغلة..

أحمد الزين: ما معن حق؟

روجيه عساف: ما معن حق، لازم يعني الإطار الفكري لازم يكون قابل للتجديد يعني بدون إطار فكري متحوّل..

أحمد الزين: ومتجدد دائماً..

روجيه عساف: ومتجدد ما في..

أحمد الزين: يمكن هيدي الإمكانيات الأخرى بتضيع أو تتلاشى يعني حتى امتلاك التقنيات المتوفرة اليوم بالعالم..

روجيه عساف: وفيه مسؤولية كبيرة للمجتمع ككل.

أحمد الزين: الجيل المسرحي الجديد موجود ولقد غيّر وبشكل واضح وجه المسرح الحالي في بيروت، هل آن أو عاد أوان الضرورة المسرحية؟ هكذا يسأل روجيه عساف في مهرجان شمس للشباب ويقول: لا شك في أن خطوات المسرح الجديد تسعى إلى تدخل ثقافي حقيقي ولا يجوز اعتبارها مجرّد خطوات اختبارية في هامشية الأعمال التجريدية، بين نقاط الضعف ولحظات التجديد الباهرة يفرض هذا المسرح الشاب نفسه، يتباهى برفضه للوراثة يلقي نظرةً مختلفة على العالم، يمسك باللغة والدلالات ويخضعها لرغباته، ينتقد بشدة الإنتاج التلفزيوني ويستجوب العالم طارحاً أسئلته الخاصة عليه، جيل الحرب أو جيل السلم معظمهم لم يبلغ العشر سنوات من العمر سنة 1975 وتم نموهم تحت سيطرة إنهاك ثقافي يختزل موطن الخيال بين "بيروت أسطورية"، "رزق الله على هديك الأيام" وحرب قذرة تستأثر قراءتها المختلفة والمتناقضة بإدراك الحاضر والمستقبل.

أحمد الزين: من المحطات البارزة في تجربتك المسرحية طبعاً فيه محطات مهمة ولكن كانت من أبرزها فرقة مسرح الحكواتي مسرح الحكواتي

روجيه عساف: مسرح الحكواتي ما كان فيه فرقة لأنه فيه فرق..

أحمد الزين: مسرح الحكواتي اللي أنتج.. هي كنت شبه فرقة الحقيقة لأنو نفس الشباب تقريباً إنو أنتج أعمالاً عملاقة مهمة في لبنان منها "أيام الخيام"، "حكاية الـ 36"

روجيه عساف: و"الجرس" يعني

أحمد الزين: و"الجرس".. والسؤال: ما الذي جمع ذلك الشمل وما الذي فرّقه؟

روجيه عساف: أولاً المناخ المناخ الثقافي السياسي اللي موجود بين الـ 78 والـ 85 حتى امتداد للـ 90 كان في مناخ يعني بوحّد قسم كبير من المجتمع على قضية الاحتلال على قضية إيجاد الكيان لأن نوجد هويتنا بمواجهة العدو الإسرائيلي، وبالتعامل وبالتفاعل مع القضية الفلسطينية هيدي القضية كانت تشكل حيّزاً توحيد وفئات مختلفة من المجتمع وبهالموجة يعني مسرح الحكواتي كان صيغة للتعبير عن هالرغبة الرغبة بالتوحيد اللي بتتطلب إنّو يكون عنا ذاكرة مشتركة أو ذاكرة على القليل نتفق عليها وموقف مشترك تجاه الآلام والأحلام والرغبات وكيف منتصوّر المستقبل وكيف منتصوّر الحاضر كيف منتلقّى الحاضر وكيف منتفاعل معه فهيدي هالسمات بالمناخ الفكري والثقافي والسياسي هي اللي حضنت وجود تجربة مسرح الحكواتي من بعد الـ 85 يعني كل هالسمات فرطت اضمحلت صارت الاهتمامات بمحل ثاني صار الهم الأساسي البحث عن حقيقة التجزئة الطائفية وكيفية معالجتها، يعني هيدي يعني قوة تدميرية أقوى من إسرائيل بنظري..

أحمد الزين: وهيدي اللي أثرت على فرط شمل هيدا المسرح؟

روجيه عساف: يعني مش فرط إنو عدم جدواه

أحمد الزين: عدم جدواه

روجيه عساف: إنّو صار فيه يعني امتداد يعني حتى في عناصر كانت بهديك التجربة عم تستمر بالتجربة الحالية يعني كمان السلبية كتير كتير أنو عجيب بتروح على محل طبعاً ما في مركز، العاصمة ما إلها مركز أو بتروح على حيّ على حارة له لون له صبغة طائفية أو فئوية كتير قوية هيدي كتير مضرّ هيدا عائق كبير للعمل الثقافي.

أحمد الزين: صحيح يعني على سيرة الطوائف والبحث عن أفكار وعن آفاق كانت تبدو مسدودة حيناً ومفتوحة حيناً آخر، يعني إنت هيك مرّيت بمراحل من تجربتك الفكرية مراحل مختلفة كأنك كنت تبحث عن نوع من طمأنينة فكرية إذا بدك، هل عثرت يعني على خلاص في خياراتك؟

روجيه عساف: على الصعيد الفردي؟

أحمد الزين: على الصعيد الفردي.

روجيه عساف: على الصعيد الفردي ما يعني إي ممكن جاوب بإنّو إي مظبوط وصلت لمرحلة اللي هي على كل حال امتداد لكل المراحل السابقة، فيه اطمئنان إنّو في محل أنا بعلاقتي مع الدين مع الإسلام ومع كل الأديان أنا هون بهالمكتبة عندي مراجع لكل الأديان مش بس الدين المسيحي اللي بعرفه منيح لأني عشته، واليهودية وبتلاقي هون زرادشت والأفيستا وكتابات من التاوبودية وصلت لمحل إنو عنجد عنجد بحسّ وبشعر وبعرف إنو في دين واحد والدين هو كل شيء هو المحل الوحيد اللي ممكن الإنسان يتواصل..

أحمد الزين: وهو هذا الدين؟

روجيه عساف: هو الدين هو..

أحمد الزين: بمعناه المطلق لا إسلامي ولا يهودي ولا مسيحي

روجيه عساف: لأ بكل الأديان بتلاقي نفس الجوهر هو ذاته..

أحمد الزين: يعني أنت تنتمي الآن إلى جوهر تلك الأديان

روجيه عساف: نعم، ولكن بمكان تاريخي واجتماعي كثير واضح، والمجتمع الإسلامي بقلّك المجتمع الإسلامي اللي قادر على استيعاب على الانفتاح على كل الأديان، وهيدا لسوء الحظ مش موجود بالمجتمع الإسلامي، ولكن موجود بالإسلام وفيك تلاقيه عند بعض الأفراد أو عند بعض الفئات الشعبية اللي بعدها ارتباطها بالدين ارتباط فطري هالانفتاح المطلق على الكون على الحيوانات على الطبيعة على الإنسان على الذات شغلة ما بتلاقيها إلا بالدين.

أحمد الزين: من مين بتلتقى من.. مع مين بتلتقى من المفكرين في الإسلام طالما فتحنا هالموضوع يعني لمن هيك تستأنس لهؤلاء المفكرين؟

روجيه عساف: يعني من الماضي؟

أحمد الزين: عم نحكي بالحاضر

روجيه عساف: بالحاضر في.. في يعني ممكن إذا بدك أسماء يعني..؟

أحمد الزين: لأ عم بسأل على

روجيه عساف: أنا كتير كتير برتاح بس إحكي مع ناس مثل

أحمد الزين: محمد حسن زيد؟

روجيه عساف: يعني هاني فحص أو محمد حسن الأمين أو بس اسمع كيف بيحكي محمد حسين فضل الله، وفي كمان ناس بالعالم يعني ممكن ترتحلهن وفيه ملحدين أصدقاء يعني بقولوا عن حالهن ملحدين بس أنا بس اسمعلن بس اسمعن عم يحكوا وعن القيم اللي هن

أحمد الزين: بيؤمنوا فيها؟

روجيه عساف: إي بانيين عليها حياتهن هي قيم دينية بكل معنى الكلمة وأنا بعتبرهن مؤمنين وأنا بقلهن أنت مؤمن.

أحمد الزين: وربما هم يعتبروك ملحد [يضحكان]

روجيه عساف: بالظبط على كل حال إذا بتتذكّر إذا بالزمانات إنو أنا قلت إنّو مرحلة إلحادي أقرب محطة قبل الإيمان.

أحمد الزين: حيرته القديمة بين الهوية والانتماء وتعدد مصادر ثقافته وتنوّع اشتغالاته في المسرح وانشغاله بهموم الناس وتنقّلاته ما بين فكر وآخر وبحثه الدائم عن مطرح يطمئنّ إليه العقل كل هذه الأشياء أوصلته ليكون على جوهره هذا وعلى طمأنينته أما سؤال المسرح عنده مفتوح دائماً على التجارب على شيء من الشك والظن وبعض اليقين

أحمد الزين: هذه الورشة هنا هي امتداد لورش عمل تعددت أشكالها وتعددت أمكنتها، وهذا البناء هو روجيه عساف أما عمارته هذه فهي مجمع صغير للثقافة، محوره المسرح وتفرعاته لقضايا الإبداع والحوار، هذا مطرح جديد لمسرح شمس الذي انطلق عام 2000 أو هو تحقق لحلم قديم وتتويج لتجربة، أما حكاية روجيه عساف مع المسرح فقد ابتدأت منذ خمسينات القرن الماضي، تعرفنا على جزء منها في الحلقة الماضية وتعرفنا أيضاً على بعض حوافز استمرارها وتنوعها وبعض محطاتها ونكمل الآن في الحلقة هذه التعرف على جوانب من حياته منذ خطواته الأولى.

أستاذ روجيه لو هيك حبينا نرجع شوي للبدايات يعني نحنا ما منعرف شي تقريباً عن روجيه بيئته عائلته تعدده الثقافي الفرنسي اللبناني، كيف بلّشت خيراتك؟ وين ربيت؟ كيف توجهت؟

روجيه عساف: أنا من عيلة شوي مش عيلة على نموذج العائلات العادية، ليش؟ لأسباب كثير ظرفية إنو أمي نصف فرنسية يعني بالصدفة هي كان في واحد فرنسي من 14 موجود هون وتزوج وحدة لبنانية من بيت الهاني وبعدين حرب الـ 14 فرّقتن، وأمي عايشة بلبنان نصف فرنسية وبعهد الانتداب وتزوجت أبي، أبي اللي كان هوّ من مواليد مصر الإسكندرية، لبناني من هول اللبنانية اللي هاجروا عالإسكندرية، هو رجع لوحده هون، العيلة بقيت هونيك، فأمي وأبي كانوا تقريباً يعني لوحدن، ما عندي عيلة هالعيلة الكبيرة اللي بتحضن الأفراد، وكثير متواضعين لدرجة إنو حتى تؤمن مدخول كافي للعيلة أمي اضطرت تشتغل خياطة، اشتغلت خياطة على مدى سنين ضحت بكل حياتها مع إنو كانت مثقفة كانت تخيط، خياطة بالحي، الحي وين؟ بفرن الشباك، وأبي كان موظف بالدولة، ولكن يعني بهديك الفترة كوني كثير متمكن من اللغة الفرنسية عطتني امتياز بالمدرسة لأنو بهديك الوقت اللي بيعرف فرنساوي بيكون يعني متفوق على الآخرين وبكل النشاطات الفنية بالمدرسة مش بس فنية النشاطات الفنية والدينية والأدبية كانت دائماً كان إلي دور، وهيدا من شغلة بقيت بعدين يعني ولا مرة اشتغلت مسرح وبس، دائماً كان في إلى جانب النشاط المسرحي نشاطات أخرى وبشكل خاص نشاطات سياسية واجتماعية يعني، ومنهجيتي المسرحية مش جاية من المسرح، أنا ما درست كثير مسرح مارست مسرح بس الممارسة كونها مرتبطة بممارسات أخرى ممارسات اجتماعية دينية سياسية..

أحمد الزين: وسعت لك الأفق تبع التجربة..

روجيه عساف: وعطتني ركيزة كثير قوية على صعيد العلاقات مع الآخرين، يعني كيف أتعامل مع الممثل؟ كيف أتعامل مع التلميذ في الصف؟ كيف أتعامل مع ولادي الأسرة؟ كله هذا جاية من الممارسات السياسية النظامية الاجتماعية إلخ.. اللي هم عطوني الفكرة.

أحمد الزين: روجيه عساف أيضاً هو من أغزر المسرحيين إنتاجاً، ممثلاً ومخرجاً ومنشطاً من المسرح المدرسي ومشاركاته هاوياً إلى الدراسة في فرنسا في المعهد العالي للدروس المسرحية في مدينة استراسبورغ بين سنتي 1963 - 1965 ثم إلى عودته لتبدأ تجربة الاحتراف عبر إخراجه لمسرحيات عالمية وإسهامه في تكوين مسرح بيروت حيث بدأت تتبلور محطات أساسية في مسيرته أبرزها: محترف بيروت مع نضال الأشقر، وقد اكتسبت تلك المحطة شهرة لبنانية وعربية عبر أعمال مهمة ورائدة، وفي مسار التجربة أيضاً يمكن التحدث عن لقائه مع شوشو الفنان حسن علاء الدين عبر عملين "آخ يا بلدنا" و "خيمة كركوز" وقد حظيت الأولى بنجاح غير مسبوق في تاريخ المسرح.أول مرة طلعت فيها على الخشبة كمحترف؟د.

روجيه عساف: كمحترف كان عندي تجربة وأنا ولد، كان في فرقة المخرج فيها كان اسمه - الله يرحمه - أمين خياط، كان يعمل كل سنة مسرحية ومرة احتاجوا إلى ولد عمره 12 سنة..

أحمد الزين: فاستدعوك..

روجيه عساف: إي فاستدعوني ومثلت وعملوا جولة بكل لبنان وقبضت 25 ليرة..

أحمد الزين: انبسطت فيها كثير أكيد هي؟

روجيه عساف: واشتريت فيها كتب ومسرحيات، هيدي أول تجربة، وبعدين كان بأوائل الستينات كنت اشتغل بكل أعمال المسرح باللغة الفرنسية يعني أول مسرحية انعملت بشكل احترافي على مسرح بيروت مع افتتاح مسرح بيروت كانت المسرحية لغارييل بستاني باللغة الفرنسية، بس ما كنت أبداً فكر بالإخراج لأني كنت ممثل، فما مارست إلا التمثيل ودرست شوي تمثيل بفرنسا وما درست إخراج.

أحمد الزين: وبالطبع المحطة الأهم في تجربته كانت مسرح الحكواتي التي شاركت أعمالها في مهرجانات عربية ودولية ونالت جوائز عديدة، وتعتبر مرجعاً في تاريخ المسرح اللبناني والعربي، نذكر من أعمال تلك المسرحيات: "أيام الخيام" و"حكايات 36" و "الجرس" مع الفنان رفيق علي أحمد، كان يوازي كل هذا المسار تقريباً عمله أستاذاً في الجامعة اللبنانية وجامعة القديس يوسف وقد خرج العديد العديد من الطلاب.طيب أستاذ روجيه أنت طبعاً أستاذ جامعي من أكثر من 20 سنة من شي 25 سنة 30 سنة تقريباً تمارس مهنة التدريس والإخراج في جامعتين اللبنانية واليسوعية، يعني إذا أردت أنت هيك بينك وبين نفسك تحط خط بياني لعلاقتك بالمهنة وبمستوى اندفاع الطلاب وما بعرف شو إلخ.. لوعيهم.. هذا الخط البياني كيف فينا نرسمه تصاعدي أفقي؟

روجيه عساف: في فترة هيك تصاعد بعدين فترة ثبات وبعدين تدهور..

أحمد الزين: يعني بدنا نقول أن الجيل اللي تكوّن قبل الحرب وخلال الحرب كان عنده وعي ثقافي أعلى من الجيل اللي خلق خلال الحرب؟

روجيه عساف: لأ هي المرحلة السيئة.. أسوأ مرحلة هي التسعينات بعد الحرب، بعد الحرب صار في تراجع كبير بالهم الثقافي بالانفتاح الفكري بـ.. يعني بربط الفكر بالفن.

أحمد الزين: طيب أستاذ روجيه إذا بدنا نتحدث بلبنان عن ممثل محترف هل استطاعت الجامعة أو تراكم التجربة المسرحية في لبنان مع الجامعات اللي تدرس المسرح أن تكون ممثلاً محترفاً؟

روجيه عساف: إذا بدك بتحكي عن..

أحمد الزين: يعني إذا بده يشتغل هذا يشتغل ممثل ما بيشتغل شي ثاني؟

روجيه عساف: مكونات المحترف إي موجودة، ولكن الممارسة الحياتية لما يكون التمثيل حرفي يومية ما موجودة إلا بالتلفزيون، يعني الممثلين المحترفين في لبنان همّ اللي بيشتغلوا بالتلفزيون، يعني التلفزيون قادر يؤمن للممثل مدخول..

أحمد الزين: معقول..

روجيه عساف: وثبات يعني مهني أما بالمسرح، بالمسرح لأ، ممكن الواحد يستقر بالتعليم تعليم المسرح بس بممارسة التمثيل بالمسرح..

أحمد الزين: لا تكفي..

روجيه عساف: مستحيل.. مستحيل، طالما ما في مؤسسات ولا خاصة ولا عامة تهتم أو ممكن تعطي تؤمن للممثل شروط عمل متواصل ما في تواصل بالعمل.

أحمد الزين: يمكن هيدي الظاهرة فقط في لبنان أم معممة؟

روجيه عساف: لأ فقط في لبنان..

أحمد الزين: يمكن بمصر محلولة إلى حد ما، بسوريا محلولة..

روجيه عساف: بكل البلدان العربية..

أحمد الزين: بتونس..

روجيه عساف: بكل البلدان العربية في أطر يعني حتى أقرب بلد من ناحية الإبداع وشروط العمل هو تونس، بس بتونس دولة تؤمن للمسرحيين أماكن عمل ودعم مادي حتى يشتغلوا بشكل مستقل..

أحمد الزين: طيب روجيه عساف من الرعيل اللي أنت شبه المؤسس إذا صح التعبير مع كثير من الزملاء منذكرن ممكن الأستاذ عون شدراوي، أنطوان ملتقى، جلال خوري، يعني هل فكر أحد منكم هيك أن يطرح فكرة عمل يوحد هذه المجموعة لتحيي ما بعرف شو لبدء المسرح لتحية لتجربة هيك كأنها خلصت أو يعني؟

روجيه عساف: لأ..

أحمد الزين: ما بتثير الانتباه هيك فكرة مثلاً؟ ما بتثير هيك شي من العاطفة هيك فكرة؟

روجيه عساف: طبعاً هي مرحلة الـ 75 للـ 90 خلقت هاوية للمجتمع هلأ في لقاءات على صعيد..

أحمد الزين: شخصي.. عندما كان المسرح في خدمة السياسة

روجيه عساف: فردي، بس كوني أنا حتى قبل الـ 75 أنا كنت خرجت من هذه الدائرة، يعني كنت مهتم أكثر بالسياسة وحتى على صعيد التجربة المسرحية كانت تجارب مسرحية مش مع ناس مش مع المسرحيين، كانت بالمخيمات بالأحياء بضيع الجنوب، فمن الأساس كنت أنا مبتعد بعدين فيما بعد أنا رسخت كل أعمالي بالجيل الجديد بالشباب..

أحمد الزين: أنت اشتغلت مع الجيل الجديد مخرجاً وممثلاً أيضاً؟

روجيه عساف: مخرجاً وممثلاً..

أحمد الزين: وكاتباً..

روجيه عساف: ومنشطاً وأستاذاً.

أحمد الزين: يعني أنت ترضى نعرف عن نفسك هيك طبعاً يعني مسرحي تهتم بكل شؤون المسرح ومستوياته، بس ترضى على نفسك كمخرج أكثر أم كشخص يطلع على الخشبة يمثل أكثر؟

روجيه عساف: حسب المراحل بالأول طبعاً كان الممثل هو..

أحمد الزين: الحاضر..

روجيه عساف: الموقع الأساسي اللي..

أحمد الزين: يجذبك..

روجيه عساف: بلاقي حالي فيه بعدين صار الإخراج، حالياً لا هذا ولا ذاك يعني أفضّل أكتب فكّر أعمل يعني إن كان بالجامعة أو حتى هون صار اهتمامي الرئيسي إنو هيك فكّر بالموضوع ونظم الأفكار؟؟

أحمد الزين: شو عم تكتب اليوم؟ شو تكتب بشكل عام؟

روجيه عساف: يعني بكتب حسب الحاجة مقالات صغيرة ومداخل صغيرة، بحضر دروسي بالجامعة، ليش؟ لأنه ما في ولا مرة بعطي مرتين نفس الدرس حتى إذا نفس المادة برجع بغيّر.. بجدد، وثالثاً: عم بكتب كل شي بعرفه بالمسرح.

أحمد الزين: عرف المسرح اللبناني والعربي روجيه عساف رائداً من رواده وطليعياً كما جاء في نبذة عن حياته في موسوعة المسرح العالمي ولو أردنا تعداد إنجازاته وأعماله فهي كثيرة ومتنوعة ولكن يمكن التذكير أو القول إنه استطاع أن يراكم تنوعاً في شغله المسرحي بدءاً من أعماله باللغة الفرنسية في المسرح الجامعي عام 65 ومروراً بتجربته ممثلاً مع جلال خوري وشكيب خوري والأخوين رحباني في فخر الدين إلى تلك المحطات البارزة والأساسية في سياق تجربته والتي تحدثنا عنها في معترك بيروت ومسرح الحكواتي ومسرح شمس، إضافةً إلى مذكرات أيوب للكاتب إلياس خوري، وزواليب لرفيق أحمد، والعصافير لأحمد الزين، وبعض تجارب أخرى في السينما وكتابات في هموم المهنة وآفاقها.يعني من الواضح أنت دائم الانشغال بهموم المسرح يعني بهذا النشاط بهذه المشغل، على هامش ذلك يعني هل هناك طقوس حياتية نمارسها من..؟

روجيه عساف: عندي عيلة عندي ولاد، ولادي يعني إذا بدك تحط سلم الأولويات همذ الدرجة الأولى، الدرجة الأولى مع أن ما عم بقدر أعطيهن وقت قد ما بدي، قد ما لازم، بس هنّ بالعقل وبالعاطفة وبالاهتمام..

أحمد الزين: في المرتبة الأولى.

روجيه عساف: في المرتبة الأولى.

أحمد الزين: وبيقدر الفنان يوفق بين كونه فنان يعني عنده هموم كثير تشغله عادةً وبين هيدي القضايا الإنسانية الملحة؟

روجيه عساف: ما في يعني مثله مثل كل الناس هو بيختار.. هو بيختار..

أحمد الزين: ما بيجي شي على حساب شي؟

روجيه عساف: طبعاً كل شي على حساب شي، ما في شي هيك.. ما بتكسب شي إلا ما تخسر شي..

أحمد الزين: إنت شو خسرت بحياتك؟

روجيه عساف: إي؟

أحمد الزين: شو اللي خسرته بحياتك؟

روجيه عساف: شو خسرت بحياتي؟ في هيك فترات ضياع وكان ممكن نختصر من الـ..

أحمد الزين: خسرت من عمرك..

روجيه عساف: يعني تعرجات بالمسيرة بس أعتقد أنه كان شيئاً طبيعياً يعني ما بعرف إذا..

أحمد الزين: كانت خسارة.

روجيه عساف: إي، يعني هلأ بتحس إنو في فترات فيها شوية فراغ، فيها شوية هيك ضياع.

أحمد الزين: هلأ؟

روجيه عساف: لأ..

أحمد الزين: بالأول؟

روجيه عساف: بالأول إي.روجيه عساف والمرأة

أحمد الزين: كيف كانت علاقتك دائماً مع هيك مع نفسك ومع المرأة قبل ما تستقر كزوج؟ كيف كانت علاقتك؟

روجيه عساف: شو بدك تعرف يعني؟

أحمد الزين: خبرنا.

روجيه عساف: شوف للمرأة في عدة مستويات للمرأة وفي..

أحمد الزين: بس أنت كان معروف عنك أنك كنت عاشقاً كبيراً ذات يوم؟

روجيه عساف: ولا أزال.

أحمد الزين: الآن عاشق..

روجيه عساف: العاشق الكبير هو اللي بيعدد العشيقات؟ لا. لا هيدي تحتل جزءاً كبيراً من الطاقة الإنسانية، وهي تغذي الباقي، يعني كان في فترات طويلة سنوات كنت وحيد لوحدي وهي يعني..

أحمد الزين: كان فيها مرارة هي الفترات؟

روجيه عساف: مرارة وكان فيها ضعف بالإنتاج.

أحمد الزين: يعني أنت بشكل عام راضٍ عن التجربة عن خياراتك كلها؟ ما بعرف إذا كلمة راضي هيّ مزبوط هي الكلمة المصطلح الصحيح، لكن أنا برجع بقول لك: مطمئن لأنو عندي علاقة مع نفسي على طول يعني متمرن على الحساب على المراجعة على الانتقاد وعلى إعادة الحساب وعلى التقييم تقييم يعني شغلة دائمة، وأعتقد إنو هي جاية إنو من الأساس أنا كنت يعني ما كنت عارف وين الله حاطنني يعني أولاً: من الشغلات اللي أخرتني كثير بحياتي مسيرة حياتي علاقتي باللغة العربية..

أحمد الزين: ما كنت تعرف عربي..

روجيه عساف: ما كنت أعرف عربي منيح، بشكل كثير كبير وهيدي كثير كثير عانيت من هالشغلة.

أحمد الزين: كنت تفكر بالفرنسي وتحكي بالعربي وما حدا يفهم عليك.

روجيه عساف: إي!!

أحمد الزين: كنت تفكر بالفرنسي وتحاول تحكي بالعربي.

روجيه عساف: وعبّر بالفرنسي يعني كانت مرحلة كثير صعبة إنو ارجع ابني علاقة مع اللغة، هيدا فأنا بعيلتي أولاً وبعدين بالمجتمع بنشاطي المسرحي نشاطي السياسي يعني كنت كثير كثير قلق وين بدي أتعرف؟ مين أنا؟ أنا وين؟ منتمي إلى أي فئة إلى أي مجتمع؟ وفي فترة سافرت فيها لبرّة عشت يعني سنتين خارج البلد..

أحمد الزين: بفرنسا..

روجيه عساف: هنيك ما تتصور أديش اكتشفت أنه وين انتمائي؟ إنو أنا انتمائي هونيك مش هون، ما كنت عارف هالشي، كنت وقت اللي رحت على فرنسا كانت سهلة عليّ الفكرة إنو بلكي بظل هونيك كوني يعني بتمكن اللغة الفرنسية وأفكّر فرنسي وثقافتي وإلخ.. هونيك حسيت أديش لأ غير صحيح كل قلبي وعاطفتي وفطرتي هونيك حسيت أني أنا منتمي لهون، وقت رجعت من فرنسا هون كانت المرحلة الصعبة أن إيجاد الأدوات اللي رح تخليني عبر عن الانتماء واكتشاف الهوية، اكتشاف الهوية يعني المسرح لعب دوراً كثير كبير..

أحمد الزين: بلورت هويتك وانتماءك.

روجيه عساف: لأنو هيدي شغلة لا تكتشفها إلا من خلال علاقتك مع الآخرين، والعلاقة مش بس علاقة هيك أن نحكي مع بعض وانتماء لا نشتغل مع بعض، ننتج أنا بعرف أديش مهم أن الواحد يشترك مع الآخر أو يشارك الآخر بالتعبير أن الحوار يتحوّل إلى تعبير والتعبير في تعبيرين أو ثلاثة أو أكثر، هون تشد تنمى بشكل مضاعف بشكل هيدي التجربة الأساسية.

أحمد الزين: لو أردت هيك إنو تستعيد محطة جميلة من تجربتك من الحياة فيك تعثر عليها هي المحطة؟

روجيه عساف: كثار كثير كثير كل التجارب كان فيها لحظة خاصةً بالبداية لها النضوج فترة جميلة جداً، يعني فترة فيها شو بدي قول..

أحمد الزين: زخم..

روجيه عساف: وفيها تطابق بين الحلم والواقع المعاش، بس بعدين يعني مع الوقت يصير فيك توصل للحدود بس توصل لحدود الشغلة بيصير في شوية في حزن وفي بحث عن شي آخر.

أحمد الزين: وبعدك بتحلم بنفس الزخم؟

روجيه عساف: إي؟

أحمد الزين: بعدك بتحلم بنفس الزخم اللي كنت تحلم فيه؟

روجيه عساف: أعتقد نعم، لكني بس في شي جديد دخل على الخط هو التشاؤم على المستقبل على المدى القصير..

أحمد الزين: تشاؤم على المستوى العام مش على المستوى الشخصي؟ يعني أنت شايف الصورة سوداء صورة..

روجيه عساف: يعني تحدثت التشاؤم بهالعشر السنين اللي فاتت ولا مرة كنت متشائم بحياتي..

أحمد الزين: متشائم ممن يعني ما شايف مصير هذه الأمة، إلى أين؟

روجيه عساف: هذا المجتمع اللبناني واللي أنا جزء منها أو جزء مني إي فيه أكثر شي أكثر شي العنصر والذي يساهم أكثر لتكوين التشاؤم هو الهجرة هجرة الشباب.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق