2009-06-03

روافد مع المخرج والكاتب المسرحي ريمون جبارة

إعداد وتقديم

أحمد الزين: دائماً تختلط عليه الترجيحات ولا أعرف تحديداً إذا كان ينبغي عليّ أن أسعفه أم هو يسعفني؟ أن أتكأ على عمره أم يتكئ هو عليّ؟ وهذا ما يحصل لي كلما التقيت به أو لمحته أو قرأته أو شاهدته في عملٍ مسرحي من أعماله، يختلط عليّ التقدير خاصة حين يذهب إلى التهكم والضحك من كل شيء حتى من نفسه ومن جسده.

ريمون جبارة: مش عم بتركها (السيجارة) لأن كل أصحابي اللي بطلوا (تركوا) التدخين ماتوا، في واحد منهن نصحني إنه بطل غير ما مات قبلي إنه موت أنا ما بخاف من الموت.

أحمد الزين: مرةً سمعته يقول عن الزميلة مي شدياق.

ريمون جبارة: قلت لها لمي أنا بدي حاكيكي (أخبرك) عن تجربة مش تنظير، قلت لها أنا حامل إجري الشمال ويدي الشمال من 15 سنة صخرة هيك حالمهن بلا طعمه، بس بأشكر الله العقل منيح وكل شيء منيح بس بدي قول لك أنه في سياسيين في لبنان حاملين عقولهن صخرة.

أحمد الزين: هذا هو ريمون جبارة يصيب بأقل الكلام إصابات أكيدة، فهو مزيج عجيب من العاطفة والصلابة والرؤيا والموهبة والروح المتمردة، بلدي عالي الصفاء في عفويته أو مشغول من صفاءات نادرة. طيب شو عم يعمل ريمون جبارة اليوم؟

ريمون جبارة: عايشين حيوانياً يعني الهم حيواني، يعني الأكل، وطريقة الحياة، وبعدين بلبنان في عندنا كلمة حلوة كثير "التعايش" نفتخر فيها مع أنه البسس والكلب بعيشوا بيتعايشوا بفرد بيت عرفت كيف؟ نحنا مش عم نقدر نتعايش أيام.

أحمد الزين: طيب وقت هيك بتطلع للوراء إلى الخلف هالسنوات اللي مرت شو بتشوف؟ ماذا ترى؟

ريمون جبارة: والله الحقيقة أيام بشوف أهرامات ندم أهرامات كبيرة من الندم، وأيام بشوف أنه منيح الحياة أعطتني حقي معنوياً.

أحمد الزين: جاء إلى المسرح من مدرسةٍ خاصة به مدرسة "ريمون جبارة"، مدرسة تخص الحياة بامتياز تخص من هو مسؤول بهاجس إنسان والعدالة والحرية والحقوق.

نزيه خاطر (ناقد): ما فيك تقرب بين ريمون جبارة هيك كيف ما كان، مش زلمة عادي ولا زلمة جاية من كوكب، هذا الزلمة ابن الأرض ابن القراءة ابن التمثيل ابن الحكي، ولهالسبب بكلامه ما فيه زعبرة كلامه جاية من جرحه بصب بالحياة.

أحمد الزين: ريمون جبارة بدأ حياته مساحاً يرسم خرائط للوطن أو للبلاد، اشتغل في التيموغرافيا والمساحة وترسيم الحدود، شاهد الوطن في شبابه من الطائرة، ورسم خريطتين خريطة للبنان السياسي الذي يعذبه دائماً، وخريطة للبنانه الإنسان الذي يشبه الحلم حلم جبران.

ريمون جبارة: أنا وبالمراهقة بالـ 16.. 17 أقرأ جبران وغار منه، غار منه ليه؟ لأنه قول سبقني سارق شيء مني بعد ما عملته عرفت كيف.

أحمد الزين: قليل كلامه، غزير المعنى، يختزل المواقف بابتسامة مائلة ساخرة أو بجملةٍ واحدة تقول حكاية كاملة.

رفيق علي أحمد (مسرحي): حين يذكر ريمون جبارة في الأذن أو اسم ريمون جبارة في الأذن تأتي صورته، وبيجي إحساس فوراً ريمون جبارة الوجع، حين يذكر اسم ريمون جبارة يأتي أسلوب السخرية، السخرية من كل ما هو معاش على المستوى السياسي على المستوى الاقتصادي على المستوى الاجتماعي على مستوى الحسّ الإنساني.

نزيه خاطر (ناقد): ريمون جبارة بيحكي كل الناس كأنه كلامه مش كلام ليقول المعاني الأساسية بالحياة، اللي ما بيقدر يقولها وهو عم يحكي معك، وبخبي كلامه بالسخرية وبالتهكم وأوقات بالنقد الجارح لأنه بالحقيقة رجل سريع العطب شفاف طري ليّن محب لهالسبب لسانه جارح ما بيجرح لأنه ضد الناس بيجرح لحتى يقول لهم أديش أنا بحبكم ومش عم تفهموني.

جوليا قصار (ممثلة): مشاكس عنده سخرية عنده.. بيقول لك أنه الفن بالنسبة له هو شو سوء تفاهم مع كل شيء: مع العيلة، مع المجتمع، مع كل شيء، مع الوجود كله، لا شك على قد ما بينتقد الإنسان على قد ما بحبه، ويمكن لأنه بحبه وبيكون هالقد قاسي تيوجعه يمكن ليقول له فيك تكون أحسن من هيك، هلأ أنت مشروع فاشل بس فيك تكون.. فيك تنجح المشروع.

أحمد الزين: ريمون جبارة لم يتخرج من المعاهد التي تمنح شهادات عالية، تخرج كما قلت سابقاً من مدرسة الحياة ومدرسة السؤال والقلق الإنساني، هناك في أعماق نفسه جمرة.. جمرة دائمة التوقد لم يفلح العمر في إخمادها، ولا الأعطاب التي عطلت بعض قدراته الجسدية. شو حقيقة شعورك وقت هيك تعمل مقارنة بين جسدين كنتهم؟ أو الجسد اللي كنته والجسد اللي أنت فيه هلأ؟

ريمون جبارة: والله مش كثير خسران الحرية، صرت ما عرفت شو معنى الاستقلال، يعني أنا بحاجة لآخر أيام يساعدني تألبس أيام يساعدني لأنزل درج إذا ما في درابزين، عدا هيك فيه أشياء ما تغيرت كثير، العقل منيح في شيء مستفقد له كثير مثلاً أنا كنت أحمل أولادي عالشعلانة هلأ ما بقدر أحمل أولاد بنتي هيك ما فيني أحمله.

جومانا جبارة: غير عن حبي كثير لعمله ولنفسيته بحب كثير قوته من بعد ما مرض أبي هو ما صار لإلي للإنسان اللي ما بيوقف ما فيه شيء بيوقفه بيظل مكمل بظل مثابر عالحياة وهاجم عليها بكل قوة، القوة اللي عنده ياها هلأ بسبب مرضه هالشيء ما بحياته شكله عائق أنه يكفي ويعمل ياللي بده وهالشيء كثير أثّر فيّ، يعني حلو واحد يكون عنده هالإرادة بالحياة وهالصلابة.

أحمد الزين: طيب بنتك هيك تحدثت عن الصلابة اللي بتتمتع فيها، بتقديرك هي الصلابة اللي عند ريمون جبارة هي نوع من المكابرة أو نوع التحدي هيك لأعطاب الجسم.

ريمون جبارة: لأ. نحنا ربينا هيك، يعني أنا بيّ (أبي) ولا مرة بايسني (قبلني) ويقول وأنا بايسه (قبلته) بس بنحبه كثير عرفت كيف، مش من النوع اللي بفضفض يعني أنا بيّ (أبي) رجعني من البرازيل لأنه آخر ما قدرت إنسى صورته عم يبكي على درج الباسبور (جواز السفر)

أحمد الزين: رحت عالبرازيل أنت؟

ريمون جبارة: رحت عالبرازيل ما إنساه، قول أنا بيّ بيضحك يا عمي منضحك بالبيت ما تروح، بس شايف بيّ عم يبكي كيف موديني ورجعت عرفت كيف؟ وأنا مع ولادي ومرتي أنا ولمرتي اللي شاريلهم حياتي عرفت كيف؟

أحمد الزين: يعني هي العاطفة اللي أنت ما بتعبر عنها بشكل مباشر كيف صرفتها وين صرفتها بالمسرح؟

ريمون جبارة: بالمسرح، وبالعلاقات يعني ولادي بيعرفوا إنه بحبهم.

أحمد الزين: حكاية هذا الرجل هي حكاية وطن وجيل وأحلام، ولعل من تابع تجربته وأعماله منذ أواخر ستينات القرن العشرين وحتى اليوم يستطيع أن يقص بعض حكاياته.

نزيه خاطر (ناقد): والمسرح تبع ريمون جبارة عنوانه العريض "أنا ريمون جبارة" بحكي عن ريمون جبارة، بمعنى أنه منّه أناني بس حقيقي، منّه استعراضي بس بيبوح هيك بنص الصمت أنه هو ما عم يظل ريمون جبارة مع نفسه، هو مش ضايع بس عم يفتش عن حاله، وأفضل طريقة له كانت المسرح، كتابة المسرح عند ريمون جبارة مش كتابة مش استعراض أدبي مش معرفة بالإنسان مش معرفة بالمجتمع مش عمل سياسي مش عمل أيديولوجي، كل هالشعارات اللي عايشهن ريمون جبارة قطع فيهم وكإنه ما إله علاقة فيهم لأنه بالنتيجة كان له علاقة مع حقيقة الإنسان اللي بيتمثل فيه وبالناس اللي حوليه.

ريمون جبارة: ليك نحنا جينا مش من المخمل، ما بيجي مبدع من المخمل بيجي من القاهرة بيجي من.. نحنا هيك جينا، جينا من طيبة بيّ الكبيرة وفقره يعني.

أحمد الزين: حلو كثير، وعلى المستوى الأكاديمي يعني حاولت تحسن شروط وضعك؟

ريمون جبارة: لا.. لأ.. أنا أكاديمي، مرة رحت عفرنسا كانوا كل طلابي سجلوا دكتوراه، قال ما زالك هون روح سجل دكتوراه، قلت له: هينة هالقد يعني مثل واحد عم يشرب شربة مي (ماء) الدكتوراه؟ رحت عند البروفيسور اللي ملتزمهم، تاري حاكيلهم عني، وكلهم عم يعملوا دكتوراه عني يعني، بس وصلت قابلني دغري وعامل موضوع أنا كنت: "الارتجال وخلق النص المسرحي من الارتجال" أنا أول شيء علمت ارتجال بمعهد الفنون، صار يبعث لي مكاتيب هيدا، يقول لي: ابعث لي شي 30 صفحة لأعمل لك.. بس شو خوفني من أن أعمل دكتوراه أنا مش عامل.. أنا بعلم مطرح كنت ما بيحق لي كون تلميذ عرفت كيف؟ في جارنا هذا عمل دكتوراه قلت له يا حبيبنا بدك تقول لي كيف بيعملوا دكتوراه، قال لي: إي بقول لك، رجعت عالبيت قلت أنا عمي أنا بكتب مسرح وبكتب غير شي هيك عفوياً، وكان قال لي أوعى بدك كل شي بتكتبه بده يكون إله مرجع، صرت فكر أنه أنا إذا خفت من المراجع وما عاد فيني أكتب مسرح، بين أنه أكتب مسرح ويصير اسمي دكتور؟ فضلت أكتب مسرح.

أحمد الزين: البيوت أسرار، وحين تكتشف الظاهر منها قد تعثر على مفاتيح لأبوابٍ موصدة، ريمون جبارة يكاد يكون مشرعاً أبواب نفسه وعالمه أو تظن ذلك، ولكن حين تجالسه على شرفة من شرفات بيته تأخذك الصور التي رتبتها شريكة عمره إلى بيتٍ موازٍ.. بيتٍ موازٍ لخشبة المسرح أو بيتٍ نقيض لصوره أو لصورته، لصورة الفنان الواقف على حافة العبث المدفوع بالواقع والمرارة.

ريمون جبارة: بالفن حلو أنا منّي ضد الواحد يدعم موهبته بالدراسة، بس حظي كبير ما كانش فيه دراسات ما كانش فيه معاهد فنون، حلو يقول اللي عنده..

أحمد الزين: يعني حس فيه.

ريمون جبارة: يقول اللي عنده، لأن إذا بده يقعد يفكر يعجب فلان وينقل عن هذا.. بيظل تحت.. دايماً اللي بيقلد.. أنا كنت بالمعهد بالسنة التحضيرية جيب سلم قول للشغيل بالمعهد جيب لنا السلم حطلنا ياه بالصالة، يحط سلم، قوله لتلميذ طلاع عالسلم يطلع، قوله لواحد ثاني طلاع وسبقه يقولي أستاذ كيف بدي أسبقه، قلت له ما فيك تسبقه لأنه بده يظل رجليه فوق راسك، بدك تجيب سلم ثاني لتسبقه عرفت كيف هذا اللي بيقلد.

جوليا قصار (ممثلة): الأستاذ الناجح هو اللي أقل شيء يستعمل كلمات، فيه أساتذة بيقعدوا بيحكولك ساعتين وما بيوصل لك شيء، هو من تطليعة من تطليعة واحدة بتعرف شو لازم ما بعرف شو السر تبعه يعني، بأقل كلام ممكن بيقدر يوصلك للي هو بده ياه، للرؤية اللي هو شايفها، يمكن بيشوف أشياء نحنا ما منشوفها ويمكن هذا الفنان، الفنان اللي الأشياء موجودة قدامه مثل إشارات مهمة بس بدك إنسان يكون عنده نظر ثاقب أكثر عنده موقف من الأشياء ليلمسها ويقشعها، هي موجودة بس بدك الواحد يقشع.

أحمد الزين: معظم الأعمال اللي اشتغتلها أستاذ ريمون يعني كتبتها أنت ليش المخرجين غالباً يعني غالباً في لبنان أو في العالم العربي هنّ بيكتبوا نصوصهم؟

ريمون جبارة: لأن الكاتب المسرحي ما فيه يجي من خارج المسرح، بيجي أديب بيجي شاعر.. بس ما فيه يجي، لأعطيك مثل خذ كاتب عربي غطي أسماء شخصيات بمسرحيته بتشوف واحد عم يحكي، واحد هو عم يحكي لازم تحكي الشخصية لازم الشخصية تحكي مش هو..

أحمد الزين: يعني بتقديرك المخرج هو أكثر يعني بيرصد الحياة أكثر من الكاتب؟

ريمون جبارة: المخرج بيصير يعني أنا مثلاً وأنا عم أكتب مسرحية أنا عم أكتبها بشوف تحرك الممثلين كمان عرفت كيف، بس يعني بلبنان اللي حصل أنه المخرج تعلم على ظهر الممثل، والمؤلف تعلم على ظهر المخرج والممثل، يعني ونحنا بلبنان ياللي ساعدنا أنه تبعنا نهج كثير منيح، مثلاً استردنا للترجمات بس مش حيا الله (أي ترجمة) ترجمة كمان ترجمات مش حيا الله ما فيك تلعب ترجمات تخلي المطران شاعر لأنه بيخلص شعور الشخصية بظل فيه شي 20 بيت، لأن هيدا همه أدبي، ياللي ترجمه كانوا يجوا يحضروا معنا تمثيل مثل أنسي الحاج مثل عصام محفوظ الله يردحمه أدونيس كانوا يجوا يحضروا تمثيل ترجمتهم طلعت على قد الشعور عرفت كيف، مثلاً شو عملوا أخواننا العرب ترجموا له أدباء، ترجمة ما فيه يتكل عليها ممثل ما فيني أنا قول يخلص شعوره وقول كلام ماله طعمة.

جوليا قصار (ممثلة): الكتابة عند ريمون جبارة هي إعادة تأليف إعادة كتابة ما خصها بقا بأي فكرة مستوحاة من أي مكان، صارت نص ريمون جبارة.

نزيه خاطر (ناقد): طيب ريمون جبارة كاتب عنده نص، ما فيك تقترب من ريمون جبارة إلا لما تشوف كيف بيكتب، وريمون جبارة ما بيكتب ما بيأخذ ورقة وقلم وبيكتب، ريمون جبارة بيطلع عالمسرح وبيصير يقول شخصيات نصه هو تقمص كامل للشخصية المسرحية، ما بيكتب كلام بيكتب كلام في وراه شخصية إلها وجهها وإلها قيمتها وإلها شكلها وإلها ثيابها وأزيائها وفي لها عمق موسيقي ولها الضوء تبعها، يعني ريمون جبارة بيكتب نص مسرح بيكتب مسرح ما بيكتب نص، ما إله علاقة بالكتابة ما إله علاقة بالأدب عرفت كيف، عنده خشبة كاملة بيكتب عالخشبة، ولهالسبب السينورغرافيا كاملة بعيونه قبل ما.. لهالسبب بيطلع يقعد مع ممثلين بيصير يقول له هيك وهيك وبيصير يمثل كل الأدوار، ولأنه هو كل المسرحية، هي المسرحية بتظهر منه وبيعملها ليتفرج على حاله.

رفيق علي أحمد (مسرحي): ريمون جبارة حقيقي لأنه بيكتب نصه لأنه ما بيعمل مسرح وبيحط بباله أنه النقاد أو بيحط بباله الجمهور بمعنى الجمهور البيع والشراء، ريمون جبارة بيعمل مسرح صادق لنفسه، وبالتالي من هذا الصدق بيقدر يصيب الناس.

أحمد الزين: بعدين اخترت أنه تكتب مسرح وتخرج أعمالك شو اللي دفعك لهذا؟

ريمون جبارة: حسيت أنا أول شيء أنه أنا طبعاً كممثل كنت أطيع المخرج يعني منّي متمرد عالمخرج، بس حسيت فيه شيء غير هيك في عندي شغل هيك ومثلاً مرة أبو دبس قال لي: بدي نعمل "الأيدي القذرة" فيك تعمل لي ياها سيناريو لتلفزيون؟ قعدت أنا اشتغلتها طلعت كأنها جديدة، وقتها أبو دبس انبسط فيني كثير عيطلي وقاريلهم كيف هيك أنه هو عم يعمل أنه هو عملها أخذتها أنا ما بدي أنا زعلت كثير لما خلص قالي ريمون عجبتك؟ عرفت كيف.

أحمد الزين: يمكن هيدي خلتك تختار طريقك؟

ريمون جبارة: إي اخترت طريقي في الإخراج كنت أنا عندي ميل للإخراج.

أحمد الزين: بس بتنبسط كمخرج أكثر ولاّ بتلاقي حالك كمخرج أكثر ولاّ ممثل.

ريمون جبارة: لأ كممثل أنا بدي أنا لذة اللي عشتها كلذة فن هي الممثل..

أحمد الزين: وأخذت حقك كممثل مع الجيل اللي لعبت معه؟

ريمون جبارة: كثير، كيف لكن. [مقطع من مسلسل]

نزيه خاطر (ناقد): ريمون جبارة بيكفي يطلع عالمسرح ليصير فيه مسرحية، بيكفي يحكي ليصير فيه حوار، بيكفي يطل للناس يقشعوا ممثل، لأنه رجل حقيقي مش بحاجة ليمثل ليكون، مش بحاجة ليكون ليمثل، ما فيك تفصل بين ريمون جبارة لما يحكيك كيف هو يعني الكلمة تبعه بتطلع من أعماق غرائزه.

أحمد الزين: حين تجالسه أو تتأمل في ملامح الوجه لا داعي للكلام، فالصمت كثيف بين مزدوجين في حياته وعلى خشبة المسرح، هذا السكون الذي يقع أحياناً كغصائن حريرية على لقاءٍ ما معترضاً جملتين مفيدتين عن الموت أو عن الحياة هذا هو ريمون جبارة.

أحمد الزين: قرنة شهوان تلك البلدة الجبلية المطلة على غيابات الأيام يطل منها ريمون جبارة دائماً على الأمل ساخراً من صروف الدهر.

جبارة دائم الحلم والتفكير بغد يتأمل في صوره وفي مشاهده على شيء من المرارة والعتاب، إنما بروح لا تخلو من التهكم، وهذا من المحصنات الأساسية لمغالبة الألم ومغالبة الوقت، هذا الرجل لا يهدأ دائم الحركة حتى لو بجسد قليل حتى لو قُطفت زهرة الخريف، دائم الحلم وفي باله أفكار ومشاريع كثيرة ليوم غد. حدثنا ريمون عن بداياته ممثلاً وعرفنا كيف تكونت ملامحه كفنان، وعرفنا من متابعيه وطلابه ومن الوجوه التي رافقته وعملت معه كيف يشتغل ريمون جبارة مسرحه، وكيف كوّن تجربة من شغف خالص بالمسرح، ومن رغبة في القصّ على نحو لا يشبه الحكايات بل يشبهه هو كإنسان غير راضٍ على الإطلاق عن عالم شديد الظلم وقليل الرحمة، ويتذكر ويروي بإيجاز عن حياته وأهله.

ريمون جبارة: بيّ (والدي) كان حاجب يعني ما عندش قوضة (غرفة) عنده طاولة على باب المدير، كان يأخذني أيام حتى شم الهواء يجي أحد المدراء قوم أنا.. بس يجي المدير قوم قول له: بونجور، قوم قول له: بونجور، يلعب لي بشعري، بإحدى مسرحيات الأستاذ ما بحط إيده ما خليهم على شعره عيب بالآخر بصير كلب كلهم بيلعبوا له بشعره عرفت كيف، أنا لا مرتي (زوجتي) بتلعب لي بشعري ولا حدا الحلاق بسمح له بس.

أحمد الزين: طيب هيك اللي بيتبع لأعمالك بشوف تقريباً كأنه بتحكي عن حالك عبر بعض الممثلين، كأنه حياتك هيك منثورة ببعض أعمالك وخاصةً بالأعمال اللي شفناها يعني "من قطف زهرة الخريف؟".

ريمون جبارة: "من قطف زهرة الخريف؟" الحقيقة حمّلوها أكثر ما بتحمل، حمّلوها لأنه شخصية أساسية فيها هي مع عمي فالج، أنا بالحقيقة بكل مسرح من مسرحي في شيء بكل مسرحية من مسرحياتي فيه شي مني أو من الضيعة أو من عيلة الضيعة..

جوليا قصّار (ممثلة): كتير خاصة فيه لريمون جبارة "من قطف زهرة الخريف" اللي هي نوعاً ما، هلأ هو بينكر ما بينكر ما بعرف سيرة ذاتية لأن بنشوف إنسان بيستعين بالعصا على المسرح، وبيتهجر فترة من الزمن وبفتش على الحبيبة الغايبة اللي هي "أنا" بالهجرة، اللي هي فرنسية وما منعرف كثير ملتبس موقفه للمرأة ريمون جبارة يعني ما منعرف هل هي حبته لعبقريته لهالبطل اللي بالمنفى؟ أم هل هي شفقت عليه لأنه نهاية المسرحية مأساوية لأنه بيكتشف يذكرها بالكلب اللي عندهم وبينتحر وبيتحرر وبيصح كل جسمه، بيرجع إنسان كامل كأنه الحياة الإنسان انجبر يكون فيه كل شي فيه أمراض وعوائق ويمكن بالتحرر من الحياة الإنسان بصير كامل يعني عنده موقف من الإنسان كثير مهم.

نزيه خاطر (ناقد): مسرح ريمون جبارة قصة حياته، وقصة حياته هيك بكآبة بحزن بمسافة عن الذات باختباء وراء الآخرين ولهالسبب هو دائماً شفاف وواضح وقريب من الناس.

ريمون جبارة: أنا فيه أشياء مثلاً من ابني عمر بيلفت نظري، مرة ماتت سته (جدته) قال لي: وين راحت؟ كان عمره شي ثلاث سنين أربع سنين، قال لي: وين راحت تيتى (جدتي)؟ قلت له: طلعت عالسماء، نسيت أنا قلت له هالشيء مرة محدي رحنا عحد المقابر، قال لي: بيّ (بابا) أنو بيوصل قبل عالسماء التابوت ولاّ الصاروخ؟ قلت له: ليه شو إله دخل، قال لي: كيف؟ ما التابوت بيطلع عالسماء والصاروخ بيطلع عالسماء، حطيتها بالمسرحية.

نزيه خاطر (ناقد): بيحكي لك عن ابنه والعصفور ومامة (أم) العصفور شلون بتلاقي حالك بقصيدة شعرية.

أحمد الزين: يقولون عنه جوهرة نادرة، إنسان فريد في تجربته التي حفرها بموهبة خالصة، وهو يقول عن نفسه ببراءة براءة صادقة "أنا هكذا لا أعرف شيئاً آخر". طيب وإذا بدك تقارن جيل ريمون جبارة مع الجيل الحالي بلبنان بتحس فيه تواصل أم استفاد هذا الجيل من جيلكم؟

ريمون جبارة: فيه بيننا وبينهم مشاهد المسلسلات المكسيكية، فيه بيننا وبينهم التفاهات اللي ركبوها بالحرب التلفزيونات كلهم..

أحمد الزين: فيه هو ما استفادوا كثير؟

ريمون جبارة: إي، بس وجود معاهد الفنون بالكل معاهد الفنون مهم عم تخرج جداد شباب جداد من.. ما فيه خوف عالـ..

أحمد الزين: ما فيه خوف عالمسرح.

ريمون جبارة: شو المشكل المسرح الرخيص ماشي.

أحمد الزين: بزاري تجاري.

ريمون جبارة: أنا منّي ضد المسرح الرخيص، بس يكون يقولوا هذا مسرح هيك وهذا شي، يعني مثلاًً مسرح.. هذا اليوم عم يقول لي عساوي صديقنا أنه عالكوميديا مسرح الكوميديا، المسرح الضاحك، قلت له: المسرح الضاحك إذا ما فيه دمعة ما له قيمة، ساعتها بيستأجروا مثلاً شي عامل من محطة بنزين بيعطوه أديش بياخذ بالنهار؟ 10 دولار، بيعطوه 20 دولار، لا بده ديكور، لا بده شي يظهر عالناس يقعد ويصير يزقزقهم (يدغدغهم) عرفت كيف يزقزقهم يخليهم يضحكوا.

نزيه خاطر (ناقد): ما عمري شفت واحد عفوي هالقد كلامه مش عفوي، والحلو أنه ما بريد يكون مش عفوي، أنه هو بيحكي هالزلمة عنده قامة تعبيرية مش موجودة بالرعيل المسرحي اللي ما منعرفه من الصغار للكبار.

أحمد الزين: وقف ريمون جبارة على خشبة المسرح في خمسينات القرن العشرين هاوياً في قريته قمة شهوان وفي مدرسة الدير، مسافة 50 سنة ترك على صفحاتها علامات فارقة في الحياة المسرحية اللبنانية والعربية، وألّف بموهبة خالصة ورؤية ثاقبة علمه المسرحي، وكوّن تلك الشخصية الجارجة في حبها والعالية في انكساراتها. ريمون جبارة عشت بيروت أنت الستينات بمجدها وبيروت الحرب وبيروت ما بعد الحرب، طبعاً فيه ناس كثير خسروا ناس وناس خسرت بيوت وناس خسرت أهل وناس خسرت أوطان وناس خسرت أحلام، أنت وين من هودي شو خسرت؟

ريمون جبارة: أنا كنت متأمل أنه بعد الحزن الكبير بجي شعب كبير، ما بجي شعب إلا من بعد حزن كبير، لأنه المؤسف هون أنه إجو الجلادين مش إجو حزنوا، أنا كنت بفضل امرأة فقدت ابنها تحكمني ولا يجي رئيس ميلشيا يحكمني، أنا من اللي حزنوا اللي بكيو.

نزيه خاطر (ناقد): ما فيك تقرب منه الرجال زعلان لأنه مثلاً بآخر حياته شي هيك يعطل جسده، لأ. ريمون جبارة بالأساس هو رجل فجومي هجومي هيك اقتحامي صِدامي ينتمي إلى راعيل خلق ورفض كل شي حوليه لأنه مش عاجبه البلد، من بلشنا الحرب كنت لما نقعد أنا وياه ونحكي نتفق على أنه نحن ما فتنا بحرب، نحن من وقت ما بلشنا نعمل ندخل بالعالم الأدبي والمسرحي والفني أعلنا الحرب عالمجتمع الفاسد، لهالسبب نحن ما فتنا الحرب نحنا كفينا الحرب، بس الناس لحقونا وخانونا لما حملوا السلاح.

أحمد الزين: طيب أنت في خلال هيك بسياق التجربة اشتغلت أو عينت مدير عام لتلفزيون لبنان بين عهدين في أواخر عهد أمين جميل تقريباً وبداية عهد ميشيل عون، شو قدرت عملت بالتلفزيون؟ ولنقول شو ربحت وشو خسرت؟

ريمون جبارة: خسرت حالي خسرت عملت فالح.

أحمد الزين: أنت هل الحادثة اللي مرضت من وقت اللي كنت بالتلفزيون..

ريمون جبارة: وقت كنت بالتلفزيون إي.

أحمد الزين: بتعتبر أنه وجودك..

ريمون جبارة: ليك صار فيه أنا اشتغلت بمؤسسة لا ياللي فوقي مناح ولا ياللي تحتي مناح، وأنا بالنصف عرفت كيف؟

أحمد الزين: فأذتك هالشغلة؟

ريمون جبارة: كتير يعني كتير.

نزيه خاطر (ناقد): نحن فتنا لنحارب بالكلمة لنبني رجل لبناني جديد، رجل عربي تقدمي مستقبل للجغرافيا العربية حلوة للبنان، ولكن إجوا ناس حالوا يخترقوا منا الفكرة وأخدوها لمرحلتين، صفينا نحن واقفين عالرصيف لوحدنا، وريمون جبارة اليوم واقف بزاويته بالرصيف ناطر لا هو عارف شو ناطر ولا نحن عارفين شو ناطرين.

أحمد الزين: طبعاً كمان بسلسلة هالتجارب اللي اشتغلتها، إلك تجربة إذاعية بصوت لبنان على ما أظن.

ريمون جبارة: صوت لبنان عندي برنامج من 1993..

أحمد الزين: بعده شغال؟

ريمون جبارة: إي، بعده "ألو ستي" كل ثلاث مرات بالجمعة.

أحمد الزين: حلو كثير

ريمون جبارة: اسمه "ألو ستي".

أحمد الزين: طيب إضافةً لذلك أيضاً ريمون جبارة انعرف كمان كاتب مقال وكاتب إذاعي وكاتب مسرحي وكاتب مقال أسبوعي ساخر متهكم في ملحق "النهار"، بتقديرك لأنه ضاقت خشبة المسرح عليك؟

ريمون جبارة: لأ. لأنه ضاقت طرق العيش بدك تعيش، يعني بدك تطالع من هون شوي ومن هون شوي لتعيش، بفرد مطرح ما بتطالع، لأن المؤسسات مش كلها ثلاث أرباعها كاسرة إيدها فيش حدا عليها عرفت كيف.

أحمد الزين: يعني هيدي السخرية والتهكم اكتساب أم يعني نتيجة التجربة وجدت أنه التهكم هو..

ريمون جبارة: لأ، أنا طبيعتي هيك طبيعتي.

أحمد الزين: طبيعتك.

ريمون جبارة: بالزمان لما عملت "تحت راية زاكور" إجا شاب دارس بأميركا ولبناني هو، ثاني يوم قال لي.. حضر "تحت راية زاكور" الافتتاح، قال لي: أنت بتشرب دخان؟ قلت له: إي علبتين، قال لي: لا.. لا مش الدخان هذا، قلت له: شو يعني؟ قال لي: بتحشش؟ قلت له: لا أخي ليه بدي حشش، قال لي: اللي بده يعمل مسرحية مثل هي بده يكون بحشش، قلت له: أنا بدمي فيه حشيشي، أنا عايش خلقت معي ملاريا في كينا، في هي كله مش بحاجة حشش.

أحمد الزين: ريمون جبارة جال بمسرحه لبنانياً وعربياً وعالمياً، لقد عرفته خشبة المسرح قامة فريدة استحقت التكريم، ليس في لبنانه وحسب بل في أكثر من دولة عربية ما بين مصر ودمشق وبغداد والقاهرة، وكانت أعماله مرجعاً للكثير من الدارسات وللكثير من الطلاب، ولكن ترى هل كُرّم ريمون جبارة كما ينبغي أن يكرم الفنان المبدع؟

ريمون جبارة: أنا شخصياً بفتكر إي، يعني بالتكريم المعنوي منيح، يعني لأ أعطيت حقي يعني، في كل الدول العربية وبلبنان خاصةً.

أحمد الزين: طيب تقديرك لو ما جيت عالمسرح شو كنت عملت؟ كنت بقيت بالمساحة؟

ريمون جبارة: لأ. ما كنت بقيت. كنت بفضل ليك كل شي اشتهيته ما زبط معي، كنت بفضل.. كان بيتنا بيطل على بيروت ونحنا وصغار وكنا زغانين وشوف العتالة عم يشتغلوا عالبابور، هيدا بيشتغل جسمه بيطالع مصاري مش عقله عرفت كيف، نحن داخلين كان لا جسمنا ولا عقلنا.

أحمد الزين: طيب وقت اللي هيك بتحس بضيق، لمن تشكو الضيق؟ لمين بتهمس؟

ريمون جبارة: بركي أنا علّق بالحالة الحالة فيها بسوق بعدين..

أحمد الزين: بسألك عنه كنت أنا إي.

ريمون جبارة: بسوق بركب بروح بحب أبكي، بحب أبكي وحدي يعني أنا مثل الكبكاب بالفرح بحب أشرك الناس معي بس بكون متضايق كل عمري هيك فيه كانوا يعاتبوني النساء اللي بتحبني أنه ما بتحكي لنا ما بتقول لنا، بقول لهم: أنا بفرحي بقول لكم، بحزني إلي وحدي.

أحمد الزين: بتركب سيارتك وبتروح بتنزوي؟

ريمون جبارة: بروح إي بقعد بالحرش، فيه طرقات كنت إمشي عليهم أنا وصغير رجلي مناح، هلأ بصير بمشي بعني، صرت أتصور حالي عم بمشي.

أحمد الزين: عمل ريمون دائماً في مواجهة غول العوز الخوف من الفقر، وهو حتى الآن رغم كل الأعطاب لم يذهب إلى قيلولة العمر، لم يستقل: يكتب يسخر يضحك ويذهب إلى السوبر ماركت يتبضع وقد علمه جسده الحاني تقنية جديدة في المواجهة وعدم الاستسلام، ريمون جبارة أنت كيف بتعيش مادياً؟

ريمون جبارة: ولا مرة كنت في مرة وحدة بتشوف هيك بالبخت هيك.. غريبة ما بعرفها كانت ما بتحتاج، بس ولا مرة بتكون مرتاح يعني، يعني عالحدود، يعني عشت عمري عالحدود تماماً عرفت كيف ما احتجت.

أحمد الزين: وإصرارك عالشغل هو حتى لا تحتاج أحد يعني؟

ريمون جبارة: لا تحتاج أحد طبعاً، وبعدين قلة الشغل بموت الواحد..

أحمد الزين: بصدي بيتلف.

ريمون جبارة: يعني أنا هدول اللي ما بيشتغلوا ما بعرف كيف بعيشوا.

رفيق علي أحمد (مسرحي): ريمون بعتقد هذه الهزيمة الجسدية ما هزمت له نفسيته، ما زال يدافع عن فكره، ما زال يدافع عن حياته رغم كل هذا الوجع، هذا الوجع هو من أجل الحياة، من أجل حب الحياة، من أجل الإنسان من أجل حب الإنسان، ريمون أُكبِر فيه حبه للحياة أنه ما زال يفتش ويحمل لقمة العيش بفمه من أجل حرية فكره، من أجل النضال والمقاومة والقتال، من أجل حرية الإنسان.

أحمد الزين: طيب كم مرة حبيت أنت؟ حبيت كثير بزمانك؟

ريمون جبارة: إي. مش قليل.

أحمد الزين: عذبوك اللي حبيتهم؟

ريمون جبارة: لأ. لا عذبت حدا ولا هم عذبوني.

أحمد الزين: بس بكوك.

ريمون جبارة: لأ، يمكن ما حدا بالحب ما حدا بكاني لأ، بتبكيني الأشياء الإنسانية، ولا مرة باكي أنا حب يعني.

جوليا قصّار (ممثلة): ولأني لست عالم اجتماع ولست عالماً في السياسية فإني في صفتي فناناً أنصح كل الأهل في الأوطان العربية أن يعلموا أطفالهم: كيف يرسمون فراشة، لأن الذي يرسم فراشة لا يقتلها، وبالتالي لا يقتل الناس، نقطة عالسطر.

أحمد الزين: لمين بتشتاق بس تلتفت إلى الخلف بتتذكر؟

ريمون جبارة: بشتاق للعهد للعمر اللي ما بقيد عليه القانون "للطفولة" لأنه بس يبلش سن الرشد بيكون خلص عرفت كيف، لأنه قبل سن الرشد لا القانون بطاله ولا حدا بيطاله، وهو بعده عم بيفرغ وهيك، عشان هيك أنا عندي مسرحية "عكس السير" هيدي عم بكتبها يمكن ما إقدر قدمها لشوف، بيخلق اختيار وبصير يصغر..

أحمد الزين: شو حلوة.

ريمون جبارة: وكل شي بالعكس، أنه بدل ما يروح صوب الختيرة والموت بحزن وخوف بصير بروح بالعكس، مثلاً اثنين اختيارية عم يحكوا هلأ بكرة بس صير.. الاثنين عمرهم 80 بيقول بكرة إن الله راد بس يصير عمري 18 سنة: يي شو بدي حبك.

أحمد الزين: شو حلوة.

ريمون جبارة: بالعكس كل شيء بالعكس.

أحمد الزين: يعني بالمشهد الأولى أنت بتبلش فيه بحالتك، ولاّ..

ريمون جبارة: لأ، أنا ما فيني مثّل، أنا لاعب.. بالزمان بتعرف تبع شكسبير كان معاق، هلأ معاق أنا بس ما فيني إلعبه.

أحمد الزين: بالعكس يعني نعم.

ريمون جبارة: لأ، أنا الحقيقة لما كتبت.. لما بلشت أكتب فكّر بممثل لعب معي بصانع أحلام كبير بالعمر اسمه حسني موسى.

أحمد الزين: حسني موسى.

ريمون جبارة: لأ، هو يبلش، هو يبلش لأنه بيخلق اختيار، وبيخلص بالبلنكا بصير الديكور يشبه ما كان يأتي الإنسان رمزياً يعني، إي بصير يشدوا فيه بيظهر بلانكا بيطل الختيار، بس يطل الاختيار، بصيروا ياخذوا بالخاطر من أهله، إنه على أساس خلق، آخر شي لما بصير صغير، بروح ذات المطرح كمان، ذات المطرح ما خلق ذات المطرح بفرح بأغاني بعرس بـ..

أحمد الزين: شو حلو. طيب أستاذ ريمون أنت بتسمي نفسك "ملك العمليات" هيدي من عدة التهكم تبعك، يعني بتسخر من جسدك أحياناً، يعني قلب وورك (ضاحكاً)

ريمون جبارة: (ضاحكاً) قلب وورك ومدري شو أنا كثير عامل عمليات، ملك..

أحمد الزين: لا.. لا إن شاء الله. بتخاف؟

ريمون جبارة: ما بخاف من العمليات.

أحمد الزين: عم بسألك ما بتخاف؟

ريمون جبارة: لا.. لأ.

أحمد الزين: حتى من الموت ما بتخاف؟

ريمون جبارة: لا.. لأ، أنا اللي عمل لي عملية قلب مفتوح قرابتي (قريبي) من بيت جبارة بهذاك اليوم، قلت له: لو حدا بصير له يروح بالبنج بتوقعه وبترجع.

جوليا قصّار (ممثلة): ما بتوقف مشاغبته بس بالمسرح، طيب ما فيه مسرح بيعمل كل شيء مسرح، يعني جلسة إذا بتقعد معه بتصير مسرح، إذا ما لاقى حدا يتمسخر عليه بيسخر من ذاته عرفت كيف، عنده لكل شغلة موقف بدك تلحق له، أنت بدك تلحق له، يعني ذهنه متوقد بشكل أنه بدك تظل لك مستنفر، هلأ شو.. شو بده يطلع منه هلأ عرفت كيف، مسرح على طول.

رفيق علي أحمد (مسرحي): ريمون جبارة أنا بحبه.

أحمد الزين: ريمون جبارة يتعذر عليك إلا أن تحبه، وتقيم معه جسراً من الود، وكل ما عرفته أكثر تكتشف فيه ذلك الإنسان الذي شفّ مع التجربة ومع العمر، ويخبئ دائماً خلف قناعه الساخر ألم جيل ووطن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق